أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العصا - وليم فوسكرجيان في -تتمة ما رويته لصديقيتي الغيمة-: شخصياته خليط من الواقع والفانتازيا.. ويدير الأحداث في مسار دائري!















المزيد.....

وليم فوسكرجيان في -تتمة ما رويته لصديقيتي الغيمة-: شخصياته خليط من الواقع والفانتازيا.. ويدير الأحداث في مسار دائري!


عزيز العصا

الحوار المتمدن-العدد: 6810 - 2021 / 2 / 9 - 09:46
المحور: الادب والفن
    


وليم فوسكرجيان في "تتمة ما رويته لصديقيتي الغيمة":
شخصياته خليط من الواقع والفانتازيا.. ويدير الأحداث في مسار دائري!



وليم فوسكرجيان؛ كاتب أرمني-فلسطيني ولد في فلسطين إبّان النكبة الفلسطينية، وفي أجوائها البائسة. كتب القصص القصيرة، وكتب في الأدب الوجداني، وفي جميع أعماله هناك نقمة على الاحتلالات وأعوانها ومريديها.
تعرفتُ على "فوسكرجيان" منذ خمس سنوات، من خلال كتاباته، فوجدتُه صاحب خط كتابي يتميز بالمشاكسة الأدبية، والخروج عن التقليد والمألوف. فقد كتب القصص القصيرة، وكتب في الأدب الوجداني. أما العمل الأدبي الذي نحن بصدده للكاتب "فوسكرجيان" فهو عمله الأخير عام (2020)، الموسوم بـ: "تتمة ما رويته لصديقتي الغيمة" –رواية- وهي من منشورات المؤلف نفسه بالتعاون مع منبر أدباء بلاد الشام في فلسطين،. الواقعة في (288) صفحة من القطع المتوسط.
قبل الدخول في تحليل هذا العمل الأدبيّ، أردتُ الإشارة إلى أنواع الرواية، فهناك من قسّم الرواية من حيث مضمونها، إلى: الرواية التحليلية (يبرز فيها جانب التحليل النفسي)، ورواية التجربة الذاتية (يتخذ الأديب من حالته وما صادف مادة أدبية، يصيغها في قالب روائي)، ورواية الطبقة الاجتماعية تهتم بقضايا المجتمع)، والرواية الذهنية (يقدم المؤلف فكرة ذهنية في قالب روائي)، والرواية التاريخية (تتخذ مادتها الأساسية من التاريخ)، ورواية التسلية والترفيه، والرواية التعليمية (يغلب فيها الطابع التعليمي على الطابع الفني)( ). وهناك تقسيم قائم على الجنس، وهو "رواية المرأة أو الرواية النسوية".

