أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - هيثم الحلي الحسيني - دراسة في إختيار اليوم الوطني للدولة العراقية وإسقاطاتها في الواقع المعاصر, الحلقة الثالثة: تشكيل العهد الوطني الملكي ومرجعياته وإعلان إنهاء الإنتداب البريطاني ومقدمات العهد الجمهوري















المزيد.....


دراسة في إختيار اليوم الوطني للدولة العراقية وإسقاطاتها في الواقع المعاصر, الحلقة الثالثة: تشكيل العهد الوطني الملكي ومرجعياته وإعلان إنهاء الإنتداب البريطاني ومقدمات العهد الجمهوري


هيثم الحلي الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 6667 - 2020 / 9 / 4 - 15:28
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة "النقيبية الأولى" : كانت من نتائج الثورة العراقية الكبرى, العمل لتشكيل حكومة عراقية مؤقتة, والشروع في بناء عملية سياسية, تفضي لتأسيس دولة دستورية وحكم وطني، برئاسة ملك عربي هاشمي, أحد أنجال الشريف حسين, كأحد الأهداف التي نادت بها الثورة, فيعد الحدث في أدبيات التاريخ العراقي المعاصر, بدء العهد الوطني.
فسعت بريطانيا لتشكيل حكومة عراقية وطنية، فكانت الحكومة المؤقتة "النقيبة الأولى"، التي رأسها نقيب أشراف بغداد، عميد الأسرة المتنفذة دينياً واجتماعياً وسياسياً في الحقبة العثمانية، السيد عبد الرحمن النقيب الكيلاني[21]، في تشرين الثاني 1920, وكان جميع أعضاء الحكومة, بمواصفات تأهيلية قريبة من رئيسها, ووفق توصياته إلى البريطانيين.
وكانت مهمة الحكومة, ترسيخ القبول الشعبي بالنظام الجديد, وإيقاف أعمال العنف والمقاومة, التي يصفها أركان الحكم بالتخريبية، وترتيب المناداة بالأمير فيصل بن الحسين, ملكاً للعراق، والدعوة والإعداد للاستفتاء الشعبي العام, لبيعته من خلال مؤتمرات شعبية عامة, في جميع ألوية "محافظات", ومدن العراق.
تتويج الملك فيصل وبدء الحكم الوطني :بعد إعلان نتائج الاستفتاء, وإتمام البيعة الشعبية العامة، جرى الإعداد لحفل التتويج يوم 23 آب 1921, وهو اليوم الذي اختاره الملك العتيد, قاصداً رمزيته, لمصادفته ليوم "عيد الغدير" بالتقويم الهجري, لإضفاء الشرعية لولايته, باعتباره هاشمياً منحدراً عن الدوحة المحمدية العلوية الشريفة.
وبعد تتويج الملك فيصل الأول, عاهلاً لمملكة العراق، تم تقديم الحكومة المؤقتة استقالتها، وشكلت بعدها الحكومة النقيبة الثانية, برئاسة السيد عبد الرحمن النقيب الكيلاني نفسه, في نهاية آب 1921.
شهدت الوقائع اللاحقة, تشكيل البنى السياسية للدولة, فكانت أمام الحكومة مهمة تشكيل وانتخاب المؤتمر التأسيسي العراقي, الذي يتولى كتابة وإقرار الدستور العراقي[22]، فشكّلت لجنة فرعية لكتابة نظام الانتخابات العراقية, من خمسة عشر عضواً, ممن شغل العضوية في مجلسي الأعيان والمبعوثان, في العهد العثماني السابق[23]، برئاسة السيد طالب النقيب، ومعه (18) عضواً, مثلوا كافة مناطق العراق، وكانت تلك القضايا, قد أقرت على خلفية المؤتمر العراقي المنعقد في آذار1920، الذي حضرته مجموعة من النخب السياسية والعسكرية الوطنية العراقية في المنفى.
