أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - الوساطة والاّعنف














المزيد.....

الوساطة والاّعنف


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6836 - 2021 / 3 / 10 - 14:50
المحور: الادب والفن
    


الوساطة.. والاّعنف

هل الوساطة فنٌ أم علمٌ، أم كليهما معاً ؟ ومعهما تحتاج إلى براعة وخبرة ومعرفة ومثابرة وصبر وحلمٍ وحكمة، ذلك ما توصلتُ إليه وأنا أقرأ كتاب البروفيسور محمد الحسن ولد لبات وزير خارجية موريتانيا الأسبق الموسوم "السودان- على طريق المصالحة"، وهو الخبير بحلّ الخلافات بالوساطة في مناطق الحروب والنزاعات الأهلية ، إضافة إلى امتلاكه خبرة قانونية ولغة عربية صافية وإتقانه اللغتين الفرنسية والإنكليزية ومعرفته بلغات محلية عديدة.
في ذاكرتي استعدت ثلاث شخصيات سودانية وشخصية موريتانية لها تماس مباشر بموضوع الكتاب.
أولها - الرئيس عمر حسن البشير الذي التقيته في العام 2000 مع وفد ضمّ 5 مثقفين عرب نظمته إحدى المحطات الفضائية لإجراء حوار مفتوح معه حول مشكلات الحكم في السودان ، وذلك عشيّة الانتخابات البرلمانية التي فاز بها حزبه بـ"الإجماع السكوتي" أي بـ "التزكية"، ويبدأ الكتاب في سرديته من الحديث عن الإطاحة به عِبر عملية احتجاج شعبي واسعة، حسم الجيش لحظتها الفاصلة ، لكن التغيير الذي حصل كاد أن يتبدّد أو ينتكس أو حتى يضيع ، لولا دخول الوساطة الأفريقية على الخط بدعم من أثيوبيا بتكليف ولد لبات مؤلف الكتاب.
وثانيها- "العم" قاسم أمين الذي كنّا نناديه "عمك كاسم" وهو أحد القادة العماليين النقابيين الذي تعرفت عليه في مطلع السبعينات من القرن الماضي في براغ ، وأتذكر ذهابه مع إبراهيم زكريا إلى بغداد العام 1972 عقب تأميم النفط ، ولكنه عاد أكثر حذراً وربما تشاؤماً مما ذهب، وقد وضع تجربة التعاون مع النميري أمامه عند حديثه عن تجربتنا العراقية.
وثالثها- فاطمة أحمد ابراهيم أرملة الشهيد الشفيع أحمد الشيخ ، الذي أعدم العام 1971 مع عبد الخالق محجوب أمين عام الحزب الشيوعي ، وأتذكّر كتاب الصديق فؤاد مطر الموسوم : الحزب الشيوعي السوداني : نحروهُ أم انتحر؟ وقد استعدت علاقتي بها في براغ وبرلين ولندن، وأتذكّر دموعها كيف انهمرت على خدّها وأنا ألقي كلمة تأبين بحق الصديق عبد الوهاب سنادة نقيب الأطباء الأسبق، وكنت قد حضرت حفل زفافه في "روزفلتافا كولي" كما حضرت وفاته. والسيدة فاطمة أحمد ابراهيم " أم طارق" أول برلمانية سودانية ولها باعٌ طويل في النضال .
أما الشخصية الرابعة- فهي الباهي محمد الذي أطلق عليه الروائي عبد الرحمن منيف "عروة الزمان" وهو شخصية ثقافية موسوعية وقد تنقّل هذا الصحراوي الموريتاني في العالم العربي حاملاً لواء العروبة والوحدة وفلسطين من موريتانيا إلى الجزائر ومن بغداد ودمشق مروراً بـ بيروت وصولاً إلى المغرب ليستقر في باريس التي كان يجوب شوارعها مشياً على الأقدام حيث لم يمتلك من دنياه سوى بضعة كتب وحفنة قصائد وذاكرة ذهبية مع محبته للأصدقاء والناس والثقافة والشعر بشكل خاص.
والكتاب الذي انطلقت منه جمع بين الأكاديمية المنضبطة وبين السردية الروائية المفتوحة بحبكة درامية مثيرة، وتلك مُكنة وحرفية ، حيث جعلت الكاتب ينتقل من حقل إلى آخر بكل حريّة ، مُطعّماً مادته العلمية بحكايات وقصص ومقابلات وحوادث وأسرار وتاريخ دلّ على معرفة بالأوضاع السودانية، وقد تمكن في نهاية المطاف من التوفيق بين المدنيين والعسكريين على صيغة انتقالية مقبولة من الطرفين جَنبتْهُما والبلاد مخاطر الانزلاق إلى حرب أهلية أو صراع عنفي لا يعرف المرء مدى عواقبه في بلاد عاشت لنحو 30 عاماً من تجربة التفرّد والاستبداد .
الوساطة تعني حلّ الخلافات بالطرق السلمية عبر جهات تكون مؤهلة ومقبولة من المتنازعين، وهي فرع جديد يدرّس حالياً في بعض الجامعات والمعاهد العليا، وقد اعتمدناه في جامعة اللاّعنف (بيروت) وهو يجمع القانون والسياسة والإدارة والثقافة والاجتماع والاقتصاد والدبلوماسية والتاريخ، مع التفاوض للوصول إلى مشتركات وجوامع يعتقد كل فريق أنه رابح .
لا أخفي شعوري كقارئ ومعني ومشارك في نشر مفاهيم اللآّعنف والتسامح، من القول إن كتاب "السودان - الطريق إلى الوساطة" يصلح أن يكون مقررّاً في الجامعات العربية ، خصوصاً تلك التي عاشت حروباً ونزاعات وصراعات دينية وطائفية وعرقية واجتماعية، والهدف ليس استنساخ التجربة أو اقتباسها بقدر دراستها والإفادة منها، فقد تعلم ولد لبات من نيلسون مانديلا الذي عمل معه أن على الوسيط أن يكون متواضعاً وجامعاً ومستمعاً ومشاهداً وحافظاً لسانه وجَنانِه أي التحكم حتى بحركاته وإشاراته ، كما ينبغي أن يكون متسامحاً وموضوعياً وغير منحاز إلى أحد أطراف النزاع أو مغرياته ، وعليه أن يحافظ على مساحة واحدة من جميع الأطراف، والمهم أن لا يستعجل في الوصول إلى النتائج قبل أن تنضج ظروف الحل السلمي.
المصالحة هي ما نحتاج إليه في عالمنا العربي، لاسيّما البدء برياضة روحية ومراجعة نقدية مع النفس لتنتقل إلى الآخر، والأساس في ذلك احترام الحق في الاختلاف واعتماد وسائل اللاّعنف والسلم لحل الخلافات وفقاً لمبادئ التسامح ، إذ لا يوجد شيئ أسوء من الحروب والنزاعات الأهلية المسلحة.




