أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - هرطقات شعوبية لا معنى لها















المزيد.....

هرطقات شعوبية لا معنى لها


داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)


الحوار المتمدن-العدد: 6763 - 2020 / 12 / 17 - 06:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعجب لمن يستطيع التنكر لقوميته التي لا خيار لأي منا فيها , فالقومية تكتسب بالوراثة من أبوينا والبيئة التي نولد ونعيش فيها حيث نكتسب عاداتنا وقيمنا وثقافتنا , وأن لا فضل لأحد فينا على أحد حيث لا فرق بين إنسان وآخر من منطلق قومي أو ديني أو سواه, إلاّ بالعمل الصالح ذلك أن خير الناس من نفع الناس , تجسيدا لقول الله تعالى في الآية ( 13 ) من سورة الحجرات : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير.
فإذا كان الإنتماء القومي ليس خيارا لأحد , إذا ما الداعي للتفاخر والتعصب القومي الذي يمارسه البعض ضد البعض الآخر , لدرجة الإنتقاص من قيمتهم الإنسانية وسلب حقوقهم الإنسانية من منطلق الدونية . والشواهد التاريخية على ذلك كثيرة , لعل أبرزها ما مارسته شعوب وأمم كثيرة منها العرب والفرس والترك والمغول والرومان والأوربيون واليابانيون والصينيون وغيرهم , من إستعباد شعوب أخرى ونهب ثرواتها وإستعماربلدانها سنين طويلة , بدعاوى وذرائع شتى , لدرجة أن بعضها فقدت هويتها الوطنية تماما , بسبب ما تعرضت له شعوبها من حملات إبادة ممنهجة لإجتثاثها تماما , ومورست سياسة التعسف والتمييز العنصري ضد من تبقى منها على قلة أعدادهم , فضلا عن تجارة الرق التي كان المستعمرون الأوربيون يمارسونها ردحا طويلا من الزمن بحق الملايين من الأفارقة الذين جلبوا من بلدانهم لتكليفهم بأعمال السخرة في مزارعهم وخدمتهم في المنازل .
شهدت أوربا أعمال إبادة جماعية أكثر من مرة لملايين الناس, وبخاصة في الحربين العالميتين الأولى والثانية في القرن المنصرم من منطلقات عنصرية , وضحايا حروب التحرير التي خاضتها بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية لنيل إستقلالها , لا نريد الخوض هنا بتفصيلاتها . إن ما أردنا الإشارة إليه هنا أن في تاريخ كل أمة صفحات مشرقة مضيئة قدمت فيها للإنسانية الكثير من العلوم والثقافة والآداب والمعارف المختلفة التي أفادت الإنسانية, وصفحات سوداء إرتكبت فيه فضائع ومجازر بحق آخرين يندى لها جبين الإنسانية. إمتلكت بعض الشعوب الجرأة والشجاعة عندما إعترفت بإرتكابها هذه الفضاعات وقدمت أسفها وإعتذارها لما حصل في الماضي ,طالبة الصفح والعفو وطي صفحة الماضي.
فإذا كان التنوع القومي حالة إنسانية طبيعية , لا دخل لأي منا فيها وليس فيها ضرر لأحد , بل أنها تمثل نسيجا إنسانيا منوعا وزاهيا , وليس فيه ما يدعو إلى التباهي أو الشعور بالنقص , إنما يستدعي إثرائه ورعايته وحمايته من التشوه والإندثار. ألاّ أنه يلاحظ بأسف شديدة تصاعد حملة ممنهجة ضد العرب , المسلمين منهم بخاصة في بعض وسائل الإعلام وقنوات التواصل الإجتماعي , من قبل شخصيات عراقية وعربية توصف نفسها بشخصيات فكرية متنورة, بهدف تشويه التاريخ العربي بعامة والتاريخ العربي الإسلامي بخاصة , لدرجة أنها تطلب من العرب تقديم الإعتذار للعالم عما إقترفوه بما تصفه جرائم ضد الإنسانية ,تمثلت بالفتوحات الإسلامية التي إنطلقت من المدينة المنورة ودمشق وبغداد والقسطنطينة وغيرها , في فترة عصر الخلافة الراشدية والأموية والعباسية والعثمانية من وحي عقيدتهم الإسلامية . لا نريد الخوض هنا بشرعية هذه الفتوحات من وجهة نظر دينية , إذ لكل منا عقيدته , إنما من وجهة نظر إنسانية منصفة , حيث نكتفي بمقولة منسوبة إلى رئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو ( الهندوسي الديانة ) : لقد تعب الناس من النظام القديم، وتاقوا إلى نظام جديد فكان الإسلام فرصتهم الذهبية؛ لأنه أصلح الكثير من أحوالهم ورفع عنهم كابوس الضيم والظلم. ويقول الفيلسوف الفرنسي توماس آرنولد في كتابه (الدعوة إلى الإسلام) ,عن عدل المسلمين في البلاد المفتوحة: ولما بلغ الجيش الإسلامي وادي الأردن وعسكر أبو عببدة في (فحل) ,كتب الأهالي المسيحيون في هذه البلاد إلى العرب يقولون : با معشر المسلمين أنتم احب إلينا من الروم وإن كانو على ديننا وأنتم أوفى لنا وأرأف بنا وأكف عن ظلمنا وأحسن ولاية علينا ولكنهم غلبونا على أمرنا ومنازلنا . ويقول آخرون لم يعرف العالم فاتحا أعدل من المسلمين.