المجلس التأسيسي وإنشاء الدستور الدائم : أقرت اللجنة المكلّفة بالنظام الإنتخابي, لائحة باسم "النظام المؤقت لانتخاب المجلس التأسيسي"، وكان النظام الانتخابي, قد أقر تأسيس (12) إثني عشر دائرة انتخابية, "بواقع دائرة لكل لواء", على أن تجري الانتخابات بالأسلوب غير المباشر، وذلك بأن تنتخب كل دائرة مندوبيها، بواقع (100) مائة مندوب لكل دائرة, بينها (20) مندوب للعشائر, و(5) مندوبين لكل من المسيحيين واليهود.
ورغم صدور الكثير من الفتاوى, لبعض المراجع الدينية الوطنية لمقاطعة الانتخاب، وفي مقدمتهم الشيخ محمد مهدي الخالصي[24]، غير أن المعارضة والممانعة السياسية, كانت بشكل سلمي, ودون تنفيذ أية أعمال عنف, وتميزت بمطالب محددة, وهي إعادة نشاط الأحزاب السياسية, والسيطرة على المناطق الكردية, وتقليص مدة المعاهدة العراقية البريطانية إلى (4) أربع سنوات, تنتهي بإنهاء الانتداب, ودخول العراق عضواً في عصبة الأمم المتحدة.
وقد تقرر يوم 19 ت1 1922, موعداً لانتخابات المؤتمر التأسيسي في مرحلتها الأولى, وقد استقالت الحكومة النقيبة الثانية في 16ت2 1922[25] ، تبع ذلك حراك سياسي نشط, للدولة والملك, من خلال خطابه للشعب في أيار 1923, لتذليل الصعوبات وإنهاء المعارضة للانتخابات وتهيئة الأجواء النقية لها في مرحلتها الثانية.
وقد أعقب ذلك خروج القوات التركية من الموصل, والتمهيد لعملية دخول العراق في عصبة الأمم المتحدة, ثم تأمين دعم العشائر وزعمائها, وتقديم امتيازات مباشرة لها, لقطع الطريق أمامها, في لجوئها للاستقواء بالمؤسسة الدينية, واستخدامها في الضغط الاجتماعي.
كانت لنتائج الحراك السياسي الإيجابي للدولة, الأثر في تحقيق الانتخابات لدورتها الثانية, في 15 ت2 1923، حيث تم انتخاب المندوبين الثانويين[26], وفي 25 شباط 1924, جرت الانتخابات الرئيسة, وفي 27 آذار 1924, افتتح المجلس التأسيسي العراقي, في مبنى دار مستشفى الكرخ المدني سابقا, "مستشفى غرباء القديم", في بغداد, إذ شغل بنايته لاحقا, بعد ترميمها, مجلس النواب "الأمة" العراقي, بين الأعوم 1925_1935, قبل أن تعود البناية الى الصحة, لتكون مستشفى الكرخ الملكي.
كان شيوخ العشائر, يشكلون ثلث أعضاء المجلس التأسيسي, بواقع (34) من أصل مئة عضو هو مجموع الأعضاء, وفي 27 آذار 1924 أفتتح المجلس, وعدّ ذلك اليوم عطلة رسمية لتقام المهرجانات, ويجري تزيين العاصمة بهذه المناسبة الوطنية, وانتخب عبد المحسن السعدون رئيساً للمجلس, وداود الحيدري وياسين الهاشمي نائبين له.
وفي 2 نيسان 1924 قدم رئيس الوزراء إلى المجلس, نص المعاهدة العراقية البريطانية, الموقعة يوم 25 آذار 1924، وكانت تشكل تطوراً قانونياً للائحة "صـك" الانتداب، فعرضت على المجلس لتصديقها وإقرارها، وتشكلت لجنة برئاسة ياسين الهاشمي لذلك, وكان رافضاً للاتفاقية ابتداء، وقد تم إقرارها من قبل المجلس التأسيسي, في 25 آذار 1924[27].
ثم تقرر في المجلس, تشكيل لجنة لوضع وتدقيق لائحة القانون الأساس "الدستور", من (15) خمسة عشر عضو, يمثلون ألوية العراق, برئاسة الشيخ أمجد الزهاوي[28] , وبعد أن أنجزت اللجنة "الدستورية" مهمتها، جرت مناقشتها في المجلس, على مسودة القانون الأساس المقدمة منها, على مدار شهر كامل، فأقرت جميع مواده, مع تعديل أكدّ "إن الإسلام دين الدولة الرسمي", ويضمن "لجميع سكان البلاد حرية المعتقد"، وأقرت العربية اللغة الرسمية، مع اللغة الكردية في مناطق الأكراد، ولم يتضمن لأية أشارات عرقية محددة.
