أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - أقلمة العراق لمصلحة من ؟















المزيد.....

أقلمة العراق لمصلحة من ؟


داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)


الحوار المتمدن-العدد: 6732 - 2020 / 11 / 14 - 09:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو أن فوز نائب الرئيس الأمريكي السابق الديمقراطي جو بيدن , في إلإنتخابات الأمريكية لعام 2020 ,( والتي لم تحسم نتائجها بعد , بسبب رفض الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب قبولها , وسط دعوى بتزوير نتائجها في بعض الولايات الأمريكية , لم تثبت صحتها حتى الآن) , قد فتح شهية بعض قادة الكتل السياسية العراقية والمجاميع الطائفية والأثنية الداعية إلى تفتيت العراق وتقسيمه إلى كانتونات وكيانات طائفية وأثنية هزيلة لا تقوى على حماية نفسها أبدا, دون الإتكاء على الأجنبي لضمان أمنها وديمومتها . فالمعروف أن جو بايدن كان قد نشر مقالا بجريدة "النيويورك تايمز" عام 2006, يوم كان العراق يشهد عنفا طائفيا داميا , راح ضحيته آلاف العراقيين في أعقاب تفجير مرقدي الأمامين العسكريين في سامراء . طرح بايدن في هذا المقال مشروعا لتقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم فيدرالية على أسس طائفية وعرقية, إقليم للسنة في شمال وغرب العراق , وإقليم للشيعة في جنوب العراق , وإقليم كردستان القائم حاليا . تتمتع هذه الأقاليم بحكم ذاتي إلى حد كبير , وتكون مسؤولة عن وضع قوانينها المحلية وإدارة شؤونها وأمنها الداخلي , بينما تكون الحكومة المركزية مسؤولة عن الدفاع عن الحدود وإدارة الشؤون الخارجية والإشراف على عائدات النفط, فيما تصبح بغداد منطقة فيدرالية , وتحضى المناطق المختلطة ذات الكثافة السكانية العالية بحماية الشرطة متعدد الطوائف , بالإضافة إلى الحماية الدولية . طرح جو بايدن في العام 2007 مشروع تقسيم العراق على مجلس الشيوخ الأمريكي من موقعه رئيسا للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ , أقر مجلس الشيوخ مشروع بايدن كخطة غير ملزمة لتقسيم العراق . أكد بايدن مرة أخرى تمسكه بمشروع تقسيم العراق في مقال نشر في صحيفة “واشنطن بوست” في عام 2014, بدعوى الحفاظ على وحدة العراق المهددة أساسا بالتفكك والإنهيار والذهاب نحو المجهول, جراء التناحر الطائفي والإثني, وإنهيار ما تبقى من مؤسسات الدولة وقيمها وقوانينها ونهب ثرواتها من قبل كل من هب ودب, معللا أن خطته تبقي على وحدة الدولة العراقية بشكل من الأشكال ولو كان ذلك بروابط ضعيفة, وتحد من مداخلات الدول الأخرى بشؤونها .
لا يتطرق مشروع بايدن إلى الكثير من الصعوبات التي يمكن أن تعوق تنفيذ مشروعه حتى لو خلصت نوايا جميع الأطراف بتنفيذه , منها تداخل الكثير من المناطق بين العرب والكرد والتركمان وأقليات أخرى في مناطق عديدة ,في محافظات كركوك ونينوى وصلاح الدين وديالى , يطلق عليها حاليا "بالمناطق المتنازع عليها " , والتي كان يفترض تسويتها خلال (5) سنوات من تاريخ تشريع الدستور العراقي المعتمد منذ عام 2004 ,وتعرض هذه المناطق إلى تغيرات ديموغرافية لصالح هذه الجهة أو تلك في أوقات مختلفة لأسباب سياسية . كما أن هناك مناطق ومزارات شيعية مقدسة داخل المناطق السنية في محافظتي صلاح الدين ونينوى ذات الغالبية السنية , والعكس صحيح أيضا هناك مناطق سنية في محافظات بابل والبصرة وذي قار ذات الغالبية الشيعية, فضلا عن وجود عشائر بعض أفرادها سنة وبعضهم شيعة , والأهم من كل ذلك أن بغداد يكاد يتقاسمها الشيعة والسنة بالتساوي , وتمثل مصدر الإحتكاك الطائفي بينهما , وبالتالي فأن مشروع الأقاليم لا يتوقع له النجاح بتحقيق السلم الإجتماعي والإستقرار المنشود في العراق كما يروج لذلك أصحابه . وربما سيزيد من الإحتقان فيما بينهم , وربما يؤدي إلى نزوح واسع وتهجير للسكان من مناطقهم , وتأجيج صراعات لا مبرر لها بعائدية هذه المنطقة أو تلك لهذا الطرف أو ذاك , وتنازع مرير على الموارد الطبيعية والثراوات .
وقبل الخوض بمناقشة تفصيلات مشروع بايدن لتقسيم العراق , لابد من تأشير بعض معطيات واقع العراق الراهن , ذلك أن العراق منذ غزوه وإحتلاله من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحتى يومنا هذا يعاني مشكلات خطيرة يبدو أن لا نهاية لها في المدى المنظور , ما لم يتم التصدي لها بموضوعية ومعالجتها بواقعية , من منطلق أن العراق لجميع العراقيين , وأن من حق جميع العراقيين بمختلف قومياتهم ومعتقداتهم ودياناتهم وطوائفهم , العيش بأمن وبما يحفظ الحد الأدنى من كرامتهم الإنسانية في جميع الأحوال والظروف . تشير معطيات الواقع العراقي الراهن إلى الآتي :
