أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - من دفتر يوميات الثورة .... الحركة الاسلامية السودانية الرهان الخاسر















المزيد.....

من دفتر يوميات الثورة .... الحركة الاسلامية السودانية الرهان الخاسر


تيسير حسن ادريس

الحوار المتمدن-العدد: 6106 - 2019 / 1 / 6 - 15:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



المبتدأ :
لقد سقط خطاب الحركة الاسلامية المتسربل بالشعار المقدس، وسقطت معه ورقة التوت التي كانت تخفي خطل مشروع الخداع والمتاجرة بالدين؛ وذهب عن شعب السودان اخيرا وبغير رجعة حرج مقارعة نظام يتدثر بدثار العقيدة، ويتاجر بقيمها النبيلة.
والخبر :
(1)
وعي جديد تبلور أوساط الأجيال الشابة؛ تلكم الاجيال التي راهنت الحركة الاسلامية السودانية على تدجينها وتغييب وعيها بفرض مشروع الغيبوبة عليها داخل ما عرف بمعسكرات (الدفاع الشعبي) بيد أن الزمن وأعمال المقاومة والتصدي الجسور التي لم تنقطع طوال حكم نظامها قد اثبتت ان رهان الحركة الاسلامية كان رهانا خاسرا وأن بضاعتها الفاسدة قد ردت إليها؛ فالأجيال اليافعة التي استهدفتها وحلمت بإمكانية كسر شوكتها وتغييب وعيها هي من تتصدى اليوم لمشروعها الظلامي وتنتفض في وجه نظام الاستبداد والفساد.
(2)
العطب الذي حدث في كل مناحي الحياة والظواهر السالبة التي ظهرت في ربع قرن من حكم الحركة الإسلامية في السودان، قد كشفت حقيقة تيار الاسلام السياسي وفضحت ضحالة مشروعه الذي لم يتعدى الشعارات العقدية البراقة وبعض الأشواق والأحلام الكذوبة؛ التي قادت السودان للوقوع في حضيض واقع بئيس؛ واتون أزمة وطنية شاملة يستحيل ايجاد مخرج إصلاحي منها أو صياغة عقد اجتماعي جديد لرتق النسيج الاجتماعي دون دعم من شرعية ثورية؛ وحراك تغيير جذري مكتمل الاركان.
(3)
التجربة السياسية السودانية الحديثة لأكثر من ستين عام قد أوضحت أن استسهال حل القضايا الوطنية، وتجنب مخاطر المعالجات الجذرية لها، يراكم من تعقيداتها، وله تداعيات خطيرة على وحدة وتماسك الدولة؛ خاصة والمجتمع السوداني يتميز بالتنوع العرقي والثقافي والديني، وما انفصال جنوب السودان إلا أحد الشواهد التي تؤكد هذه الحقيقة، إن هياكل الدولة ومؤسساتها تشيخ ويصيبها العجز في ظل النظم الفاسدة، التي تعجز عن القيام بإصلاحات حقيقية تقصي سوالب التجارب الماضية وتحافظ على إيجابيات إرث التراكم الحضاري.
(4)
لقد اصابت سياسة (التمكين) التي انتهجتها الحركة الاسلامية فجر استيلائها على السلطة 1989م الدولة السودانية وهياكلها بأسقام عديدة ، ادت لتحللها ، وتلاشي قوامها الناظم؛ ولا خيار أمام الشعب السوداني اليوم سوى مَوارَاتها الثرى، وإعادة إنتاجها من جديد، مهما كلف هذا الاجراء من تضحيات؛ وهو خيار لا شك صعب ومعقد، فالثورة عمليه هدم وبناء استثنائية، تفرضها شروط موضوعية غير خاضعة للرغبات، وبما أنها حدث استثنائي فلا بدّ أن تتضافر عوامل قوية تقود الجماهير للاندفاع مضحية بالمهج والأرواح؛ في لحظة تتبلور فيها مطالب العامة وتتوافق بتزايد مظالم السلطة، هذه اللحظة يعيشها السودان اليوم وهي لحظة فاصلة تجاوزت فيها شروط الواقع الماثل بكل تعقيداته منطق الإصلاح، والحلول التوافقية.
(5)
الوعي والحقيقة هما الجناحان اللذان تحلق بهما الثورة، ومن أهم الواجبات الثورية الاستمرار في نشرهما، وتبصير العامة بجوهر وطبيعة الصراع الجاري؛ فكلما ازدادت حصيلة الجماهير المعرفية، يزداد انحياز قطاعات أكبر منها إلى الثورة؛ وهكذا يتم التحشيد وبناء الكتلة الحرجة؛ هذا الجهد التنويري الشاق يجب أن يتواصل خلال مراحل الحراك الثوري؛ حتى إسقاط النظام؛ ويدوم بصورة فاعلة أيضا في مراحل إعادة إنتاج النظام الجديد، وأي إهمال لهذا الواجب خلال أي مرحلة من مراحل الحراك الثوري قد يقود لمخاطر الانحراف أو الانتكاس؛ كما حدث في ثورتي أكتوبر 1964م وأبريل 1985م وعاق وصولهما للأهداف المنشودة.
(6)
والجماهير السودانية تستشرف في هذه المرحلة آفاق ثورتها الشعبية الثالثة في التاريخ الحديث لابد من الوقوف والنظر لأخطاء التجربتين السابقتين التي اجهضتهما وأضعفت مخرجاتهما؛ يقف على رأس هذه الأخطاء الفادحة تقصير الطلائع الثورية في عملية (نشر الوعي) وعدم اهتمامها بتزويد الجماهير بالفهم العميق لمضمون العملية الثورية؛ حيث اكتفت بالتركيز فقط على هدف إسقاط النظام أي عمليه (الهدم) وإهمال الشق الثاني من المعادلة الثورية المتمثل في (البناء)؛ هذا الخلل أوصل فهما خاطئا للجماهير مفاده أن إسقاط النظام كفيل بتحقيق أهداف الثورة ؛ مهملا حقيقة أن سقوط السلطة الحاكمة؛ رغم أهميته ما هو إلا خطوة فقط؛ في طريق طويل وشاق متعدد المراحل على الشعب اجتيازه وهو في كامل وعيه وتماسكه.
