أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفين اوسو - وطن نحمله بين طيات أحلامنا














المزيد.....

وطن نحمله بين طيات أحلامنا


أفين اوسو
(Avin Oso)


الحوار المتمدن-العدد: 6814 - 2021 / 2 / 14 - 00:10
المحور: الادب والفن
    


أنسدل نور الحياة على طفولتنا، ونحن الأجنة الذين ولدنا من رحم نساء كورديات. كنا بمثابة جدار فاصل بين حرب تدور رحاها بين حكومة تحاول جعلنا مسدساً معطوب الرأس وعائلتي التي تحشي أدمغتنا الفارغة ذخائر وطنية وتعلمنا خلسة لغتنا الأم.

خرجت للعالم في أول يوم مدرسي، وأنا أتدحرج بحماسي الصبياني، دخلت الصف وابتسامة عريضة تبهج وجهي. تعالت، واختلطت جعجعة الكلمات، ورحت أتخبط بين رموز اللغات.

جميعهم كانوا يتحرّكون كأمواج بشرية خاضعين لأوامر المعلمة، لكني الوحيدة بقيت جامدة الحواس، لغتها تقف عند مدخل رأسي يعجز ذهني على إدراك مقصدها، حاولت معلمتي بكل براعة تلقيني جملة عربية، لكن الفشل يحوم حولي، أعجز عن ترديدها، لم أسلم من نظرات السخرية لتعطيل محرك عقلي طيلة اليوم.

مضيت إلى البيت، ورأسي يترنح فوق كتفي، ذيل الخيبة يجرني، بنطالي مبلل لأني خشيت أن أستأذن دخول الحمام بلغتي، أعجز النطق بلغتهم الغريبة عني، أترنح بين الأزقة منتشية بكثبان من التساؤلات عن هذا الفاصل بين عالمين، أي خلل تسلل إلى جهازي العصبي وأجهض تواصلي مع المحيط؟

كنجمة تسللت سماء الوحدة، تاهت بين مصابيح الفلك، عجزت من إمساك النوم والصور القاتمة عن المدرسة كوابيس تهرس أحلامي.

صباح اليوم الثاني يدي الصغيرة متشبثة بما آتي من ضعف بذراع أمي ونحن في غرفة الإدارة. هتفت سيدة تجلس خلف مكتبها وهي تزمجر بنبرة صوتها الخشن
سيدتي:
- ابنتك لا تجيد اللغة العربية، مبهم كل مَن يحيط بها.
فلمَ تحاربون لقضية مستميتة وأطفالكم أولى الضحايا؟ ما الذي سيأتيكم نفعاً من لغة لا دولة لها ولا هوية؟

وقفت أمي كصمود سنبلة في وجه بطش المنجل وقلبها ينحب بالنبض، رزخت تحت لعنة كلماتها التي كانت كالقشة التي قضمت ظهر البعير، سقطت من علو صمودها الشاهق، اغتسلت أخاديد وجهها بالعبرات.

هكذا مضت سنواتي الدراسية أبلع الكلمات دون مضغها في عقلي، والفشل الدراسي يضرب بنعله جدار أحلامي.

أمي المناضلة نجحت في تسليحي، وزرع ألغام الوطنية بين مساماتي، رغم نظرات الكراهية لعرقي. تمسكت بلغتي، لم تعد سخرية الأصدقاء لركاكة تحدّثي بالعربية تحرجني، لم أتنازل يوماً عن الشريط الملون «أخضر، أحمر، وأصفر»، التي كادت تلتحم بمعصمي ألوان علمي، وقضية شعبي الكردي.



#أفين_اوسو (هاشتاغ)       Avin_Oso#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بارود... ولعنة زيتون
- نزيف الذاكرة
- مونولوج مع مرارة الرحيل
- فوارغ الرصاص


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفين اوسو - وطن نحمله بين طيات أحلامنا