أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رشيد غويلب - في مواجهة حملات القمع والحرب العنصرية / حزب الشعوب الديمقراطي في تركيا تجربة يسارية مهمة*















المزيد.....

في مواجهة حملات القمع والحرب العنصرية / حزب الشعوب الديمقراطي في تركيا تجربة يسارية مهمة*


رشيد غويلب

الحوار المتمدن-العدد: 6837 - 2021 / 3 / 11 - 22:37
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


يعتبر مشروع حزب الشعوب الديمقراطي في تركيا تجربة مهمة تواجه هذه الأيام حملة قاسية من اجل شلها، ولكن الحزب يبدو قادرا على الدفاع عن دوره الاستثنائي في الحياة السياسية في تركيا على الرغم من القمع الهائل والتهميش السياسي الواسع النطاق، الذي يمارسه النظام السياسي بقيادة حزب العدالة والتنمية الإسلامي بزعامة رجب طيب اردوغان. وعلى الرغم من استمرار اعتقال الآلاف من أعضاء الحزب، بحجة الانتماء الى حزب العمال الكردستاني، الذي تعده السلطة في تركيا منظمة "إرهابية". وكذلك إقالة العديد من رؤساء البلديات في 48 بلدية ومدينة كبيرة مثل مدينة ديار بكر من ممثلي الحزب، وفرض الإدارة القسرية، من خلال تعيين مسؤولين حكوميين غير منتخبين، وبالتالي الغاء إرادة قرابة 4,356 مليون ناخب. لقد تمكن حزب الشعوب الديمقراطي من المحافظة على قوته التصويتية الى حد بعيد، حيث حصل في انتخابات عام 2018 على 11,7 في المائة من أصوات الناخبين، مشكلا بذلك الكتلة الثالثة في البرلمان التركي.

وتقوم وزارة العدل التركية بأعداد ملفات لتقديمها للقضاء بهدف رفع الحصانة البرلمانية عن 21 نائبا من كتلة الحزب البرلمانية، بالإضافة الى 4 نواب آخرين، استنادا الى التهم المستهلكة التي داب النظام التركي توجيهها للحزب وعموم قوى اليسار في البلاد. ولا تسعى حكومة اردوغان الى اصدار قرار بمنع نشاط الحزب، بسبب الضغط الذي ستواجهه، والتضامن الأممي الواسع الذي يحظى به الحزب، ولذلك تعمل حكومة اردوغان على توسيع القمع والملاحقة وعمليات رفع الحصانة بهدف شل الحزب، بدلا من المنع المباشر بقرار قضائي. والأمر المهم الذي يجب ان يكون واضحا، على الرغم من عنصرية التحالف الحاكم في تركيا والذي يشارك فيه حزب فاشي مكشوف، فان شل نشاط الحزب يتعدى الكراهية القومية ضد الشعب الكردي الى محاولة أي خنق المشاريع والبدائل اليسارية في البلاد.

صعوبات ذاتية

تنتشر داخل صفوف الحزب انتقادات متزايدة، لمشروعه وطرح نفسه كحزب يساري في عموم تركيا، باعتباره حزبا عابرا للحدود العرقية والدينية والثقافية، وهذه نقطة الخلاف الرئيسية. وهذا ما يميزه أيضًا عن التجارب السابقة مثل "حزب المجتمع الديمقراطي". وبينما رأى حزب المجتمع الديمقراطي والمحاولات العلنية التي سبقته نفسها أحزاب تمثل أولا مصالح السكان الكرد، حاول حزب الشعوب الديمقراطي جعل تعزيز دوره كحزب يساري لعموم سكان تركيا. وحتى ذلك الحين لم يكن هناك بين الأحزاب العلنية مثل هذا الحزب، سواء في الشارع أو في البرلمان، سوى "حزب الحرية والتضامن"، الذي يتمتع بدور محدود جدا. وتمكن حزب الشعوب الديمقراطي من سد هذه الفجوة بنجاح وكسب العديد من النشطاء اليساريين في غرب تركيا، ومعظمهم من الأتراك. وتم تغيير اسم الحزب الكردي الرائد المباشر "حزب السلام والديمقراطية" إلى "الحزب الديمقراطي للمناطق"، وبالتالي تحول إلى فرع اقليمي لحزب الشعوب الديمقراطي في كردستان تركيا، حيث يمثل عمليا مصالح الكرد، وبهذا أصبح هذا النشاط جزءا من نشاط حزب الشعوب الديمقراطي. وفي الانتخابات البرلمانية العامة في حزيران 2015، حصل حزب الشعوب الديمقراطي، بواسطة هذه الاستراتيجية، على 13.1 في المائة من الأصوات، وبهذا كسر الأكثرية التي تمتع بها حزب العدالة والتنمية الاسلامي الحاكم، مسجلا اهم نجاحاته الانتخابية.

