أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سعيد الكحل - الإجهاز على حقوق النساء في ظل حكومة البيجيدي.















المزيد.....

الإجهاز على حقوق النساء في ظل حكومة البيجيدي.


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 6834 - 2021 / 3 / 7 - 20:26
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


عرفت حقوق وقضايا النساء في المغرب ديناميكية فعّالة أثمرت مدونة الأسرة ورفع المغرب تحفظاته عن الاتفاقيات المتعلقة بالقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة ، وخاصة مقتضيات المادتين 9 و16 من الاتفاقية فضلا عن حق المرأة المغربية في منح جنسيتها لأولادها من زواج مختلط وكذا الوصية الواجبة التي تمنح الحق لأبناء البنت في الحصول على نصيبهم من تركة الجد . مكاسب مهمة جاءت بها مدونة الأسرة
التي توّجت نضال الحركة النسائية لمدة عقود من أجل المساواة والكرامة ورفع كل أشكال التمييز ضد النساء. وقد أعطت الإرادة الملكية دفعة قوية للمطالب النسائية وحصّنتها ضد هجمات الردة والنكوص التي ظل يشنها تيار الإسلام السياسي بقيادة البيجيدي وذراعه الدعوية حركة التوحيد والإصلاح . كانت الأمور تسير بوتيرة متنامية مكّنت من تحقيق ومراكمة عدد من المكتسبات والحقوق لصالح النساء حتى حدثت النكسة مع قيادة البيجيدي للحكومة عقب ما سمي "بالربيع العربي" . فجأة توقفت الديناميكية وتعطل المسير لتبدأ مرحلة النكوص والإجهاز على المكتسبات بما فيها تلك التي جاء بها الدستور . كان الأمر متوقعا من حزب كرّس كل أنشطته وأدبياته لمناهضة حقوق المرأة والتصدي لمطالبها في المساواة والمناصفة والقضاء على كل أشكال التمييز القائم على النوع . لكن مستوى الردّة الحقوقية والإجهاز على ما تحقق من مكتسبات لم يكن ليصل إلى قاع الانحدار لولا تواطؤ أحزاب الأغلبية البرلمانية ومكونات الائتلاف الحكومي التي يسّرت للبيجيدي فرض تشريعات تناقض ما تضمنه الدستور ، خاصة في ديباجته التي تقر بمنظومة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا ، وعلى رأسها الحق في الحياة . ذلك أن مشروع القانون الجنائي الذي صاغه مصطفى الرميد وزير العدل والحريات حينها والقيادي في البيجيدي يحرّض على قتل النساء (زوجات وأخوات وبنات وقريبات) بدافع الشرف ؛ بل يشرعن هذا القتل العمد بتخفيض العقوبة من الإعدام أو المؤبد إلى بضعة شهور . هكذا عطّل البيجيدي الديناميكية النضالية والحقوقية للنساء التي كانت تسير في اتجاه الارتقاء بالحقوق وبالأوضاع النسائية ، ليفرض على الحركة النسائية اتخاذ موقف الدفاع لتحصين المكتسبات . فالعقيدة الإيديولوجية للبيجيدي لا تسمح له بتبني منظومة حقوق الإنسان وترجمتها إلى سياسات عمومية ؛ لهذا يسعى إلى الانقضاض على المكتسبات والإجهاز عليها بكل السبل . فالحقوق التي لم يتمكن من العصف بها عطّل ترجمتها إلى تشريعات وقوانين تحميها وتكرّسها . فضلا عن مناهضته الشرسة لمطالب الحركة النسائية والحقوقية ، خاصة تلك المتعلقة برفع التجريم عن الإجهاض الإرادي والعلاقات الرضائية بين البالغين ، وهو التجريم الذي يتنافى مع حقوق الإنسان ومع الدستور والتزامات المغرب الدولية . فالحزب لا يكترث للمآسي النفسية والاجتماعية الناتجة عن منع وتجريم الإجهاض الذي يتم بمعدل يومي يفوق 800 عملية إجهاض سرية ( الانتحار ، الانحراف ، التشرد ، رمي الرضع في الأزقة والحاويات ، وفاة الأمهات ..). فقد جند البيجيدي كل قطاعاته الموازية لابتزاز الدولة والضغط عليها حتى لا تستجيب لمطالب الهيآت النسائية والحقوقية ، فجاء الفصل 453 من القانون يحصر الحالات المسموح لها بالإجهاض في ثلاث هي الحمل الناتج عن الاغتصاب أو زنا المحارم، والحالات التي تكون فيها الحامل مصابة بمرض من الأمراض المعتبرة في حكم الخلل العقلي، وحالات ثبوت إصابة الجنين بأمراض جينية حادة أو تشوهات خلقية خطيرة غير قابلة للعلاج وقت التشخيص، وعندما يشكل الحمل خطرًا على حياة الأم أو على صحتها. ومعلوم أن هذه الحالات التي تم تقنينها لا تمثل سوى 10 في المائة من الحالات المنتشرة في المجتمع، حسب الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري. إذن ،يفضل البيجيدي أن تواجه 90 في المائة من الفتيات والنساء المصير المشؤوم بدل تعديل القانون والأخذ بالمطالب التي رفعها ائتلاف "خارجة على القانون" وكذا بالمذكرة التي وجهها المجلس الوطني لحقوق الإنسان والتي توصي برفع التجريم عن الحريات الفردية.