أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة مزرعاني - ألا ليتكم تقتدون ! .














المزيد.....

ألا ليتكم تقتدون ! .


جميلة مزرعاني

الحوار المتمدن-العدد: 6747 - 2020 / 11 / 29 - 19:45
المحور: الادب والفن
    


ردّتني إلى ماضٍ غابر قضى تحت طواحين الزمن عصاه الدّهريّة المصنوعة من خشب الجوز المتين حين وقع عليها بصري ما زالت تحتلّ مكانتها في مخدعٍ تصدّر اللّيوان أبتْ أن تشيخ تحت قبضته اليمنى المرتعشة تحدجنا بنظراتها الحادّة تعيد إلى المقل طلعته الصلبة بعمامته السوداء وسترة كاكيّة ذات أزرار نحاسيّة معتّقة تعلو سرواله المزموم الأسود المزنّر بحبل أخضر قاتم يلفّ خصره النحيل وجزمة من مطّاط صلب تخمّر في أسفلها ثرى الأرض وإلى مسامعنا تسترجع صوته الصارخ ثائرًا على نظرية التحرّر منزوع القشور فكان يقف في وجه الرذائل سدًّا منيعًا ، جدّي لأبي رحمه الله من أولئك الذين يتّصفون بالحزم والعناد والصلابة فحين يثور لسوء أو رذيلة كانت العصا تهدّئ من روعه وتمتصّ غضبه يضربها أرضًا يلوّح بها في العلاء يهدّد يتوعّد يكاد يهوي مستعرضًا ثائرته بلا وازع ولا رادع تكاد تهتزّ جدران البهو الفسيح وترتعد فرائص المدى جزعًا ورهبة أمّا قلوبنا فلم تكن تنجو من الهلع والاختلاج وسرعان ما يتمالك نفسه جالسًا على كرسيّه الهزّاز مبرّدًا حرارتنا محدّثًا عن عمله في الأرض المحتلّة حين كان يقطع المسافات سيرًا على الأقدام أو على ظهر دابّة تتثاقل في مشيتها فكانت العصا الوسيلة الوحيدةلتأديب عنادها ويردف قائلًا : كنت أدخل فلسطين كفاتح وأخرج منتصرًا ملتفًّا بعباءة العزّة والكرامة متطهّرًا بقدسيّة لا متناهية فيلوك عزّته بغصّة وحسرة وكالعادة يستأنف سرده : حفدتي الأحبّاء . الشرف الإباء النخوة المحبّة المروءة . هذا العقد الخلقي الأصيل عنوان أصالتنا زادنا وزوّادنا وحصننا الحصين لا تخلعوه من رقابكم ، أمانة في أعناقكم إلى يوم الدين ويشير إلى السيف المعلّق فوق مهده متوسّطًا الجدار كالهلال يعسكر بنصله الحادّ متّعوا بصائركم ببريق طيفه الحاقد ، فجدّي يأبى إلّا أن يزرع في نفوسنا الغضّة بذار آمال لصالح الأعمال يسعى لتقويم عودنا واستصلاح خطى دربنا نحو عالم أمثل فيه نتوهّج وقارًا وإباء ، وجلّ ما أذكره قوله قبل أن توافيه المنيّة بلحظات إذ اغرورقت عيناه بالدموع تغطّي احتضاره معيدًا على مسامعنا بصوته المتهدّج المفارق : تعلّقوا بكلّ ذرّة من تراب الوطن ، الأرض مسقط الرّأس وملجأ الجسد وفارقت روحه مخلّفًا إرثًا عظيمًا في نفوسنا كم تمنّيت أن نتوارثه أبًّا عن جدّ .
لبنان / الجنوب



#جميلة_مزرعاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصفورتان تمتطيان .. الموت .
- ما عاب من اعتبر .


المزيد.....




- مطابخ فرنسا تحت المجهر.. عنصرية واعتداءات جنسية في قلب -عالم ...
- الحرب في السودان تدمر البنية الثقافية والعلمية وتلتهم عشرات ...
- إفران -جوهرة- الأطلس وبوابة السياحة الجبلية بالمغرب
- يمكنك التحدّث لا الغناء.. المشي السريع مفتاح لطول العمر
- هل يسهل الذكاء الاصطناعي دبلجة الأفلام والمسلسلات التلفزيوني ...
- فيلم جديد يرصد رحلة شنيد أوكونور واحتجاجاتها الجريئة
- وثائقي -لن نصمت-.. مقاومة تجارة السلاح البريطانية مع إسرائيل ...
- رحلة الأدب الفلسطيني: تحولات الخطاب والهوية بين الذاكرة والم ...
- ملتقى عالمي للغة العربية في معرض إسطنبول للكتاب على ضفاف الب ...
- لأول مرة في الشرق الأوسط: مهرجان -موسكو سيزونز- يصل إلى الكو ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة مزرعاني - ألا ليتكم تقتدون ! .