وردا على هذا النجاح أطلقت حملة قمع عنصرية قومية ضد حزب الشعوب الديمقراطي، وبدأت حرب منظمة ضد كردستان تركيا، وبالتالي واجه الحزب صعوبات جدية. لقد استطاع الحزب مواجهة حملات القمع والحرب على معاقله في كردستان، و المواقف المعادية او المترددة من أحزاب المعارضة البرلمانية، والموروث القومي العنصري المترسخ في المجتمع التركي ضد القوميات والمجاميع الثقافية غير التركية، وعدم الاقدام على العمل المشترك او التعاون مع حزب الشعوب الديمقراطي. وأكثر من ذلك شاركت جميع الأحزاب التركية المؤثرة، بما في ذلك الحزب الجمهوري (الكماليون)، الذي يعد نفسه حزبا ديمقراطيا اجتماعيا، في التعبئة القومية ضد الشعب الكردي. ولم تقم هذه الأحزاب بإدانة حملات الاعتقال الجماعية على قيادات وكوادر حزب الشعوب الديمقراطي، وكذلك لم تتم إدانة الحرب في المناطق الكردية. وظل العديد من الليبراليين اليساريين في غرب تركيا صامتا، لم يتخذوا موقفًا مسموعًا ضد الحرب العلنية ضد الشعب الكردي. وهكذا بدا أن مشروع حزب الشعوب الديمقراطي القائم على العمل كجسر يساري وتقدمي رابط بين جميع المجموعات السكانية في تركيا قد وصل الى حدوده النهائية. وعلى الرغم من كل الجهود التي بذلها الحزب، بقي ثقله التنظيمي والانتخابي في المدن والقصبات الكردية وبدا أن جاذبية حزب الشعوب الديمقراطي في غرب البلاد مقيدة. بسبب قمع الحكومة ورفض أحزاب المعارضة التركية، ما أدى الى خلق صعوبات جدية اما نشاط الحزب وتأثيره في البرلمان الوطني.

وأدى اندلاع الحرب ضد الشعب الكردي مرة أخرى في خريف 2015، إلى نقاشات مثيرة للجدل داخل الحزب بشأن مساره المستقبلي. كانت جولة المناقشات الأولى، والتي لم تكن مفاجئة تتعلق بمشاركة الحزب في الانتخابات. لقد رأى فريق في الحزب إن الانتخابات الديمقراطية مستحيلة في زمن الحرب واستبداد المترسخ، ودعوا الى مقاطعة الانتخابات. ولا تزال شكوك هذا الفريق بشأن المشاركة في الانتخابات قائمة وكذلك المطالبة بهياكل وأنشطة سياسية لا تركز على الانتخابات البرلمانية. ملف النقاش الثاني، الذي لم يتم حله بالكامل بعد، يتعلق بسعي حزب الشعوب الديمقراطي ان يكون حزبا لكل مواطني البلاد. ان عدم تحقيق نجاح كبير في اختراق الذهنية القومية والدينية المحافظة، والتي تشكل جزءا من الأرت العثماني، وتعد أحد ركائز الموقف العنصري تجاه التعددية القومية والثقافية في البلاد، أدى إلى انطلاق تساؤل داخل حزب الشعوب الديمقراطي فيما إذا كان ينبغي للحزب بدلاً من ذلك التركيز على دوره كممثل لمصالح السكان الكرد. وعكس نواب سابقين وحاليين في الحزب مواقف متباينة في اثناء مشاركتهم في مؤتمر عقد في المانيا في 30 كانون الثاني الفائت، شارك فيه عدد من الشخصيات الناشطة في الحزب: دافع النائب السابق عن الحزب، ألتان تان، بشكل خاص، عن أطروحة مفادها، أن السكان الكرد محافظون مثل بقية سكان، ويتقبلون على مضض سياسات حزب الشعوب الديمقراطي اليسارية والتقدمية ، وبالتالي برر استقالته من الحزب. وتنتقد شخصيات سياسية اخري الحزب من زاوية مختلفة، يرى النائب السابق عن الحزب ضياء بير، أن حزب الشعوب الديمقراطي يوظف كل طاقاته لإضفاء الطابع الديمقراطي على تركيا بأكملها وأن اهتمامه بالمصالح الحقيقية للسكان الكرد ثانوي. وأشارت وسائل اعلام الى صورة رمزية لموقف أحزاب المعارضة التركية من حزب الشعوب الديمقراطي: في المؤتمر الصحفي الذي عقد بعد زيارة قيادة حزب الشعوب الديمقراطي لمقر حزب الشعب الجمهوري، ظهر الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي ميثات سنكار بمفرده أمام كاميرات وسائل الإعلام، بينما لم يُشاهد رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو. ان هذا السلوك يؤدي الى تصعيد الجدل داخل الحزب بشأن أولوياته هل يستمر كمشروع يساري مشترك، ام يعود ثانية الى مواقف حزب قومي يحصر اهتمامه بالحقوق القومية للشعب الكردي.

