أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - والله إنَّ هؤلاءِ لرجالُ مخابراتٍ















المزيد.....

والله إنَّ هؤلاءِ لرجالُ مخابراتٍ


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 6673 - 2020 / 9 / 10 - 04:32
المحور: الادب والفن
    


ما إن يَطلَّ علينا الزعيمُ من شرفةِ القصرِ وما حولَها من عُرىً وزمام, بأولِ خطابٍ لهُ عن الراعي وشرفِ خدمةِ الرعيةِ بودٍّ وسلام, وأنّ أمنَ الأنام هوَ مناه وهو عندَهُ السنامُ, ننامُ نحنُ مُكبِّرينَ ومُهَلِّلينَ وحالمينَ برفرفةِ أبيض الحمام, في ربوع بلادنا وهو يُنشِدُ بيمنٍ ووئام:
ما أنقى الوئام قُرررر ...
ما أندى السلام قُررررر!...
وإن هي إلّا حفنة من أيام, فإذ بالأمن قد أستتبَّ إستتباباً مطلقاً فلا خِصامَ ولا إختصام. أمنٌ : الحمامُ فيهِ لايُنشِدُ بل ينوحُ بأنينٍ زؤام. أمن نَدعوهُ نحنُ ب (أمنِ خُضير), نعم (أمنُ خُضير) لا دهشة؟ أمنُ خُضير لأنّهُ أمنٌ مُطَرَّزٌ ثوبُهُ بشُعَيْراتٍ إستُلَّتْ من أدنى موضعٍ في لِحيَةِ البائسِ المسكين (خضير), ثمَّ تَرَانا من بعدِ ذلكَ نهتفُ مؤمنينَ بألّا أمنَ ولا أمانَ في دروبِ البلادِ مالم تُطَرِّزُه خيوطُ لحيةِ خضير, ثمَّ ومن بعدِ ذلكَ تَرَانا نغلو في إيمانِنا والرهبنةِ للزعيمِ حتى أعلى الدرجاتِ: " يحيا الزعيمُ وتسقطُ لحيةُ خضير" , ثمَّ ومن بعدِ ذلكَ تَرَانا ننسجُ فنَصنعُ من خيوطِ لحيةِ خضير طرفةً لنا وبسماتٍ. نعم ,بسمات؟ فخضيرٌ هذا كائنٌ شبهُ آدميٍّ, وهو بطل طرفتنا هذه, وهو صاحبُ صاحبي, ولا بدَّ للنَّبضاتِ من بسماتٍ, وهلِ النبضُ إلّا همساتٌ معطراتٌ بلينِ حرفٍ وإبتسامات, ثمَّ لَمَساتٌ من باقياتٍ صالحات, تنفعُ في هذهِ ذكرياتٍ طيباتٍ, وتدفعُ في الأخرى شررَ نارٍ كأنَّهُ جمالاتٌ, ولا ضيرَ في أنّها بسماتٌ خُطَّت بمدادِ زعيمِنا المُفدى على جفونِ الحياة, فَأطَّت بها عيونُ الفجرِ بدمعٍ مكنونٍ في الحدقاتِ, لكنها بسماتٌ, نحنُ ندعوها بسماتٍ, ففيها رسماتٌ ظاهراتٌ من بسمات, فَلْنَخلعْ عليها - ولو كَذِباً – ونلْبِسْها بردةَ البسمات. وهاهي الطرفةُ - وكما قَصَّها ليَ جارُ خضييرَ وصاحبُهُ - بعد تهذيبٍ لها وتشذيباتٍ:
أنَّ المسبحةَ في أناملِنا المرتجفاتِ, تُعَدُّ في دستورِ زعيمِنا المُفدى من المحرَّماتِ, وإنَّ إطلاقَ اللحىً من الموبقاتِ المهلكاتِ التي يرتعشُ من تضاريسِها زعيمُنا المُفدى ذي البطولاتِ, ويستفحشُ منها حرسُهُ ومايحملونَهُ في أيديهم من (زيتونٍ وريشٍ وسنبلاتٍ), فترى الزعيمَ والحرسَ مُستَنفرينَ لأجلِ الجهادِ في سبيلِ إجتثاثِ اللحىً كلَّ جواميسَ (الأمنِ) ونسانيسَ (المخابراتِ) بل وبنجمِ الشّعرى يستهدونَ وما حولَه من مَجرَّاتٍ وعلامات..
وفي يومٍ من الأيامِ كانَ هناكَ كائِناً في الحارةِ عَفويَّ اللفظِ بهيُّ القسمات. يُدعى خُضيْر: شابٌ طريٌّ نقيُّ الطّوياتِ. أطلقَ خضيرُ لحيةً طويلةً ليخفيَ خطوطاً في حنكهِ وآثاراً من جراحات, إثرَ سقوطهِ من سُلَّمٍ كثير الدرجاتِ, على كومةِ أخشابٍ وأسلاكٍ شائكات, وإذ أنا ذاهبٌ إلى عملي عند إشراقةِ شمسِ من السبتاتِ, وإذ كنتُ راكباً دراجةً هوائيةً وَرِثتُها عن أبي عن أبيهِ, عليهما من الرّحمنِ رحمات, (بِسكِلتةٌ) هي