أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - الْمُرُوقُ قولا ومقالا















المزيد.....

الْمُرُوقُ قولا ومقالا


تيسير حسن ادريس

الحوار المتمدن-العدد: 6673 - 2020 / 9 / 10 - 22:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المبتدأ: -
(المثقفون هم أكثر الناس قدرة على الخيانة، لأنهم أكثرهم قدرة على تبريرها). لينين
والخبر: -
(1)
المراقب للمشهد السياسي السوداني يلمس ثمة ازمة في آلية تفكير بعض النخب السياسية والفكرية كون أنهم يتمسكون بما يؤمنون به من تصورات واعتقادات ومفاهيم، تمسك الاعمى بعكازه ولا يتوانون عن إصدار أحكام جازمة وفقا لها، ويتعجب المرء من سلوك هذه النوعية من النخب المتشبثة بقناعات تتعارض مع مصالح الوطن والاغلبية من أهله. هؤلاء يتحصنون في الغالب خلف قاموس لا يعير القيم والمبادئ اهتماما، بل يساير التيار العام ، مكرَّسا لديمومة الهروب من المواجهة، والنكوص المزمن عن اداء الدور التاريخي.
(2)
من صور (الفساد النخبوي) التي باتت حاضرة في المجتمع السوداني في ظل الازمات التي أخذت بتلابيب الوطن في الربع قرن الأخير تحول بعض المثقفين والمبدعين والفنانين إلى صور وقوالب متلونة حيث نرى الواحد منهم يركن للافتعال والخداع والبحث عن المصلحة الخاصة حتى وإن كانت محض نجومية زائفة على حساب المواقف المبدئية والأخلاقية والوطنية.
(3)
لقد اطلعت مؤخرا على عدة مقالات لمجموعة من الباحثين والسياسيين حملة الشهادات العليا تجانب الحقيقة وتبعد فراسخ عن الموضوعية وهي ليست المرة الاولى التي اطلع فيها على مقالات سياسية لهذه النخب التي ظلت حتى مطلع الثورة تساند مبدأ الهبوط الناعم وتدفع في طريق مساومة النظام البائد، وقد كان يجزم كتبتها آنذاك باستحالة حدوث ثورة شعبية وعدم وجود أي امكانية لاندلاعها ووصلت بهم تحليلاتهم المتشائمة حد فقدان الثقة في الشارع السوداني وفي قدرته على انجاز التغيير بأدواته السلمية المجربة؛ وماهي إلا اشهر معدودات ولاح فجر النصر واتضح بأن كل هذه التحليلات كانت تفتقر للمصداقية وللرأي السديد.
(4)
العجيب في امر هؤلاء الذين دحضت ثورة ديسمبر 2019م تحليلاتهم السياسية واطاحت بجميع توقعاتهم هو الإصرار على الدوران في نفس حلقة الأفكار القديمة وأطروحات ما قبل الثورة مترفعين في عناد عن واجب مراجعة القناعات التي استندوا عليها واسهمت في تغبيش الوعي الجماهيري؛ ومد عمر النظام البائد.
(5)
عودة ذات النفر لمربع ما قبل الثورة والاصرار على تبني ذات المواقف السياسية وطرح ذات التحليلات العبثية التي لم تُقم أدنى اعتبار للواقع الموضوعي الذي تشكل وشكل وعي الشارع السوداني خلال سنوات النضال الطويل التي خاضه شعبنا الاعزل ضد نظام الحركة الإسلامية الدموي يدل دلالة كافية على مدى الغربة الوجدانية والفكرية التي يعيشها هؤلاء.
(6)
وإذا ما اخذنا الدكتور النور حمد مثلا لهذه النخب التي اشرنا اليها اعلاه نجد اطروحاته خير تعبير عن تلك الحالة فقد ظل الرجل ثابتا متحجرا في مواقفه ما قبل وبعد الثورة يطرح في مقالاته ومقابلاته مع وسائل الإعلام ذات الطرح المفارق للواقع الموضوعي ويكفي أن يمر المرء مرورا عابرا على عناوين مجموعة من مقالاته المنشورة بعد عاما كاملا من انتصار الثورة مثل (المقاومة ليست في الشارع وحسب / الضغطُ ضروريٌّ لكن بحساب / التصعيد لن يفيد) ليرى أن الدكتور النور حمد يجدف بعيدا عن ضفاف المنطق ويدنو من مرافئ عتيقة اظلمت فناراتها وتخطاها وعي الشارع السوداني المتحفز لحماية ثورته المدنية من الانحراف والتدجين مهما تكاثفت وتكاتفت المعوقات وعظمت المخاطر.
(7)
حينما يرسم المحلل السياسي الماضي والحاضر وفقا لما تمليه عليه طموحاته الذاتية واحلامه الشخصية وليس وفق لحقائق الواقع فهو دون شك يضرب في التيه ويسدل بينه وبين رؤية المستقبل والتنبؤ بما يمكن ان يحدث حجبا كثيفة الستر ليبقى بكل أسف اسير أضغاث تلك الاحلام والطموحات المحدودة يتنبأ ويحلل وفق لها مكبلا بتصورات غير واقعية اخترعها لنفسه وامن بها لوحده.
(8)
اتهم الدكتور النور حمد الحزب الشيوعي في مقاله الموسوم بـعنوان (التصعيد لن يفيد) بالعمل على اسقاط حكومة السيد حمدوك وافشال الفترة الانتقالية مستندا في ذلك وهو الباحث الاكاديمي على بيان مزور نفته قيادة الحزب الشيوعي ولم يكتفي الدكتور بهذا الاتهام بل مضى قدما متهما الحزب الشيوعي بالعمل وفقا لمنهج الشيخ (الترابي) وتكتيكات حزبه (المؤتمر الشعبي) ولا ادرى كيف عنت له هذه الفكرة الفَكِهة وقبل أن نرفع الحاجب دهشة يباغتنا الرجل أيضا بافتراض ساخر اكثر فَكاهةً بان الحزب الشيوعي يدعو لحل اشتراكي صرف وينوي اقامة حكم (بلشفي)!!.
(9)
أن يركل الباحث الاكاديمي حقائق الطرح الاقتصادي المضمن في برنامج الحزب الشيوعي المتوفر على ارفف كثير من المكتبات الورقية والمواقع الإلكترونية ويستند في تحليله لمواقف الحزب الشيوعي أو أيا حزب سياسي آخر فقط على افتراضات وهمية وبيانات مدسوسة كذوبة فتلك مأساة لا تدانيها مأساة (الحلاج).
(10)
لقد كان المرجو والمنتظر بعد ثورة الوعي التي فجرها الشباب في ديسمبر 2019م أن يعي حملة لواء البحث والثقافة في بلادي اهمية التحليل الموضوعي الرصين ويلتزمون شروطه التي تقتضي التجرد وتحري المصداقية وعدم الانحياز فالتحليل الذي يبذل للعامة مسؤولية يجب ان يتحلى القائمون بها بقدر من الحياد والصبر على مشاق البحث والتقصي لتخرج من بين ايديهم صائبة ومنزهة عن الغرض.
(11)
الطموح لنيْل الحرية والديمقراطية لشعبنا السوداني، ليست حرباً نربحها أو تُخسَرها مرة واحدة، ضد بعضنا البعض، بل هي سِلسلة نضالات مستمرة، يتراكم فيها الوعي الجمعي ويرتقي عبر كدح التجريب وهنا قد نختلف في المناهج والطرق الذي نسلكها لتحقيق هذا الهدف العزيز فيطرح كل صاحب رؤية رؤيته وتصطرع الرؤى وتتفق في أجواء يجب أن يسودها الاحترام المتبادل والبعد عن الكيد والاقصاء ان كان الهدف بناء دولة ديمقراطية محترمة.
(12)
إن دور المثقف والباحث هو الكشف عن الحقيقة كما اوضح ذلك الفيلسوف (فريدريك نيتشه) ولعب دور نهضوي في المجتمع الذي يعيش فيه؛ يتناسب مع طموح الطبقات الضعيفة والمهمشة وأمام ما يشهده مجتمعنا السوداني من معضلات على كافة المستويات يتعاظم هذا الدور التاريخي الذي يجب ان يلعبه المثقف السوداني ويتمحور حول مساعدة مجتمعه الذي افقره النظام البائد للخروج من وحل الازمات ولن يتَسَنَّى ذلك سوى بالإقدام ومواجهة كافة اشكال الخلل السياسي والاقتصادي والاجتماعي التي خلفها النظام البائد ومعالجة الانتكاسات التي حدثت في المسار الثوري على مستوى الوثيقتين (السياسية والدستورية) وتقديم حلولا موضوعية لكل هذه المعضلات عوضا عن التماهي معها أو الهرب منها الى الامام كما ظل الدكتور النور حمد يطلب من الحزب الشيوعي.
(13)
اغتراب المثقف عن مجتمعه وانحرافه عن دوره التاريخي المتمثل في رفع الوعي واستغراقه في وعيه الذاتي والغرق في نسق من التحيزات التي تدفعه الى الترفع والاستعلاء على الآخر المخالف فيه ناسفا غير رحيم لعرى العلاقة العضوية المحددة لمهمة المثقف والماثلة في ضرورة ترسيخ الوعي الموضوعي على حساب الوعي الذاتي المعادي للأخر والرافض لوجوده باعتباره تهديدا مباشرا (للانا) بتعبير الفيلسوف (مارتن هايدغر).
(14)
أن المثقف الحقيقي كما قال (غرامشي) هو المثقف العضوي الذي يتفاعل مع قضايا عصره ومجتمعه دون تحيز او تعصب؛ مع الدفاع الدائم عن قضايا الجماهير وحقوق الانسان؛ مما يعني ان يظل هم المثقف الأعظم يتمحور حول الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ويبتعد عن التحيز الاعمى والدفاع عن فئة اجتماعية دون أخرى.
(15)
لقد وضحت في مقال سابق أن انتقاد البعض لمواقف الحزب الشيوعي من قضيتي مشاركة العسكر والقصور الذي شابَ صياغة الوثيقتين السياسية والدستورية يجب أن يقرأ في سياق تفاوت الوعي داخل الطبقات الاجتماعية بما فيها الطبقة العاملة؛ لذا فقضية تقليص هذا التفاوت ومواصلة الجهد لرفع وعي الشرائح الاجتماعية الضعيفة يجب أن يظل محور نضال الحزب الشيوعي والقوى التقدمية فالتماهي مع الوعي السائد يلحق ضررا بالغا بعملية التغيير الجذري.
(16)
السياسة المبدئية هي السياسة الوحيدة العملية مهما اختلفت الآراء حول مواقف الحزب الشيوعي السوداني خلال مراحل الثورة فقد تعلم الحزب من التجارب السابقة ان التعامل الجزئي مع المشاكل العامة وعدم مواجهتها وحسمها يعقدها ويعيد انتاجها ولا يقدم حلولا جذرية. والمبدئية بالطبع لا تعني ابدا عدم الإحساس أو التفاعل الايجابي مع رؤى ومشاعر الجماهير.
* ولنا مع الجدب العقيم ... محاولات واختبار ... وغدا يكون الانتصار
تيسير حسن إدريس



