أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ابتهال الخطيب - نحن النسرات














المزيد.....

نحن النسرات


ابتهال الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 6789 - 2021 / 1 / 16 - 11:24
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


«أتمنى على بنات جنسي أن يعذرنني إذا ما عاملتهن على أنهن مخلوقات عقلانية عوضاً عن تملق محاسنهن الخلابة، والنظر إليهن على أنهن في حالة طفولة دائمة، غير قادرات على الوقوف بمفردهن. بكل صدق، أود أن أوضح موقع الكرامة الحقيقية والسعادة الإنسانية، أود أن أقنع النساء بأن يسعين للحصول على القوة، لكلا العقل والجسد، وأقنعهن بأن العبارات الناعمة: تأثر القلب، رقة المشاعر، ورفعة الذوق، هي تقريباً مترادفة وصفات ضعف، وأن هذه الكائنات التي هي فقط موضع للشفقة، وهذا النوع من الحب الذي هو ملازم للشفقة، سرعان ما ستصبح موضع ازدراء». ماري وولستونكرافت-الترجمة لي.
ماري وولستونكرافت هي إحدى أهم النسويات الغربيات اللواتي ظهرن على الساحة بقوة إبان القرن الثامن عشر. ولقد كانت وولستونكرافت صوتاً قوياً مستغرباً، خارجاً عن مألوف الخطاب النسوي المقبول في ذلك الوقت، إن كان الخطاب النسوي مقبولاً أصلاً. ورغم جرأتها وصلابة آرائها بل واتخاذها مواقف قوية ناقدة تجاه مؤسسات اعتبرتها هي مؤسسات ذكورية شوفينية بحتة، مثل مؤسسة الزواج على سبيل المثال، إلا أنها وصنواتها من نسويات قرون ما بعد النهضة، لم يكن لديهن من اختيار سوى تخفيف اللغة أحياناً وتملق الرأي الذكوري أحايين أخرى، ومخاطبة مصالح الرجل والمجتمع حين المجادلة من أجل حقوق النساء وأمنهن وحرياتهن أحايين أخرى وأخرى. كريستين دو بيزان ذَكَّرت الرجال في كتاباتها مثلاً أن تعليم النساء سيوفر لهن زوجات وأمهات أفضل، وكذا فعلت الكثير من النسويات حين أشرن إلى أن حصول المرأة على حقوقها، وبالأخص الحق في التعليم، سيصنع منهن كائنات أكثر أخلاقية، وبالتالي أكثر رقياً وأكثر فائدة للمجتمع ورجاله.
كان خطاب وولستونكرافت أكثر قوة من سابقاتها، إلا أنه كان لها آراء حول فروقات بين النساء والرجال ما عادت مقبولة في الفكر المعاصر، فهناك أنواع معينة مثلاً من الرياضة أو الأنشطة البدنية التي ارتأت وولستنكرافت أنها لربما تكون أنشطة ذكورية قد لا تتناسب وأنوثة المرأة، وهو الخطاب الذي بات قديماً لا مساحة فكرية له إلا في عالمنا الشرق أوسطي الخاوية معظم مساحاته الفكرية، عدا في أطرافها البعيدة التي تتجمد فيها الأفكار التراثية الغابرة كالغبار اللزج في الزوايا الحادة للحوائط القديمة. ورغم أن الخطاب النسوي الثوري لوولستونكرافت يعتبر قديماً في العالم الغربي المعاصر الذي تنتمي هي لحضارته القديمة، إلا أنه لا يزال ذا صلة قوية بعالمنا الذي خلفه قطار الفكر والحقوق. لا يزال نداؤها لبنات جنسها مهماً، لا يزال نصحها لهن مطلوباً، فالزمن خلف عدداً كبيراً من المحبوسات في ثقافات غابرة في الماضي خلفه، حيث لا تزال الكثيرات من بنات جنسنا يعتقدن بأن هناك قيمة حقيقية للضعف والتهافت العاطفي، غير واعيات لتأثير هذا السلوك على تقييمهن الإنساني العام.