يُطلّ علينا "فوسكرجيان" بغلاف يحمل لوحة جميلة للفنان "فايز الحسني"، يبدو أنه رسمها وفق منهجية الفن التجريدي، بعد أن قرأ النص وتمكَّن منه، فأحاله إلى لوحة فنّيّة معبرة عنه؛ من خلال اختياره للألوان الحارّة (الدافئة) التي تطغى على اللوحة، فتتفوق في حضورها وكثافتها على الألوان الباردة. وأكاد أن أرى في هذه اللوحة مدينة "فوسكرجيان" الموصوفة في النص، وتقف على بابها حبيبته المسكونة بازدواجية الشخصية؛ فيمينها ناريّ ملتهب، وشمالها بارد، كما يبدو الضوء وقد أشرق على شمالها، ليبقى يمينها في حالة ظلمة دامسة.
بقراءة متمعنة لهذا العمل الأدبية، نجد أنفسنا، ووفق ما هو موصوف أعلاه من أقسام الرواية، أمام كاتب وجدانيّ، يكتب سرديّة تقع ضمن نوع رواية التجربة الذاتية؛ بطلها الكاتب نفسه، يستخدم فيها ضمير المتكلم، وقد جاءت بلغة فيها خروج عن المألوف في بعض تفاصيلها، كما جعل شخصياته خليط من البشر، وحبيبته الغيمة، وصديقته الوردة. وأما المكان فهو بلاد ما بين النهرين وأرض كنعان القديمة، ويطلق عليه "مدينتي"، ذات الطرق والأزقّة التي لا تعد ولا تحصى. والمدينة الأخرى التي تسكن فيها حبيبته؛ تقبع فوق الجبال البعيدة، وقد تحدثت عنها كتب الأقدمين (ص: 248).
تلمس من السرد الروائي أن البطل ناقمٌ على واقعه، الذي ينقسم فيه المجتمع بين قسمين: أما القسم الأول، وهم الأغلبية الساحقة من الناس الغلابى، الذين يعانون الفقر والفاقة ولا ينعمون بالراحة، ويرى البطل أنه صورة حية تعبر عن كل واحد منهم. وأما القسم الثاني، فهم القلّة القليلة، التي تصطف مع الحاكم؛ من المخبرين، والجلّادين، الذين يرتدون ما لا يرتديه أهل المدين، وعصيّهم وبنادقهم تمسك بها أيديهم الخشنة" (ص: 86)، وجنود الشوارع الذين يباغتون الحافلات ويداهمونها فجأة؛ فيعطلون الغلابى عن أعمالهم ويبالغون في إهانتهم وإذلالهم. ويضيف خصمًا آخر يطلق عليه "رجال الآخرة".
وفي تفاصيل السرد، نجد المدينة بغرفها الصغيرة وشبابيكها الضيقة التي تشكّل ملاذه كلّما اضيقّت الدنيا في وجهه، وحاصره مخبرو الحاكم وأعوانه. هذه المدينة التي لا يقطنها الحاكم؛ فهي للفقراء والمعدمين، فسكّانها يلوكون الخبز الناشف بلا نكهة، والحيوانات فيها، من كلاب وقطط وغيرها، تتضور جوعًا. وينتشر في طرقات المدينة وأزقتها "رجال الشرطة، بأعينهم الجاحظة، وعصيّهم السافلة" (ص: 66).
وضمن سياق النص المشاكس، أغرق "فوسكرجيان" السرد بوصف الزمن الطويل جدَّا، كقوله: "عمود الكهرباء المزروع في صدري منذ أكثر من ألف عام وعام" (ص: 52)، وصاحب المقهى الذي أرتاده منذ قرون وقرون (ص: 65). وأنسنة "الغيمة البيضاء"، و"الوردة السوداء المخملية"، التي طرق بابها الخشبيّ ففتحت له بعد أعوام وأعوام (ص: 53)، و"عمود الكهرباء" و"الغرفة، بخمسة جدران، وذات الباب الخشبي" و"الشباك"، وأنسنة الحيوانات كالعصافير، والقطط والكلاب، و"الديك" الذي اعتقلوه سبعة عشر مرة (ص: 63). والطرقات تنهال على باب غرفته (ص: 249)، و"أعمدة الكهرباء تمضغ لفافات تبغ من النوع الرخيص جدًّا" (ص: 250).
أما البطل، فهو في حالة فقر دائم، ولا يدري ماذا يعمل غدا (ص: 88)، وفي معظم وقته "لا يعرف النوم ولا يغمض له جفن" (ص: 113)، "أنتعل حذائي الذي يلتصق بقدمي منذ ولادتي" (ص: 227). وقد بدأ بالسرد وانتهى منه وهو "ملاحق من البقال السافل والساقط، والساقط والسافل، ومن بائع الخبز" (ص: 245).
ووسط حزن المدينة، ورغم ضوضائها الصاخة، يختلس البطل، بين الحين والآخر، لحظات يقابل فيها حبيبته، فينظر في عينيها الهادئتين والوالهتين (ص: 81). كما تمر به لحظات "يجتاح فيه الجوع جسده؛ فيشتري رغيف خبز، وقطعة جبن، ذات لون شديد الصفرة، يتناولها بنهم" (ص: 85). وأما مصير هذا الحبّ فإنه "بعد ألف عام (....) تطلب منه حبيبته أن يزيل اسمها من كل كتبه ودفاتره، وطلبت من شيخ المدينة أن يجعل جبالًا ووديانًا وأنهارًا بين منزل (المحبوب السابق) ومنزلها" (ص: 274).
ختامًا،
كنا مع سرد روائيّ مكتظّ بالأحداث التي ساقها الكاتب، على شكل خليط من الواقعيّة والفانتازيا، التي تجري في مدينة افتراضية يقطنها هو، والتي تعجّ بشرطة احتلالية يُستعمل فيها عملة الشيقل، وفيها قاضٍ يشتمه بالعبرية (ص: 279)، ومدينة أخرى تقطنها حبيبته. وقد جاءت اللغة متوترة، كأن يقول: "أغلقنا أفواهنا وأنوفنا، وأنوفنا أفواهنا للمرّة الألف بعد المائة" (ص: 265). يرى البطل أن مأساة المدينة، ومصدر إفقار أهلها، هو الحاكم الغريب عنها (الاحتلال) ورجاله الشرسين، الذين يعاملون الناس بصفاقة وبلا خلق.
لقد بقي البطل يدور في مسار دائري؛ كلما غادر مأساة عاد إليها، وكلما اعتقد أن غدا أفضل، عاد إلى أمسه البائس. وعندما حاول أن يخفي على حبيبته أن هناك امرأة معلقة على جدران قلبه، ولعلها الفقيدة زوجته التي يبدو أن روايته هذه موجّهة لها، وتخليدًا لذكراها، ووفاء لها، كان ما كان من نهاية تراجيدية من جانبها، وتمسّك بالحبّ من جانبه هو.
إنه نصّ غير تقليدي، مختلف في طريقة أدائه، وإن كان بين ثناياه رفض للظلم، والقهر، وامتهان النفس البشرية من جانب الحاكم الظالم وأجهزته القمعية.
فلسطين، بيت لحم، العبيدية
04 كانون الأول، 2020م