#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل كان ماركس ديمقراطيا
- عبد الغفار خان ...غاندي المسلم
- الإرهاب والجامعات
- الياس مرقص: المثقف الأول
- ستارت - 3
- ثقافة المواطنة وفكرة الدولة
- شجرة الذاكرة
- أزمة العراق سيادياً
- فريضة التسامح و فرضياته
- شطحات ماركس
- الكابيتول وصورة أمريكا
- الانتخابات العراقية وتدوير الزوايا
- شعبان: السلام العربي فرض عين وليس فرض كفاية فحسب
- عبد الحسين شعبان: حوار عن اللجوء واللاجئين
- جائحة الدينار
- كتاب وحكاية: مذكّرات صهيوني يوميّات إيغون ريدليخ في معسكر تي ...
- مقدّمة كتاب د. محمد الزين محمد السودان - الطريق إلى الدولة ا ...
- بايدن والأمن السيبراني
- عن فلسفة التسامح
- جذور الاتحاد ورهاناته اللّاحقة


المزيد.....




- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...
- دموع -بقيع مصر- ومدينة الموتى التاريخية.. ماذا بقى من قرافة ...
- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...
- -المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض ...
- الآن.. رفع جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 الشعبتين الأ ...
- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...
- التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم ...
- تردد قناة mbc 4 نايل سات 2024 وتابع مسلسل فريد طائر الرفراف ...
- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - الوساطة والاّعنف