وكان الملك قد سعى لإشراك الأكراد في الانتخابات, بعد ضمانه حقوقهم في الوظائف غير الفنية, في أقضيتهم, واللغة في المراجعات الرسمية، والثقافة القومية, والمحافظة على حقوق السكان, وسائر الطوائف الدينية والمدنية.
لقد تولى المجلس التأسيسي, إنجاز مهام تصديق المعاهدة البريطانية, وإقرار القانون الأساس "الدستور", وإقرار قانون الانتخاب[29], وفي 11 تموز 1924, أنهى المجلس أعماله، وفي 26 تموز 1924, أتم المجلس مهمته, بعد اجتماعات استغرقت أربعة أشهر وسبعة أيام, وأنفضّ المجلس بإرادة ملكية[30], لفسح المجال لانتخابات مجلس النواب "الأمة", وفق الدستور الجديد.
وبذا يكون هذا التاريخ, هو لأول دستور دائم في الدولة العراقية المعاصرة، إذ سبقه لائحة إدارة الولاية, التي أقرت في عهد الوالي مدحت باشا، ثم دستور الدولة العثمانية لسنة 1908، ثم لائحة إدارة الدولة, التي عملت بها الدولة العراقية, منذ بدء الحكم الوطني, في نهاية العام 1920, حتى إقرار الدستور الدائم العراقي الأول المذكور, في تموز 1924, وأنّ هذا الدستور"القانون الأساس للدولة العراقية", يعدّ الأول في المنطقة العربية, متقدماً على جميع دولها، وكانت مملكة مصر, قد أقرت دستورها الأول في فترة مقاربة.
المرحلة الدستورية في الدولة ومسيرة إنهاء الانتداب : وفي ضوء الدستور, جرت الانتخابات النيابية الأولى, وتشكل أول مجلس نيابي "مجلس الأمة" في العراق, ومعه تأسس مجلس الأعيان, بصفته الغرفة النيابية الثانية, والذي رأسه السيد محمد الصدر فيما بعد حتى وفاته، فيما تعاقب على رئاسة مجلس النواب, عدد من السياسيين العراقيين.
ووفق بنود المعاهدة العراقية البريطانية, الموقعة في حزيران 1930م، جرى الإعلان لاحقا عن إنهاء الانتداب في 3 ت1 1932, وبذا قبل العراق عضواً كامل العضوية, في عصبة الأمم المتحدة, باعتباره قد حصل على الاستقلال الرسمي, المعترف به دولياً.
وكان نظام الانتداب, قد ابتدعته الدول الاستعمارية, بعد الحرب العالمية الأولى, لترتيب شكل من العلاقة المعترف بها دولياً, بين الدولة "المستعمرة" الراعية, والبلد المنتدبة عليه، وهو شكل من الوصاية, المعللة بعدم تمكن الشعب واقتداره على حكم نفسه، فتتولى الدولة الراعية, مسؤولية التطوير السياسي والثقافي والعلمي والاجتماعي, والأخذ بيد شعبه, حتى تمكينه من تحمل مسؤوليته, في قيادة بلده بنفسه.
