أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد عبو - ما أساس النظرية العلمية؟















المزيد.....

ما أساس النظرية العلمية؟


محمد عبو

الحوار المتمدن-العدد: 6717 - 2020 / 10 / 28 - 03:11
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


السؤال: ما أساس العقلانية العلمية؟
يتم بناء المعرفة وفق علاقة جدلية بين الذات والموضوع فكل إشكالات المعرفة تنبع من هذا التوتر الدائم بين الذات والموضوع فالمعرفة هي اغتناء الذات بما تبينته وبنته من موضوعات سواء كانت طبيعية أم إنسانية، لكن هذه المعرفة لا يمكن أن تستقيم إلا إذا تأسست على نظريات علمية، فمعرفة الانسان بالطبيعة قد حققت نجاحات باهرة بفضل الصياغة الرياضية والتجريب العلمي، لذلك يمكن اعتبار مفهومي النظرية والتجربة وجهين لهذه الجدلية، التي وسمت المعرفة الإنسانية وجعلتها تتوجه إلى الطبيعة قصد دراستها ومعرفتها، فالنظرية التي تحيل إلى التفكير والحكم والتأمل تتعلق بما هو كلي يمكن من الإحاطة الشاملة بميدان أو مجال من الواقع بفضل المفاهيم الكلية المجردة والطابع التركيبي والفرضي، أما التجربة التي تحيل إلى الفعل والعمل، فترتبط بما هو واقعي، مما يعني أنها ترتبط بالجانب التطبيقي وتمكن العالم من التحقق من صدق فرضياته، وهكذا فالنظرية العلمية تبنى بشكل منهجي بالاعتماد على مهارات وقدرات عقلية تمكن الباحث أو العالم من تأسيس فرضيات وتحديد مفاهيم وقوانين، وتجريب علمي يسائل ويختبر الظواهر الطبيعية، ومن هنا بدأ النقاش العلمي الفلسفي حول دور كل من العقل والتجربة في بناء النظرية العلمية، وهو نقاش يقع تحت مسمى العقلانية العلمية، حيث يرى فريق من العلماء والفلاسفة بأولوية العقل، ويرى فريق آخر بأولوية التجربة. فما الأساس الذي تنبني عليه النظرية العلمية؟ وعلى ماذا تقوم العقلانية العلمية؟ هل تعتمد على معطيات التجربة حيث يكون للعقل دور ثانوي في عملية بنائها أم أن النظرية العلمية هي إنشاء عقلي حر يجد أسسه في مبادئ العقل وقواعده المنطقية؟
تشير العقلانية إلى المذهب الفلسفي الذي يعتقد أن العقل هو مصدر معرفة العالم الفيزيائي دون حاجته للتجربة الحسية، في حين أن العقلانية العلمية فحص للفاعلية العلمية قصد تبين اختلاف التصورات الإبستمولوجية حول تقدير أي واحد من الطرفين المؤسسين للمعرفة العلمية،العقل والتجربة، أولى وأهم، أي أنها تصور لما يشكل العصب الذي تنبع منه الحقائق العلمية، فهناك رؤية تعتبر ذلك العصب في العقل باعتباره ما يشكل القواعد والإجراءات المنطقية الرياضية التي تضمن اتساق النظريات العلمية، إنها رؤية تقابل الرؤية التجريبية التي ترد نفس العصب إلى التجربة التي تمكن العالم من التحقق من صدق فرضياته لاعتمادها على آليات دقيقة تمكنه من الملاحظة والقياس الدقيق للظواهر المدروسة، لذلك فالعقلانية العلمية تتضمن العلاقة بين ما هو عقلي يعتمد على التماسك الداخلي للعقل، وما هو واقعي يعتمد على الملاحظة والتجارب، والسؤال المطروح يثير هذا الإشكال المتعلق بأساس العقلانية العلمية، ودور كل من العقل والتجربة في عملية بناء النظرية العلمية، إذ يمكن أن نفترض أولا أن أساس النظرية العلمية هو العقل ونمنح بالتالي للتجربة دورا ثانويا، كما يمكن أن نفترض أن هذا الأساس هو التجربة ليكون للعقل دورا ثانويا، أو يمكن القول أن النظرية العلمية تعتمد عليهما معا، وفي إطار التصور القائل بالتجربة كأساس للنظرية العلمية نستحضر تصور هانز رايشنباخ الذي يرى أن العقلانية العلمية تتأسس على التجربة التي تقوم على الملاحظة والإدراك الحسي، أي أن المعرفة العلمية تتأسس على مناهج تستخدم العقل مطبقا على مادة الملاحظة، كما يعتقد أن المذهب العقلي المثالي الذي يعلي من شأن العقل لا ينتج معرفة علمية، بل معرفة أقرب إلى التصوف وذلك لأنه يتعالى عن الواقع والتجربة. وإذا كان رايشنباخ قد أسس العقلانية العلمية على التجربة، فإننا نجد في تاريخ العلوم التجريبية، التجربة مهمة فهي التي تمكن العالم من الانتقال من التفسير المؤقت والاحتمالي إلى التفسير العلمي اليقيني...
إن أهم ما يمكن استنتاجه من خلال تحليلنا لهذا السؤال هو التأكيد على دور وأهمية التجربة في بناء النظريات العلمية وبالتالي اعتبارها كأساس للعقلانية العلمية.
تكمن أهمية التصور الذي قدمه رايشنباخ في تأسيسه العقلانية العلمية على البعد التجريبي وفي نقده للتصورات الفلسفية الكلاسيكية التي تعتبر العقل مصدرا لمعرفة العالم الفيزيائي، غير أن التطورات الأخيرة للفيزياء الميكروسكوبية " الذرية" جعلت مفهومي الواقع والتجربة يفقدان معناهما العادي. فإذا كانت الظواهر الماكروسكوبية ثابتة وقابلة للتجريب بمعناه الكلاسيكي فإن الظواهر الميكروسكوبية يصعب التجريب عليها بالطريقة الكلاسيكية، فالإلكترون لا يدور على النواة في مجال واحد محدد بالضبط، بل له أكثر من مدار فإذا اقترب العالم من قياس سرعته، تضيع منه إمكانية تحديد موقعه والعكس صحيح، وهنا يتدخل الاحتمال كنشاط عقلي يقدم تفسيرا مؤقتا لهذه الظاهرة، أي أن العقل يلعب هنا دورا هاما، وهو الموقف الذي يدافع عنه اينشتاين الذي يؤكد أن أساس العقلانية هو العقل الرياضي الحر،حيث تتكون النظرية العلمية من أفكار وقوانين تم التوصل إليها بالاعتماد على الاستنباط المنطقي (عملية عقلية) فالعقل هو الذي يمنح النسق بنيته، أما التجربة فعليها أن تطابق ما توصل إليه العقل. إن العالِم يبني نسقه بواسطة أفكار وقوانين أبدعها العقل الرياضي الحر أما التجربة فتساهم في اختيار المفاهيم فقط، وهكذا فأساس العقلانية العلمية هو العقل الرياضي الحر، وإذا كان إنشتاين قد ركز على العقل وجعله أساسا للعقلانية العلمية فأن غاستون باشلار يرى بأن هناك تكامل بين العقل والتجربة، إذ يرى أن العقلانية العلمية تتأسس على الحوار الابستمولوجي بين العقل والتجربة، إذ يرفض باشلار القول باكتفاء العقل بذاته في بناء العلم كما يرفض القول بتأسس العلم على التجربة فقط، لذلك فالعقلانية العلمية تعتمد على التجربة وتشتغل بالعقل الرياضي، فالعقل بمبادئه وقوانينه يطبق على المادة لذلك فهي عقلانية مطبقة تقوم على التفاعل بين العقل والتجربة.
نستشف من خلال مناقشتنا لهذا السؤال أننا أمام مواقف متباينة نظرا لاختلاف المرجعيات التي ينطلق منها كل عالم أو فيلسوف عند معالجته لإشكالة العقلانية العلمية.