1. أن العراق منذ الأزل وحتى يومنا هذا , بلدا متعدد القوميات والأديان والمعتقدات والطوائف , إستطاع العراقيون التعايش السلمي والعيش المشترك مع بعضهم بدرجة إنسجام جيدة إلى حد كبير , إلاّ أن ذلك لا ينفي حدوث بعض التجاوزات من هذا الطرف أو ذاك أحيانا كما يحصل في بلدان عديدة لأسباب مختلفة , سرعان ما يتم تجاوزها , ولكن ذلك لا يبرر إطلاقا الإعتداءات التي مارسها البعض ضد البعض الآخر, وإنتهاكات صارخة ومصادرة أبسط حقوق الأنسان بالعيش الكريم والآمن وحرية المعتقد , ناهيك عن سفك الدماء وإنتهاك الحرمات في إعقاب غزو العراق وإحتلاله عام 2003 , والتي جميعها تركت ندبا وجروحا غائرة في الذاكرة العراقية قد يصعب على الكثيرين إسدال الستار عليها بسهولة .
2. يمثل الفساد المتفشي في جميع مفاصل الدولة آفة خطيرة لا تهدد بقاء الدولة العراقية فحسب, بل العراق شعبا وحكومة ودولة , وبخاصة أن هذا الفساد لم يعد مقتصرا على موظفي الحكومة وقادتها وكبار مسؤوليها , بل بات شاملا لشرائج إجتماعية واسعة , حيث يلاحظ إنهيار سريعا في القيم والأخلاق ومعايير الشرف والنزاهة لدى كثيرين , والرغبة بالثراء الفاحش بكل الوسائل , دون الإكتراث لآهات الضعفاء والمحرومين الذين جعلوهم وقودا لحروبهم وصراعاتهم القذرة.
3. يمثل الدستور العراقي بوضعه الحالة عقبة كأداء بوجه أية محاولة لإصلاح النظام السياسي القائم حاليا في العراق على أساس المحاصصة الطائفية والأثنية المقيتة.
4. يعاني العراق حاليا من تعدد الهويات والولاءات التي تسمو لدى البعض على الهوية الوطنية العراقية, بل وتقاطع البعض منها مع الإنتماء الوطني للعراق الذي يفترض أن يكون فوق اي إنتماء آخر مهما كانت الأسباب والموسوغات.
5. يعاني العراق من أنفلات أمني غير مسبوق , لكثرة الجماعات المسلحة خارج تشكيلات القوات المسلحة والقوات الأمنية العراقية , إذ لكل منها مرجعيتها الخاصة بها.
6. تسيطر جماعات مختلفة غير حكومية على منافذ العراق الحدودية , وتتصرف بإدارتها حسب مصالحها التي لا علاقة لها بمصلحة الدولة العراقية , لا بل وقد تهدد أمنها.
7. تتدخل الكثير من دول الجوار ودول أخرى كثيرة بشؤون العراق الداخلية والخارجية , وكأن العراق ملكا خاصا لها.
8. يعاني العراق من إنعدام الحريات , إذ أن ما نشاهده الآن مجرد فوضى عارمة تضرب بأطنابها البلاد عرضا وطولا , وأن أتخذ بعضها شكلا زائفا من الديمقراطية , ولإّ كيف نفسر إختطاف هذا الكم الهائل من الناشطين المدنيين جهارا نهارا , وقتلهم دون الكشف عن الجناة وتسجيل هذه الجرائم ضد مجهول.
9. تملك عقارات الدول دون وجه حق بدعوى أنها ممتلكات مجهولة المالك.
10. توقف مصانع ومعامل الدولة الصناعية عن العمل منذ العام 2003 دون أي سبب , سوى خدمة الفاسدين لجني الأرباح من خلال إستيراد المواد البديلة من دول الجوار.
11. الإهمال المتعمد لقطاع الزراعة والموارد المائية , لتتحول الأراضي الزراعية الخصبة إلى أراضي صحراوية, وجعل العراق بلدا مستوردا لسلة غذاء سكانه , بدلا من أن يكون بلدا منتجا لها .
12. إشاعة ثقافة الدجل والشعوذة والتجهيل بين الناس , ليسهل توجيههم كقطيع أينما بريدون وحسبما يشاؤون.
13. تدهور قطاع التربية والتعليم بشكل خطير شكلا ومضمونا , ولعل ألأعداد الهائلة من التلاميذ المتسربين من المدارس ذكورا وأناثا , وأنصاف المتعلمين من خريجي الدراسات الجامعية الأولية والعليا , وإتساع ظاهرة الشهادات الجامعية الوهمية والمزورة , ومحاولة بعض المسؤولين إضفاء الشرعية القانونية عليها , إلاّ خير شاهد ودليل .
14. تحديد العلاقة بين حكومة إقليم كردستان والحكومة المركزية بصورة قانونية واضحة, إذ أن ما تمارسه حكومة الإقليم من سياسات لا تقع ضمن مفهوم الدولة الفيدارالية المتداول في الكثير من دول العالم, بل أقرب ما تكون بدولة مجاورة للعراق تشاركه ثرواته وتتمتع بنفوذ واسع بحكومته وبرلمانه, و دون أن يكون للحكومة المركزية أية سلطة في الإقليم .
ودون الحاجة لمزيد من التفصيلات التي قد يطول الحديث فيها , نعود لصلب الموضوع ونقول أن من يريد الأخذ بمشروع بايدن لتقسيم العراق , عليه أولا بث الروح الوطنية في الدولة العراقية كي تستعيد صحتها وعافيتها على وفق النقاط التي أشرنا إلي بعضها في أعلاه , كي تتمكن من إتخاذ القرارات الصحيحة لتحديد مسارها المستقبلي, وقبل هذا وذاك تصحيح العلاقة بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان لإعطاء النموذج الصحيح لمفهوم الإقليم وفقا لما هو متعارف عليه في الدول الفيدرالية , ومنها على سبيل المثال لا الحصر الولايات المتحدة الأمريكية نفسها وكندا وأستراليا ودول أخرى عديدة .
وأخيرا نقول أن مشكلة العراق اليوم , لا تكمن بشكل الحكومة وطبيعة نظامها السياسي مركزيا كان أم نظاما لامركزيا , بل تتعداها إلى أدوات الحكومة ورموزها وقادتها ومدي أهليتهم للحكم ونزاهتهم, فالعبرة في التنفيذ لا في التنظير, وهذا يتطلب خلق البيئة السياسية النظيفة الخالية من الفساد والمفسدين وشذاذ الآفاق, ممن لا تربطهم بالعراق أية صلة رحم ,وإرساء قواعد الحكم العادل والرشيد الذي يؤمن حقوق البلاد والعباد , فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم, صدق الله العظيم.



