|
فلسطينيو 48: العنف ووهم المناورات البرلمانية
زاهر بولس
الحوار المتمدن-العدد: 6763 - 2020 / 12 / 17 - 23:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما كان يحدّد اللآتي إن المحفّز لكتابة هذا المقال السجال الدائر في الإعلام العربي والعبري ووسائل التواصل الاجتماعي، ما بين أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة (جبهة)، والدكتور منصور عبّاس رئيس القائمة الموحّدة في إطار القائمة المشتركة، حيث اتَّهم عودة عبّاس بتقاربه من اليمين "الإسرائيلي" وزعيمه بنيامين نتنياهو، ورؤية عبّاس بأن اليسار "الإسرائيلي" خذل العرب مرارًا، وعلى البرلمانيين العرب ألّا يكونوا في جيب أحد من أجل توسيع هامش المناورة وتحصيل انجازات للعرب في دولة الكيان، داعيًا هذا التوجّه بالتوجّه الجديد، رغم أنه تجديد لنهج قديم، والفرصة الأخيرة للحفاظ على القائمة المشتركة. وإن كنت أتّفق مع الدكتور منصور عبّاس في عدم المفاضلة ما بين يمين ويسار الحركة الصهيونيّة في عدائها لنا، إلّا اني لا اتفق معه في استنتاجه الخاطئ في خوض مغامرة المناورة المدمّرة ما بينهما، فالنتيجة معلومة مسبقّا، ألا وهي العودة إلى المربّع الأول بخُفّي حُنين. والتوصية على بيني جانتس التي قادها عودة، كالمناورة مع بيبي نتنياهو، لن يتأتّى منها إلا بالضرر على الجماهير العربيّة، وفيها سحق لجاهزيتها النضالية، المتآكلة أصلًا، ضد دولة كيان يعاديها وتعاديه، ما بين دولة غاصبة وما بين أصحاب حق مطلق على الأرض وما عليها. البديل الممكن والصحيح هو تقوية وتمكين أحزابنا ميدانيًا، تحت سقف لجنة متابعة قضايا الجماهير العربيّة، ليس بأدائها الحالي، بل يجب الارتقاء بها لتشكّل جزءًا من منظّومة جامعة للهمّ الفلسطيني، وتعبئة الجماهير وعيويًا من أجل رفع جاهزيتها النضالية لتحقيق مطالبها على المدى البعيد، وهو درب الانجازات الوحيد الممكن، وهذا ما أكّدته تجربة عشرات السنين من النضال، وتجارب الشعوب الأخرى. وما قضيّة معالجة السجال حول العنف إلّا نموذجًا يمثّل معظم القضايا ان لم يكن جميعها في أعماق رؤيا التفكير. (1) ما كان يُحدّد الآتي كيف نضع كلّ الأمور جانبًا، ونبدأ، وكأن شيئًا لم يكن! ما كان يحدّد الآتي. إن مواجهتنا لمشاريع الحركة الصهيونيّة على مدى عقود منذ تأسيسها، لرؤيتنا بها نتاج لفكر استعماري رأسمالي استكباري اوروبي أبيض، تلقفته الولايات المتحدة فيما بعد، يشي بأن التطهير العرقي للفلسطينيين وإجلائهم عن أرض الوطن هو المحور الذي تدور حوله رحى الحروب. ولا تزال هذه الحركة تتربّص بأي ظرف دولي مؤاتٍ لتمرير المزيد ثم المزيد من مشروعها التهجيري، وإلى أن تسنح الفرص يتم التضييق علينا في كافة مواقع تواجدنا وفي كافة مناحي الحياة، فيهاجر منّا من يهاجر طوعًا، وتُستهدف هويّة من تبقّى بإلهائِهم بالركض وراء لقمة العيش، والاقتتال الداخلي، وتشويه الذات، وخفض المعنويات وتحطيم اي ايمان بجدوى المقاومة او الرفض، من