وبرغم المبررات المعلنة, وكلمة الحق التي يراد بها أمر آخر، غير أن تجربة الانتداب البريطاني, لم تنقل الكثير إلى العراق, أسوة بتجربة فرنسا مع الدول التي انتدبت عليها، لكن العراقيين ونخبهم السياسية والثقافية والاجتماعية, تمكنت من الضغط, واستخدام جميع وسائل التأثير المتاحة، فتحقق وبفترة قصيرة, بناء دولة مؤسسات, كانت تعد الأرقى مقارنة بشقيقاتها الدول العربية المجاورة, فهذا الحدث المتمثل بإنهاء صك الإنتداب البريطاني على العراق, يعد محوريا وحاكما, في التأريخ السياسي العراقي المعاصر, وهو يستحق الإستذكار والتدبر لأهميته, إذ يعد سابقة تأريخية على مستوى التأريخ السياسي العربي المعاصر, فالعراق حينها كان الدولة العربية الأولى, التي تقبل عضوا في عصبة الأمم, وهي بذلك تعد الدولة العربية الأولى, التي إعترفت بها الأسرة الدولية, دولة مستقلة وكاملة السيادة, وقد تبعتها المملكة المصرية بخمس سنوات, إذ قبلت عضوا في عصبة الأمم, وحصلت على الإعتراف الدولي باستقلالها, في منتصف شهر أيار, من العام 1937.
وقد سبق للورقة أن بينت أن المملكة الحجازية, كانت قد حصلت على عضويتها في عصبة الأمم, بعد إنتصار الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف الملك الحسين بن علي, على الدولة العثمانية, لكنها قد سقطت بعد أن تولى الحكم فيها, الملك علي بن الحسين, إثر إحتلال قوات الأمير عبد العزيز بن سعود, لأخر معاقلها في المدينة المنورة, ونودي به ملكا على مملكة الحجاز ونجد, ثم العربية السعودية, وبذا غادر الملك علي الحجاز منفيا الى العراق, مما يثبت تأريخا أن العراق هو القطر العربي الأول, الذي حصل على إعتراف دولي, باستقلاله وكامل سيادته, وأن الملك فيصل الأول بن الحسين, هو الباني المؤسس, لدولة العراق في العصر المعاصر, وقد أرسى دعائم إستقلالها وسيادتها على ترابها الوطني, ثم جعل منها دولة محورية ورائدة وعلى درجة من الرقي والتطور, ومتتفوقة على المستوى العربي والإقليمي, بل وحتى الدولي.
لقد تميزت فترة العهد الملكي, الذي عرف بالحكم الوطني, بنظام دستوري في إطاره الشكلي بأقل تقدير، وكذلك في مضمونه, تبعاً للوضع السياسي والدولي، وكانت النخب السياسية ذات الكفاءة المتميزة, والمهنية العالية, والولاء للدولة، تتباين باجتهاداتها لشكل العلاقة مع الدولة البريطانية صاحبة المعاهدة، وكان البعض من النخب, يدعو إلى التحول منها, إلى علاقة متميزة مع الدولة الكبرى الناشئة, وهي الولايات المتحدة الأميركية, وقد مثل هذا الاتجاه الدكتور محمد فاضل الجمالي، الذي شغل رئاسة الوزارة وحقيبة الخارجية في الخمسينات, في مواجهة جبهة نوري باشا السعيد وصالح جبر، المؤيدين للسياسة التقليدية, وثيقة الصلة مع بريطانيا.
لقد كان المناخ العام للكثير من شخصيات الفكر والثقافة, يسعى الى تشكيل هيئات سياسية وتنظيمية وحركات اجتماعية, مثلت مختلف المدارس الفكرية السياسية, من اليسار إلى اليمين, إلى الاتجاه القومي, والى التيار الوطني الديمقراطي.
إن الحالة الأهم التي ميزت النظام السياسي العام, هي في بقاء المؤسسة العسكرية ضمن الإطار المهني, في لعب دورها السياسي المحدد، في التميز عن قيادة النخبة السياسية، والنجاح بتحقيق مكانة سياسية متميزة للعراق, إقليمياً ودولياً, وان المشاريع الإعمارية والإستثمارية, كانت قد حققت قفزة مهمة في ظل مجلس الإعمار, الذي احتل نسبة كبيرة من موازنة الدولة النفطية, رغم محدودية الموارد الريعية في تلك الفترة.
لقد تميز العهد الملكي, بقدر من الاستقرار السياسي والأمن الاجتماعي والحريات العامة، عدا فترات محددة, لا تشكل مساحة واسعة من زمن العهد, صدرت فيها الأحكام العرفية المعطلة للحريات العامة, ولكنها أيضاً ضمن القانون الدستوري.
