أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زاهر رفاعية - حريّة التعبير تشمل حرق الكتب أيضاً















المزيد.....

حريّة التعبير تشمل حرق الكتب أيضاً


زاهر رفاعية
كاتب وناقد

(Zaher Refai)


الحوار المتمدن-العدد: 6669 - 2020 / 9 / 6 - 23:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا يوجد في اللغة العربية كلمة "حريّة" بل يوجد تعريب لهذه الكلمة عن اللغات الأخرى وهذه هي الحالة الوحيدة التي ينطق بها العرب هذه الكلمة. أما عيش هذه القيمة والإيمان بها واحترامها فالعرب لا يعرفون شيئاً عن ذلك إطلاقاً. وإذا ما انتقلنا إلى الإسلام وتعاليمه سنجده بوضوح يعني "اللاحريّة" . الإسلام هو أن تكون عبداً "لله" . إلى هذا الحد لا توجد مشكلة لو أنّ معنى العبوديّة لله وقف عند حدود التعبّد الطقوسي أو الخضوع القلبي. المشكلة هي في أنّ العبوديّة لله في الإسلام لا تعني أكثر من العنجهيّة الفارغة فوق بقيّة البشر واستعباد وقتل الآخرين الذين لم يرتضوا لأنفسهم أن يكونوا عبيداً "لله" على شاكلة صاحبنا المسلم.
أتحفنا البارحة الدكتور "كاظم ناصر" في موقع الحوار المتمدّن بمقال يشرح لنا فيه كيف أنّ اليمين المتطرّف في الغرب لا يحترم حريّة المعتقد, وبصراحة لو عنون د.كاظم مقالته بــ" فضيلة كمّ الأفواه" لكان أقرب لمضمون المقال بما لا يقارن.
معضلة المسلم مع العالم الغربي - حتى لو كان هذا المسلم حاملاً لرسالة الدكتوراه من جامعات أميركا ويعيش في تلك البلاد منذ حرب تشرين - هي في أنّ المسلم يعتقد بأنّ ما لا يصبّ في صالح معتقداته وشريعته وما يؤمن هو به ويقدّسه عن تعصّب وتقليد فبالتالي لا يجب أن ينتمي للعالم المتحضّر.
حريّة التعبير عند المسلم تشمل الدعوة السلفيّة في شوارع ألمانيا , وبؤر الإخوان في السويد, وجمعيات الاحتلال التركي الإسلامية في النمسا, ولكنها لا تشمل كلمة نقد بحقّ المسلمين وكتابهم ورسولهم! مع العلم أنّ هذه الدعوات والدعاة والجمعيّات ما هي في الحقيقة سوى خلايا تنشر الفكر الإرهابي في أوساط المهاجرين العرب من أجل تجنيدهم مستقبلاً في معركة فتح بلاد الغرب التي استعصت على بداوتهم منذ 600 عام. ومع ذلك فالمسلم يعترف لهؤلاء المجرمين بالحق في التعبير عن أفكارهم الموبوءة التي لا تستهدف سوى تقويض دولة الحريات وديمقراطيتها لصالح عودة أسواق النخاسة, بينما يستنكر تعبير أحد الرّسامين في مجلّة عن فكرته بالرّيشة والألوان!!.
أودّ أن أذكّر كاتبنا العزيز بأنّ العنصري اليميني المتطرّف لا يحرق القرآن لأنّه من هواة حرق الكتب, بل لأنّه قرأ في القرآن التعاليم التي تأمر المؤمنين بهذا الكتاب أن يقتلوه ويسبوا زوجته وأطفاله. وبالتالي فتعبيره عن غضبه بإحراق الكتاب الذي يأمر بقتله.. أعتقد هذا "أقلّ القليل". ولا تقل لي بأنّهم لم يفهموا الإسلام حقّ الفهم, فبصراحة إنّه لهزؤ أن تطلب من أحدهم قراءة مائة وعشرون ألف مجلّد من التفاسير حتى يفهم كتاب واحد.
في العدد الصادر بتاريخ الثاني والعشرين من شهر يناير عام 2012 تساءلت صحيفة دويتشة فيلة الألمانيّة كالتالي: قرر فنان ألماني من أصل شيشاني أن يجمع 60 ألف نسخة من كتاب تيلو زاراتسين- الذي يعتبره البعض معاديا للأجانب- لإعادة تدويرها واستعمالها في مشاريع أخرى. وهو فعل اعتبره البعض مشابها لبعض الأفعال النازية. فهل هذا صحيح؟
ومن هنا أخذ المسلمون الطرواديّون هذه الحجة وداروا بها يتسوّلون برلمانات الغرب تشريع قانون لحماية المصاحف من الحرق بما أنّ حرق الكتب تقليد نازي "وكأنّ المسلمون لم يحرقوا مكتبة الاسكندريّة واعجبي!" . الحقيقة هي أنّ النازيوّن أحرقوا الكتب التي ينتمي أصحابها لليهوديّة أو التي تنادي بالانفتاح على الآخر ونبذ التعصّب العرقي, ولذلك ألحقوا الناس بالكتب حرقاً. بينما حين نتكلّم عن حرق المصاحف فلأنّ المصحف بذاته يشتمل على نصوص واضحة لا يختلف حولها سوى المرقّعون تأمر المسلم أن يكون على استعداد للسطو على حياة غير المسلم وممتلكاته. لذلك لا يجب أن تشرّع البرلمانات الغربيّة قوانين تحمي القرآن بل تحظره من التداول تماماً كما كتاب "كفاحي" للمقبور "هتلر" لأن كلا الكتابين يشتمل على دعوات للكراهية والقتل ويحضّ على ارتكاب جرائم الحرب ويهلل للجرائم ضدّ الانسانيّة وينادي بالمقاومة المسلّحة في وجه أنصار حقوق الإنسان, بغض النظر عن المؤلف والمستهدِف والمستهدَف.
لماذا لا يستنكر المسلم حرق أعلام أميركا التي يعيش فيها د.كاظم ؟ بما أنّ الكاتب يعتبر فعل حرق الرّموز هو تحريض على الكراهية وليس حريّة تعبير؟ فقط لأنّ كاتبنا يؤمن بالقرآن ولا يؤمن بأميركا؟ أي نعم ولكن هذا لا يجب أن ينسحب على الآخرين ومصادرة حقّهم في التعبير, فالقرآن مقدّس فقط عند من يؤمنون به ولا يجوز مصادرة حقّ الآخرين في عدم تقديس ما تقدّسه أنت يا صاحبي.
مللنا عبارة "احترام المعتقد" كلمة فارغة لا معنى لها ولا تشير إلى شيء البتّة. هناك احترام للأفراد , للممتلكات, للأنفس والحيوات, للكرامات, للحريّات ولكن ليس للمعتقدات. المعتقدات هي شأن خاص بالفرد لا يجوز أن يملي على الآخرين قداسته, وإلّا صار بلطجة على الآخرين, لاسيّما وإن كان هذا الفرض يأتي عن طريق بنادق ومتفجّرات الإرهابيين المتطرّفين من أتباع دين السلام.
لماذا لا يشعر المواطن الألمانيّ بالإهانة إذا ما أحرق أحدهم كتاب كفاحي للمجرم أدولف هتلر إلّا إذا كان نازيّاً مجرماً مثله؟ لأنّ الألماني أو الألمانية لم يتركوا أنفسهم للتماهي مع تعاليم الحقد والكراهية الواردة في الكتاب ولم ينصّبوا أنفسهم حرّاساً على هذا الفكر الإجرامي وبالتالي فهم لا يشعرون بأنّ حرق هذا الكتاب هو تهديد لهم بأنفسهم وذواتهم ولا أنّ الدّور قادم عليهم حرقاً. بينما المسلم المتطرّف الذي تماهى مع آيات القتل والسبي والنهب لدرجة أنه أصبح قرآناً يمشي على الأرض, فبالتالي حين يرى من يحرق المصحف فهو يرى أناساً هم على دراية تامّة بما يحوي هذا الكتاب وبما يحويه رأس المتماهي معه فيخاف على نفسه من الحرق تالياً. وهذا الكلام ليس صحيحاً بالمجمل لأنّ غير المسلمين ينظرون للمسلم على أنّه أولى ضحايا تعاليم الإرهاب, فالقاتل ضحيّة فقد إنسانيّته قبل أن يكون المقتول ضحيّة القاتل. لذلك عزيزي المسلم قبل أن تلوم خوف الآخرين منك ومن معتقداتك ورموزك الدّينيّة اذهب وانظر أي نوع من التّعاليم والنّماذج يقدّمها لهم إسلامك, فمن الوقاحة أن تطالب الآخرين احترام وقاحتك معهم, ومن بيته من زجاج فلا يرمي النّاس بالحجارة.

