أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عزيز الحاج - هل يريدونها طالبان عراقية؟















المزيد.....

هل يريدونها طالبان عراقية؟


عزيز الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 478 - 2003 / 5 / 5 - 03:17
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



 في كل يوم أنباء جديدة عن هجمة الأصوليين المتعصبين في العراق ولاسيما من بين بعض رجال الدين الشيعة. ولم يعد هؤلاء يخفون حقيقة نواياهم وخططهم وهي الإجهاز على انتصار 9 نيسان وانتهاز الفراغ الأمني والسياسي لفرض نظام أصولي بالقوة. وكما أشرت وغيري من الكتاب العراقيين إلى التحالف القائم فعلا بين هذه القوى الأصولية المتشنجة وبين فلول النظام الفاشي المنهار تحت شعار الحرب على القوات الأمريكية.

لقد أصدر المرجع الشيعي الأعلى السيد السيستاني عدة بيانات وفتاوى معتدلة تنطلق من التقاليد المتبعة عبر السنين في المرجعية الشيعية رغم تبدل الأشخاص، وهو عدم زج علماء الدين الشيعة ورجالهم في شؤون الحكم، والانصراف لواجباتهم الأصلية بنشر القيم والأفكار الروحية الداعية  للتآخي مع الدفاع عن الحقوق المشروعة في العبادة ورفض التمييز الطائفي. كما دعا لتحريم بيع وشراء الأسلحة المنهوبة من مراكز الجيش وضرورة العمل على جمعها وحصرها بإشراف لجنة من أهالي المنطقة لتسلم إلى الجهات ذات الصلاحية لاحقا، أي للحكومة المؤقتة. وثمة ما هو غير واضح  في بعض بيانات السيد السيستاني بدعوته لتشكيل لجنة عليا  "للإشراف على شرعية الأحزاب السياسية". فما المقصود يا ترى؟ هل يقصد التنظيمات الشيعية العديدة التي يدعي كل منها كونه يمثل جميع شيعة العراق؟ وهل لا يشكل ذلك زجا للحوزة في الشؤون الحزبية وهو ما ترفعت عنه الحوزة الشيعية تقليديا في كل تاريخ العراق الحديث؟ كما أن الناطقين باسم الحوزة صاروا يظهرون في كل مكان وحدث كما في حادث تفجير الزعفرانية وغيره.

لقد استغل العديد من  رجال الدين الشيعة فوضى ما بعد سقوط الطاغية لمحاولة مليء الفراغ عن طريق الاستيلاء على دوائر خدمات ومستشفيات في بغداد والناصرية ومدن أخرى ناصبين من أنفسهم أصحاب أمر ونهي وسلطة .والأنكى أن البعض منهم أمروا هنا وهناك باقتحام مساجد السنة وطرد أئمتها، وهي تجاوزات طائفية بشعة أدانها السيستاني، طالبا رفع تلك التجاوزات وإعادة أئمة السنة المطرودين مكرمين إلى جوامعهم. ولكن كم ستون لكلمات سماحته من قوة تنفيذ في خضم التنافس والخصومة بين تنظيمات الشيعة واندفاع كل من هب ودب لفرض نفسه غماما وحاكما؟ّ

إن التأخر في تشكيل الحكومة المؤقتة وشبه غياب أصوات النخب الحزبية والثقافية العراقية في الوقت الحاضر رغم عودة الكثيرين وفتح عشرات المكاتب والمقرات، يترك المجال فسيحا لدعوات التعصب والعنف والأفكار الظلامية من رجال دين شيعة وسنة، خصوصا ولم تشتغل بعد محطتا الإذاعة والتلفزيون العراقيتان لتنوير العراقيين الذين سجنوا عقودا من السنين وراء أسوار الدعاية الشمولية للبعث وحرموا من الاطلاع على ما كان يجري خارج العراق. وشخصيا لم أقرأ بعد بيانات للأحزاب والكتل السياسية المختلفة تفضح الدعوات التي تنفخ في نار التعصب الديني وتدعو لإقحام الدين في شؤون الدولة والتي تدعو لمعركة مسلحة غير متكافئة مع قوات التحالف، خلافا لرأي الأكثرية العظمى الصامتة من العراقيين. وفي تقرير تفصيلي لمراسل جريدة لوموند الفرنسية اليسارية المعروفة بعدائها للسياسات الأمريكية اعتراف بأن الأغلبية الصامتة من العراقيين قد رحبت بقوات التحالف وممتنة لأنها حررت الشعب من النظام الفاشي [ انظرا تقريرا جيدا للأستاذ حسين كركوش في عدد سابق من إيلاف ]. وهذه بوجه خاص مشاعر ضحايا القمع من سجناء ومعتقلين وعائلات الضحايا. وفي لقاء لمراسل مجلة الإكسبرس الفرنسية يقول الشاب الشيعي العراقي علي سالم الذي أمضى سنوات من العذاب في السجون: " لقد خلصنا بوش من طاغية ويستحق منا العشق."

