|
الخروج من جهنم
حواس محمود
الحوار المتمدن-العدد: 6673 - 2020 / 9 / 10 - 16:03
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
يعد كتاب " الخروج من جهنم " لمؤلفه سعد محيو قراءة متميزة لاشتماله على جل جوانب الكارثة البيئية الراهنة في العالم ، من طبيعة العلاقات الدولية وحروب الطاقة ، والتقديس الأعمى للتكنولوجيا ( على حساب البيئة ) إلى تأييد - ما يسميه المؤلف - : " الوعي الميكا فيللي " المدمر ، إضافة بالطبع إلى وقائع ومعطيات تغير المناخ ، وانفلات معظم توازنات بيئة الأرض من عقالها ، كما أن المؤلف يدق ناقوس الخطر بالاشارة الى ان وعينا الاناني الراهن ، الذي لا يزال ملتصقا بصراع بقاء العصور الحجرية ، لم يعد يهدد بتدمير جنسنا وحده ، بل بدأ يجر المياه برمتها الى الهاوية . يشير المؤلف الى ان الاحاديث عن " تغير المناخ " واحترار الكوكب ، والتلوث الشامل للبحار والمحيطات والأنهار والأجواء والتربة ، على كل شفة ولسان منذ نيف وثلاثة عقود وهي تطورات باتت تهدد ليس بقاء الجنس البشري وحسب ، بل ايضا مصير الحياة برمتها على هذا الكوكب ويقول المؤلف انه على الرغم من مؤتمرات قمم الارض والمناخ التي عقدت على مدار العقدين الماضيين ، الا ان العلاقات الدولية بقيت في واد ومستقبل امنا الارض في واد آخر ، فالنظام العالمي واصل الاعتماد على مفاهيم القوة وموازينها ، والحروب الباهظة البشرية والايكولوجية والتنافس الضاري على ما تبقى من موارد الكوكب المحدودة ، وهذا ما جعل كل المؤتمرات و" صحوات الضمير " التي انتابت الرئيس الامريكي اوباما والبابا فرنسيس وبعض القادة الاوروبيين والآسيويين في العام 2015 مجرد " خرابيش " رسمت على عجل فوق رمال متحركة . كما ان حرفا - بحسب المؤلف - لم يتغير في العلاقات الدولية في مجال وقف الصراعات والتنافسات الميكيا فيلية القاتلة على موارد " امنا الأرص " ناهيك بمعالجة صحتها البيئية العليلة ، كذلك لم يتغير شيئ في العوامل التي تؤدي دورا رئيسيا في اعتلال هذه الصحة : النفط والغاز ، لا بل ازدادت المخاطر مع بدء انتاج النفط والغاز الصخريين . ويرى المؤلف أن كل الوعود الوردية لأقطاب النيوليبرالية لانقاذ البيئة والمناخ والطبيعة ، في العقدين الاولين من القرن الحادي والعشرين قد ذهبت ادراج الرياح ، العكس كان صحيحا حين استخدمت التكنولوجيا لانتاج المزيد من الطاقة الملوثة ، بيد ان مثل هذه الوعود استمرت ، لكن هذه المرة ليس في ما يتعلق بتحسين طبيعة كوكب الارض وحسب ، بل ايضا في مجال تغير طبيعة الانسان نفسه لجعله " اكثر سعادة وذكاء وصحة بما لايقاس " كما يقال، كيف؟ عبر عقد زفاف البيولوجيا على التكنولوجيا ، وشرائح السليكون على الخلايا الحية ، وإعادة على الروح لتصبح هذه الاخيرة " روحا تكنولوجية " وبالنسبة لتأثيرات التكنولوجيا في المسألة الوجودية البشرية ، ثمة سؤال هنا لا يقل اثارة للقلق عن الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي اذن ما هو الميزان ؟ ليس شيئا آخر سوى احتمال تغير طبيعة البشرية نفسها عن طريقي الهندسة الجينية وتقنيات الكومبيوتر ، إنه كابوس فرانكشتاين وقد بدأ يقترب من التحقق على أرض الواقع . وقد يعتقد البعض ان هذا الخطر افتراضي او هو في اسوأ الأحوال ، في رحم مستقبل بعيد ، لكن الامر ليس كذلك ، فثمة العديد من الأصوات التي بدأت تلعلع في الولايات المتحدة الامريكية وغيرها ، مطالبة بالتدخل المباشر ل " تسريع " تطور الانسان الى" ما بعد الانسان " او حتى الى مخلوق جديد لا علاقة له البتة بالبشر ، هذه الاصوات تنتظم الآن في حركة اسمها " ترانس هيومان " ( transhuman ) اي " العابر للانسان " أو " ما بعد الانسان " وهي تستقطب مروحة من العلماء في شتى المجالات وشخصيات بارزة سياسية واقتصادية وقطاعات الشباب المتحمسين ل " تغيير الوعي البشري " وقد وضعت الحركة برامج مرحلية تنفيذية لتحقيق اهدافها ، مركزة تركيزا شديدا على العقل والتخطيط العلمي والخطوات البراغماتية المدروسة . هامش الكتاب : الخروج من جهنم - انتفاضة وعي بيئي كوني جديد أو الانقراض المؤلف : سعد محيو الناشر : مركز دراسات الوحدة العربية - بيروت لبنان 2016 الصفحات : 256 ق كبير المؤلف في سطور : كاتب وصحافي لبناني من مؤلفاته : " مأزق الحداثة العربية : من احتلال مصر الى احتلال العراق " ، " العرب والعولمة " ، " السياسة الامريكية بين الثابت والمتحول " ، وغيرها من المؤلفات .. ...........................................................................
#حواس_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خفايا الروح
-
العروبة في خطاب النخبة الفكرية المعاصرة
-
سوريو الاوطان البديلة
-
الخلافات بين الأنظمة وأثرها السلبي على الشعوب
-
ثقافة الموبايل بين السالب والموجب
-
دراسة في الحركة السياسية الكردية
-
التوتر الروسي التركي الى اين ؟
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
-
لقاءات الفلاسفة
-
كوردستان والمسألة الكوردية
-
خطوات عملية لفهم السعادة
-
فضاءات
-
كيف يتابع السوريون انتفاضات العراق لبنان ايران
-
الموجة الثانية من ثورات الربيع العربي
-
فلنقاوم جميعا ونترك الأدلجة والأحزاب وراءنا !
-
في اسباب اليأس الكردي
-
الشعب الكردي وضرورة الانتقال من العاطفية الى الوعي العقلاني
-
تاريخ الكتابة
-
وسائل الاعلام والمجتمع
-
في الثقافة والخطاب عن حرب الثقافات
المزيد.....
-
غيتار بطول 8 أقدام في موقف للمركبات الآلية يلاقي شهرة.. لماذ
...
-
ساعة ذهبية ارتداها أغنى راكب على متن -تيتانيك-.. تُباع في مز
...
-
اغتيال -بلوغر- عراقية وسط بغداد.. ووزارة الداخلية تفتح تحقيق
...
-
ثوران بركان إيبيكو في جزر الكوريل
-
-إل نينو- و-لا نينا- تغيران الطقس في أنحاء العالم
-
مكسيكي يقول إنه فاز بشراء أقراط بـ28 دولارا بدل 28 ألف دولار
...
-
سيناتور روسي يقيم جدوى نشر أسلحة نووية أمريكية في بولندا
-
هذا هو رد بوتين على المساعدات لأوكرانيا من وجهة نظر غربية (ص
...
-
الولايات المتحدة تطور طائرة -يوم القيامة- الجديدة
-
الجيش الروسي يستعرض غنائمه من المعدات العسكرية الغربية
المزيد.....
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
-
فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو
...
/ طلال الربيعي
-
دستور العراق
/ محمد سلمان حسن
المزيد.....
|