وصيةٌ خصَّني بها - فأنا البِكرُ - مِمّا خلفَهُ لنا من التَّركات, الورثةُ مانالَهم من شيئٍ إلّا خزائنَ قَفَشاتٍ كان أبيهم يترنَّمُ بهنَّ في المقهى لاذعات. وإذ كنتُ أقودُ دراجتي ذاتَ السلاسل المُقرقِعات, ومثقلاً بآهاتِ رزقٍ مُفَرقِعات, وَواهاتٍ ببسماتي جعلتُهنَّ مخفياتٍ مُبَرقَعات، وإذْ بسيارةِ (لاندكروزر) كخنزيرٍ ضلَّ طريقَهُ قَدِمَ من براري أو من غابات, فترجَّلَ منها ثلاثةُ رجالٍ بستراتٍ حالكات، رجالُ رعبٍ ما رَأَتْ عيناي مثلَ شواربِهُمُ مدمدمات, يَصطَفُّ على شنبِ أحدِهُمُ سِربُ صقورٍ جارحات, جثامينهم كدُبَبٍ قُطبياتٍ منذُ شهورٍ جائعات !
سألوني :
أينَ بيتُ خضير ؟...
فأرشَدتُهم إليهِ بتوجسٍ وبقيةٍ من أنفاسٍ مُختَنِقات،
ثُمَّ سألوني عن خُلُقهِ؟ عن دينِهِ وعمّا خُفِيَّ فيهِ من مُنكرات؟..
وبينَما أنا معهم في (هاتٍ وخُذ وهات ), وفكري يَضربُ أخماساً بأسداسٍ, بل سبعاتٍ بتسعات! إلتَقطتُ أنفاسي فتأمَّلتُهم بِحِسٍّ وحِدسٍ إستخباريٍّ وبثبات, وأسررتُ النجوى:
مؤكدٌ هؤلاءِ مُخابراتٌ أو لعلّهم إستخباراتٌ ؟نعم, هؤلاءِ مخابراتٌ ؟ والله إنَّ هؤلاءِ لرجالُ مُخابراتٍ, وإنَّ الهدفَ هو إعتقالُ (خضيرُ) لِما أنبَتَ على فكّهِهِ المُثلثِ المتساوي الساقينِ المقلوبِ الرأسِ من شُعيرات، فظنّوهُ متطرفاً في دينهِ وكافراً بالاحزابِ و نافِراً من الأيدلوجياتِ ومناضلاً من أجلِ حقوقِ الأقليات..
أنا - شخصياً , مغرمٌ ولهانٌ بفنِّ المخابراتِ, وأملكُ من داخلها وبتفاخرٍ وأنَفَةٍ أصحاباً ضباطاً لا ضابطات, وأحلامي في الليلِ كلها هلوسةٌ وهذهذات :
(فهد واحد يُنادي: لقد عثرتُ على الدجاجاتِ,حَوَّلْ؟)..
(شهابُ إثنان يُنادي: أُستِلمَت. شاغِلِ الهدفِ في الحفرياتِ حَوِّلْ)..
(الفَلّاحُ قادمٌ إليكَ بالسُّنبلاتِ,حَوِّلْ). ويالِجَمالِها من سُنبلاتٍ! يا لكمالها في لونها : صُفرٌ فاقعات! سنبلاتٌ يابساتٌ, مَن إلتَقَمَ منها سنبلةً إِحوَلَّ بؤبؤُهُ, أو إثوَلَّ سمعُهُ, أو إزوَلَّ نبضُهُ ومات.
وأنّي لأشهدُ والشهادةُ للهِ بكلماتٍ مسؤولاتٍ :
(إنَّ خضيرَ آدميٌّ - أو لَعَلّهُ كذلكَ- مسكينٌ طيبٌ زكيُّ الخلجاتِ) ولا اتمنى أن يُطعَمَ ولو بحبةٍ من سنبلات.وأنّي خَشيتُ عليهِ فكذَّبتُ عليهمُ بِحنكةِ رجلٍ ضليعٍ بفنِّ المخابرات, وأعلنتُ لهم مستيقناً وبعباراتٍ حاسمات:
يا عَمّي! خضيرٌ هذا فاجِرٌ زيرٌ للنساءِ المومساتِ، خَمّارُ حارتِنا الأولُ !وما لمحتُهُ إلّا مُترنحٌ بقناني مسكراتٍ، سفيهٌ أغبرٌ, ما ركَعَ الأحمقُ للهِ ركعةً واحدةً في صلاة ! بل ما فَعَلَ فعلةً من باقياتٍ صالحات, سِجِلُّهُ صحراء مغبرةٌ بسَمومِ السيئاتَ وما فيها نَبتةُ من حَسَنات ...
صارَ الجميعُ يضحكُ ثم ركبوا مركبَتَهم وانصرفوا بإرتياحٍ وقهقاتٍ ...
أنتصرتُ عليهم أنا فلا نامَت أعينُ الجبناء الواهنات. أفيغلبُني غباءَ ثلاثةِ دببٍ قطبياتٍ! وأنا الخبيرُ بعِلمِ المُخابراتِ!
تركتُ الأمرَ سِرّاً في نفقِ الظلماتِ, وما أخبَرتُ (خضيرَ) لِئلّا يقلقَ وكيلا يخافَ من نائباتٍ قادمات, ولأنّهُ هكذا هوَ علمُ المخابراتِ, علمُ ظلماتٍ بعضُها فوقَ بعضٍ مُتراكمات.علمُ ظلماتٍ!؟ نعم,علمُ ظلماتٍ, لأنَّ الشعبَ كلّهُ في نظرِ الزعيمِ جواسيس وجاسوسات.

