أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - مستقبل الإسلام السياسى فى مصر















المزيد.....

مستقبل الإسلام السياسى فى مصر


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 6709 - 2020 / 10 / 20 - 17:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فى الحقيقة أنه منذ محاولات "سيد قطب" الفكرية ادخال دماء اديلوجية جديدة الى الفكر الإسلاموى فى خمسينيات وستينات القرن الماضى، وتجديد الحركة المتجمدة لحماعة الإخوان المسلمين بعد أكثر من ربع قرن على تأسيسها، فان تطور النظرية الفكرية لديهم قد توقف "أو كاد" تاركا فجوة معرفية لم تمتلإ الاّ ببعض الممارسات العنفية العقيمة على هامش المجتمع، من محاولات دؤوبة للإستيلاء على قمة السلطة والسعى من خلالها الى اعادة أسلمة المجتمع "من وجهة نظرهم"وتعبيد الناس لربهم، ومن هنا تحولت الرطانة المفتعلة "الإسلام هو الحل" الى ما يشبه التميمة المغلفة التى لا يفهمها الاّ صانعها وحاملها.
إن الإسلام السياسى أخفق خلال العقود الأخيرة ولم ينتج نظرية في الممارسة السياسية، ولكنه استمر نشطا فى الواقع كإسلام حركى، وعلى الرغم من هشاشة تركيبة السلطة الأوتوقراطية ببعدها الغير سياسى، بعد تمحورها المتدرّج حول المكوّن الأمني، دون أيّ غطاء أيديولوجي من أيّ نوع، ودون مؤسسات سياسية، اللهم الاّ "الحزب الوطنى" المنزوع الإديولوجية، وتشتُّت الطبقة الوسطى وتقهقرها، مع احتفاظها بالتيمة الرجعية الموغلة فى الفكر السلفى العائد الى عهود ابن حنبل وابن تيمية، وعدم وجود بديل سياسي علماني، رغم ذلك لم يتمكن الإخوان من صياغة حلّ أو جواب على مشكلات المجتمع المستعصية؛ واستمرت النضالية السياسية فقط بغرض الوصول إلى السلطة، لإعادة أسلمة المجتمع (تعبيده لله) من أسفل، والاستثمار في المشاعر الدينية الجارفة التي تنامت عقب فشل دولة التحرر الوطني الناصرية، (حتى مع تعاطي بعض الإجراءات السياسية؛ كإقامة تحالفات سياسية مع تيارات غير اسلامية والمشاركة في الانتخابات، ولن ظل نظرهم مصوبا على الغاية الكبرى: "السيطرة على الحكم فى مصر"، وهو ما تطلب هيمنة ثقافية (، ويمكن النظر إلى كمّ الكتب والمجلات ذات الصبغة الأيديولوجية الإسلامية المنتشرة فى المكتبات لفهم سعيهم نحو الهيمنة الثقافية على المجال العام، واختراق للمجتمع المدني (مثل النقابات، والتنظيمات السياسية)، وصولاً إلى الأداة الحاسمة: السيطرة على الدولة، وذلك باعتبار أنّ الدولة "غايتهم الكبرى"هي الأداة الوحيدة للتغيير، وأنّها تعلو على المجتمع وتعيد تشكيله، وتقهر الخصوم السياسيين، وتنهي الصراع السياسي لصالح من يسيطر عليها وهذا ما جعل الإخوان عاجزين عن فهم المشهد السياسي، خلال العقد الأول من القرن الواحد العشرين؛ لذلك حينما فاجأتهم ثورة 2011، التى جاءت من خارج مجال توقعاتهم تماماً، لم يجدوا سوى طرائقهم القديمة في التعامل معها، وهي المناورة بين السلطة والمعارضة في وقت واحد، وتبني خطاب سياسي مراوغ، والسعي المحموم نحو الركوب على تلك الموجة.