ان تجربة حزب الشعوب الديمقراطي مهمة جدا لأنها، ورغم كل عوامل القمع والاستبداد والصعوبات الأخرى انموذج ممكن للعمل المشترك بين قوى اليسار في غرب تركيا، وقوى اليسار في كردستان تركيا. واهمية هذه التجربة تكمن في انها تأتي في بلد يستند على موروث تشابك فيه العنصرية القومية والتشدد الديني، يلغي الحقوق المشروعة للقوميات والجماعات الثقافية الأخرى. إضافة الى ذلك فان التجربة التاريخية لليسار التركي تعكس قصورا في التحليل والموقف من القضية الكردية. اضف الى ذلك ان تجربة حزب الشعوب الديمقراطي تواجه معوقات كثيرة، لانها تتجاوز تجارب اليسار السابقة التي امتازت بالتقليدية، وظلت اغلب قواها حبيسة جمود فكري غير قادر على انتاج رؤية سياسية واشكال تنظيمية تعزز قدرات اليسار التعبوية وتحد من ظاهرة تناحره وتشتته في عشرات العناوين السياسية والفكرية الضيقة.



#رشيد_غويلب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذه المرة بسبب الفساد في صفقات كمامات الوقاية / المانيا: است ...
- أمس احتفلن بعيدهن العالمي / حول التمييز الهيكلي ضد النساء في ...
- عندما تمارس الدولة القتل الكيفي / كولومبيا: إبادة أكثر من 10 ...
- النضال في سبيل الحقوق الاجتماعية والحريات والسلام / المؤتمر ...
- الديمقراطية وتراكم إرث اليمين / الشبيبة الإسبانية تحتج ضد أح ...
- تزامنا مع مقاضاة المسؤولين عن العنف الدموي / بوليفيا تعيد قر ...
- اعادت تظاهرات 2013 الى الأذهان / الاحتجاجات الطلابية الأخيرة ...
- بعد تصدره انتخابات الرئاسة والبرلمان / تحالف اليسار في الاكو ...
- الجمهوريون يمثلون خطرا على الديمقراطية / حكومة ترامب كانت ال ...
- نجاح جديد لقوى اليسار في أمريكا للاتينية / الإكوادور: مرشح ا ...
- حقوق الإنسان وصراع المصالح / أليكسي نافالني ليس بديل روسيا ا ...
- مصالح الغرب واحده / الأكاديمية الإستراتيجية الالمانية تدعم ض ...
- المنظمات غير الحكومية شددت على ضرورة مكافحة الفقر / منتدى دا ...
- قرن على تأسيسه / في الذكرى المئوية للحزب الشيوعي الإيطالي
- ملفات الفساد في المراكز الرأسمالية / ساركوزي من قصر الإليزيه ...
- قراءة لعام مضى وآفاق متوقعة للعام الجديد / أمريكا اللاتينية: ...
- ثلاث عشرة موضوعة في النسوية الماركسية * فريغا هاوغ
- عاشت البلاد عاما من الاحتجاجات وعنف الشرطة العنصري / فرنسا: ...
- على الرغم من عدم تسليط الضوء عليهن / فلاحات الهند يتصدرن الأ ...
- الفاشيون والشعبويون في المراكز الرأسمالية والأطراف من طينة و ...


المزيد.....




- السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا ...
- بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
- إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
- هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
- باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع ...
- قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس ...
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- -ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية ...
- قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رشيد غويلب - في مواجهة حملات القمع والحرب العنصرية / حزب الشعوب الديمقراطي في تركيا تجربة يسارية مهمة*