وللتدليل على أنّ عنوان "فضيلة كمّ الأفواه" هو أنسب ما يمكن أن يعنون به مقال د.كاظم يطالب صاحبنا الدّول العربيّة والإسلاميّة بردّ فعل ديبلوماسي على المسألة, ويكأنّه كتب على بلداننا أن تظلّ في هذا العالم حامية حمى الإرث الصحراوي أبد الآبدين. وكأنه لم يعد يكفينا كيف أصبحنا في ذيل العالمين من وراء عدم فهمنا لمعنى كلمة علمانيّة. لا يوجد شيء يسمّى "دولة إسلاميّة" يا دكتور كاظم؟ هناك إمّا دولة وإما شيء آخر, والدّولة مفهوم قام على العلمانيّة, فبدون العلمانيّة لا يمكن أن يقوم شيء يسمّى الدّولة. وما هذه التجمّعات الحكوميّة التي تشير لها باسم دول إسلاميّة سوى امتداد لقصور الأمراء السلاطين منذ عصر الفتوحات الإسلاميّة, ولكن بسبب ضغوط العصر الرّاهن قاموا بتغيير الأسماء تماشياً.
كما يشيد كاتبنا بالاستنكار التركي لحرق القرآن إذ يقول "الاستنكار التركي لحرق القرآن الكريم جاء على لسان المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم قالن الذي قال" يحرقون نسخا من القرآن الكريم في أوروبا، ثم يدّعون بأنهم يدافعون عن العلم والحرية والعدالة." انتهى الاقتباس.
والله بمناسبة الكلام عن الحريّة والعدالة فالشعب التّركي لم يفتقدهما إلّا بوصول حزب يحمل أسميهما للسلطة.
الخلاصة: صون الحقّ في حرق الكتب والصحف ومسح المؤخّرات بالمعتقدات ورسم التاريخ وشخصيّاته بالكاريكاتير هو تحديداً ما يسمّى حريّة التعبير. وعلى العرب والمسلمين المقيمين في دول الغرب أن يتعلّموا بأنّ التشريعات والقوانين لم توضع لصون مشاعرهم المرهفة -كما هي في بلدان أجدادهم- بل لصون أفراد المجتمع قاطبة في أنفسهم وحريّاتهم. وكما أنّ المسلمين في الغرب يمارسون حقّهم في التعبير عن معتقداتهم والتبشير بها -على الرّغم من أنّها في كثير من الأحيان تخالف أبسط مبادئ الدستور وحقوق الإنسان- إلّا أنّهم يجب أن يسلّموا للآخرين أيضاً بذات الحق في التعبير عن رفض معتقداتهم تلك, أيّاً كان شكل الرّفض هذا. لم يعد مقبولاً من المسلم المتطرّف ألّا يسلّم بالحريّة سوى بحريّته هو في العدوان على الآخرين وإهانتهم. ولا عن حريّة التعبير سوى حريته هو في التعبير عن همجيّته وتخلّفه الحضاري والأخلاقي. ولا عن القانون سوى أنّه القانون الذي يوافق دوغمائيّته ويطابق ما ورثه عن أجداده.
لا يمكنك تفصيل علمانيّة على المقاس ولا تفصيل حريّة تحمي حقوق الأقلّيات على حساب أمن وحريّات الأكثريّة.
وبهذه المناسبة يسعدني وضع رابط لحلقة مصوّرة على اليوتيوب للأستاذ حامد عبد الصمد يشرح فيها كيف أنّه من الصعب إيجاد صيغة في التّاريخ تتفوّق في عنصريّتها على الصيغة التي أتى بها الإسلام, ومع ذلك تجد المسلمين يتباكون ليل نهار جرّاء عنصريّة الغرب ضدّهم.
https://www.youtube.com/watch?v=cvVwAtiSyDg
كما يمكنكم الاطّلاع على مقال د."كاظم ناصر" في موقع الحوار المتمدّن على الرّابط:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=690893