لقد احتج بعض السياسيين الشيعة على قرار جاي كارنر الذي طلب بحزم تجميد قرارات ونشاطات اللجان التي فرضت نفسها في المدن والمحافظات لإدارة الشؤون العامة.ويعتبر هؤلاء القرار محاولة أمريكية تهدف "لعدم تمكين الشيعة من تولي السلطة"!! ويتجاهل هؤلاء عن عمد أن هناك مبادئ الاقتراع والاستفتاء الديمقراطية في تقرير خيارات الحكم مستقبلان وأنه لا يمن القبول بهجمة الأمر الواقع وبالقوة على دوائر الدولة والتصرف كحكام محليين، وكأنه لم تبق هناك دولة عراقية أصلا و"لكل حسب قوة عضلاته وسلاحه"!

وفي يومين متعاقبين التقت صرخات رجال دين إيرانيين وسنة وشيعة عراقيين داعية للحرب على القوات الأمريكية كأحمد جنتي من إيران والشيخ أحمد النجفي في العراق الداعي إلى "إخراج الأجنبي الكافر فورا" من العراق. أما الشيخ جابر خفاجي فيدعو في خطبة الجمعة يوم الجمعة من بغداد إلى إجبار النساء وحتى غير المسلمات على ارتداء الحجاب، ويدعو الرجال إلى إطلاق لحاهم [ بس! ] ؟ أما الشيخ السني مؤيد فيتهم في خطبة الجمعة في مسجد أبي حنيفة الجنود الأميركيين باستعمال مناظير تعمل بالأشعة تحت الحمراء من "أجل رؤية عري النساء"!!

 هذه الأصوات النشاز باسم الدين، والتي يرفضها عقلاء رجال الدين وعلماؤهم من الطائفتين،  تذكرنا بدعوات غلاة المتعصبين من رجال الدين في بعض البلدان العربية والذين ساندوا نظام الطالبان والذين من بينهم خرج بن لادن وشبكاته الإرهابية. ومع وجود أصوات دينية معتدلة وعقلانية من بين الشيعة والسنة، فإن المتعصبين هم الأكثر صخبا ونشاطا وتحركا بعد أن اختلطت الأوراق وتسلل أعوان النظام الفاشي لصفوف رجال الدين لتنفيذ مخططات التخريب الجهنمية وإشعال الفتن الداخلية بأمل العودة للسلطة تحت عباءات و عمائم  دينية.

 إن هناك غيابا خطيرا في عراق اليوم للأفكار العلمانية ولثقافة التسامح والديمقراطية. ومما يزيد من خطورة الوضع غياب الإدارة العراقية وتواصل تخريب أعوان الطاغية وتكالب بعض الدول العربية والإقليمية على استغلال الوضع الراهن لتمشية خياراتها في نموذج السلطة العراقية القادمة باستعمال الورقة الدينية بالمذهبين السني والشيعي. ولكل من هذه الأطراف مآرب وحسابات متعارضة، ولكنها تصب في هدف عرقلة قيام حكم ديمقراطي لبرالي علماني في العراق. أما إذا حسبت هذه الأوساط أن صراخها التهديدي ضد الأمريكان سيفزعهم ويجعلهم يرحلون بسرعة، فإن النتيجة سوف تكون العكس تماما، وأعني بقاء قوات التحالف أكثر مما جرى التخطيط له، إذ لا يعقل أن يشنوا حربا واسعة ثم أن يسمحوا بترك العراق  طالبانا ثانيا أو طبعة عراقية من دولة "ولاية الفقيه".

  لقد اقترفت الإدارة الأمريكية أخطاء سياسية جسيمة عشية الحرب جراء تصادم النفوذ والصراع بين الخارجية المدعومة من السي.آي.أي وبين الدفاع ومجلس الشيوخ. إن كولن باول الذي كان أساسا غير مقتنع باستعمال القوة لتغيير النظام العراقي ، وزج القضية في دوامة مجلس الأمن لمدة أربعة شهور دون أن يصر على إدراج قضية حقوق الإنسان العراقي بجانب مسألة التسلح في القرار 1441، قد عارض بشدة مع  المخابرات  المركزية تشكيل حكومة عراقية مؤقتة قبل الحرب. فقد كان للخارجية اجتهاد بإزاحة رؤوس النظام والاعتماد على أجهزته الإدارية مطعمة برجال دين وشيوخ عشائر. أما الدفاع والشيوخ فكانوا مع استئصال النظام البعثي زعامات وعقلية وممارسة وتقديم الوجوه اللبرالية إلى تولي شؤون الدولة. وتتحمل الخارجية الأمريكية مع الدوائر الأردنية مسؤولية الحملات الضارية ضد الدكتور احمد الجلبي، محاولة بكل الأساليب تشويه سمعته. ومهما كان الرأي في الجلبي وأساليب عمله، وهو الذي لعب دورا مهما في تجميع المعارضة في الخارج منذ التسعينات، فإن إشكاليته كانت من محاور الصراع داخل الإدارة الأمريكية. كما يبدو أنها كانت من وراء عدم الموافقة على قيام حكومة في المهجر أو كردستان،  تشغل الفراغ حالا فور سقوط النظام. ويدفع شعبنا ثمن هذه الخلافات. كما أن الأمريكان لم يحسبوا مسبقا أي حساب للفراغ الأمني ليُدخلوا ضمن قواتهم قوات أمن مختصة تدخل العراق وتتعاون مع العراقيين الذين تم تدريبهم في الخارج لحفظ الأمن. فدخلت القوات الأميركية بغداد بلا عراقيين مدربين ويستطيعون التفاهم مع الناس، وبلا قوات أمنية أمريكية مختصة؛ فكانت كارثة النهب والسلب والحرق، وخصوصا نهب المتحف الوطني.