غير أن الحالة غير المشرقة, كانت في الصورة الأخرى, متمثلة بحرمان طبقات اجتماعية واسعة, من المواقع المؤثرة في الدولة, ومحدودية فرص التأهيل العلمي والثقافي لها، التي تحددت حصراً, بطبقة إجتماعية ضيقة, وشريحة بعينها, احتوتها المؤسسة السياسية, وهيئات الدولة عموما, ومنها المؤسسة العسكرية, وحتى فترة متأخرّة, وعلى نطاق محدود.
تفجير الثورة وإسقاط الملكية وقيام النظام الجمهوري- إنّ الوصف الاجتماعي السياسي الطبقي, الكائن في الدولة والنظام، لم يكن منطبقاً تماما على المؤسسة العسكرية, خاصة أجيالها الجديدة, من ذوي الرتب المتوسطة والدنيا, التي انحدرت من طبقات شعبية, قد تمكنت وبتحديدات كبيرة, من دخول هذه المؤسسة, وشكلت صورة حقيقية للنسيج الإجتماعي القائم، وهي التي انتظمت في حركة الضباط الأحرار, ولأسباب ومقدمات واسعة, خارج نطاق البحث، كانت نتيجتها حركة الضباط والقوات المسلحة, للتغيير وإسقاط النظام الملكي, صبيحة يوم 14 تموز1958, وإعلان الثورة, التي أسست لقيام النظام الجمهوري.
فأعلنت الجمهورية الأولى, التي شهد عهدها سلسلة من الانقلابات العسكرية, بعضها بمشاركة سياسية وشعبية, وفق منطلقات فكرية وأيديولوجية، كانت لجهة القائمين بها, والفئات الشعبية والاتجاهات الإيديولوجية التي تمثلها, بمثابة ثورات لتغييرات جذرية، بينما كانت تعدّ, تمردا عسكريا على الشرعية, لجهة معارضيها, فأعقبت الجمهورية الأولى, ثلاث جمهوريات, كان أخيرها التي قامت بتاريخ 17 تموز 1968, والتي سقطت يوم 9 نيسان 2003.
وقد تشكلت الجمهورية الحالية, بمراحل متعاقبة, وفق نهوض وتقدم العملية السياسية، بدءاً بتشكيل مجلس الحكم, ثم نقل السيادة وتشكيل الحكومة المؤقتة, في حزيران 2005, وفق قانون إدارة الدولة العراقية, الذي كان بمثابة إعلان دستوري, كما يجري تداوله في أدبيات بعض دول الربيع العربي, التي ييترك العملية السياسية فيها, وفق نفس الإيقاع العراقي.
فتم تشكيل الحكومة الانتقالية, في العام 2006, من قبل الجمعية الوطنية العراقية، التي انتخبت لستة أشهر, أقرّت خلالها الدستور والقانون الانتخابي، وهي المهام التي شكلت لأجلها, ثم جرى تشكيل الحكومة, من قبل المجلس النيابي المنتخب, لأربع سنوات, وفق الدستور الدائم, لتكون العملية السياسية, قد أنجزت خطوات تأسيسها.
ثم تبعتها الدورة الإنتخابية اللاحقة, وفق مسار العملية الديمقراطية, والتي تشكّل وفقها, مجلس النواب الحالي, والذي قام بتأليف الحكومة الحالية, في العام 2010, وقد تحقق في هذه الدورة, إقرار المعاهدة الأمنية, وعملية خروج القوات الأجنبية من العراق, في نهاية العام 2011, وهو اليوم الذي أحتفي به بأكثر من عنوان, حتى ثبت له إسم "يوم العراق".
فأصبح يوم خروج القوات الأجنبية, من الأيام الوطنية, وأعتبر عطلة رسمية, فيكون هذا اليوم, من المناسبات ذات الصلة, بموضوع الدراسة, الذي يعدّه البعض أهلا, ليكون اليوم الوطني للعراق, بصفته يوم التحرير من الإحتلال, بجهد دعاة المقاومة السياسية والعسكرية, أو بإعتباره جهدا للحكومة والدولة العراقية, ومؤشرا لنجاح العملية السياسية, ونشاطها السياسي والدبلوماسي, من وجهة أخرى.