أجل القبول بحال فوضى مجتمعيّة قاتلة. (2) ما كان يُحدّد الآتي أحاول أن أتوجّه إلى جيل الشباب، فعفوًا إذا ما ذكرت أحداثًا تاريخيّة معروفة للكُثر، حتّى أصل إلى صُلب الفكرة. في التاسع من شهر نيسان عام 1948، وقعت مذبحة دير ياسين، على يد عصابتين من القتلة الصهاينة، إرچون وشتيرن. دير ياسين قرية فلسطينيّة تقع غربي القدس، وهذه المذبحة ارعبت العديد من الفلسطينيين الوادعين في قراهم، ففرّ على إثرها العديد، لحين وصول الجيوش العربيّة، على أمل العودة، ولا زالوا على العهد. المذابح استراتيجية يتّبعها الصهاينة من أجل إدخال الرعب في النفوس، فيستشهد من يستشهد، ويهرب من يهرب تهيئة لهدم القرى في معظم الحالات. والأهم أن هذه المذبحة وقعت بعد أسبوعين من توقيع معاهدة سلام، طلبها رؤساء المستوطنات اليهودية الصهيونيّة المجاورة، ووافق عليها أهالي قرية دير ياسين. وراح ضحية هذه المذبحة أعداد كبيرة من السكان لهذه القرية من الأطفال، وكبار السن والنساء والشباب. اليهود الصهاينة لم يحفظوا العهود، ولن يحفظوها إلا إذا ردعتهم قوّة، وهذا ما جال في خاطري عندما احتفل قادة القائمة المشتركة في برلمان منفّذي المذابح، الكنيست، عندما بشّرونا متوهّمين بتجميد قانون كامينتس، قلت: هي أيّام وتبدأ جرّافاتهم بهدم بيوتنا. لقد أسأتُ الظنّ بظنّي! لم يمهلونا أيّامًا بل يومين وبدأوا بالهدم.. فكيف احتفل قادة المشتركة بالإنجاز العظيم ودون استثناء؟! (3|1) ما كان يحدّد الآتي لجنة مكافحة العنف، وحروب الأفيون: حربان، سمِّيتا بحربَي الأفيون، اندلعتا ما بين الصين الامبراطورية، المحكومة انذاك من قبل سلالة تشينغ، وبريطانيا. وفي الثانية، انضمت فرنسا إلى جانب بريطانيا. وكان السبب هو محاولة الصين الحد من زراعة الأفيون واستيراده، مما حدا ببريطانيا ان تقف في وجهها بسبب الأرباح الكبيرة التي كانت تجنيها بريطانيا من تجارة الأفيون في الصين، تحت ذريعة حريّة التجارة العالميّة. قامت حرب الأفيون الأولى بين عامي 1840-1842 م، وكان من نتائجها أن أصبحت هونغ كونغ مستعمرة بريطانية، والثانية بين عامي 1856-1860 م، ارتُكبت في هذه الحروب مجازر وحشية من قِبَل بريطانيا وحليفتها، حيث خالفتا فيها كل القيم البشرية، وعملتا على نشر تعاطي الأفيون بين أفراد الشعب الصيني بقوّة السلاح، واستمر هذا الداء مستشريًا في الصين حتى مطلع القرن العشرين حتى قضي على تعاطيه نهائيًا في عهد ماو تسي تونغ. لا يوجد احتلال أخلاقي حضاري واحتلال اجرامي، فالاحتلال هو احتلال، يبيح لنفسه كل الموبقات الممكنة ضد الشعب الذي يقع تحت نيره. ولا يوجد احتلال اخلاقي حضاري في مناطق فلسطين التي احتُلّت عام 48، واحتلال اجرامي في الضفة والقطاع، فهذا يتماهى مع ذاك بأساليب مختلفة أحيانًا. ومن يفصل ما بين هذا وذاك لديه شَوْهَة في التبصُّر. الاحتلال الإسرائيلي يبيح لنفسه الموبقات والجرائم والقمع ضد الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم. وليس