#تيسير_حسن_ادريس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة 19 ديسمبر اكْتِناز الوعي الجماهيري وضُمُور الزيف النخبو ...
- في الاستراتيجية والتكتيك وما بينهما!!
- أم الفضائح .. الحركة الاسلامية تستكمل فصول سقوطها
- الحركة الاسلامية السودانية أكل النفس ونحر الذات
- في طريق كسر الحلقة الشريرة (2) ... تسقط بس!!
- في طريق كسر الحلقة الشريرة (1) عفارم.. عفارم.. يا شعباً مسال ...
- من دفتر يوميات الثورة .... الحركة الاسلامية السودانية الرهان ...
- حيرة مقتفي الأثر عند حافة الفكر اسقاط النظام أم الامبريالية! ...
- مبادرات رفع العتب وآليات تجريف الوعي من يأمر ومن ينفذ؟
- لب المقاومة السلمية وقشورها
- تفرّيغ النظريات السياسية من مضامينها وتدجينها
- لَعَلَّ الْدَافِعُ خَيْرًا!!
- التَّنُّور والفُلْكُ
- من هنا نبدأ!
- عفوا سادتي لن نمضي معكم في هذا الطريق!
- هَذَا الْحَجَرُ لَيْسَ قَلْبِي
- هذه العملة غير قابلة للتداول والصرف!
- المقاومة بصناديق الاقتراع (محاورة لمقاربة الأستاذين الجليلين ...
- الخلية النائمة: مأزق التشهي والرغائب
- موقف الجيش السوداني من مدنية حراك التغيير


المزيد.....




- فيديو لمطاردة جنونية بين الشرطة الأمريكية وشاحنة مسرعة على ط ...
- دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض ...
- أول تعليق من حماس على قرار تركيا بوقف التجارة مع إسرائيل.. و ...
- صحيفة أمريكية: خطط الصين لإنشاء محطات كهروذرية عائمة تثير قل ...
- بوتين ورحمون يبحثان تعاون روسيا وطاجيكستان في مكافحة الإرهاب ...
- جونسون يقع في حفرة حفرها بيديه
- نيويورك تايمز: هذه شروط التطبيع السعودي الإسرائيلي والعائق ا ...
- في -سابقة عالمية-.. رصد -إنسان الغاب- وهو يعالج نفسه من إصاب ...
- إسرائيل تترقب بحذر صفقة عسكرية فريدة من نوعها بين تركيا ومصر ...
- سحب دخان سام في سماء برلين والسلطات تصدر تنبيهات تحمل علامة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - الْمُرُوقُ قولا ومقالا