هذا لا يعني إطلاقا عن عدم إرتكاب جيوش المسلمين بعض أعمال سلب ونهب وأخذ سبايا , شأنها بذلك شأن كل الجيوش الأخرى المنتصرة في حروبها في كل زمان ومكان , كما أننا لا نختلف في أن دوافع الخلفاء لم تكن مجرد دوافع دينية بحتة , بل نعتقد أن بعضها كانت مدفوعة بدوافع الهيمنة والتوسع وبسط سلطانها كأي أمبراطورية أخرى في ذلك الزمان وكل زمان. كما أنه ليس سرا أن الكثير من الخلفاء لم يتقيدوا بتعاليم الإسلام في حياتهم الخاصة , بل أنهم تركوا لأنفسهم حرية العبث والتمتع بمباهج الحياة وملذات الدنيا كملوك زمانهم . لكن نرى أنه ليس من الإنصاف تحميل المسلمين والعرب منهم بخاصة, تصرفات حكامهم المشينة التي لم يسلم الكثير منهم من بعض تبعاتها , فضلا عن أن الحكومات التي حكمت تحت يافطة الدين الإسلامي, لم تقتصر على العرب فقط , بل كانت هناك حكومات إسلامية فارسية وعثمانية ومغولية وغيرها إمتد حكمها قرون عديدة.
وليس من الإنصاف إنكار إسهامات الحضارة الإسلامية ودورها الرائد في الحضارة العالمية, مما كان له الأثر البالغ بتقدم العلوم وتطورها وإثراء وإنماء المعارف المختلفة , حيث شهدت البلاد الاسلامية نهضة علمية بارزة لاسيما في بغداد زمـن الخلبفة العباسي هارون الرشـيد وابنـه الخليفـة المأمون الذي انشأ بيت الحكمة ليكون ملتقى العلماء ورجال الفكر من جميع إرجاء العالم، وكذلك شهدت بلاد الأندلس في زمن الخلافة الأموية ازدهارا علميا باهرا. كان لهذا الازدهار أثارا كبيرة على نهضة أوربا، إذ قام الأوربيون بحركة ترجمة واسعة لنتاجات العلماء العرب المسلمين وأصبحت مدن قرطبة وطليطلة مراكز إشعاع للفكر العربي والإسلامي طوال قرون عديدة.وشهدت مدن اسلامية عديدة في عصور مختلفة نهضة علمية، كان ابرز هذه المدن سمرقند وبخارى والقاهرة والقسطنطينية وغيرها. وبتدهور الحضارة العربية الإسلامية انتقلت العلوم والمعارف الى أوربا لتكون مركز الإشعاع العلمي والفكري في العالم ابتدءا من عصر النهضة الأوربية في القرون الوسطى وحتى يومنا هذا، وذلك بالإفادة من نتاجات العلماء العرب والمسلمين التي نقلوها إلى بلادهم.
فإذا كانت الحال هكذا لماذا يشن البعض حربا شعوبية هوجاء ضد العرب تحديدا , وكأنهم يسعون لنبش جذور الشعوبية التي قادها أسلافهم في العصور الغابرة, للحط من قيمة العرب في أوج عظمة حضارتهم الإسلامية . تعرف الموسوعة البريطانية الشعوبية بأنها كل اتجاه مناوئ للعروبة. كانت النزعة الشعوبية واسعة وقوية بين الفرس لعدة أسباب منها: أنه في عصر الفتوحات الإسلامية، كان الفرس أكثر تحضراً من العرب، وأكثر مدنية، فنما لديهم شعور بالاستعلاء يعمق نزعة التعصب لديهم بعد أن قام المسلمون ممثلون بالعرب بالسيطرة على بلادهم، كما أن الفرس قد دخلوا الإسلام بأعداد هائلة فتشكلت منهم أكثرية عددية بين الموالي. اتخذت الحركة الشعوبية من الآداب وسيلة لزرع بذور العنصرية والكراهية في نفوس أبناء أمتها تجاه العرب خاصة والإسلام عامة وكان الشعر أحد أهم فروع الآداب المستخدمة في هذا الإطار لكونه الأكثر التصاقاً في عقول القراء والمستمعين والأسهل حفظاً في الذاكرة.وهو ما يفعلوه الآن شعوبيو اليوم عبر قنوات التواصل الإجتماعي.
وفي الختام نقول إذا كانت البلدان العربية بعامة , والعراق بخاصة تشهد حالة من التفكك والضياع لأسباب كثيرة لا نرى هنا المجال للخوض بتفصيلاتها ,فإن ذلك لا يعطي الحق لكائن من يكون نفض ما في نفسه من سموم الحقد والكراهية , التي ربما تكون قد تولدت لديه من إساءة قد تعرض لها من هذا النظام السياسي أو ذاك بحق أو بدونه , الهجوم الظالم على أمة بأكملها , فالأمم باقية والحكام زائلون , وأن من حق كل منا الإعتزاز بإنتماءاته القومية والدينية والفكرية دون إستعلاء أو إنتقاص من أحد , ذلك هو سبيل الحياة الحرة الكريمة, فالعرب ليسوا أفضل أو أدنى من سواهم , فالشعوب سواسية أمام الله والقانون. لا يخلو تاريخ أية أمة من نقاط داكنة سوداء , ولا من نقاط ناصعة بيضاء , وأن على من يتناول التاريخ , عليه تناوله بموضوعية وبعقل واع وبإنصاف ودون أحكام مسبقة, وبهدف تقريب الناس من مختلف الأجناس دون حقد أو إثارة , فلله في خلقه شؤون .