(7)
إهمال عامل (اليقظة الثورية) الذي يؤمن مسار الثورة؛ خطأ آخر قاتل؛ قاد التجربتين الماضيتين للفشل؛ فالثورة تحدث عادة على مراحل؛ ولكل مرحلة متطلباتها التي يجب استيفاؤها؛ والمتطلب المشترك الأهم لجميع مراحل الثورة هو (اليقظة الثورية) التي تحصن الحراك الشعبي ضد الانحراف؛ لتتمكن الجماهير من المضي قدما بخطى واثقة نحو صحوة اجتماعية وحضارية حقيقية تجنبها مخاطر الردة؛ فمن الخطأ الاعتقاد بأن الهدف الرئيس من الثورة هو مواجهة السلطة وإسقاطها لتحقيق مطالب ومكاسب ذاتية أو فئوية فقط؛ لأن للثورة أهدافاً وغاياتٍ أنبل؛ وإسقاط السلطة هي الخطوة المهمة التي تفتح الطريق نحو تحقيق هذه الغايات النبيلة.
(8)
قدمت القوى الثورية في التجربتين السابقتين دعما مجانيا (للدولة العميقة)؛ بإهمالها محاربة الاتجاهات السياسية المنحرفة؛ وانحيازها لخيارات (الإصلاح) على حساب الخيارات (الثورية) الصريحة؛ وقد تجلى هذا الاخفاق بصورة واضحة في ثورة أبريل بعد سقوط نظام الدكتاتور نميري الذي أتاح الفرصة لحزب (الجبهة القومية الإسلامية) ليتمدد ويتغلغل في أجهزة الدولة مكونا دولة عميقة استطاعت بكل سهولة إجهاض الثورة في أبريل 1985م والعودة خلال عام من جديد لصدارة المشهد السياسي لتبدأ في إعداد وتنفيذ خطة الانقضاض والاستفراد بالسلطة التي أنجزتها بالفعل في أقل من أربع سنوات بانقلاب عسكري لتحكم حتى اليوم وتكمل بناء دولتها العميقة للحد الذي تلاشت فيه الحدود بين الدولة والحزب الحاكم فغدت الدولة السودانية (دولة الحركة الإسلامية) وليست دولة الشعب.
(9)
لا بدّ لنا ونحن نتلمس أخطاء القوى الثورية في التجربتين الماضيتين من أن نشير بوضوح أيضا لفشل النخبة السودانية في صياغة نظرية ثورية تستند على إيجابيات الموروث القيمي، تستطيع رفد الجماهير بالوعي القادر على محاربة أنماط السلوك السلبي كالرغبة في تحقيق التطلعات الذاتية والمطالب الفئوية دون مراعاة واقع التخلف الاقتصادي الذي تخلفه النظم الدكتاتورية؛ هذه التطلعات رغم مشروعيتها إلا أنها تتيح الفرصة أمام "مضادات الثورة" لتنمو كالخلايا السرطانية داخل البنية الاجتماعية حين تصعد في الوقت غير المناسب؛ وتعوق بهذا مسار الثورة ومشاريع النهوض؛ كما تشيع عدم الثقة؛ وعدم اليقين؛ في جدوى الثورة نفسها.
(10)
وقد أوضحنا جانب من الاخطاء التي صاحبت التجارب الثورية الماضية؛ لابد لنا من رسم موجهات تعالج هذه الأخطاء، وتعبِّد الطريق أمام التجربة الثورية المندلعة حاليا؛ لتتمكن الجماهير من انجازها على النحو المطلوب وهنا نشير لبعض الخلاصات الهامة المستفادة من تجارب الثورات السودانية السابقة:
1/ ضرورة تخلص الجماهير من الاعتقاد الفاسد بأن سقوط السلطة يعني تلقائيا حل كافة المعضلات التي تواجه الشعب وزوال الظواهر السالبة؛ فهذا اعتقاد غير واقعي؛ لأن سقوط السلطة لا يعني تغيير بنية الدولة التي يحتاج تغييرها للوقت والجهد الجماعي.
2/ ضرورة توافق جميع مكونات المعارضة على برنامج حد أدنى يعطل صراع المصالح الحزبية إلى ما بعد اكتمال مراحل الهدم والبناء الثوري، وعدم استعجال المكاسب الذاتية والفئوية (فقد أدّتِ الإضرابات والمطالب الفئوية دورا هداما في فترة الديمقراطية الثالثة).
3/ ضرورة وضع خطط لتنفيذ مشاريع اقتصادية إسعافية بعد الثورة مباشرة، يعود نفعها لصالح المواطن بسرعة تشعره بالتغيير، وتشيع فيه الأمل ليتفاعل معها ولا يقع في الإحباط.
4/ ضرورة الصدق مع الجماهير وتزويدها بالحقائق، فهي قد عانت وتطالب بتغيير تلمس نتائجه يحسن مستوى معيشتها، وهو في الواقع أمر صعب في ظل المعضلات المتراكمة؛ ولكن لا بأس من تقديم مبادرات رمزية خلاقة تبث الطمأنينة، فالتغيير يحتاج دائما لدفعات قوية من الأمل لتتواصل اليقظة، ويتواصل الفعل الشعبي الجماعي.
5/ ضرورة تواجد قوى التغيير بكثافة وسط الجماهير لتبعد عنها شر مخططات قوى الثورة المضادة المتحفزة لإحداث الردة، فالجماهير عادة تثق بالقوى الحاضرة في عمق البنية الشعبية.
6/ ضرورة اليقظة والانتباه لمحاولات سرقة الثورة من قبل قوى غير ثورية تسعى لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء كما حدث من قبل في أبريل 1985م.
7/ اخيرا المجتمعات تحتاج لمن ينظمها ويكسر سكونها لتُخرِج أحسن ما في جعبتها، وهذا دور النخبة الوطنية التي يجب أن تتصدر المشهد وتمثل مرجعية الشعب لاستعادة نشاطه وتحمل أعباء مرحلة البناء الشاقة.
** الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون.
تيسير حسن إدريس 04/01/2019م



