الاكاديميون يهربون من اسرائيل

سالم جبران

الحوار المتمدن-العدد: 1613 - 2006 / 7 / 16 - 00:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مع أنَّ الدعاية الصهيونية, تقول بكل اللغات أنَّ إسرائيل هي "بلاد السمن والعسل" فإنَّ المواطنين اليهود في إسرائيل يكتشفون بالتجربة أنَّ إسرائيل ليست بلاد السمن ولا بلاد العسل, بل بلاد البطالة وبلاد الضرائب العالية وبلاد الفرص القليلة, ولذلك فإنَّ الهجرة من إسرائيل إلى الخارج, بالأساس إلى الولايات المتحدة وكندا وأوروبا الغربية, هي في ازدياد مقلق جدّاً للأوساط الحاكمة, خصوصاً حين يتضح أنَّ الأكاديميين هم أكثر الفئات اندفاعاً للهرب من إسرائيل إلى بلاد الله الواسعة.
هذا ما يتبين بشكلٍ واضح تماماً من بحث علمي شامل حول الهجرة إلى الخارج. وقد نظَّم هذا الاستطلاع مركز "شليم" وأشرف على تنفيذ الاستطلاع أكاديمياً, الدكتور عومر مؤاب والدكتور أريك غولد.
من هذا البحث العلمي المثير نستنتج الحقائق التالية:
*عدد المهاجرين الإسرائيليين في الخارج يتراوح بين 600 ألف و750 ألفاً, وطبيعة الهجرة من إسرائيل تقترب كثيراً من نوعية الهجرة من "الدول الفقيرة" فأكثر فأكثر, المتعلمون, الأكاديميون الخبراء التكنولوجيون هم الذين يهاجرون من إسرائيل.
*بين الذين هاجروا بين 1995-2002 المهاجرون حاملو شهادة الماجستير هم ضعف المهاجرين الحاصلين على شهادة البكلوريوس وأكثربثلاث مرات من الذين لم يدرسوادراسةجامعية.وبينمابين2002-2004 هاجر كل سنة 19ألف إسرائيلي, فقد هاجر 2005 حوالي 25 ألف إسرائيلي.
كذلك يشير هذا البحث المثير إنّ عدداً متزايداً من الناس الذين هاجروا إلى إسرائيل من دول الاتحاد السوفييتي السابق, بدأوا يعودون بسبب تحسُّن الوضع الاقتصادي هناك وزيادة إمكانيات العمل والعمل في المهن الحرة.
وقال الناس الذين استطلع المركز آراءهم إنّ الأُمور المُنَفِرة في إسرائيل هي: الضرائب العالية, إغلاق الطريق أمام الأكاديميين الشباب للعمل المناسب بينما "القدامى" يظلون متمسكين بالمراكز والوظائف, كذلك يشير التقرير أن دخل الأكاديميين في الغرب الصناعي أعلى بكثير منه في إسرائيل, على سبيل المِثال: محاضر جامعي مُبتدىء في إسرائيل يربح أقل من 2000 دولار شهرياً. بينما يربح في الخارج 5000 دولار, ومحاضرون في مهن مطلوبة خصوصاً يحصلون على 8000 دولار شهرياً.
ويقول هذا البحث الهام إنّ هناك حوالي 750 ألف مهاجر من أصل إسرائيلي يعيشون في الخارج بينهم حوالي 600 ألف ممّن يحملون شهادات دراسة عُليا (أكاديميين), بينهم عُلماء, أطباء, مهندسون, خبراء هايتيك وتكنولوجيا. ويقول واضعو التقرير إنّه من أبحاث مقارنة يتبين إنّ أرباح "المُخ" العلمي في إسرائيل هي منخفضة جداً بالمقارنة مع أرباح "المخ" في الدول التي يُهاجر إليها الإسرائيليون, عادةً.
ويقول التقرير إنّ أكبر مجموعة في المهاجرين من إسرائيل بروفسوريون وأساتذة متقدمون علمياً في الجامعات 6.5 بالمائة من مجموع هذه الفئة في إسرائيل, وبعدهم الأطباء-4.8 بالمائة من مجموع الأطباء في إسرائيل, يليهم 3 بالمائة من مجموع العلماء والمهندسين.
ويقول التقرير إنّ هناك في السنوات الأخيرة اتجاهاً متزايداً لذهاب الطلاب الإسرائيليين للدراسة الجامعية في الدول الغربية, ففي الولايات المتحدة وحدها أكثر من 3.600 طالب وطالبة من إسرائيل بينما يوجد في الولايات المتحدة 10 آلاف طالب فقط من دولة كبرى مثل ألمانيا. وهناك من وجهة النظر الإسرائيلية الرسمية أن نسبة كبيرة منهم ستظل في الولايات المتحدة. والدول المفضلة للهجرة بالنسبة للأكاديميين الإسرائيليين, بالإضافة إلى الولايات المتحدة : إنجلترا, (20 ألف إسرائيلي) وكندا (30 ألف إسرائيلي) كما ازدادت في السنوات الأخيرة الهجرة الإسرائيلية إلى فرنسا بنسبة 15 بالمائة.
إنّ النظام السياسي والأكاديمي في إسرائيل يقوم بجهود كبيرة قوميّاً واجتماعياً, وبخلق حوافز مادية وتشغيلية, لاستعادة المهاجرين, خصوصاً الأكاديميين, إلى إسرائيل, ويمكن القول أنّ النجاح في هذا المجال محدود, أولاً لاتساع الامكانيات في الغرب, وثانياً للصعوبات المعيشية والاقتصادية والبيروقراطية في إسرائيل, وثالثاً بسبب حالة التوتر والحرب المستمرة بين إسرائيل والفلسطينيين والعالم العربي.
ويجب القول إنّ قطاعاً كبيراً جداً من الأكاديميين والتكنولوجيين والمتخصصين الإسرائيليين يظلون في إسرائيل. وكل مقارنة بين هجرة الأكاديميين من إسرائيل إلى الخارج مع هجرة الأكاديميين من الدول العربية إلى الخارج, هي مقارنة تكشف المأزق الاستراتيجي العربي, حيث هجرة الأدمغة من العالم العربي هي محنة حقيقية للمدى البعيد يجب التفكير في معالجتها, إذا كانت الحكومات العربية تفكر في هذا الموضوع.

#سالم_جبران (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل