أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حمدان - ذاكرةٌ للموتى «قصة قصيرة»(1)














المزيد.....

ذاكرةٌ للموتى «قصة قصيرة»(1)


مصطفى حمدان
كاتب وشاعر

(Mustafa Hamdan)


الحوار المتمدن-العدد: 6700 - 2020 / 10 / 11 - 01:41
المحور: الادب والفن
    


في مكانٍ بعيد عن حدود المدينة وتضاريسها المعقدة،بعيداً عن زحمة الأحياء وضوضائيتهم وضجيجهم،بعيد عن فوضويتهم وحركتهم المستمرة
هدوء وسكينة ما يُعطي الطابع السائد لطقوس المقابر ومكانها،لا أصواتٌ هنا ولا حركة ،إلا حركة الريح التي تموج بالعراء وتتحرك بسهولة وحرية بين أغصان الشجر ونباتات الورود المحيطة بالقبور
قبور بُنِيَت على خطوط أُفقية بتنظيم هندسي ليس عشوائي كمساكن الأحياء ،ليَسهُل على الأحياء التعرُف على قبور موتاهم.
لا أرقام هنا ولا عناوين ، الشخوص ونوع النبتة حول القبر ما يُميز القبر عن الآخر،وتختلف أشكال القبور وحجمها وطريقة بنائها ونوع الزرع والنبات حولها، فهذا القبر لرجل عاش ثمانون عام،وذلك القبر لطفل عاش يومين
وهذا القبر لفلان وكنيته،وذلك القبر لفلان ومكانته ، الأحياء هم من اعطى القبور حجمها ومكانتها ، ولكن هؤلاء الأموات لا يقسم بينهم سيئ فمه جميعاً أموات ،وبغض النظر كم عُمر الميت أو حجمه ومكانته في الحياة
لا فرق هنا بين الكُنية والمكانة ،لا فرق بين نوع الموت ، الجميع هنا أموات يرقدون بسكينة وسلام بعيداً عن الأحياء.
***
تأتي جموع ومجموعات من البشر تُفرِغ حمولتها من الأموات وتذهب، عويلٌ ودموعٌ ومناجاة ، هذا ما يستطيع ان يفعله الأحياء للأموات ، الكل يثرتر ويتكلم ،ينظرون إلى تلك الحفرة بحزن وألم ،ما عدا الميت فهو صامت ينظُر وينتظِر.
وما أن وضعوه في أعماق الحفرة ،وجرفوا التراب فوقه ،حتى مضوا يتركونه خلفهم وحيداً ،يصيح بهم أين انتم ذاهبون؟ ولماذا تتركوني هنا؟ أرجوكم لا تبتعدوا ولا تتركوني وحيداً.
بقي يتمتم ويهذي لنفسه ،ولم يعد يرى أحد ،فالكل إختفى عنه وعن المقبرة،صرخ الكثير ونادى الكثير حتى تعب ويأس،حينها قرر أن يموت بسلام وهدوء،فقد أيقن انه مجرد إنسان للتو مات.
***
دخل في غيبوبة تُشبه نقطة ضوء في أفق بعيد،تصل نهايته إلى كتلة ضبابية غامضة،يسأل نفسه أين أنا وماذا يحدُث معي؟ وما هذه الأشياء حولي ،يبقى يتسائل ،ربما أنا أحلُم!أو ربما أني أحلُم بأني أحلم!
فذه الأشياء حولي غامضة وغير مفهومة ، إلى أين تأخذني هذه الجاذبية البطيئة نحو الأسفل؟ إني أرى الأشياء من حولي وأعرف من أنا ولكني لا أعرف أين سأسقط ومتى!
ثمة ساحة كبيرة تشبه السهل المستوي دون تضاريس أو معالم،دون أشجار أو جبال ،سهل تملأه الأعشاب القصيرة الخضراء، تتمايل طوعاً لحركة الريح المستمر دون توقف.
مكان يبدو أن ليس له نهاية أو حدود،فكل الاتجاهات لا ترى هنا سوى الأشياء نفسها ومتشابهة ، ساحة كبيرة ، سهل مستوي ،لا تستطيع أن تحدد المكان أو ان توصفه ، يمشي بكل الإتجاهات دون جدوى
يمشي ويقطع مسافة طويلة باتجاه اللاشيئ أو العدم ،يحاول أن يميز شيئاً ربما رآه من قبل ،يحاول أن يفك لغز وجوده في هذا المكان ،ويبقى يتمتم لنفسه ،أين هذا المكان على هذه الكرة الأرضية ! ومن جاء بي إلى هنا؟
يحاول من جديد ان يحدد الأشياء في هذا المكان الغامض الفارغ من كل شيء الا من أعشاب قصيرة تتمايل بكل الاتجاهات وريح لا يتوقف عن الصفير،يصرخ ربما يسمعه أحد أو يجلب إنتباه كائن حي أو حيوان أو طير،
لا يسمع سوى صوته وصفير الريح المستمر، يجُن جنونه وبدا وكأنه فقد عقله ،وبدا من جديد يهذي لنفسه ويكام حاله ليواسي أفكاره الشاردة ، لعله يجد جواب لهذا الغموض من حوله،
يُتبع



#مصطفى_حمدان (هاشتاغ)       Mustafa_Hamdan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرضُ الفقراء
- بعدَ المُخيّم..وعن هذه الأرض ! أين نذهب ؟
- فلسطين .. من مشروع تسوية الى مشروع تصفية
- من ذاكرة النكبة
- سايكس بيكو ! ولعنة المئة عام
- نشيدُ الأرض للمطر والشهداء
- خبز الفقراء
- معاً نُغني رفيقتي
- إلى امرأة في بلادي
- إلى صديقي الشهيد
- موْتُ غريب
- مدينة الغرباء
- الفاصِل بين الدقيقتين .. الفاصِل بين السنتين
- حالة احتضار
- بعيداً عنكِ .. قريباً منكِ !
- (عشوائيات)عن الحُب الحرب والوطن
- مَن يُرثي موْتُنا وسقوط مدننا ؟!!
- في القلب حزنٌ
- إلهة المقاومة
- وطن أمْ دولة ؟!


المزيد.....




- بورتريه دموي لـ تشارلز الثالث يثير جدلا عاما
- -الحرب أولها الكلام-.. اللغة السودانية في ظلامية الخطاب الشع ...
- الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟
- -موسكو الشرقية-.. كيف أصبحت هاربن الروسية صينية؟
- -جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
- المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حمدان - ذاكرةٌ للموتى «قصة قصيرة»(1)