#تيسير_حسن_ادريس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حيرة مقتفي الأثر عند حافة الفكر اسقاط النظام أم الامبريالية! ...
- مبادرات رفع العتب وآليات تجريف الوعي من يأمر ومن ينفذ؟
- لب المقاومة السلمية وقشورها
- تفرّيغ النظريات السياسية من مضامينها وتدجينها
- لَعَلَّ الْدَافِعُ خَيْرًا!!
- التَّنُّور والفُلْكُ
- من هنا نبدأ!
- عفوا سادتي لن نمضي معكم في هذا الطريق!
- هَذَا الْحَجَرُ لَيْسَ قَلْبِي
- هذه العملة غير قابلة للتداول والصرف!
- المقاومة بصناديق الاقتراع (محاورة لمقاربة الأستاذين الجليلين ...
- الخلية النائمة: مأزق التشهي والرغائب
- موقف الجيش السوداني من مدنية حراك التغيير
- قَابَ جُرْحٍ أَوْ أَدْنَى قَليلاً
- مكائد الحركة الإسلامية لإجهاض الثورة السودانية الثالثة
- المشير الهبوط الإضطراري بدل الهبوط الناعم
- مذكرة الشيوعي السوداني حجر في بركة العمل المعارض الساكنة
- فبأي آلاِءِ حبي لا تقر
- انتخابات نقابة المحامين واضطراب الاستحواذ الإخواني
- الاِستِعلاء الأَخْرَقُ ثقافة المَعْلُولِ


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - من دفتر يوميات الثورة .... الحركة الاسلامية السودانية الرهان الخاسر