أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مصعب قاسم عزاوي - سُعَارُ الحروبِ السرمديةِ















المزيد.....

سُعَارُ الحروبِ السرمديةِ


مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6749 - 2020 / 12 / 1 - 16:41
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية مع مصعب قاسم عزاوي

فريق دار الأكاديمية: كيف تنظر إلى واقع انتشار الحروب في غير بقعة من العالم بشكل تكاد الخارطة الكونية تتحول فيه إلى تجمع من البقع الملتهبة المتقرحة؟

مصعب قاسم عزاوي: التوصيف الأكثر دقة من الناحية الوظيفية هو أن معظم تلك الحروب هي حروب تنفيسية تكيفية، وناتج طبيعي لحالة التوازن المختل الناجم عن مفاعيل الهيمنة على المستوى الكوني.

و الحقيقة أن واقع الحال على المستوى الاقتصادي العالمي راهناً يكاد أن يكون مطابقاً لذلك الحال الذي كانت عليه الاقتصادات الغربية إبان الحرب العالمية الثانية، وهي غارقة في مستنقع كسادها العظيم العميم في ثلاثينيات القرن المنصرم، والذي لم يخرجها منه سوى الحرب العالمية الثانية، عبر إعادة تشغيل وتفعيل العملية الإنتاجية في المجتمعات المحتربة عبر تحويل كل منها إلى مصنع كبير مسخر كلياً لاقتصاد تسيطر عليه الدولة هدفه الوحيد التصنيع الحربي عتاداً وتقانات مكرسة بشكل حصري لخدمة ذلك الهدف الاحترابي الأسمى، وهو ما أصبح فعلياً الرافعة الوحيدة التي أثبتت جدارتها العملية في إخراج الاقتصادات الغربية من حالة كسادها المطبق.

و التوصيف التاريخي الأخير يتلاقى مع حال الاقتصاد الكوني المعاصر الذي ما زال يراوح في غرفة الإنعاش منذ الأزمة المالية التي أفرزها انبثاق فقاعة الشركات التقانية في مطلع الألفية الثالثة، و التي عرفت بأزمة دوت كوم في العالم الغربي، و ما تلاها في أزمة التراجع الاقتصادي الكلياني في العام 2008 الذي أنتج اقتصادات غربية مدمنة على علاج مزمن «بالكورتيزون ومختلف أشكال الستيروئيدات» على طريقة «التيسير الكمي» التي اتبعتها المصارف المركزية في مراكز الهيمنة في معسكر دول الشمال بطباعة أكداس هائلة من عملات دولها «الصعبة» بمفاعيل قوتها الناجمة من أنها «عملات المنتصرين» في الحرب العالمية الثانية وليس سوى ذلك، ودون أن يكون هناك سند اقتصادي حقيقي أو إنتاجي لتلك الأرقام المهولة التي تجاوزت 16 تريليون دولار بحسب الباحث بول ماسون في كتابه ما بعد الرأسمالية. وهو ما استدعى من القوى العظمى بحثاً عن مصادر جديدة للثروة لحل أزمتها الاقتصادية الخانقة سواء عبر وضع اليد على مجتمعات تمتلك ثروات باطنية ذات قيمة اقتصادية حقيقية بشكل مباشر كما كان في تراجيديا احتلال العراق، أو عبر السيطرة عليها بشكل غير مباشر، لتحويل تلك المجتمعات في المآل الأخير لمصدر للموارد الأولية المجانية، وسوق تصريف مفتوحة على أعنتها لتصريف نتاج الأقوياء فيها عل ذلك يخرجهم من حال الكساد الاقتصادي المقيم في المجتمعات الغربية.

ولما كان احتمال الصدام المباشر بين القوى التي تتنافس فيما بينها على الهيمنة على مصادر الثروة في العالم ممثلاً بالمجمعات الصناعية العسكرية في دول الشمال النووية، وتلك الصاعدة في روسيا والصين صداماً مكلفاً قد يفضي إلى فناء نووي للكوكب بأسره، حيث أن تلك القوى الصاعدة و غير السائرة بشكل متسق تماماً مع مصالح المجمعات الصناعية العسكرية في الغرب تمتلك قوة عسكرية نسبية تستطيع مواجهة الغول العسكري الغربي قليلاً أو كثيراً، و هو ما اقتضى إعادة إنتاج حروب موضعة في غير موضع من أرجاء الأرضين يمكن لتلك القوى المتصارعة الاشتباك مع بعضها بشكل غير مباشر في ساحة تلك الحروب الموضعة لتنفيس احتقانها المزمن، و تصفية حساباتها عبر حروب بالوكالة على أرض الآخرين و بدمائهم و أرواحهم، و بما يبقي فسحة لتفادي احتمالات الصدام النووي المهول الذي قد لا يبقي أو يذر، و بحيث يحظى المنتصر في تلك الصراعات بقطاف ثمار الهيمنة على موارد المجتمع الذي جرت الحرب بالوكالة على أرضه و بحيوات أبنائه.

