أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - التحية لشباب أم الفحم والعزاء لجلجولية















المزيد.....

التحية لشباب أم الفحم والعزاء لجلجولية


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 6838 - 2021 / 3 / 12 - 02:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التحية لشباب أم الفحم، والعزاء لجلجولية
نظمت، في الخامس من أذار/مارس الجاري، مجموعة من أهالي مدينة أم الفحم، أطلقت على نفسها اسم " الحراك الفحماوي الموحد"، مظاهرة حاشدة ضد تفشي مظاهر الجريمة في المدينة وفي سائر المدن والقرى العربية، وضد تواطؤ الشرطة الاسرائيلية وتقاعسها في التصدي لهذه الآفة المستفحلة وتناميها في مواقعنا من يوم إلى يوم.
استقطب الحدث اهتمامًا جماهيريًا كبيرًا، فاستعدّت شرطة اسرائيل لمواجهته بأسالييها المعهودة، وببذل كثير من الطاقات من أجل محاصرته والتشويش عليه، بما في ذلك عن طريق اغلاق العديد من الطرقات وعرقلة وصول المواطنين إلى موقع التظاهرة .
من السابق لأوانه أن نحكم على "عظمة" هذا النشاط كما حاول ويحاول بعض المتابعين والمعقبين أن يصفوه، وقد فعلوا ذلك وهم مدفوعون برغبات سياسية مبررة وبتفاؤل مرتجى قد يعوّضهم عن مشاعر الاحباط السائدة لديهم من جراء حالة القصور التي تعاني منها القيادات السياسية والاجتماعية، لا سيما في فشلها بمواجهة ظواهر العنف والتسيّب الذي نعاني منه منذ سنوات متعاقبة؛ ومع ذلك ستبقى هذه التجربة جديرة بالتقدير وبالاهتمام وبالمتابعة، وسيسجل لصالح المبادرين إليها نجاحهم في تخطي الكثير من المعيقات المحلية والمؤثرات السياسية القطرية وانطلاقهم كجسم متماسك ومتوازن وقادر على تحشيد قطاعات واسعة من الفحماويين والى جانبهم طاقات جماهيرية شعبية من سائر المدن والقرى العربية.
لقد شاهدنا في الآونة الأخيرة ولادة بعض الحراكات الشبابية التي أطلق نشطاؤها في بعض المدن أعمالًا احتجاجية محلية كانت لافتة أحيانًا، وملتبسة خلافية في أحيان أخرى؛ ورغم ما حظيت به هذه الظاهرة من اهتمامات ونقاشات وتأييد وانتقادات فلقد اتسمت بعض نشاطاتها بالمزاجية المندفعة والفوضوية الحماسية، حيث لم ينجح محرّكوها ببلورة مفاهيم نضالية واضحة وجامعة، ولا أن يحوٌلوها إلى حالة كاملة النضوج والشروط مؤهلة للعب دور سياسي اجتماعي قيادي الى جانب سائر المؤسسات القيادية الموجودة على الساحة، او حتى كبديلة لها أو لبعضها.
جاءت مظاهرة أم الفحم الأخيرة بعد سقوط عشرات الضحايا في عمليات القتل منذ مطلع العام الجاري، ودفعت المدينة منها حصة كييرة، مؤلمةً وموجعةً. وكان التجاوب الشعبي مع نداء "الحراك الفحماوي" تعبيرًا عن الألم والسخط المتراكمين بين المواطنين، من ناحية، ورسالة للحكومة الاسرائيلية، من جهة، ولقيادات الأحزاب والحركات السياسية والدينية العربية من الجهة الاخرى.
ولا يمكننا الحديث عمّا جرى في مظاهرة الخامس من أذار المذكورة على أراضي أم الفحم من دون التطرق لما جرى مع النائب منصور عباس وكيف تم التعامل مع الحدث بشكل عام، ومن قبله وقبل حركته الاسلامية بشكل خاص؛ أو كيف عالجته وسائل الاعلام العبرية والعربية. فمع وصول عباس الى المكان استقبلته مجموعة من المتظاهرين بهتافات غاضبة وبصراخ احتجاجي على ما كان قد نشر على لسانه بخصوص مواقفه الحريرية ازاء دور شرطة اسرائيل في مكافحة الجريمة وانتشارها بين المواطنين العرب. مع شيوع نبأ محاولة الاعتداء على النائب عباس نشرت كل القيادات العربية بيانات شجب واضحة واستنكارات حازمة لما جرى وذلك من خلال تأكيد رفضهم القاطع للحادثة خاصة وأن الألوف جاءت الى ام الفحم لتعبر عن رفضها لمظاهر العنف المستشري بيننا وضد تقاعس الشرطة وتواطئها مع المجرمين .
