أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نيسان سمو الهوزي - إذا عاد بيّ الزمن ( نصف قرن ) ماذا كُنتُ سأفعل !














المزيد.....

إذا عاد بيّ الزمن ( نصف قرن ) ماذا كُنتُ سأفعل !


نيسان سمو الهوزي

الحوار المتمدن-العدد: 6731 - 2020 / 11 / 13 - 13:14
المحور: كتابات ساخرة
    


منذ فترة ليست بالقصيرة وأنا أُفكر في كتابة السيرة الذاتية او بعض الهوامش المذكراتية ولكنني فشلتُ فشلاً ذريعاً ( راح اكتب عن فلم هندي يبدأ البطل فيه بالبكاء والعويل وينتهي بإنتحار البطلة وهي تلطم ) ! تركت الموضوع وحاولتُ ان اُبسط الملهاة واختصرها في كتابة سيرة نظرية مختصرة عن اهم الافعال التي قمتُ بها والتي كان من المفروض ان افعلها لو عاد بيّ الزمن لنصف قرن للوراء .
اول هروب جماعي لنا الى دولة اخرى كان عام خمسة وسبعون وانا طفل صغير! بعد عام عُدنا الى العراق الأبي وبدأ المسلسل التراجيدي ! الدراسة كانت عبارة عن عملية طفر الموانع . كل ربع ساعه كان يأتي احد الرفاق البعثيين ويقتحم الصف يسأل عن نيسان الكُردي لأنني كُنتُقد ادعيتُ بأنني كُردي وسأعود الى الشمال ولهذا لا استطيع ان انتسب الى الحزب . بدأت مفارز الجيش الشعبي تلاحقني قبل اي وجبة إلتحاق بأيام وأنا اهرب قبلهم الى كُردستان حتى تلتحق الوجبة ومن ثم اعود الى المقاعد الدراسية ( اتكون نصف السنة الدراسية قد انتهت ) . قضينا شبابنا بين الكر والفر من هذا الفصيل وذاك الرفيق . بدأت الحرب الثانية وانا عسكري تحت الارض الى ان انتهت ! كل ما إستطعنا ان نفعله هو بقاءنا على قيد الحياة .
اقتربت الحرب الثانية ( ما اعرف اسميها حرب التحرير ، الاحتلال ، السقوط ، سقوط بغداد اقصد مو غير شيء ) ولكننا كنا قد تمكنا قبلها في الهروب السادس عشر والاخير .
عادت بيّ الذاكرة وتمحصت وگلگلتُ كُل تلك الفترة الزمنية الطويلة والمريرة لأُقيّم ما فعلته من الاخطاء وماذا كان عليّ فعله في اليوم الفلاني والحادثة العلانية والفترة الزمانية إذا عاد به الزمن فلم اجد غير إن افضل شيء عملتهُ وقمتُ به هو الهروب الاخير !
لم اجد اي اخطاء قمتُ بها غير النجاحات ! نجاح البقاء على الحياة ومن ثم الهروب .
هذا اشرف وانجع وافضل وأقدس عمل قمتُ به في كل تلك الفترة الزمنية التي عشتُ بها في بلدي بلد الخيرات والحضارات والانبياء وانا واثق بأن هذا العمل هو مفخرة لمعظم العراقيون الذين هربوا من العراق وأُمنية كل عراقي لم يستطع او لم تسعفه ظروفه للقيام بذلك الهروب ،بإستثناء الذين استغلوا ونجحوا في نهب العراق وتهريب خيراته للخارج وفي إنتظار اللحاق بتلك الاموال . اي منذ الولادة الى لحظة الهروبكُ نا مسيرين ومضطرين للتسايس والتحايل والقبول والمساومة لا من اجل الاقتناع او الادراك او الموافقة المقرونة بالإستيعاب واتخاذ القرار والمشاركة فيه بل فقط من اجل البقاء على قيد الحياة ! يعنو اذا عاد بيّ الزمن سوف لا افعل اي شيء غير الذي فعلته تماماً ! وهذه مصيبة وبلوة وكارثة على حياة الانسان ( واحد يعود خمسون سنة للوراء ويبدأ حياة جديدة وليس لديه حلم واحد او تغير ما في كل تلك الفترة ) ! مضحكة ماوراءها مهزلة ! يعني حياتنا كانت بلا اي قيمة او فعل او حتى معنى ، مجرد حشرات تم خنقها تحت ارجل المجرميين من كل الاشكال ، مو بَس السياسية ، لاء ومعها المذهبية والطائفية والتاريخية وحتى الاجتماعية والفكرية لا بل حتى الى مستوى الشارع . مجردحشرات فطس الكثير منها تحت تلك الاقدام ونجى وبالصدفة البعض منها ( اذا انا حشرة اشلون تطلبون مني المشاركة في العمل والبناءوالابداع ) !
منذ عقود وكل العقول هربت وتركت بلد الانبياء والحضارات ، وملايين العراقيين هربوا وانتشروا في كل ارباع العالم والباقي يحلم وينتظر تلك اللحظة ( ومع هذا نفوس العراق تضاعف مرتيّن فهل من تفسير ! لماذا ينجب العراقيون الاطفال ليقتلوهم في النهاية ) . عدد الاخوة الاكراد الذين هربوا من العراق بعد سقوط صدام تضاعف ثلاث مرات عن ما قبل السقوط ( يُمكن الشغلة متعلقة التراب أو المقدسات ) ! والله فكرة .
كيف سيتم بناء بلد وتعمير اقتصاد وتربية الاجيال وشعب بأكمله ينتظر لحظه الهروب ! كيف ستقوم قائمة بلد الاديان والحضارات وجَم احلام شعبه المؤمن هي الوصول الى بلدان العالم الكافر ( والله راح تندمون ) . بَس اذا ترامب هرب او راح يهرب بقت الشغلة على العراقيي !
الهولة والمصيبة التي نحن فيها هنا في الغرب والذي اعتقدنا بأننا وصلنا الى بر الامان وجدنا أنفسنا في الفترة الاخيرة بأننا في العراق ! نفس التعاليم وعين التقاليد وذلك الارهاب . في العراق لم أصادف يوماً احدهم قال لي هذا الاكل حلال وذاك حرام ( يارجُل بدأت احلم بتلك البلدان من جديد ) ! وهنا حتى الغربي اول ما ينظر إلى رأسك الكبير يقول لك لا تشتري من هذا لأنه مذبوح على الطريقة الغربية بينم ا هذاك على الطريقة الإسلامية ( يعني حلال ) .
صادقاً منذ فترة ليست بالقصيرة بدأت تنتابني افكار غريبة خوفاً من المستقبل وتخطر ببالي الهروب والعودة مرة اخرى الى اي دولة عربية تخلو من الارهاب والحلال والحرام ! عندما تنتهي المصائب والبلاوي في بعض الدول العربية سيكون الارهاب والتخلف قد ساد الغرب ! ايعني نهرب من جديد ! يجب البحث عن دولة إسلامية نعود إليها هرباً منذ الذي يحصل في الغرب والذي سيحصل لنعيش باقي عمرنا القصيرفيها ( شنو كتب انبياءنا الهروب بإسمنا ) !
اعظم واجمل حلم لأي إنسان على وجه الارض اذا سألته عنه ، سيقول ودون تردد عودة الزمن بيّ ربع او نصف قرن للوراء حتى اقوم بما كان يجب ان اقوم به او افعل ما لم افعله في حياتي ، فقط العراقي لا يتمنى تلك العودة ، لأن افضل شيء واعظمه في حياته هو هروبه ونسيان كل ذلك العمر وتلك الفترة ( مو زين بقى عائش ) ! الفرق كبير وكبير جداً ، والأعظم من كل هذا وذاك هو إنسابهم لكل تلك المصائب والبلاوي والجرائم الى الله ( عادي ، اذا كان كُل شيء مكتوب مسبقاً فلا دخل للإنسان فيها ) ! إذاً لم يبقى لنا وأمامنا غير تكرار الكليشة الجاهزة المتخثرة في دماغنا : الحمدلله على كل شيء وعلى لا شيء. والله فكرة .
لا يمكن للشعوب المتأخرة التقدم دون البدأ من نقطة الصفر !