من بنات جنسنا من تضطرهن ظروفهن لاعتماد الطرق الدائرية والأساليب الملتوية لتحقيق بعض من أهدافهن. في الأغلب، تكون القوى الذكورية الشوفينية في مجتمعاتنا على درجة من القوة والتحكم حتى لتصل لحد تهديد الراحة والأمن والحياة بحد ذاتها، وذلك ما يدفع ببعض النساء لاستخدام المحاسن الشكلية واستغلال «الضعف الأنوثي» لتحقيق الأهداف أو حتى لضمان شيء من الأمن في حياتهن. علمتنا الحياة كلنا، على اختلاف محيطاتنا، ألا نكون مباشرات، ألا نذهب لأهدافنا في خط مستقيم، وألا نخاطب أفكارنا بشكل واضح وقوي، ومن تفعل تصبح «نسرة» كما باللفظة الخليجية، نسبة لطائر النسر القوي العنيف، فاقدة لأنوثتها ورقتها.
ومن بنات جنسنا من لا يزلن يعتقدن أن المبالغة في ترقق السلوك وتنعيم الألفاظ وتغنج التصرف هي كلها مما يزيد من «قوة» أنوثتهن، في حين أن وولستونكرافت، ومنذ ما يزيد عن الأربعمئة سنة مضت، حذرت من أن هذه الصفات هي مرادفات «الضعف» وأن قوة العقل والجسد يفترض أن تكون هي الهدف، ذلك أن الاستمرار في استدرار الشفقة، سواء بالتغنج أو إظهار الضعف، لن يؤدي سوى لاستدرار «الازدراء». هذا الازدراء هو الذي لا يزال واضحاً كأسلوب تعامل مع نساء عالمنا العربي، وهو ازدراء خلقته الرؤية المجتمعية للمرأة، والعادات والتقاليد الذكورية الشوفينية، والنظرة العرقية الجاهلة (من حيث إن الرجال هم ناقلو السلالة لا النساء) وكذلك السلوك النسائي الاستضعافي المتمسكن. نعم، هو سلوك تبنته النساء كوسيلة للبقاء على قيد الحياة، إلا أنه استمر مطولاً حتى التصق بجنسنا وساهم في خلق الرؤية المزدرية لفكرنا وسلوكنا.
حان الوقت لأن نسعى للقوة الجسدية والعقلية، وأن نمشي في خطوط مستقيمة لا ملتوية، نفتخر ونفاخر بالقوة والوضوح ولا نخجل من المباشرة، أن نضع رغباتنا ومتطلباتنا ومعاناتنا في كلمات واضحة مباشرة، لا تعابير متملقة لعالم الرجال ومختفية خلف مديحهم. لن تعدل حيواتنا وتقل معاناتنا وتمتد أيادي العدالة إلى أقدارنا إلا حين نعبر بمباشرة ووضوح، حين نضع أسماء لقضايانا وحين نمشي دروب حيواتنا في خطوط واضحة. رقة المشاعر والقلب والسلوك جميلة حين تكون طبيعية وفي موقعها، لا حين تكون مفتعلة كأسلوب معالجة لمشاكل إنسانية عظيمة. علينا بقوة أجسادنا وأفكارنا، لا عاصم لنا في هذه الدنيا الذكورية سوى قوانا. لنصبح «نسرات» نفرد أجنحتنا ونطير.



#ابتهال_الخطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “حياة النساء مهمة”
- لن أكون ملاكا


المزيد.....




- ألمانيا تلقي القبض على ليبي متهم باغتصاب وتعذيب معتقلات في س ...
- رصدتهما الكاميرا متعانقين.. امرأة تغطي وجهها والرجل يختبئ في ...
- كاميرا في حفل كولد بلاي تضع رجلا وامرأة في ورطة
- حصان يتسبب بمقتل امرأة اثناء عملها
- رئيس تجمع العشائر يتحدث عن مجازر وقطع رؤوس واغتصاب بالسويداء ...
- حيوية في التسعينيات من العمر.. ما سرّ تمتع هذه المرأة بالنشا ...
- رسم -شعر عانة- لامرأة عارية وتوقيع ترامب برسالة عيد ميلاد جي ...
- “هام وعاجل” Link التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الجزائر 2 ...
- “سجلي بسرعة الآن” خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في ال ...
- “800 دينار بعد الزيادة” التسجيل في منحة المرأة الماكثة في ال ...


المزيد.....

- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ابتهال الخطيب - نحن النسرات