ولأجل إخراج سيناريوهات الحروب بالوكالة بين الغيلان بشكل محكم فذً لا بد من التفنن باختلاق أسباب لشن حروب على مجتمعات ليس لها مخالب أو أنياب للرد أو مواجهة ذلك الغول الذي سوف يتخذ من ذلك المجتمع ساحة لإثبات القوة والحرب بالوكالة مع أنداده على أرض ذلك المجتمع إن اقتضى الأمر ذلك. و هو ما يتم التمهيد له سواء عبر العملقة الإعلامية المعتمدة لتصوير نظم عالم ثالثية متهالكة كنظام طاغية العراق وربيب الغول العسكري الإمبريالي صدام حسين سابقاً بأنه هتلر العالم الجديد الذي سوف يجتاح العالم، أو رسم صورة لفلول المجاهدين الأفغان الذين أصبحوا حفنة من العاطلين عن العمل بعد تخلي أولياء نعمتهم ومشغليهم ومموليهم من وكالات المخابرات الإمبريالية، والدول الريعية النفطية التي تسبح وتدور في فلك تلك الأخيرة بكرة وعشية، فيصبحون وحوشاً بشرية أسطورية سوف تجتاح العالم وتفنيه بشراً وزرعاً وضرعاً بعقولها الخارقة «حداثياً» بعد أن تنزل عليها «الوحي العسكري التقاني» في قفار جبال «تورا بورا» الأفغانية.

والأمثلة على الحروب الكونية بالوكالة لا حصر لها فهي مرة مواجهة في فنزويلا أو كوبا، أو البلقان، أو شبه جزيرة القرم، أو كوريا، أو إيران، أو سورية، أو لبنان، أو اليمن، أو العراق، أو أفغانستان والتي تصب كلها في المآل الأخير في خدمة الحفاظ على حالة من الطلب الذي لا ينقطع لنتاج المجمعات الصناعية الحربية التقانية في الغرب، التي تمثل الطريق الوحيد المضمون لانتشال تلك المجتمعات من حالة الكساد الاقتصادي المهول، عبر تصريف الأكداس الهائلة من الأموال المطبوعة في سياق سياسات التيسير الكمي السالفة الذكر، وتحويلها إلى نتاج عسكري فعلي يتم استخدامه لتهشيم مجتمعات من البشر «الذين لا قيمة لهم» وفق توصيف جورج أرويل للوعي العنصري المتأصل في التكوين الإمبريالي للمجتمعات الغربية الرأسمالية؛ بالتوازي مع الحفاظ على حالة من الخوف المقيم في المجتمعات الغربية من ذلك الوحش المختلق لتبرير تلك الحروب بالوكالة، و هو الوحش الذي يتربص وراء كل أكمة وزاوية للانقضاض على تلك المجتمعات ومواطنيها. وهو ما يخلق حالة من الاستقالة المستدامة للوعي الجمعي في تلك المجتمعات عمودياً وأفقياً و يبعده عن «شر» التفكر بأسباب تراجع كل تفاصيل ومفرزات دولة الرفاة فيها، وزحف شبح الإفقار والتهميش عليها بشكل يكاد يحولها إلى مجتمعات أشبه بدول العالم الثالث التي يحكمها تقاطب مريع بين الغنى الفاحش لقلة نخبوية تمثل أقل من 0.1% في وزنها العددي في تلك المجتمعات و الفقر المدقع الذي أصبح الحال الطبيعي للسواد الأعظم المتبقي من مكوناتها؛ إذ أن الخوف من البعبع الذي ينتظر الانقضاض عليها يقتضي تأجيل التفكر بكل ما لا يرتبط بذلك البعبع بشكل مباشر إلى أجل غير مسمى. وهو انتصار فريد من نوعه وصلت إليه الإمبريالية الغربية المعولمة عبر تخليق فزاعة دائمة جاهزة تحت الطلب في كل وقت وفي كل حين لتخويف مجتمعاتها، فهي تارة غول صيني أصفر، أو روسي سلافي أحمر، أو إسلامي برايات سوداء، أو حفنة من الفلاحين المقهورين في سهوب أمريكا اللاتينية التي لم يبق لهم من نافذة سوى زراعة الحشيش بعد أن هشمت الليبرالية الجديدة وأسواقها المفتوحة كل الزراعات المحلية في تلك المجتمعات وحولتها إلى محاصيل لا طائل منها إذ أنها لا تستطيع منافسة تلك التي تنتجها الاقتصادات الغربية المتقدمة والمدعومة دائماً بأموال دافعي الضرائب في الدول الغربية نفسها لأجل تعزيز قبضتها الكونية عبر الإمساك بمفاتيح ثروات كل مجتمعات المقهورين، و القبض على تلابيب أمعائها بعد أن أصبح مصدر قوتها نتاج السيد المستعمر الإمبريالي و شركاه، و الذي استمرار تدفقه مرهون باستدامة رضى ذلك الأخير.

