أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتصم الاقرع - الرأسمالية الطفيلية وجدل الثروة والسلطة














المزيد.....

الرأسمالية الطفيلية وجدل الثروة والسلطة


معتصم الاقرع

الحوار المتمدن-العدد: 6740 - 2020 / 11 / 22 - 12:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الرأسمالية الطفيلية وجدل الثروة والسلطة

الأشياء تبدو ولا تكون



كثيرا ما يردد المعلقون، بالذات من اهل اليسار الذي انتمي اليه كمارق، الحديث عن برنامج الرأسمالية الطفيلية وهيمنته علي القرار الحكومي.

في تقديري، غير المعصوم، انه لا توجد طبق رأسمالية طفيلية أو حتى رأسمالية وطنية واعية بذاتها كطبقة ولها برنامج محدد وخطة منسقة بين قادته لإنفاذه عن طريق قنوات هيمنة معلومة لإنزاله.

كل شرائح الرأسمالية تفتقد الوعي الاستراتيجي ولا يوجد تنسيق بين ممثليها ولا مؤسسات لها ولا هي تمارس نفوذ حاسم علي القرار الاقتصادي أو السياسي.

في تقديري ان السلطة الحقيقية بعيدة عن يد الرأسمالية لأنها تقبع في قبضة أهل السلاح وفي يد بعض الاحزاب حتى في حال كونها خارج السلطة وفي يد كبار بيروقراطية جهاز الدولة المدني.

جادل سمير امين بان قانون الرأسمالية، في الماركسية التقليدية ، يقول بـانه في مجتمعات نمط الإنتاج الرأسمالي الناضج تكون الثروة هي مصدر السلطة السياسية. أي ان الشركات وأصحاب الثروات يملكون الساسة ويديرون العملية السياسية عن طريق ممثليهم من الاحزاب التي تأتمر بأمرهم.

ولكن في مجتمعات ما قبل الرأسمالية الناضجة كما هو الحال في السودان لا ينطبق قانون الرأسمالية الكلاسيكي وتنعكس المعادلة لتصير السلطة هي مصدر الثروة والمهيمن عليهـا.

اعتقد ان سمير امين أصاب في ما ذهب اليه عن ضرورة التمييز بين توازنات الاقتصاد السياسي لمجتمعات الرأسمالية المتقدمة واحوال ما قبل الرأسمالية أو الرأسمالية البدائية.

وحالة الاقتصاد السياسي السوداني تدعم ما ذهب اليه سمير امين. فمثلا في فترة الإخوان أتى قوم من الشرائح الدنيا من البرجوازية الصغيرة وناس قريعتي راحت واستغلوا الدين حتى اعتلوا السلطة واثروا ثراء فاحشا وهمشوا الرأسماليين التقليديين واذلوهم اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وسكنوا في قصورهم بعد انتزاعها منهم. أي ان السلطة كانت هي مصدر الثروة وليس العكس.

وقبل الإخوان توزعت السلطة بين الجيش وحزبي الأمة والختمية ولم تكن ابدا مع الرأسمالية كطبقة واعية بذاتها. ورغم ان اقسام من الرأسمالية تحالفت دائما مع هذا الحزب أو ذاك الا ان تحالفها كان كشريك تابع هدفه حماية ماله والحصول علي التسهيلات مقابل إتاوات يدفعها للأحزاب أو لأفراد ولكن ظلت السلطة كاملة في يد الاحزاب أو الجيش وبعيدة عن يد الرأسمالي.

أيضا في عهد ما بعد البشير نجد ان السلطة تتوزع بين أهل السلاح، الاجهزة الأمنية، وحلفائهم من بعض الأحزاب وبعض وكلاء الخارج ولا نصيب للرأسمالية السودانية في القرار الوطني.

في مثل هذه الأوضاع فان كائن مثل الأستاذ سلك أو التعايشي يتمتع بتأثير علي المصير الوطني في مستوياته السياسية والاقتصادية لا يحلم به أسامة داوود ولا انيس حجار ولا النفيدي. وايضا فان موظف ما واصل يملك تأثير علي اقتصاد الدواء التريليوني لا يتوفر ربعه لرأسمالي عتيد ساهم هو وأسرته في توطين صناعة الدواء منذ أيام صبا الأمام عبدالرحمن.

