أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد زناز - في المنفى تحرّرت من الجاذبية الثقافية المحلية














المزيد.....

في المنفى تحرّرت من الجاذبية الثقافية المحلية


حميد زناز

الحوار المتمدن-العدد: 6734 - 2020 / 11 / 16 - 01:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لما غادرت ذات خريف من سنة 1993 نحو فرنسا كانت الجزائر قد بدأت مسيرتها الجهنمية نحو العشرية الحمراء، عشرية الإرهاب الأصولي. كنت أودّ الاستراحة قليلا ثم العودة لمواصلة الكتابة على أرض الوطن ولكنّ استفحال العنف حال دون ذلك. وجدت نفسي منفيا في فرنسا والبلد يحترق على الضفة الأخرى. كانت الضربة شبه قاضية إذ انقطعت تقريبا عن النشر والكتابة في الصحف قرابة عشر سنوات كاملة كما لم أعد إلى الجزائر طيلة 20 سنة متواصلة. وفي الحقيقة لم أشعر بالغربة في أول الأمر بسبب معرفتي باللغة الفرنسية وتعوّدي على زيارة بلاد فولتير سابقا.
كان كل اهتمامي الفكري منصبّا على ما كان يحدث في الجزائر من دمار جراء العنف الإسلاموي وقد دوّنت ذلك في كتابي الأول وكان باللغة الفرنسية والصادر سنة 2009 والذي كان تحت عنوان “المأزق الإسلامي/حينما يتحول الدين إلى عدو للحياة”. وقدم له الفيلسوف الفرنسي ميشال أونفري وتبعته خمس إصدارات أخرى في نفس الموضوع وبنفس اللغة. ومع ذلك لم أشعر أبدا أنني أصبحت كاتبا فرنسيا بل أشعر دائما بأنني كاتب جزائري يكتب باللغة الفرنسية عن هموم وطنه وليقول للفرنسيين بلغتهم بأنه ليس فرنسيا.
على عكس الشاعر الجزائري الكبير مالك حداد الذي كان يقول بأنه كان منفيا في اللغة الفرنسية لجهله للغة العربية التي لم يتعلمها بسبب الاستعمار، فأنا لم أكن منفيا في سجن اللغة الفرنسية مثل مالك حداد لأنني لم أكن أجهل اللغة العربية لكوني من جيل الاستقلال ولأنني واصلت الكتابة والنشر باللغة العربية وأنا أعيش وأكتب في المهجر. وقد أصدرت ببيروت كتابا باللغة العربية في نفس السنة التي صدر فيها كتابي المذكور سابقا بدار الساقي تحت عنوان “فصل الكلام في مواجهة أهل الظلام”. وتبعته أربع كتب باللغة العربية نشرت في الجزائر كما أصدرت كتابا فلسفيا باللغة الفرنسية في الجزائر ذاتها كما صدر لي كتاب بالشارقة وآخر بألمانيا.
وربما هذا الانتقال من الفرنسية إلى العربية والنشر في الوطن العربي وفرنسا وإيطاليا في آن معا واحتفاظي بجنسيتي الجزائرية دون طلب للجنسية الفرنسية هو الذي جعلني لا أشعر بالانقطاع عن ثقافتي وجزائريتي وظل ما أكتبه مرتبطا بإشكاليات بلدي والعالم العربي ككل مع توفر حرية التعبير والنقد والنشر والمسافة الضرورية.
وابتداء من المرحلة التي انتهى فيها الاقتتال والحرب ضد الإرهاب في الجزائر وهدأت الأمور نسبيا في حدود 2007، تحوّلت من منفي إلى مهاجر بمحض إرادتي إذ كنت متيقنا بأنه لم يكن في وسعي إكمال ما بدأت في فرنسا في الجزائر نظرا للتضييق الذي كان سائدا على حرية التعبير جراء قانون الوئام الوطني الذي جاء به الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة والذي يمنع ويجرّم نقد الأصوليين المجرمين الذين نزلوا من الجبال عقب هذا القانون الانتحاري الذي حوّل هزيمتهم العسكرية إلى انتصار ثقافي للأصولية.
وبغض النظر عن حالتي المزدوجة ككاتب بلغة البلد المضيف ولغة البلد الأصلي في آن معا، فالغربة الأدبية لم تعد كما كانت سابقا حتى بالنسبة إلى الذين يكتبون بالعربية فقط وهم يعيشون في الغرب نظرا لوسائل الاتصال الحديثة ابتداء من الفضائيات ووصولا إلى وسائل التواصل الاجتماعي التي وفرتها الإنترنت. ومع ذلك فالتجربة الكتابية تختلف بين ما ينشر داخل الوطن وما ينشر في الغرب. ليس بسبب حرية التعبير المتوفرة خارج الديار فحسب بل بسبب تدخل دور النشر أحيانا في قولبة النصوص، إذ النشر هنا صناعة مرتبطة بسوق محكومة بتنافسية شرسة. بعبارة أخرى إذا لم ينجح كتابك الأول فلا يمكن أن تتاح لك فرصة أخرى لنشر كتاب ثان مثلا.
لا يمكن أن أخفي أنه لولا وجودي بفرنسا لما كنت كتبت بالطريقة التي كتبت بها ولما كنت تجرّأت على طرح بعض القضايا المتعلقة بالتدين والإسلام السياسي وغيرهما. كتبت بكل حرية بعيدا عن التشنج والعقد ومن دون حذلقة، أطلقت العنان لأصابعي تلهو على ملامس حروف حاسوبي النقال فجالت كما شاءت دون رقيب أو حسيب. شعرت وأنا أكتب في المنفى ثم في المهجر أنّني حر طليق وحاولت أن أكتب الكتب التي لم أجدها على رفوف المكتبات في بلدي.
أعتقد أنني فكرت مستقلا عن الذات الثقافية والعادات الذهنية المسيطرة في العالم العربي وبديهياته. وكنت أشعر ولا زلت بأنني غير معني بالموروثات العقائدية الجامدة المكبلة للتفكير ولا بضغوطات الرأي العام المحلي. بمعنى ما من المعاني لقد تحرّرت من الجاذبية الثقافية العربية الاسلامية. خرجت من الذات لرؤية الذات على حقيقتها. أعتبر ما كتبت رؤية جزائرية للواقع الجزائري والعربي حتى وإن تمت في خارجهما.
في الحقيقة لم يعد هناك أدب أو فكر مهجري له خصائصه كما كان سائدا في الماضي ولم يعد الفصل ممكنا، فيمكن أن تجد في عز الغرب لدى المهاجرين والمنفيين فكرا أصوليا متخلفا بينما تعثر في بلدان الشرق على فكر حداثي راق. عن كارل ياسبرس الفيلسوف الألماني الشهير، قالت حنا أردنت إنه “غادر ألمانيا ليبقى فيلسوفا”. مئات المثقفين العرب غادروا دكتاتوريات بلدانهم نحو الغرب الديمقراطي ليسقطوا مرة أخرى في فخ دكتاتورية التراث.