لن يختلف اثنان على أن أهداف المظاهرة كما أعلنها "الحراك الفحماوي" ونجاحه في تجنيد آلاف المواطنين كانت يجب أن تبقى هي الأحداث والعناوين الأبرز والاهم في ذلك النهار، ومن غير منافس أو منازع، خاصة بعد أن تم شجب الحادثة من جميع الجهات والأحزاب والحركات بشكل قاطع وصريح؛ ولكن الطريقة التي تصرف بها النائب عباس مباشرة وهو في أرض "المعركة" وتبنتها من بعده قيادة حركته، دللت على عكس ذلك وبرهنت على تعمدهم استغلال ما حصل معه وتضخيمه بشكل ممنهج خدمة لدعايتهم الانتخابية التي انبرت بعض المواقع العربية الاعلامية المتعاونة معهم الى ترويجها، ومعظم وسائل الاعلام العبرية الى استعراضها كالحدث الأهم، وكأن المظاهرة حدثت في ظلاله. ومن اللافت أن نقرأ اتهام عباس في تصريحه الأول ومن الموقع مباشرة، بعد انتهاء الحادثة وقبل التحقق من التفاصيل، على أن من تهجم عليه "هم قلة تنتمي للأحزاب السياسية المنافسة من خارج ام الفحم ولا علاقة للحراك الفحماوي الشريف ولا لأهل ام الفحم الشرفاء بالموضوع.." وذلك على الرغم من أنه كان يجب أن يعرف من قام باعتراضه قبل أن يتهم ببيانه منافسيه من الأحزاب السياسية الاخرى؛ لكنه تصرف للأسف، كسياسي يسعى وراء مكاسب انتخابية ولا تهمه الحقيقة والواقع وتداعيات المظاهرة المرجوة.
أتمنى أن تستمر النشاطات المناهضة للعنف ولسياسات الشرطة الاسرائيلية في أم الفحم وفي جميع بلداتنا المنكوبة، وذلك رغم قناعتي انها لن تكفي ما دامت أحوالنا ستراوح في بؤسها المزمن، وتواجه بضعفها من يحاولون تخثيرها أو ترويضها أو تجنيدها مزارعَ لمصالح أحزابهم وحركاتهم ووجاهاتهم الخرافية.
لم نكن بحاجة إلى أكثر من ليل وحلم كي نصحو مجددًا على حفة الهاوية ؛ فلقد نامت أم الفحم، بعد المظاهرة، على وسائد من عزم واصرار جميل؛ لكنها أفاقت، مثلنا جميعًا، على صرخة أختها جلجولية وهي تستعد لحفر قبر يليق بجسد يافع اسمه، محمد عدس، أعدم بالرصاص وهو في عمر الورد فسقط قتيلًا على عتبة داره حين كان مع صديقه يأكلان، وثالثهما القدر.
نحن بحاجة إلى ثورة تأخذنا إلى ما وراء الغيم والسراب فبدونها لا يوجد حل لقضية العنف ولحالات القتل في واقعنا الحالي؛ لأنني، كما كنت كتبت مؤخرا؛ لا أرى من وكيف سيفعل ذلك ! ولذا سننام وسنصحو في حضن حالة "اجتماعية" مستديمة، كالتعلم والزواج أو كالترمل والمرض، وسيبقى القتل رفيق شوارعنا والعنف شرطي مدارسنا ومجالسنا وفراشنا، إلى أن نتغير نحن وتتغير أحوالنا.
قد ينتقد البعض تشاؤمي ، لكنني مقتنع باننا ان لم نقر بعجز مجتمعنا وقصور مفاعيله السياسية والاجتماعية والدينية والتربوية، وفشلهم في مواجهة هذه الآفة، ستستمر أرواحنا بالتنفس في بقع الضوء الشاحبة، وسيُحكم من يسمون، مجازًا وخطأ، بخفافيش الظلام قبضاتهم على حناجرنا ويمضون في تسيّدهم على حاراتنا الخائفة.
لا نقاش حول واجب الدولة ومؤسساتها في محاربة الجريمة المستفحلة بيننا، ولا حول دورها في معاقبة الجناة وضرورة ردعهم، ومسؤوليتها عن معالجة مسببات هذه الظاهرة الخطيرة، ولا جدال انها لم تفعل ذلك عن قصد وتنفيذًا لسياسات عنصرية تستهدف حصانة مجتمعنا وأمن مواطنيه واستقرارهم السلمي؛ بيد أن ذلك، رغم صحته، لا يبرر فشلنا الداخلي في مواجهة ظواهر العنف كما تتداعى في عدة اشكال وفي مواقع تخضع لسيطرتنا بشكل مطلق؛ ولا يبرر ايضًا فشلنا في ايقاف نزيف الدم وتحجيم عدد عمليات القتل التي تحصل مثلًا على خلفية ما يسمى بشرف العائلة أو بسبب عادات الثأر القبلي البغيضة وما شابهها.
ستبقى الحكومة الاسرائيلية المسؤولة الأولى والأخيرة، عن كل المجرمين والجرائم عندنا وخاصة عما تقترفه عصابات الجريمة المنظمة ؛ ولكن سيبقى، في نفس الوقت، التساؤل حول دور مؤسساتنا المحلية، مثل المجالس والبلديات، ضروريًا ومبررًا؛ والتساؤل حول مساهمة ودور المؤسسة التربوية موجعًا؛ والتساؤل حول تأثير المؤسسة الدينية مقلقًا ومستوجبًا. فاذا فتشنا عن دور هذه المؤسسات سنجده، في أحسن الأحوال، هامشيًا، وفي بعضها سنجد انها تساعد، اما بصمتها واما بفعلها في ترسيخ ظواهر العنف وفي استفحالها.. فالى متى؟
لأم الفحم تحية وسلام.. ولجلجولية ولكل بلدة مفجوعة العزاء.