فكما يتجاهل البيجيدي مآسي ضحايا الإجهاض السري ، يتجاهل مآسي ومشاكل ضحايا تجريم العلاقات الرضائية (في عام 2016 ،لوحق 14503 أشخاص بسبب "الفساد" أي الجنس خارج الزواج) .ومن المبررات التي يقدمها البيجيدي لهذا الرفض وهذه المناهَضَة ، ما قاله مصطفى الرميد وزير حقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان من أن (العلاقات الرضائية والإجهاض والمثلية وغيرها، لا تلعثم فيها، هذا بلد إسلامي بمقتضى الدستور). ومادام السيد الرميد يتمترس خلف "الدولة الإسلامية" ، نحب أن نذكّره بواقعتين تعطلت أمامهما كل الأحكام الإسلامية ، ولعلهما تكونان عبرة للرميد وللبيجيدي.
الأولى وقعت في حياة الرسول (ص) حين جاءه صحابي يخبره أنه وجد شخصا يدعى "ماعز" يجامع امرأة في الخلاء ، فأجابه الرسول بجملته الخالدة "لو سترته بإزارك لكان خيرا لك" .
الثانية وقعت للخليفة عمر بن الخطاب (ر.ض) حين كان يتفقد ليلا أحوال الرعية ، فسمع أصوات رجل وامرأة تغني في بيت ، "فتسور عليه ، فوجد عنده امرأة ، وعنده خمرا ، فقال : يا عدو الله ، أظننت أن الله يسترك وأنت على معصيته ؟ فقال : وأنت يا أمير المؤمنين ، لا تعجل علي ، إن أكن عصيت الله واحدة ، فقد عصيتَ الله في ثلاث ، قال تعالى : ولا تجسسوا ، وقد تجسست ، وقال الله عز وجل : وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ، وقد تسوّرت علي ، ودخلت علي من ظهر البيت بغير إذن ، وقال الله عز وجل : لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ، فقد دخلت بغير سلام. فتركهما عمر وانصرف .
أما بخصوص التبرير بكون لا دولة إسلامية تبيح العلاقات الرضائية ، فأمام الرميد دولة تركيا التي يوليها حزبه الولاء المطلق ويفتح لها السوق المغربية لغزوها بالمنتوجات والبضائع دون قوانينها فيما يتعلق بالحريات الفردية والعلاقات الرضائية ، وهي التي كان عليه أن يقتبسها وهو يعدّ مشروع القانون الجنائي. وليستفد حزبه من تجربة الإمارات العربية المتحدة في رفع التجريم عن المساكنة بين الجنسين والعلاقات الرضائية .
لا غرابة إذن ، أن يكشف البيجيدي عن عدائه للمرأة ومناهضته لحقوقها . فحين طرحت حكومة الراحل عبد الرحمن اليوسفي مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية ، رفض البيجيدي بكل قوة اقتسام الممتلكات الزوجية بحجة أنه تشريع "لأكل أموال الناس بالباطل" حتى وإن كانت مساهمة الزوجة أكبر من مساهمة الزوج . بينما سينفضح عداؤه للنساء أكثر بمناهضته المساواة في الإرث والمطالبة بإلغاء نظام التعصيب خاصة في حالة وجود البنات دون الإخوة الذكور ليتحول الأعمام أو أبناؤهم عصبة يقتسمون التركة مع البنت عند وفاة الأب ، بحيث لم يعتبروا هذا الوضع "أكل أموال الناس بالباطل"، علما أنه لا توجد آية قرآنية تورّث الأعمام وفروعهم ولا حتى الجدّ. وبنفس الخلفية الاستغلالية يناهض البيجيدي تجريم تزويج القاصرات الذي صار شائعا (الترخيص لـ30 ألف طلب سنة 2016 و 25 ألف طلب سنة 2018) ويطالب بالإبقاء عليه في المدونة رغم المآسي الصحية والنفسية والاجتماعية التي يتسبب فيها . فكل المطالب النسائية والحقوقية بتعديل بعض بنود مدونة الأسرة حتى يتم تطويق ظاهرة الأمهات العازبات والأطفال المتخلى عنهم وذلك بإلحاق الأبناء بالآباء البيولوجيين تطبيقا لمبدأي المساواة وربط المسؤولية بالمحاسبة ، يناهضها البيجيدي.
لقد أثبتت التجربة الحكومية للبيجيدي على مدى عشر سنوات أنه يعتمد إستراتيجية خطيرة متعددة الأبعاد ، بحيث لا يكتفي بمناهضة تعديل القوانين التي لا تخدم مشروعه السياسي والمجتمعي ، ولا بوضع مشاريع قوانين أشد تطرفا (مشروع القانون الجنائي ) ، بل يتجاوزها إلى تعطيل الدستور ( لم يُخرج بعدُ هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز إلى الوجود ضدا على الدستور).
من هنا لا يمكن الرهان على حزب العدالة والتنمية للنهوض بأوضاع النساء ووضع تشريعات تضمن حقوقهن وتحارب كل أشكال العنف والتمييز ضدهن . فهو الحزب الذي لا يكفّ عن مناهضة مطالب النساء في المساواة والمناصفة والكرامة . وطالما ظل يرأس الحكومة فإن مسلسل الإجهاز على المكتسبات والحقوق سيتواصل.