#داخل_حسن_جريو (هاشتاغ)       Dakhil_Hassan_Jerew#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تداعيات جائحة فيروس كوفيد 19 المستجد على القطاع الثقافي
- ملاحظات عابرة في قانون معادلة الشهادات والدرجات العلمية
- العراق مستودع أزمات
- تداعيات جائحة فيروس كوفد- 19 المستجد ... على قطاعي التربية و ...
- ألأمن ... ركيزة التنمية الشاملة
- الإنتماء الصادق للعراق ... معيار الوطنية
- ملاحظات عابرة في التطبيع الخليجي الصهيوني
- لمصلحة من إثارة الهرطقات الطائفية ؟
- حديث في تسييس الطفولة
- أما آن لليل العراق أن ينجلي
- حديث في المراهقة السياسية
- حديث ذي شجون في الإنقلابات العسكرية
- واسفاه على هوان العراق
- نظرة في ثلاثية الدين والقومية والوطنية
- إشكالية العقائد السياسية الكونية والولاء الوطني
- السيادة العراقية وحرية القرار السياسي
- هل بات العراق دوامة أزمات ؟
- لا تحدث العاقل بما لا يليق
- مصطلحات نشاز ما زالت قيد التداول
- نكون شعبا أو لا نكون ...ولكن لسنا مكونات


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - أقلمة العراق لمصلحة من ؟