لنا أن ننسى أن الاحتلال الإسرائيلي هو ربيب الاستعمار البريطاني واستمراريته على أرض فلسطين. (3|2) ما كان يحدّد الآتي لجنة مكافحة العنف، وحروب الأفيون: نحن لسنا بحاجة الى معطيات واردة من مراكز أبحاث حتّى نتلمّس التسهيلات في تهريب وتوزيع المخدّرات بين شبابنا وشابّاتنا في مدننا وقرانا الفلسطينيّة، في القدس كما في الخليل كما في الناصرة كما في رام الله كما في حيفا كما في ام الفحم كما في يافا كما في رهط كما في أي مكان، على مرأى من رجالات شرطتهم. إنّه قرار الدولة العميقة للإحتلال. كما فعلتا كل من بريطانيا وفرنسا في الصين لإخضاعها وإخضاع تجارتها نحو ميزان ايجابي لصالحهما، ولم تنته إلا بالحرب، وأكرّر، لم تنته إلا بقوّة رادعة، بالحرب. وتفشّي المخدّرات بين الفلسطينيين ظاهرة احتلاليّة مبرمجة، وتعتبره الدولة العميقة في الكيان الصهيوني احد أهم انجازاتها، والعنف الداخلي، من أجل ضرب جاهزيّتنا الكفاحيّة النضاليّة. كيف يصبح من الممكن التوجّه إلى مسبّب ظاهرة تفشّي المخدّرات، الحكومة، والتي يرأسها نتانياهو، وشرطة الكيان كي يطرح حلولًا لآفة هو مسبّبها بالعمد! وكيف لا نتوقّع حلولًا مريبة في السياق! وكيف لا نتوقّع منهم توريط شبابنا بالاندماج في جهازهم الأمني والشُرَطي، ولنا ببعض من قاد الكفاح المسلّح كيف تم تتطويعه بالمال، فحوّل المسلّح الفلسطيني من فدائي يحمل روحه على كفّه إلى منسّق أمني يحرس أمن عدوّه ومستوطناته، ولا يستطيع ان يتخلّص من قيوده! والأهم، لا يمكنكم اطلاق توصيف نهج رؤية الحل بيد الحكومة بأنّه نهج جديد، أنه نهج جديد قديم مُجَرَّب على عدّة أصعدة، وخاسر. (4|1) ما كان يحدّد الآتي كُتِب هذا المنشور القصير حين روّجت القائمة المشتركة أنها قادرة على القضاء على العنف من خلال دعم جانتس ليصبح رئيسًا للوزراء مقابل تلقي وعدًا منه بذلك، فما كان منه إلّا أن ارتمى في حضن نتنياهو وتبدّد حلم قيادة المشتركة، فما بالكم الآن بالتوجّه الى نتنياهو بنفسه، حلم آخر وسيتبدّد.. 2.10.2019 من ينتظر السيطرة على العنف والتقليل منه بين الفلسطينيين العرب في الداخل الفلسطيني من خلال تغيير حكومة [اسرائيل] واستبدال نتنياهو بجانتس، ليس فقط بمخطئ بل يتعدّاه ليغرق في حيّز السذاجة السياسية! ان العنف والجريمة المنظّمة وما يتعلق بها من تجارة للسلاح وتجارة المخدرات وتصيّد الناس في شباك الديون وقروض السوق السوداء ذات الفائدة الكفيلة بعدم تمكّن العالق في شباكها من التخلص منها الا مقتولًا او منتحرًا ما هي الا تضافر ثلاثة قوى تحرّكها الدولة العميقة وهي: 1- تقاعس الشرطة [الإسرائيليّة], وحمايتها لمجرمي رسل الدولة العميقة. 2- منظمات الجريمة المنظمة، وقسم لا بأس به من اعضائها خدم في صفوف الجيش [الإسرائيلي] او سلك شرطتها او مخابراتها. 