إختفى خضيرُ من الحارةِ كضفدعٍ في طين السبات، وما عُدّتُ أشاهدُهُ في شغلٍ, ولا في مقهىً ولا في دربونات! ومضى عشرون يوماً فهجَمَتْ عليَّ هواجسٌ مزلزِلاتٌ, فهرعْتُ أسألُ عنهُ، وإذ بأُمّهِ تفتحُ بابَ دارٍ فُرُشُها قَشٌّ وحُصيّات, دارٌ بُنِيَت من أموالِ زكوةِ وصدقاتِ، سألتُها بلهفاتٍ جانحاتٍ:
يا هيكلاً من خالةٍ طيبةٍ, أين خضير بدرُ زمانكِ ونجمُ الأنجم المتلألأت ؟
قالَتْ: أيّة لألأت! مريضٌ من عشرين يوماً يا بُنَيَّ فلا لألآتٍ ولا نظرات.
ناديتُ عليهِ : خضير! يا أنتَ يا خضير! فأتانيَ, وإذ به مُكعكعُ النَبراتِ مُضَعضَعُ العَبَراتِ، كأنَّهُ مُنبَعثٌ من بعد مَمات!
قلتُ له: خير ياخضير! ما خطبكَ كأنّك خفّاشٌ هَرِمٌ بشللٍ عَقَّهُ أبناؤه فنبذوه خارجَ المغارات ؟!
قال خضير :
(أسكتْ يا سندَ فؤادي في الأزمات , قد رزقنيَ اللهُ بفتاة ، جميلةَ الجميلاتِ نبيلةَ السُلالات, أحبَبْتُها حُبّاً جَمّاً يَعدِلُ عشقَ عناترِ الأرضِ للعبلاتِ, فجاءَ أهلُ الفتاةِ قبيلَ الخطبةِ بساعات, يسألونَ عَمّا في...صفاتي... من .. سَوْآتٍ .. مَخفيّات...
آآخ ، ليتَني أعرفُ من هوَ ذا ( السّافلُ إبنُ السَّافلِ) الذي شَهِدَ لهم عليَّ بأقبحِ الكلماتِ, فأبلغَهُمُ أنّي زيرُ نساءٍ مومساتٍ وخَمّارٌ مُحترِفٌ في الحانات )؟!
وَيْ! وَيْ! وَيْ!
وَسوَستُ أنا لِخنَّاسي وهَسهَستُ له : لقد أجهَزَت- يا قريني- هِوايَتي لِفن المُخابرات على مُستقبلِ خضير المسكين فما عادَ لهُ من مُخرَجات.
لكنَّ فِراستي - يا قرين- في فضاءِ المُخابراتِ ماوَهَنَت وستَبقى مُحَلِّقةً رغمَ أنّها ما درَسَت في معهدٍ للمُخابرات.
عاشَ زعيمُنا المُفدى:
(ظِلُّ اللهِ في الأرضِ) وسَيِّدُ السّادات والأباطرة والإمبراطوريات,
وتبَّاً للحيةِ خضير التي (تدعي) جهاداً من أجلِ حرياتٍ و(ديمقراطيات)..
عاشَ رجالُ المخابراتِ:
(رجالُ الظِلِّ للظِّلِّ) حُماةُ قلاعِنا المُحَصَّناتِ وحَمَلَةُ أمناءُ غيارى لسنبلاتِنا المُشَهِّياتِ المُشتَهِياتِ المُغَذِّيات .
الخلاصةُ :
لا إجتهاد بلا مؤهلات, ولا غلو مع المؤهلات, ف(الغلو يحلِقُ الأعمالِ وما فيها من عبرات, ويمحقٌ الآمال وما فيها من نظرات), فنُحرَمُ من بعدِ ذلكَ أن نَجمعَ رأسينِ بالحلالِ فنبتهجُ بأفراحٍ ومَسرّات.
تبّاً لكَ : خضيرَ عنيتُ.



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إي وَرَبِّي : إِنَّ الأَرضَ بِتِتكَلِّم عَرَبيّ
- -لحظةَ أنْ سَبَّحَ البُلبلُ وسَبَحَ في صحنِ الوَطن-:
- (أيُّ الفَريقينِ لهُ حقٌّ أن بِضِحكاتِهِ يَزأر)؟


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - والله إنَّ هؤلاءِ لرجالُ مخابراتٍ