أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وائل سعدي - عالم من زجاج














المزيد.....

عالم من زجاج


وائل سعدي

الحوار المتمدن-العدد: 6806 - 2021 / 2 / 4 - 23:52
المحور: الادب والفن
    


فوق سماء المدينة الزجاجية الاضواء تتوهج وانا اطوف في ارجائها شعرت اني قادم من عصر سحيق الى المستقبل البشر هنا لا يشبهون قومي ، المكان هنا محشور بإنارة عالية وامواج من البشر حاملين صورهم ويتلاطمون للوصول الى الساحة الزجاجية، حيث النساء المغطاة وجوههن بالالوان الغامقة وملابسهن الشفافة و إنارة الاضوية لتفسح مساحة من اجسادهن ، يلامسهن النور فضج المكان بمهرجان من الالوان ، وتدافع الشباب وهم ممسكين بصورهم الدبقة بعد أن احتل عرق اجسادهم قطعة كبيرة من صورهم اخذوا يمسحونها، كانت الساحة هي المنفذ الوحيد لانفسهم التي كساها الزمن بالغبار والدخان ، جلست على رصيف ضوئي حامل صورتي، أسير الامكنة التي خذلتني، ونساني العالم ، تجمدت في مكاني ، الأسير لا يحلم إلا بمساحة يمدد نفسه فيها ، او قطعة ضوئية تحرر فيها العين من الظلام الذي لفها ، أو يد تتحرك في اتجاهات بعيدة ، توسلت لقدماي ان تغوص وسط الحشد الملون ، رفض جسدي الاسير المحتجز منذ سنوات ، تسمرت في مكاني اراقب الناس و القباب الزجاجية ، و الحشد الذي تغير لون وجوههم من صفراء الى زرقاء، كانت المرايا التي تغلف أركان المكان كطيف لا تظهر ملامح الناس بل صورهم المؤطرة ، جائتني امرأة خضراء كانما هاربة من علبة الوان ، وهي تتلمس شعرها الرمادي ، ظننت انني رأيت اخضرار ربما هو ارتباك في التداخل الضوئي لشبكية عيني ، قالت لماذا تحدق بنا في خمول ، لكل الناس الوان وصور ووجهك الان اصبح أحمراً ، قلت منذ متى وانا هنا ، قالت منذ قررت ان تصبح مرئياً، باتت رسوم ملامحك حمراء وكنت عديم اللون ، قلت اشتاق لوجهي المكتظ بقبلات الاخرين ، وكف عمي الذي طالما طبع راحة يده على خدي ، قالت ربما اثر الصفعات حول وجهك احمرا وليس اشتباك في الضوء ، واردفت ربما عليك تنظيم هذا الاشتياقات الجزئية ، انت تتحطم هكذا ، حين اشتقت الى انفي قبل يومين كنت مصابة بالانفلونزا ، وقبلها اشتقت الى لساني حين طمرت أذني ، ماذا يحدث فجأة حين تشتاق الى نفسك ؟ قلت بخفوت لا اعرف ، حدقت الى سقف القباب قلت لها، القباب لها هندسة وجمال انظري الى هذا القبة خالية من عش للطيور ، وخط عربي ، وتصميم انيق ورائحة ماضي عتيق ، قالت لماذا روائح الاشياء الطبيعة تشكل لك هذا الهاجس المرضي، خلق البشر هذا الاستهلاك للهروب من طبيعة الاشياء المادية، نحن اسرى البدايات الطبيعية ، قاطعتها قلت ، الحياة لحظة تغتال لحظة فنتوهم أن للوجود زمن يمكن القبض عليه واستيعابه، نحن نزداد صراعا للبقاء او الى الازل ، بينما تكمن الابدية في ما نخزنه من لحظات نخبئها معنا من طريق مشينا به يوما أو من طعام استطعمناه ، من يد رحمية بنا ، نحمل رائحة نطمرها في جوف قلوبنا، نطلق عنانها كلما رن جرس باب ذاكرتنا ، انا احب خبز امي، وأي خبز احن اليه، ذلك المختوم باصابع امي ، رائحة الخبز الموجعة تولد في داخلي جوع اللهفة والذاكرة قبل جوع المعدة ، الذاكرة تستعيدنا لا نستعيدها، باجواء من حرارة الخشب وظهيرة الشمس ، نظرت الي بسخرية وهي تتفرس فطيرة، وقالت لا تشكل لي القطعة اي معنى طالما صورتي واطارها اكتست بالحلي واللمعان، ونهضت ودعتني ، بقيت متسمرا في مكاني شاحب الوجه كشحوب حياتي ، تقدما قبالتي رجلان وطلبا مني الرحيل، الحشد يخشى وجودك كمراقب متطفل على زمانهم ، تم سحب صورتي مني من قبل امن الاستعلامات ، غذيت خطواتي خارج المدينة الزجاجية واطلقت تنهيدة آه آه وتلاها نحيب متلاطم صعد الى السماء حالما لمحت في الفناء جدار مهدد بالسقوط ونوافذ مسح عليها الزمان الوانه غذيت قدماي السير وانا انظر الى الشارع الشاهد على اقدام الراحلين وما تبقى من القادمين .



#وائل_سعدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذاكرة - قصة قصيرة


المزيد.....




- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- وصمة الدم... لا الطُهر قصة قصيرة من الأدب النسوي
- حي المِسكيّة الدمشقي عبق الورق وأوجاع الحاضر
- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...
- أزمة فيلم -أحمد وأحمد-.. الأكشن السهل والكوميديا المتكررة
- بي بي سي أمام أزمتي -والاس- و-وثائقي غزة-... هل تنجح في تجاو ...
- من هم دروز سوريا؟ وما الذي ينتظرهم؟


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وائل سعدي - عالم من زجاج