نستنتج من خلال تحليل ومناقشة هذا السؤال، أنه بالرغم من أهمية التجربة في مجال البحث العلمي، فإن للعقل أهميته أيضا، فعلى مستوى الرياضيات أو الفيزياء وغيرهما من العلوم الدقيقة، أصبح للعقل دورا أساسيا في بناء النظرية العلمية، ويتجلى هذا الأمر في ذلك الاهتمام الذي توليه هذه الهلوم للصياغة الأكسيومية لنظرياتها، حيث لم تعد تهتم بمدى مطابقة رموزها الرياضية مع ما يجري في الواقع التجريبي، بل أصبح المطلوب انسجام العالم وعدم تناقضه مع الأوليات التي انطلق منها. ولكن هذا لا يعني إقصاء التجربة. بل إعطاؤها معنى جديدا مع التطور العلمي، وهكذا يتبين لنا وجود تفاعل بين العقل والتجربة وتكامل بين هذه العناصر في عملية بناء النظرية العلمية. فكيف نتحقق من علمية وصدق نظرية علمية ما؟ وكيف نميز بين النظرية العلمية والنظرية غير العلمية؟



#محمد_عبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم الأولي وكفاءات الطفل المبكرة
- السعادة تطور مفهوم
- في هوية الشخص


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد عبو - ما أساس النظرية العلمية؟