أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فوزي النوري - تحت وطاة الانعطاف القسرية :موضوعات في طبيعة الشخصية التونسية














المزيد.....

تحت وطاة الانعطاف القسرية :موضوعات في طبيعة الشخصية التونسية


فوزي النوري
مناضل يساري تونسي

(Ennouri Fawzi)


الحوار المتمدن-العدد: 6727 - 2020 / 11 / 8 - 18:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مجتمعنا يئنّ تحت وطأة الانعطاف القسري
أوّل سؤال تبادر الى ذهني منذ فترة طويلة هوّ : كيف أنتج هذا الفرد الذي نراه و الذي لا نرى ملامح شخصيّة مجتمعيّة يرتدّ إليها و لا علامة تدلّ على ميله و مزاجه ...
في اعتقادي يجب أن نكون حذرين في الصمود أمام اغراءات الاجابات الاختزالية و التي تحيل تفسير هذا المنتج البشري للعوامل التاريخية و العناصر الموضوعيّة الماديّة بل يجب الافلات من سطوتها دون تحييدها .
التونسي كائن فريد متفرّد لا ملامح له لم يتعرّف بعد على ذاته الاّ من خلال وعاء غريب عنه سواءا كان هذا الوعاء شرقيّا أو غربيّا .
هذا الكائن ينتصر للتقاليد و للمعتقد و للنزعة التحرّريّة و لقيم العولمة في مستواها السّطحي ... ليكون النسيج الاجتماعي مجموعات مختلفة و أحيانا صراعيّة تلتقي كلّها في التسطيح في فضاءات مبتذلة من التفاهة و اللاّمعنى و تحوّلت هذه البنى الذهنيّة السطحيّة الى معاقل تتحصّن داخلها هذه المجموعات المتناثرة التي تشكّل نسيجا مجتمعيّا هشّا .
عندما نتأمّل الخطاب الذي يفرزه هذا النسيج المجتمعي نلاحظ حضورا مكثّفا للمعتقد حتّى في أشكال الخطاب الأكثر تحرّرا (الفنّ) ( السياسة) كما نلاحظ عنفا استقرّ لدينا و أصبح علامة دالّة عن مدى ارتباطنا و تجذّرنا و مطابقتنا للمواصفات التونسيّة .
في اعتقادي و تحت وطأة التحوّلات العميقة في مفهوم " الكائن المعولم " و التصدّعات التي أنتجتها المعلوماتيّة و المساحات الافتراضيّة و ما أنتجته من امكانات التفاعل الحرّ بشكل يتجاوز الحدود الجغرافيّة و الذّهنيّة عمّقت التمزّق داخل النسيج المجتمعي بين الرّغبة في كسر الحواجز الدينيّة و الاجتماعيّة و الأخلاقيّة و بين حتميّة التحصّن بالمعتقد و كلّ أنماط الدّوائر المغلقة كالمعتقد و ما ارتبط به و ما شابهه من حصون التسليم و اليقين في تاريخ مشبوه و مزوّر .
إنّها أزمة حضارة برمّتها قامت على الانغلاق و العنصريّة و التكلّس تعرّت في عاصفة من التحوّلات الكبرى في كلّ المستويات و البنى و فتحت أبوابها عنوة للوافد المعرفي و السياسي فأنتجت هذا الفرد المنفصم و اللاّسوي و العنيف و المتطرّف و التّائه الضعيف ليواجة بهذا الارث الثقيل و باللاّعقل ما عجزت عن استيعابه تربة العقلانيّة و مهدها و الحضارة التي بنتها.
في اعتقادي فإنّنا جميعا تائهون فيما يحصل فينا و حولنا و حتّى ما اصطلح عليه بالنّخبة فلم نسمع لها صوتا و لا صدى وهي لا زالت تتلكّأ في لعب دور لم تتعوّد عليه ولم تتحرّر الى اليوم للدرجة التي تسمح لها بالتأثير أو التأطير أو الاسناد أو حتّى تفسير ما يحصل من اليومي و المباشر .
الظواهر السياسيّة كان بإمكانها أن تلعب دورا في تأطير الظواهر الاجتماعيّة و حتّى في استفزاز بنية الوعي و حثّها على التحرّر من السائد المعرفي و القيمي و لكنّها هيّ الأخرى اختارت الطريق الأسهل للوصول الى السّلطة من خلال المحافظة على الأوضاع بما يستميل تلك البنى الهشّة و المتدنّية فكانت تتأرجح بين الشعبويّة و الديماغوجيا و تجارة المقدّس.
المحاولة الوحيدة لزعزعة كلّ هذه الوثوقيّات من خلال تصوّر فكري و منظومة قيم مترابطة قام بها اليسار في تجاربه المتعدّدة و لكنّ الستالينيّة التنظيميّة أجهضت تحوّله الى تنظيمات واسعة لكنّه كان الأكثر جرأة في التعاطي مع قضايا المعتقد و المرأة و تحرير الطبقة العاملة رغم عجزه التواصلي و أخطائه السياسيّة التي ذكرتها في مقالات سابقة .
التحوّلات التي نعيشها اليوم تقودنا في انعطاف قسري سينسف هذه البنى و سيقتلع مذاهب و تصوّرات من جذورها و سيحملنا نحو كائن معولم بهويّة أخرى لا أثر فيه للمحدّدات التقليديّة لسلوكنا الفردي بما يطيل حالة الضياع التي نعيش و يزيد التصدّع تصدّعا و البؤس بؤسا .



#فوزي_النوري (هاشتاغ)       Ennouri_Fawzi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيا: الجمهورية الارهابية
- تونس الى اين؟
- هل لدينا حقا نموذج مجتمعي
- ليس للاسلام السياسي اي مشروع
- الوضع في ليبيا
- المجتمع السياسي في تونس
- لكي تقرع الاجراس
- اليسار و المغالطات الكبرى


المزيد.....




- أبسطي صغارك بأغاني البيبي..ثبتها اليوم تردد قناة طيور الجنة ...
- إيهود أولمرت: عملية رفح لن تخدم هدف استعادة الأسرى وستؤدي لن ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة 2024 بأعلى ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل المنتخب الوطني لكرة قدم الصالات ...
- “نزلها لطفلك” تردد قناة طيور بيبي الجديد Toyor Baby بأعلى جو ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مصر.. هيئة البث الإسرائيلية تكشف اسم رجل الأعمال اليهودي الم ...
- كهنة مؤيدون لحق اللجوء يصفون حزب الاتحاد المسيحي بأنه -غير م ...
- حجة الاسلام شهرياري: -طوفان الاقصى- فرصة لترسيخ الوحدة داخل ...
- القناة 12 الإسرائيلية: مقتل رجل أعمال يهودي في مصر على خلفية ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فوزي النوري - تحت وطاة الانعطاف القسرية :موضوعات في طبيعة الشخصية التونسية