حاول الإخوان جني أكبر قدر من المكاسب السياسية في البرلمان والجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، وقد أدركوا أنّ الثورة (تلك الهِبة الإلهية كما اعتقدوا) جاءت قبل الأوان، أوأن امكانية الأسلمة "التي تسمح لهم بالسيطرة الكلية على الدولة والمجتمع" دون منغصات علمانية، وأنّ عليهم استغلال تلك الفرصة بأقصى سرعة في تسريع عمليات هندسة المجتمع ثقافياً، وحين دفعوا بمرشحهم خيرت الشاطر، وبديله محمد مرسي، إلى انتخابات الرئاسة، كان دافعهم الخوف من انسداد سبل الأسلمة (عبر الدستور والتعليم والثقافة) بعد حلّ المحكمة الدستورية العليا للبرلمان الذي حازوا الأغلبية فيه.
هذا الفهم البدائي للسياسية وافتراض ضرورة تحويل المجتمع إلى الإسلام، وإلا امتنع تطبيق الشريعة (كمشروع سياسي شمولي)، وأسفر فرضها بقوة الدولة وسطوتها عن نفاق اجتماعي، سرعان ما إنقلب إلى ثورة علمانية مضادّة، هذا الفهم هو ما جعلهم عاجزين عن التعامل مع القلب الصلب للدولة (الجيش والشرطة)، خصوصاً أنّ الجماعة صنعت في الحقبة الأخيرة من عمرها "دولة بديلة" من المؤسسات الإقتصادية والمالية والصحية والتعليمية مستعدة للحلول محلّ الدولة القائمة، وملء هيكلها البيروقراطي، وقد أعجزهم ذلك عن التعامل مع التيارات السياسية جميعها، وكان عاملاً مضافاً إلى افتقارهم لبرنامج سياسي ذو بعد ممستقبلى طويل الأمد، وقد أدى هذا إلى أنّ النضالية الإسلامية أعطت الأولوية القصوى للجانب التنظيمى على حساب الفكري والمجموعة التي طرحت خطاباً فكرياً، مهما كانت مشكلاته النظرية، كانت من خارج التنظيم كطارق البشرى ومحمد سليم العوّا.
لقد أدّى الفشل الذريع للإخوان "خلال عام واحد" الى مأزق وجودى بالنسبة لهم، وكان والاكتفاء بالتعالي على "شرطهم البشري" بتصدير خطاب عاطفي حول قدرة الإسلاميين على العمل في جميع الظروف الاستثنائية، والعودة الأكيدة بعد كلّ النكسات، لن يصمد أمام القدرة المحدودة المتأتية لهم بعد تلك "المحنة" التى لن ينفع معها تصدير تاريخهم بادعاء المظلومية والإضطهاد ، دون مراجعة حقيقية، فلو قدّم جناح ما أيّة مراجعة أيديولوجية حقيقية، كان يتم طرده خارج الجماعة فورا، وإلحاقه بالعلمانيين، كما حدث بالفعل مع كل المختلفين كمختار نوح والخرباوى وسامح عيدوغيرهم، وفى الحقيقة فقد اهتزت بعمق العلاقة بين الدين والسياسة، ولم يعد لدى الإسلاميين جديد يقدمونه في هذا السياق، بعد أن تآكلت مصداقيتهم "السياسية والأخلاقية"، خصوصا مع انتهاجهم للعنف والتحريض ضد الدولة والجيش اسلوبا، وفي واقعٍ أصبح فيه التوجس من تسييس الدين سيد الموقف في مصر، كما أن القاعدة الاجتماعية التقليدية للإسلام السياسي (الطلبة، صغار الموظفين، صغار العاملين بالقطاع الخاص، حديثو التمدّن) أصبحت على قناعة أكيدة بأنّ تأسيس نظام يوتوبي على قاعدة دينية مسألة مُكلفة ومرهقة جدا دون جدوى، وقد دفعت هذه القاعدة بالذات أثماناً باهظة في خضم التحولات الراديكالية التي طالت البلاد؛ فتكيفت مع الواقع الجديد "سلطة العسكر" أملا فى امكانية تغيير أوضاعها، وهو تكيُّف متوقع وممكن سوسيولوجياً.