3- البنوك [الإسرائيليّة] التي تبيع المعلومات حول وضع زبائنها الاقتصادي، بعد ان تدمّرهم، مما يجعلهم فريسة سائغة لقروض السوق السوداء، مما يجعلنا نشك بان البنوك هي مموّل سرّي اساسي لهذه القروض. وهنا سأتجاهل عمدًا دور المؤسسات الصحيّة كأدوات سيطرة، وأداة إبادة شعب طويلة الأمد. وسأتجاهل دور مؤسسات المعارف كأداة سيطرة على الوعي من خلال المدارس متدنّية المستوى. إن الحرب ضد العنف وتجليّاته لدي فلسطينيي الداخل هو بالضرورة حرب ضد دولة الكيان العميقة، وأعمق، انها حرب ضد الاحتلال الاستيطاني الصهيوني الزاحف. والفصل القسري ما بين الاحتلالي العسكري والمدني وَهْم في رؤوس قيادات منتخّبة عاجزة عن النهوض بمهامها التاريخيّة! (4|2) ما كان يحدّد الآتي لقد قسّمت الدولة العميقة "الإسرائيليّة" النفوذ بين تنظيمات الاجرام، وهم من الخارجين على القانون تم تجنيدهم بإمرة ضبّاط جيش عرب مسرّحين ومن عناصر المخابرات والشرطة ممّن انهوا خدمتهم او طُردوا منها لسبب او لآخر، فتم تأليف كتائب عسكرية اجرامية مزوّدة بأحدث الأسلحة المتطوّرة التي يستعملها الجيش "الإسرائيلي". وسمحت لهم بجني الأرباح الطائلة من خلال جمع ضريبة الخاوة وإغراق الناس بديون ذات فائدة عالية خيالية تستعبد المقترض، والسيطرة على تجارة المخدرات وتجارة السلاح، والتي باعترافها يأتي من مخازنها، حتى وبدأت أيضًا تسيطر على العقارات والمحال التجارية مباشرة! للتنظيمات الاجرامية كتائب مسلّحة تتدرب بشكل دوري، وقواعد/ حيّز للتدرّب. انها بنية عسكرية واضحة المعالم. وما الهدف المستتر؟ اذا ما راقبتم وسائل التواصل الاجتماعي ستسبرون رأسًا عمق الفكرة. الآباء والامهات يخافون على اطفالهم وشبابهم وصباياهم من هذا الجحيم. فالبعض يفكر بالهجرة، وهو المطلوب لدى مخطِّطي استراتيجيات الدولة العميقة، او انخراط البعض في صفوف جيش الاحتلال، فيتحوّل ضمنًا الى جيش احتياط لتنظيمات الإجرام. والباقي، الأكثريّة، تنشغل بمشاكلها بعيدًا عن امكانية التطوّر الاجتماعي والعلمي والمادي. وتنظيمات الإجرام تضمن ابتعاد السلطة عن المواجهة المباشرة مع المناضلين التقليديين، لتنغمس الناس في مشاكلها اليوميّة في حالة من الخوف والرعب أحيانًا، طالبة العون على تنظيمات الإجرام، من شرطة دولة أقامت ورَعَت تنظيمات الإجرام، لتُدخِل الناس في حلقة مُفرغَة، إلى حين التقاط لحظة اقليميّة وعالميّة مناسبة لموجة أخرى من التهجير. ان الفارق الذي يكوّنه جدار العزل بين فلسطينيي الداخل وما بين فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة، وَهْمٌ ما بعده وهم، وهم ما بعده وهم. لذا فان محاربة تنظيمات جيش الاجرام المنظّم "الإسرائيلي" هو بالضرورة محاربة دولة الاحتلال التي تخوض حرب إبادة ضد شعبنا الفلسطيني بالكليّات. (5|1) ما كان يحدّد الآتي في العصر الحديث أو الأحدث، انتهى مصطلح الحداثة وما بعد الحداثة وما بعد بعد.. واليوم نتحدّث عن الحداثويّة كمصطلح لحظوي سريع التغيّر، ومن ضمنها حاجتنا لشرح أمور محليّة أحيانًا، يستغرب البعض لماذا نشرحها وهي تبدو مفهومة للجميع، السؤال أي جميع، وأي محلّي؟ وأنت تتواصل وتكتب وتنشر ويقرؤك متلقّون من جميع أنحاء العالم. واستمرارًا لسلسلة المناشير التي أحاول فيها أن أتناول مفهوم العنف لدى فلسطينيي الداخل، وارتباطه العضوي بسلطة كيان صهيوني يربض على أنفاسنا، سأتناول لمحة عن كتاب صدر هذه السنة (2020)، بعنوان: "القائد العام في خط المواجهة- قِيَم تحت المجهر"، باللغة العبرية، لمؤلفّه روني الشيخ، وهو اسم عبري وإن بدى عربيًا، ولهذا الأمر أسباب في عمق الحضارة ليس هنا والآن مكان ولحظة وُلُوْجِه، واسم الكتاب يحتمل عدّة ترجمات، اخترت هذه الامكانيّة. روني الشيخ شغل منصب القائد العام لشرطة الكيان بين الأعوام (2015-2018)، وقبلها "خدم!" في سلك مخابرات الكيان نحو 27 عامًا، تدرّج خلالها حتّى وصل الى ما يسمّى بالرجل رقم 3، ومن ثمّ 2، ومنها قفز إلى القيادة العامّة في شرطة الكيان. إن سهولة الانتقال والتنقّل ما بين المؤسسات الأمنيّة للكيان، الضالعة في قتل وقمع الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، وخصوصًا انتقال رأس الهرم القيادي وراسم سياسات تنظيمه، يقول الكثير عن طبيعة علاقته بنا كعرب فلسطينيين في الداخل، وكل محاولة للتمييز والمفاضلة ما بين الشرطة من جهة وما بين جيش وجهاز مخابرات الكيان هي مفاضلة باطلة بكل المفاهيم. وسأتناول مثالًا واحدَا من الكتاب يؤكَد طبيعة العلاقة التناحريّة، علاقة صراع لا علاقة تكامل وتفاهم واندماج، ما بين مؤسّسات الكيان وما بين الفلسطينيّين، الأمر الذي من المفترض أن يكون بديهيًّا لولا الغشاوة التي تضعها قيادات المشتركة أحايين على عيون الناس. (5|2) ما كان يحدّد الآتي في صفحة 216 من كتاب روني الشيخ (تتمّة للمنشور السابق 5/1)، من الفصل الرابع الذي يحمل اسم "تحدّيات الوسط العربي"، ويكفي أن يرى بفلسطينيي الداخل أصحاب الحق الوحيدين على كل فلسطين بانهم "الوسط العربي" وكأنهم مجموعة متسلّلين أو مهاجرين من اللامكان إلى الكيان. في هذا الفصل الرابع عنوان فرعي اسماه:"إخلاء أم الحيران"! بدل "تهجير أم الحيران" بما تملي عليه عقلية المستوطن المستعمر الواقف على رأس جهاز أمني. يكتب: "نَظْم الاستيطان في النقب عملية شاذة وخاصّة في هذا السياق. في معظم الحالات لا توجد لدى القرى غير المعترف بها حقوق رسميّة على الأرض. وفي المقابل، توظّف الدولة ميزانيات هائلة، وبحق، لنَظْم الاستيطان البدوي، على ضوء الحديث عن اشكالية تعود خلفًا إلى عشرات السنين دون تنفيذ القرارات، ولا يمكن الاستمرار بتجاهلها. وعلى الرغم من الاختلاف، تُستخدم وضعيّة البدو في النقب للنضال ضد قوانين التخطيط والبناء في البلدات العربية في كل الدولة"!!! تواتر مصطلحات يستخدمها تنضح بعقليته العنصريّة الاستعمارية: 1- يشرعِن عدم الاعتراف بالقرى العربية الفلسطينيّة البدويّة في النقب، ومنها قرية أم الحيران، ويشرعِن قرارات هدم هذه القرى، وينتقد تأخير تنفيذ قرارات الترحيل. 