#حميد_زناز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -خيار الشعب- أكذوبة الإسلاميين الجزائريين
- كيف عكّر الاسلاميون صفو ثورة الابتسامة في الجزائر؟
- هل يُضطهد المسلمون في فرنسا؟
- مرحبا أيتها الطوباوية المضادة !
- دونالد ترامب او الطوفان؟
- تشرفتُ برحيلك : رواية جزائرية تكشف عن وجه الاصولية الحقيقي
- لماذا انتصرت الغابون على الجزائر ؟
- وأصل الجمود ثقافة
- إرهابيون في نجدة النظام الجزائري
- الجزائر بلد مريض على فوهة بركان
- الأصولية كما فسرتها لابنتي
- متى يشفى المسلمون من مرض - و أعدوا- ؟
- لن تفلح أمة حكمها الإخوان
- أمينة هي الواقفة و أنتم الراكعون..
- عن أمينة ، لن نسكت يا أيها الرئيس
- لا للديمقراطية الإسلامية العرجاء
- رسالة مفتوحة إلى حاليلوزيتش ، سماحة المدرب المنتظر
- المسلمون: تيه في الحداثة
- أصوليون في ثوب محللين سياسيين !
- حياة محمد في رسوم كاريكاتورية : ما المشكلة؟


المزيد.....




- أول مرة في التاريخ.. رفع الأذان في بيت هذا الوزير!
- أول مرة في تاريخ الـ-بوت هاوس-.. رفع الأذان في بيت الوزير ال ...
- قصة تعود إلى 2015.. علاقة -داعش- و-الإخوان- بهجوم موسكو
- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد زناز - في المنفى تحرّرت من الجاذبية الثقافية المحلية