وبعد إرسال كارنر وتعرفه النسبي على المشاكل سوف يرسلون مدنيا أمريكيا ليكون الحاكم المدني من فوق كارنر. وهكذا تستمر لعبة الصراع الأمريكية ـ الأمريكية التي أدت إلى تأخر تشكيل الحكومة المؤقتة.

إن العراق اليوم هو في أمس الحاجة إلى إدارة عراقية مؤقتة لا يشترط أن تكون واسعة التمثيل ولكن متفق عليها من الأحزاب والقوى السياسية الرئيسة. وإلا فيتولى الحكم مؤقتا وفورا مجلس رئاسي تكون رئاسته دورية ومهماته أمنية وبإجراءات حازمة، ومعالجة مشاكل الماء والكهرباء والهاتف والتلفزيون والإذاعة، وبحث قضايا المهجرين داخل العراق وخارجه. وتمهد هذه الحكومة خلال ستة شهور مثلا لقيام حكومة انتقالية أكثر تمثيلا وتكون مهماتها سياسية أساسا، أي تمهيد الظروف لتنظيم الحياة الحزبية، ووضع مسودة الدستور القادم، وخلق الظروف الملائمة للانتخابات التشريعية في الظرف المناسب. ولابد في الوضعين المؤقت والانتقالي من الاستخدام الرشيد لبرامج التلفزيون والإذاعة لحوار الآراء والاجتهادات بين مختلف التيارات والقوى، والتوعية بالحقوق الديمقراطية وبحقوق الإنسان، والرد العلمي المقنع والهادئ على أفكار التعصب والتطرف والعنف والتمييز بأشكاله،  سواء مذهبيا أو دينيا أو قوميا أو ضد المرأة.  

إنني من الواثقين بأن أكثرية القوى السياسية العراقية مع أكثرية الشعب العراقي ترفض رفضا باتا قيام نظام حكم أصولي مهما كان عنوانه ومذهبه. فبعد فشل الأنظمة الأصولية المنغلقة حيثما نشأت، وبعد كل ما عاناه شعبنا من جور واستبداد وقمع، فكيف يمكن القبول بأشكال جديدة من القمع والاستبداد والحجر على الحريات ومصادرة الحقوق والعقول؟!

إيلاف خاص



#عزيز_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق بين التدخل الإيراني ومخاطر التخريب الصدامي
- وقفة تحليلية لمسائل عراقية ملتهبة
- لقاء الأضداد حول العداء لأمريكا بحجة العراق!! لا للحرب.. أجل ...
- شباط 1963 : دم وعبر!
- الإسلام و العلمانية
- الدولة الديموقراطية علمانية..
- النفط والأزمة العراقية
- مواقف مؤسفة لمثقفين عرب
- قراءة استشفافية لمؤتمر المعارضة في لندن
- سقطة مثقف عربي
- جناية الشعب العراقي على العرب والمسلمين
- قرار يتجاهل موضوع الديمقراطية وحقوق الإنسان العراقي
- القضية العراقية واليسار الأوروبي
- عراق التعايش
- في مأزق الفكر العربي
- النظام العراقي وعبث المراوغة


المزيد.....




- أحذية كانت ترتديها جثث قبل اختفائها.. شاهد ما عُثر عليه في م ...
- -بينهم ناصف ساويرس وحمد بن جاسم-.. المليارديرات الأغنى في 7 ...
- صحة غزة: جميع سكان القطاع يشربون مياها غير آمنة (صور)
- تقرير استخباراتي أمريكي: بوتين لم يأمر بقتل المعارض الروسي ن ...
- مسؤول أمريكي يحذر من اجتياح رفح: إسرائيل دمرت خان يونس بحثا ...
- شاهد: احتفالات صاخبة في هولندا بعيد ميلاد الملك فيليم ألكسند ...
- مليارات الزيزان تستعد لغزو الولايات المتحدة الأمريكية
- -تحالف أسطول الحرية- يكشف عن تدخل إسرائيلي يعطل وصول سفن الم ...
- انطلاق مسيرة ضخمة تضامنا مع غزة من أمام مبنى البرلمان البريط ...
- بوغدانوف يبحث مع مبعوثي -بريكس- الوضع في غزة وقضايا المنطقة ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عزيز الحاج - هل يريدونها طالبان عراقية؟