2- يمتدح سلطة الكيان التي تريد السيطرة على اراضي النقب، من خلال هدم القرى العربيّة والسيطرة على أراضي البدو التي يمتلكونها ويمتلكون حيّزها بحكم التاريخ الضارب عمقًا لآلاف السنين، ليجمعوهم في محميّات! كانتونيّة. 3- يضرب إسفينًا مخابراتيًا ما بين فلسطينيي النقب والجليل والمثلّث والمدن الفلسطينيّة المنكوبة التي أصبحت مختلطة ذات أكثريّة يهوديّة، وكأن هنالك فصل ما بين قضايا الأرض والمسكن وغيرها وما بين أماكن التواجد الجغرافي في مواجهة العقليّة الاستعمارية العنصرية! (5|3) ما كان يحدّد الآتي ويضيف روني الشيخ في هذا الباب: "في ليلة ال18 من شهر كانون أوّل من العام 2017 علم أهالي قرية أم الحيران بتفجّر المفاوضات مع سلطة تطوير وتوطين البدو في النقب، وتوقّعوا عمليّة الإخلاء والهدم. وليس عبثًا جرى إغلاق مدخل القرية في وجه قوّات الشرطة التي وصلت في ساعات الصباح المبكّرة لحماية عمليّة الهدم. بالإضافة لأهالي القرية، تواجد في المكان منتخبي الجمهور العرب وناشطي اليسار". ويضيف: "لم يبدأ الإخلاء بعد، وإذ حدثت عمليّة الدهس، الشرطي إيرز عمدي ليفي عليه الرحمة مات دهسًا على يد مواطن من القرية، يعقوب ابو القيعان، فأطلق النار عليه عنصر من الشرطة وقتله..". الشهيد يعقوب ابو القيعان مدرّس للرياضيات ومربٍّ، جاؤوا ليهدموا بيته، شقاء العمر كما نقول، فغضب وذهب مسرعًا بسيّارته كي لا يرى بأم عينه جرّافات الاحتلال تهدم بيته، أطلق شرطيّ النار عليه فانحرفت السيّارة ودهست شرطي. فماذا يكتب روني الشيخ عن الحادث مدافعًا عن الشرطي الذي قَتَل: ".. الحقائق المتتالية أكّدت الشك بأن الحادث مقصود على خلفيّة دينيّة، لكن ادّعاء المعارضين تنم عن عدم معرفة أساسيّة بالانتحاريين وطبائع تصرّفهم (مثلًا، وجد قرب سرير يعقوب ابو القيعان ثلاثة كتب اسلاميّة متطرّفة التي تُعنَى بالحياة بعد الممات. وفي احدهم تم وضع خطوط تحت فقرة تُعنَى في لحظة الموت، كتب بقربها ملاحظة بخطّ يده: للحفظ)". وهنا تختلط العقلية العنصريّة الاستعماريّة بالسُلطة وبالجهل. 1- من حق كل انسان على وجه المعمورة ان يدافع عن مسكنه، الحالة التي لم تحدث في هذه الحالة. صاحب البيت لم يحتمل المشهد فحاول ان يبتعد فنالته يد الغدر الشرطويّة. 2- الشرطة أطلقت النار عليه لسببين، الأوّل أنها حدّدت حركة السيّارة بناءً على منظومة قوالب مُتخيّلة تجعلها ترى بكل عربي مشروع إرهابي قيد النموّ. والثاني، تعلم الشرطة الغاشمة أن القاعدة هي الدفاع عن المسكن كحق أساسي، والاستثناء هو مغادرة موقع الهدم وهذا ما قام به الشهيد ابو القيعان، فتصرّفت بموجب القاعدة البريختيّة. 3- من المؤكّد ان ثقافة روني الشيخ لا تتعدّى ثقافة الوظائف التي اشغلها، حتّى لو اصدر كتابًا! فدومًا يوجد من يقبض تحت يافطة المحرِّر والمحرِّر اللغوي والمدقّق! فلو كان مثقفًا لما استنتج عمّا جرى من الكتب التي يقرأها الشهيد قرب سريره، والعلامات من أجل الحفظ. فالمثقّف يقرأ ما يريد، ويضع العلامة التي يريد، ويحفظ ما يريد، فما بين هذا وما بين النّوايا بون شاسع، قد يصحّ وقد لا يصحّ. 