#زاهر_رفاعية (هاشتاغ)       Zaher_Refai#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وفاة النّاشطة التركيّة -ايبرو تيمتيك- بعد 238 يوم من الإضراب ...
- دعوة لقراءة كتاب (قلق السعي إلى المكانة)
- دولة الإمارات العربيّة البراغماتيّة المتّحدة
- دعوة لقراءة العدميّة في زمن الكورونا
- تعليق الكاتب التركي (أورهان باموق) على قرار تحويل متحف (آيا ...
- البعد السياسي والاجتماعي لأحكام الإعدام
- مرّ عامٌ على ترك التدخين!
- حريّة التعبير لا تشمل تبرير الجريمة
- خطورة أن يصبح .....رئيساً للدولة
- وهم السيادة الجنسانيّة للدولة
- مزدرون ونفتخر. (ح2)
- (عائشة رومانو) والإعلام المصاب بـ(متلازمة الدّوحة)
- مجلس سفهاء الفيسبوك
- مزدرون ونفتخر. (ح1)
- كيف باع دونالد ترامب لدولة قطر طبل إماراتي مستعمل؟
- برسم أجهزة المخابرات البريطانيّة
- كهنوت العلم وبسطار التنوير
- شهر التنمّر الفضيل
- الجماعات الإسلاميّة, خصم سياسي أم عدوّ قومي؟
- مسؤولية الدّين في انتشار الأوبئة والجهل


المزيد.....




- “متع أطفالك ونمي أفكارهم” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ب ...
- لولو يا لولو ” اظبطي تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...
- أمين عام -الجماعة الإسلامية- في لبنان: غزة لن تبقى وحدها توا ...
- وزيرة الداخلية الألمانية: الخطوط الحمراء واضحة.. لا دعاية لد ...
- لجنة وزارية عربية إسلامية تشدد على فرض عقوبات فاعلة على إسرا ...
- اللجنة العربية الإسلامية المشتركة تصدر بيانا بشأن -اسرائيل- ...
- إلهي صغارك عنك وثبتِ تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 لمتابع ...
- اختفاء مظاهر الفرح خلال احتفالات الكنائس الفلسطينية في بيت ل ...
- المسلمون في هالدواني بالهند يعيشون في رعب منذ 3 شهور


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زاهر رفاعية - حريّة التعبير تشمل حرق الكتب أيضاً