#عزيز_العصا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيخ د. عكرمة صبري في كتابه -حقنا في فلسطين- حقّنا في فلسطي ...
- عبد الغني سلامة في مجموعته القصصية -أساطير الأولين-: يتجول ب ...
- الدكتور عادل منّاع في كتابه -نكبة وبقاء-: يكشف عن المذابح -ب ...
- فهمي الأنصاري المقدسي: مؤرخ وباحث ومكتبي يغادرنا وفي حلقه غص ...
- بين إبراهيم (عليه السلام) ومحمد (صلى الله عليه وسلم) رابط إي ...
- في كتاب -ترتيبات الوضع القائم في كنيسة القيامة-، لمؤلفه سايم ...
- أسامة الأشقر يوثّق لعذابات الأسرى
- حسام شاهين في نصوصه -رسائل إلى قمر- يفكّر.. يتفلسف.. ويكتب س ...
- جميل السلحوت في روايته -المطلقة-: ثيمة روائية إبداعية.. وحلو ...
- جميل السلحوت في روايته -زمن وضحة-: المرأة تظلم المرأة..
- في كتابه -إسرائيل الأبارتهايدية -وجذورها في الصهيونية السياس ...
- في كتابه -بين الوطن والمنفى: من يافا بدأ المشوار-: شفيق الحو ...
- في الذكرى السابعة والعشرين لإعلانها: الدولة الفلسطينية.. من ...
- في الذكرى الحادية عشرة لاستشهاده: -ياسر عرفات- وجدلية العلاق ...
- في الذكرى -98- لوعد بلفور: الوطن القومي مضطرب.. والشعب الفلس ...
- مجدي الشوملي في -ربيع 68-: الكبار يذكرون.. واليافعون يسجّلون ...
- في الذكرى -828- لتحريره القدس: صلاح الدين -ومضة- شقت ظلمة ال ...
- سميح غنادري في كتابه -المهد العربي-: الخلافة تتأرجح في تعامل ...
- سميح غنادري في كتابه -المهد العربي-: المسيحية نبتة شرقية أصل ...
- في الذكرى -33- لمذبحة صبرا وشاتيلا: أَلَمٌ يتجدد.. وواقع يشي ...


المزيد.....




- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العصا - وليم فوسكرجيان في -تتمة ما رويته لصديقيتي الغيمة-: شخصياته خليط من الواقع والفانتازيا.. ويدير الأحداث في مسار دائري!