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بَلْطَجَة عبد الإله بنكيران.
- مكْرُ البيجيديين يبُور.
- حركة 20 فبراير أو -لي حَرْثو الجمل دكّه- .
- حاجة إفريقيا لمساهمة المغرب في محاربة الإرهاب.
- لما يفقد حكام الجزائر صوابهم يشتد سُعارهم.
- فاجعة طنجة : من سيحاسب من ؟
- كوارث -كفاءات-البيجيدي في حق الشعب المغربي
- ألا إن البيجيديين هم المفسدون.
- هل فعلا يسعى PJDإلى النجاح في امتحان الوفاء للملك ؟
- الإرهاب يكتسح إفريقيا.
- قضاة يسيئون إلى الوطن وإلى القضاء.
- ماذا يستفيد الشعب المغربي من استئناف العلاقة مع إسرائيل؟
- لقد انفضحت خطط البيجيدي.
- الاتجار بآلام الفلسطينيين يحقق الثروات.
- هل سيستفيد الإسلاميون من الدرس ؟
- البيجيديون تائهون .
- مصالح الأوطان تتجاوز العقائد والعواطف .
- تقسيم الأدوار واللعبة واحدة لدى الإسلاميين .
- مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
- المساواة والمناصفة قيم يناهضها الإسلاميون.


المزيد.....




- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...
- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سعيد الكحل - الإجهاز على حقوق النساء في ظل حكومة البيجيدي.