#نيسان_سمو_الهوزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا كُل هذا الرعُب والهلع من فوز بايدن العجوز !!!
- الجِدار الطباشيري والتراجع الشرقي ( الإسلامي ) !
- التلفيق والترقيع في المواقع الخاصة وخطورتها على العالم !
- جريمة الاردني ابو على الزْنْخ تهزُ العالم بأجمعه !
- طَلبْ اللجوء الداخلي هو افضل وسيلة للسفارات الكافرة في بغداد ...
- إسرائيل تترأس الدورة الحالية للجامعة العربية !
- ولادة طفل شيعي !
- المذهب الاسلامي أم اسرائيل !
- طريق حرير القدس الإيراني الجديد !
- مَن في العالم كُله يعلم كم طن من النترات إنفجرت في بيروت !!
- مفرقعات رأس السنة في ايران تنتقل الى بيروت !
- آيا صوفيا بين أردوغان والاخوان المسلمين !
- كيف سيشعر بالماء الذي يسري من تحت خيمته !
- متى سيخجل السياسي العراقي ! الفرق بين قوادي الامس واليوم !
- جريمة مَقتل الاستاذ هشام الهاشمي ومَن الذي سَيليه وكيفية الت ...
- لا فرق بتاتاً بيني وبين تلك العَقْرَبة من حيث التَدوين !
- هل انتهى مفعول الاديان بعد ضرب الكورونا !
- فيروس الكورونا اضحى نعمة وحرية المسلم !
- عندما تصل جثمان الجنود الاتراك الى انقرة سيهرب اردوغان !
- هل سيكون فيروس الكورونا داءاً للعراق للتخلص من السيطرة الإير ...


المزيد.....




- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نيسان سمو الهوزي - إذا عاد بيّ الزمن ( نصف قرن ) ماذا كُنتُ سأفعل !