#داخل_حسن_جريو (هاشتاغ)       Dakhil_Hassan_Jerew#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كانت تلك هي الأيام
- ضعف مشاركة الشيعة في حكومات عراق ما قبل عام 2003 ... مسؤولية ...
- عالم ما بعد جائحة فيروس كوفد - 19
- نداء إستغاثة... إنقذوا المجمع العلمي العراقي
- أقلمة العراق لمصلحة من ؟
- تداعيات جائحة فيروس كوفيد 19 المستجد على القطاع الثقافي
- ملاحظات عابرة في قانون معادلة الشهادات والدرجات العلمية
- العراق مستودع أزمات
- تداعيات جائحة فيروس كوفد- 19 المستجد ... على قطاعي التربية و ...
- ألأمن ... ركيزة التنمية الشاملة
- الإنتماء الصادق للعراق ... معيار الوطنية
- ملاحظات عابرة في التطبيع الخليجي الصهيوني
- لمصلحة من إثارة الهرطقات الطائفية ؟
- حديث في تسييس الطفولة
- أما آن لليل العراق أن ينجلي
- حديث في المراهقة السياسية
- حديث ذي شجون في الإنقلابات العسكرية
- واسفاه على هوان العراق
- نظرة في ثلاثية الدين والقومية والوطنية
- إشكالية العقائد السياسية الكونية والولاء الوطني


المزيد.....




- نتنياهو لعائلات رهائن: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم.. وسندخل ...
- مصر.. الحكومة تعتمد أضخم مشروع موازنة للسنة المالية المقبلة. ...
- تأكيد جزائري.. قرار مجلس الأمن بوقف إسرائيل للنار بغزة ملزم ...
- شاهد: ميقاتي يخلط بين نظيرته الإيطالية ومساعدة لها.. نزلت من ...
- روسيا تعثر على أدلة تورّط -قوميين أوكرانيين- في هجوم موسكو و ...
- روسيا: منفذو هجوم موسكو كانت لهم -صلات مع القوميين الأوكراني ...
- ترحيب روسي بعرض مستشار ألمانيا الأسبق لحل تفاوضي في أوكرانيا ...
- نيبينزيا ينتقد عسكرة شبه الجزيرة الكورية بمشاركة مباشرة من و ...
- لليوم السادس .. الناس يتوافدون إلى كروكوس للصلاة على أرواح ض ...
- الجيش الاسرائيلي يتخذ من شابين فلسطينيين -دروعا بشرية- قرب إ ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - هرطقات شعوبية لا معنى لها