وذلك النموذج من تحول العالم إلى نموذج الجسد المتقرح حروباً في غير موضع في طريقه إلى التفاقم في سياق الكارثة البيئية المحدقة بالكوكب جراء ارتفاع درجة حرارته الإجمالية، والتي هي نتيجة مباشرة لذلك النموذج الوحشي المنفلت من كل عقل عقال في استنزاف موارد الكوكب بالطريقة التي اتبعتها الرأسمالية الإمبريالية المعولمة وشركاتها العابرة للقارات، والتي لن تبقي لأبناء الشعوب المقهورة إلا خيار النكوص إلى وعي بدائي وحشي يحول المجتمعات النامية إلى غابات احترابية همجية لا بقاء فيها إلا للأكثر فتكاً وعنفاً.



#مصعب_قاسم_عزاوي (هاشتاغ)       Mousab_Kassem_Azzawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقصلة الأغذية المعدلة وراثياً
- التشريح الوظيفي للبعبع الإرهابي
- نوب الهلع الليلية عند الأطفال
- هل ختامها حرب؟
- عُجَاب الإرهاب مفهوماً ونهجاً
- لغة الفساد والإفساد
- أسباب وأعراض سرطان العظام
- إعدام العراق العظيم نووياً
- كشف المستور في الحادي عشر من سبتمبر
- الموات النخري للإعلام العربي
- مقصلة الوعي الاستهلاكي
- صناعة الشواش الاصطلاحي
- سلس البول عند الأطفال
- صيرورة الإنسان العاقل (منعرجات تطور الجنس البشري)
- جدلية الداخل والخارج في الميدان الإعلامي
- كيف تحافظ على ذاكرتك
- بصدد رؤية عقلانية للصراع العربي الصهيوني
- أسباب وأعراض سرطان القنيات الصفراوية
- الجانحون الصغار والمجتمع القاصر الضِنِّين
- المرأة الخلاقة المبدعة وزمار الحي العربي الكسيح


المزيد.....




- رغم تصريحات بايدن.. مسؤول إسرائيلي: الموافقة على توسيع العمل ...
- -بيزنس إنسايدر-: قدرات ودقة هذه الأسلحة الأمريكية موضع تساؤل ...
- إيران والإمارات تعقدان اجتماع اللجنة القنصلية المشتركة بعد ا ...
- السعودية.. السلطات توضح الآلية النظامية لتصريح الدخول لمكة ف ...
- هل يصلح قرار بايدن علاقاته مع الأميركيين العرب والمسلمين؟
- شاهد: أكثر من 90 مصابا بعد خروج قطار عن مساره واصطدامه بقطار ...
- تونس - مذكرة توقيف بحق إعلامية سخرت من وضع البلاد
- روسيا: عضوية فلسطين الكاملة تصحيح جزئي لظلم تاريخي وعواقب تص ...
- استهداف إسرائيل.. حقيقة انخراط العراق بالصراع
- محمود عباس تعليقا على قرار -العضوية الكاملة-: إجماع دولي على ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مصعب قاسم عزاوي - سُعَارُ الحروبِ السرمديةِ