وفي ضوء الوقائع المذكورة, سيجري في الحلقات القادمة، عرض المناسبات الوطنية السابقة, ومقدمات الوقائع المعبرة عنها, واختلاف الرؤى في تقييمها, ومناقشة الخيارات المقدمة من قبل المكونات المختلفة, والمتخصصين في التاريخ السياسي، لاعتماد الأمثل منها استحقاقا, بصفته "اليوم الوطني" للدولة العراقية، ومقدمات وأسباب رفضها أو تفضيلها, من قبل الاتجاهات السياسية والفكرية والاجتماعية، انسجاما مع عقائدها الذاتية, وتقييمها للأحداث, واختلاف برامجها السياسية, ومناهجها ورؤاها.
هوامش الدراسة: [21] وكان السيد الكيلاني يتولى نقابة الأشراف في بغداد, لمكانة الأسرة الكيلانية ونسبها, وتوارثها للنقابة منذ العهد العثماني، الذي كانت تتمتع به بنفوذ اجتماعي وعلاقة متميزة بالدولة العثمانية، وقد ورثت الأسرة ذات الموقع في عهد الانتداب، برغم تشكيك الوثائق البريطانية بمصداقيتها شعبيا، حسب رسائل المس بيل, "المستشارة السياسية في دار الاعتماد البريطاني في بغداد" المنشورة إلى والدها. عن: المجتمع العراقي في الوثائق البريطانية، الخارجية البريطانية، الفصل الخاص بالأسرة الكيلانية.
[22] مظفر الأدهمي، الأستاذ الدكتور, المجلس التأسيسي العراقي، رسالة دكتوراه، جامعة بغداد. ومحاضرة علمية للأستاذ في العنوان نفسه, لطلبة قسم الدكتوراه، معهد التاريخ العربي والتراث العلمي للدراسات العليا، بغداد 1996.
[23] كانت الانتخابات العامة، وهي الأولى من نوعها في العراق والولايات العثمانية الأخرى، قد جرت في الولايات العراقية الثلاث "بغداد، الموصل، البصرة" في العام 1876، وأسفرت عن انتخاب ستة مندوبين لكل منها إلى "مجلس المبعوثان"، وأمين بغداد عضواً في "مجلس الأعيان"، وهي فرعا المجلس التشريعي الأول في العهد العثماني. وفي العام 1908، حيث تقرر لأول مرة دستور للدولة لعثمانية، كان عدد المندوبين العراقيين إلى مجلسي الأعيان والمبعوثان (17) سبعة عشر نائبا. عن: الحسني, الوزارات العراقية، والأدهمي, المجلس التأسيسي العراقي، وملف مجلة بيت الحكمة، مصادر سابقة.
[24] الشيخ الخالصي الكبير، كان من رموز الثورة وقادتها, متنقلا في أكثر من جبهة, بين بغداد والكاظمية وديالى, إلى مقر القيادة في النجف, وكان من ابرز العارضين السياسيين، تقرر نفيه إلى خارج العراق، بسبب نشاطه المعادي للبريطانيين, وتحفظه المستمر على العملية السياسية، فقصد الحجاز ثم أمر بالتوجه إلى إيران, ليستقر في إمارة المحمرة, بضيافة الأمير خزعل الكعبي، لكن المنيّة وافته في مشهد, بعيد وصوله إليها متأثرا بمتاعب النفي، ودفن فيها. عن: كتب التراجم، وأدبيات الثورة العراقية.
[25] في التاسع من تشرين الثاني, صدرت الفتاوى في النجف بمقاطعة الانتخابات, وكان نتيجة ذلك تقديم رئيس الوزراء عبد الرحمن النقيب, استقالة حكومته, في السادس عشر منه، فكلف السعدون بتشكيلها.
[26] استقيلت باثرها الوزارة السعدونية الأولى، وتم تكليف الفريق جعفر العسكري لتشكيل الوزارة الجديدة، التي ضمّت لأول مرة وزير من الفرات الأوسط, لحقيبة المعارف، مع وزراء للدولة بلا حقيبة, وإستمرت هذه الحقيبة كذلك, لحكومات لاحقة.