4- يحقّ ليعقوب ابو القيعان ان يقرأ ما يريد، وأن يحفظ ما يريد، وأن يؤمن بما يريد، وأن يدافع عن مسكنه أمام جرّافات الهدم، الأمر الذي لم يحدث في حيثيّات هذه الحادثة، وشرطة الكيان ارتكبت جريمة بدم بارد، ويدافع القائد العام لشرطة الكيان عن الإرهاب الشرطوي ويتهم الأبرياء! فكيف يتوقّع البعض من قيادات فلسطينيي الداخل، البرلمانيّة، من قيادة الشرطة أن تنتزع العنف المنظّم من البلدات العربيّة، وهي بهذه العقليّة العنصريّة الاستيطانيّة الشاباكيّة، من راسها حتّى القاعدة، زد على ذلك أن العنف المنظّم بين العرب نتاج دولة الكيان العميقة؟! هذا ما يؤكّد ان اقتلاع العنف من بين ظهرانينا لا يتأتّى باستجداء السلطة وشرطتها ومديحها، وأنما من خلال اتّهامها، لا بالتقصير، بل بتنظيم الإجرام المنظّم ذاته، مما يستوجب على أحزابنا أن تتدارس وأن تضع برنامجًا كفاحيًا ميدانيًا لمواجهة هذه الظاهرة، بعيدًا عن برلمان الكيان، تحت السقف الجامع للجنة المتابعة، ويبدو أنها منطقة صداميّة تهم حياة كل فلسطينيِّي الداخل. ومع هذا أقول، إذا وُجِد بعد كل هذا من لا يزال مقتنعّا بمخيال العمل البرلماني في حالتنا، فعلى الأقل يطوِّع نشاطه للسّقف الجمعي فتكون حالة المواجهة الميدانيّة ظهيره، وظهيرًا حافظًا للكرامة الوطنيّة، وليسقط نهج الاستجداء الذي لن يجدي، بل على العكس، سيشرعِن توجّه شبابنا وشاباتنا نحو مشاريعهم.. وبئسها مشاريع.. وأخيرًا فإن أنماط التفكير والمواجهة أعلاه تنسحب على كلّ القضايا: الأرض والمسكن والصحّة والتعليم والعمل ومستوى المعيشة وقضايا الفقر و.. الخ. أي أنها لا تُحَل إلّا في إطار الدولة الفلسطينيّة المستقلّة كجزء من الحل الأوسع. وليس بمناورات لتحصيل قضايا مطلبيّة، تحت عنوان المواطنة والمساواة والمشاركة بانتخابات برلمان كيان عدوّ. وبهذا يرجح خيار مقاطعة المشاركة في انتخابات برلمان الكيان، في مقابل بناء شبكة المؤسسات الوطنيّة وترميم القائم منها. أواسط كانون أوّل من عام 2020
#زاهر_بولس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حَجْر
-
ألإِرْغَانُ
-
شَيَّاقُ مُوَّجَا
-
رَقِيْقُ القَلْبِ
-
أَخُطُّ قَوْلِي عَلَى جَنْحٍ
-
مَزَاحِفُ الأَرَاقِمِ
-
غَزَلِيَّة لِبَيْرُوْت
-
يَا طَائِرًا مُوْصًى تَعَقُّبهَا
-
أَعَاذِلِي فِيْ العِشْقِ
-
هكذا قالت الأعراب
-
الأَمِيْر
-
كَرَمَادٍ اشْتَدَّ بِهِ العِشْقُ
-
المَوْتُ بَيْنَ الأَسِنَّةِ.. جَنَّة / لروح شاعر الرافدين سر
...
-
وأنا هَهُنَا.. فَهَلَّا تُعَانِق!
-
لَا أَشَاوَاتُكِ جَوْهَرٌ
-
سِيْرَةُ المَوْت الذَّاتِيَّة
-
الحَجر في سفينة نوح (مسرحيّة)
-
نتانياهو والدّالة المجنونة
-
بين الحتميّة والفردانيّة في صياغة النَص. (البحث كاملًا)
-
(8) بين الحتميّة والفردانيّة في صياغة النَص.
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|