يترتب علي هذا الحكي انه علي مستوي ما فان الرأسمالية الوطنية ليست هي الشيطان وانما هي ضحية من ضحايا فساد السلطة وغشامتهـا.

ولكن هذا التوازن لا يعني ان الرأسمالية بريئة، فهي دائما موجودة حول مصنع القرار وتحاول التأثير عليه بما يخدم مصالحها الطبقية المشروعة أو الفاسدة أو يرجح اهدافها الوطنية النبيلة ولكن ابدا ليس كسيد مهيمن يملك العملية السياسية ويصرف بركاوي (يلعن دينه) للقادة حين يشاء كما هو الحال في فرنسا وامريكا وبريطانيا وانما كثري مذعور يحاول حماية ماله أحيانا بالمنطق السليم والوطنية وبالرشاوي والعلاقات العامة أحيانا اخر.

اذن القرار السياسي والاقتصادي في يد أهل السلطة لا في يد الرأسمالية. في مثل هذا الوضع تستجيب الرأسمالية للإطار السياساتي الذي يضعه أهل السلطة بحساباتهم الخاصة عن علم أو جهل أو مصلحة. فلو كان هذا الاطار رشيد، يسعي الرأسمال لتحقيق الأرباح من خلال أنشطة إنتاجية تفييده وتفيد المجتمع بتطوير قوى الإنتاج وزيادة الدخل وتوفير فرص العمل الكريم وتعزيز العائد الضريبي.

أما لو كان الاطار الذي يرسمه أهل السلطة مصاب بالجرب الفكري والسياسي فان أهل الرأسمال أيضا يسعون لمراكمة الأرباح حتى لو كان ذلك عن طريق أنشطة طفيلية ضارة وغير منتجة او فسادية.

ولكن في كل الأحوال من المهم ملاحظة ان الطبقة الرأسمالية لا تصنع الإطار السياساتي وإنما فقط تستجيب له كتابع.

إذا كان أعلاه صحيح، يترتب عليه ان المشكلة ليست في الرأسمالية الطفيلية أو المنتجة وانما في السلطة السياسية وصناع القرار من البيروقراطية العسكرية والمدنية لجهاز الدولة وقادة الأحزاب الذين لفوا لفهم.

وهذا يعني ان شيل حال الرأسمالية حتى لو كانت طفيلية فيه اعفاء صريح لصانعي الأزمات الحقيقيين من أهل البيروقراطية المدنية والعسكرية والحزبية.

وبما انهم وجدوا في مجتمعات ما قبل الرأسمالية فقد ادرك السادة المتصوفة الذين كشفت لهم الحجب ان شهوة الرئاسة اعظم من شهوة المال وأشد خطرا. وقال أهل السودان سلطة للركب خير من مال للكتف.



#معتصم_الاقرع (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرأسمالية الطفيلية وجدل الثروة والسلطة
- العقوبات وحقوق الانسان السوداني في لعبة المصالح الكبري
- الاخوان وصناعة الفشل الاقتصادي في السودان


المزيد.....




- تواصل معه سرّا دون معرفة ترامب.. هل تسبب نتنياهو بإقالة مايك ...
- السفير الصيني لدى الولايات المتحدة: واشنطن لن تتمكن من ترهيب ...
- الأمن اللبناني يمهل -حماس- يومين لتسليمه 4 أشخاص استهدفوا إس ...
- -اللواء- اللبنانية: السلطات السورية تفرج عن أمين عام الجبهة ...
- مصر.. شاب يقتل شقيقته بوحشية ويمثل بجثمانها 
- محافظ السويداء السورية: الاتفاق الموقع لا يزال ساريا وتعديلا ...
- حماس: ندين العدوان الإسرائيلي الغاشم على سوريا ولبنان
- قديروف: إحباط محاولة تسلل أفراد القوات الأوكرانية إلى أراضي ...
- السودان يتهم كينيا بالتدخل في شؤونه والتصرف كدولة مارقة
- إسفنجة المطبخ قد تحتوي على بكتيريا أكثر من مقعد المرحاض


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتصم الاقرع - الرأسمالية الطفيلية وجدل الثروة والسلطة