[27] نوري عبد الحميد العاني، الأستاذ الدكتور, المجلس التأسيسي, بيت الحكمة، مصدر سابق.
[28] وكان من شخصيات الحركة العالمية للإخوان المسلمين, التي نظّر لها وأسسها الداعية الإسلامي المصري "حسن البنا", وبرز فيها لاحقا, المفكر الإسلامي المصري, السيد قطب.
[29] مظفر الأدهمي، الأستاذ الدكتور, المجلس التأسيسي العراقي، مصدر سابق.
[30] نوري عبد الحميد العاني، الأستاذ الدكتور, الانتخابات البرلمانية الأولى في العراق، بحث، إصدارات بيت الحكمة.
دهيثم الحلي الحسيني , باحث في الدراسات الإستراتيجية والتأريخ العسكري المعاصر.



#هيثم_الحلي_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسة تاريخية مقارنة في خيارات اليوم الوطني العراقي, الحلقة ...
- خيارات اليوم الوطني للدولة العراقية وإرتداداتها, والخيار الج ...
- دراسة تاريخية مقارنة في خيارات اليوم الوطني للدولة العراقية ...
- مقاربة في نماذج بناة الدولة العراقية المعاصرة وأسباب تداعيات ...
- -ليبرمان-, بين الإقالة المؤجلة وتداعيات لعنة الطائرة الروسية ...
- -ليبرمان-, بين الإقالة المؤجلة وتداعيات لعنة الطائرة الروسية ...
- الأدوار القومية للجيش العراقي, بين الإستحقاق والتجاهل, حرب ت ...
- مقاربة لتداعيات أزمة الدولة وإنتفاضة الشارع العراقي, الترهل ...
- بالعلامة الكاملة, مونديال روسيا 2018
- الأديب الرائد عبد الله نيازي, حياة دون ضجيج ورحيل بصمت
- هل يكون العبادي النموذج الأمثل لرجل الدولة والخيار المتاح لل ...
- اليمين الأوروبي الصهيوني المتطرف, مبرراته وتداعياته والرؤى ف ...
- مقاربة في واقع اليمين الأوروبي “الشعبوي” المتطرف وإمتداداته ...
- صعود القطب الروسي ونهاية النظام أحادي القطبية, وأثره في السل ...
- مشروع إنفصال كردستان العراق, بين مخاطر الأمن الوطني ورؤى الإ ...
- مؤسسة -ستراتفور- الأمريكية والتنبؤات غير الرصينة فيها, القدر ...
- صعود اليمين الأوروبي المتطرف, أسبابه وأهدافه, وأثر تداعياته ...
- عرض وتقديم لموسوعة أعلام الفكر والأدب في الكاظمية المقدسة
- بزوغ اليمين الأوروبي المتطرف, والنافذة الإسرائيلية, ما عليه ...
- مع بناة الدولة العراقية, اللواء العقيلي والأستاذ هاشم الحلي ...


المزيد.....




- في نطاق 7 بنايات وطريق محدد للمطار.. مصدر لـCNN: أمريكا ستقي ...
- المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي يستقيل ويعتبر أن -ل ...
- لجنة أممية تتهم إسرائيل بعرقلة تحقيقها في هجمات 7 أكتوبر
- فيديو: -اشتقتُ لك كثيرًا يا بابا-... عائلات فلسطينية غزة تبح ...
- برلين ـ إطلاق شبكة أوروبية جديدة لتوثيق معاداة السامية
- رئيسي: ردنا المقبل سيكون أقوى وأوسع
- نتنياهو: حرب غزة جزء من تهديد إيرن
- -حزب الله- يستهدف مقرات قيادة ومراقبة جوية للجيش الإسرائيلي ...
- الجيش الأردني يكثف طلعاته الجوية
- مناورات تركية أمريكية مشتركة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - هيثم الحلي الحسيني - دراسة في إختيار اليوم الوطني للدولة العراقية وإسقاطاتها في الواقع المعاصر, الحلقة الثالثة: تشكيل العهد الوطني الملكي ومرجعياته وإعلان إنهاء الإنتداب البريطاني ومقدمات العهد الجمهوري