لقد أخفقت وانتهت إلى غير رجعة (ضمن اللحظة التاريخية الراهنة على الأقل)، كلّ مساعي الإسلاميين وفى القلب منهم جماعة الإخوان المسلمين لفرض نظام شمولى تحت غطاء دينى، وعلى العكس؛ فقد أسفرت هذه المساعي بالذات عن تأكيد تهميش الإسلاميين أكثر من أيّ وقت مضى، وتعدّى الأمر تحطُّمهم السياسي إلى اندلاع فى مواجهات أيديولوجية وثقافية مع الجماهير ذاتها، وهو ما يعرّضهم لنبذ اجتماعي أشدّ وقعاً من عزلهم السياسي من قبل السلطة السياسية من أعلى.، ان الزلزال الذي أصاب الجماعة ، والتي بلغت ذروتها بعد حيازتها السلطة، للمرة الأولى في تاريخها فى مصر، وتبرز أسباب بنيوية تجعل عودة الجماعة لممارسة السياسة، أو محاولة حيازة السلطة افتراضاً مستحيلاً، فلا يمكن عودة عجلة التاريخ الى الوراء مرّة ثانية، السلام عليكم.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعبوية فى مصر .. تاريخ قديم متجدد
- الدعوات المشبوهة للتظاهر ضد النظام
- موقف الأستاذ هيكل الملتبس من عبد الناصر والناصرية
- واقعة الشيخ أحمد المحلاوى والحازمون بالأسكندرية
- المصالحة المستحيلة .. بين السلطة وحماس
- عن -محمود عزت- القائم بأعمال المرشد العام للإخوان المسلمين.. ...
- سبب عدم اتبّاع المصريين لشريعة موسى
- -صاحب المقام- أفكار مكررة وممجوجة
- حمزة البسيوني .. السادية فى أجلى معانيها
- أيام العجب والموت .. رعشة فؤاد حداد الأخيرة
- التجربة الشيوعية الأولى فى مصر -الحزب الشيوعى المصرى 1922 -
- هزيمة 1967.. مفترق طريقين
- دور الذكاء فى استمرارية -عادل إمام- ونجوميته
- تجديد الفكر أم تجديد الدين ..بأيهما نبدأ؟
- الذكرى المئوية لميلاد مغنى الثورة -الشيخ إمام-
- الجدل حول -ابن تيمية- مرّة أخرى
- العسكرتاريا السلطوية فى مصر
- موت فى الظهيرة
- السلطة تواصل قمعها تحت غطاء جائحة كورونا
- عالم ما بعد كورونا .. مختلف عمّا عليه الآن


المزيد.....




- انفجار مستودع ألعاب نارية يشعل حرائق ويؤدي إلى إجلاءات في كا ...
- روسيا: السجن 13 عامًا لنائب وزير الدفاع السابق في واحدة من أ ...
- موديز تخفض تصنيف البنك الأفريقي للتصدير بسبب ضعف الأصول
- إسرائيل وبندقية الدعم السريع المستأجرة
- -أخطر التهم-.. خلاصة الحكم في اتهام شون -ديدي- كومز بالاتجار ...
- مصدر سوري رسمي: التصريحات حول توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل ...
- تنديد دولي بقرار إيران تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطا ...
- موقع روسي: أذربيجان تهاجم روسيا في لعبة تتجاوز حجمها
- كاتب إسرائيلي: عدنا إلى نقطة الصفر في غزة
- وزراء إسرائيليون يدعون لضم الضفة الغربية والسلطة والعرب يدين ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - مستقبل الإسلام السياسى فى مصر