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرة أخرى انتخابات، فهل سيجزينا آذار
- هل يحلم عماد بالزنابق البيضاء
- أنشهد نهاية اليسار في انتخابات فلسطين؟
- الحركة الأسيرة الفلسطينية وبشائر القاهرة
- قرانا ومدننا تبكي، فلا تصدقوا وعودهم
- ما كانت الحركة الاسلامية لتُقدم، لو كان في سائر الأحزاب حياة
- ليس بالقائمة المشتركة وحدها يحيا الكفاح
- لنصنع ربيعنا في آذار المقبل
- عندما سألني مرسيل: كيف استقبلت فلسطين عامها الجديد
- عن زمن اليأس والعدل بطعم الخل
- كان اسمه عيد الميلاد فلماذا صار اسمه الكريسماس؟
- اسراطينيات..جولة الباطل زفرة
- سقوط المحكمة العليا الاسرائيلية الوشيك
- ما المشترك بين عايدة ومنصور ؟
- النائب عن الحركة الاسلامية، منصور عباس، ولافتة قف
- المواطنة، الهوية، قتل النساء والأمل المفقود
- الأسرلة والتأسرل والعالم المقلوب!
- الأسرلة
- صائب، مفارقات غريبة ومسيرة طويلة
- من يسمع صرخة هذا -الأخرس- من أجل الحرية


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - التحية لشباب أم الفحم والعزاء لجلجولية