أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسامة عبد الكريم عبد الرازق - زعبلاوي: رحلة البحث عن الله في زمن عدم اليقين















المزيد.....

زعبلاوي: رحلة البحث عن الله في زمن عدم اليقين


أسامة عبد الكريم عبد الرازق
كاتب

(Osama Abdelkarim Abdelrazek)


الحوار المتمدن-العدد: 6661 - 2020 / 8 / 29 - 19:44
المحور: الادب والفن
    


تحل هذه الأيام الذكري الرابعة عشرة لرحيل عميد الرواية العربية نجيب محفوظ (1911-2006) الذي ولد وعاش بالقاهرة التي اتخذها مسرحا لرواياته وقصصه القصيرة حتي وصل إلي العالمية متمثلة في أهم جائزة ينالها أديب عن أعماله وهي جائزة نوبل. مرت روايات نجيب محفوظ بعدة مراحل بدأها بالمرحلة التاريخية وكان قد خطط لكتابة تاريخ مصر الفرعوني في شكل روائي ولكنه ما لبث أن توقف وبدأ شكلا جديدا للرواية وهو ما يسمي بالرواية الواقعية كما كتبها من قبل بلزاك وتشارلز ديكنز. وقدم في هذه المرحلة أشهر رواياته مثل زقاق المدق وخان الخليلي وبين القصرين وقصر الشوق والسكرية وعندما خط آخر سطر من السكرية شعر محفوظ أنه قدم كل ما عنده من فن في هذا الشكل الروائي وتوقف عن الكتابة لمدة سبع سنوات كاملة قبل أن يعود إليها مرة أخري في شكل جديد يحمل الطابع الفلسفي والبحث عن هدف الحياة وطرح قضايا الوجود الإنساني وغاياته فكان بين أيدينا: اللص والكلاب والشحاذ والطريق والسمان والخريف وأولاد حارتنا وعشرات من القصص القصيرة منها قصة قصيرة تحمل عنوان "زعبلاوي" وهي موضوع مقال اليوم.
الراوي الذي لا نعرف له اسما محددا يبحث عن زعبلاوي، عرفه من أغنية كان يغنيها في طفولته مع ندمائه في الحارة، تقول كلماتها: "الدنيا مالها يا زعبلاوي ؟ شقلبوا حالها وخلوها ماوي." وسأل أباه: من يكون زعبلاوي؟ فقال أبوه: ولي صادق من أولياء الله وشيال الهموم والمتاعب. تذكر الراوي ذلك عندما ألم به داء لا دواء له فذهب إلي صديق قديم لأبيه كان يعمل قاضيا شرعيا ويدعي الشيخ قمر كان يعيش في إحدي حارات القاهرة القديمة ولكنه الآن يعيش في جاردن سيتي وهناك وجد امرأة حسناء يفوح منها رائحة العطر تخرج من بيت الشيخ قمر ووجده هو نفسه يرتدي الملابس العصرية. عندما سأله الراوي عن زعبلاوي، قال له إنه بالكاد يذكره وأنه يعيش في ربع البرجاوي بالأزهر. يذهب إلي المكان المنشود ويسأل العابرين وأصحاب المتاجر عن زعبلاوي ولدهشته كان هناك طائفة لم تسمع عنه من قبل قط، وطائفة أخري تتذكر الأيام الماضية الجميلة التي قضوها مع زعبلاوي، وقابل بعض الساخرين والمستهزئين بزعبلاوي وأتهموه بأنه نصاب. ونصحه قليلون بأن يذهب للطبيب بحثا عن دواء لدائه فقال لهم إنه فعل ذلك دون جدوي. وبعد أن يئس من البحث قرر الذهاب لشيخ الحارة ليسأله، فقال له شيخ الحارة إن زعبلاوي موجود بالفعل ولكن من الصعب العثور عليه فقد يدخل عليهم أثناء حديثهم وقد تمر الأيام والشهور ولا يظهر له أثر. ورسم له شيخ الحارة خريطة للمكان بأدق التفاصيل قد تساعده في الوصول لهدفه المنشود. طرق الراوي مجهول الاسم كل مكان وسأل كل شخص ونصحه البعض بالذهاب إلي شارع أم الغلام حيث يوجد محل الخطاط حسنين فقد يكون لديه علم بزعبلاوي، فذهب إلي هناك ولفت انتباهه وجود الكثير من اللوحات المخطوطة تتوسطها لوحة مكتوب عليها لفظ الجلالة، قال له الخطاط أنه من الصعب مقابلة زعبلاوي فهو ليس له ميعاد محدد للظهور فقد يظهر فجأة وقد ينقطع عن الظهور فجأة وذكر له أيضا فضل زعبلاوي عليه لأنه ألهمه أفكار الكثير من لوحاته. غادر الراوي وسأل مرة أخري فقيل له أن هناك ملحن موسيقي يعرف زعبلاوي فقابله ولكن لم يجد جديدا لدي المسيقي وقال له هو الآخر أن زعبلاوي كان صديقا قديما له وأوحي له ببعض الألحان التي أبدعها في الماضي ولكنه نصحه بالذهاب لشخص يدعي ونس الدمنهوري يقضي معظم وقته في إحدي الحانات بفندق كبير فقد يجد ليه إجابة عن مكان زعبلاوي. عندما ذهب الراوي لونس الدمنهوري وهم بسؤاله عن زعبلاوي، قال له ونس: اجلس أولا واسكر ثانيا ثم نتحدث. وعندما اعترض الراوي متعللا بأنه لا يشرب قال له: هذا شأنك وهذا شرطي. فجلس وشرب وبعد الكأس الثاني نسي سبب قدومه وبعد الكأس الرابع راح في سبات عميق ورأي في نومه أجمل حلم في حياته كان في مكان تظلله الأشجار وتملؤه موسيقي هادئة متناغمة وشعر بسلام وطمأنينة لم يشعر بها قط في حياته وعندما أفاق وجد شعره مبللا بالماء. فسأل ونس الدمنهوري عن هذا الماء فقال له أن صديقه زعبلاوي جاء أثناء نومه وحاول إيقاظه وعندما لم يفلح سكب علي رأسه بعض الماء وذهب. فقال الراوي بهلع: زعبلاوي !! أين هو ؟؟ ما جئت إلا لألقاه. وخرج ينادي باسم زعبلاوي في كل مكان دون جدوي ولكنه شعر بالراحة فقد تأكد من وجود زعبلاوي. عاد الراوي في اليوم التالي ولكنه لم يجده وتنتهي القصة وهو ما زال يبحث عن زعبلاوي حيث ينهي نجيب محفوظ القصة بهذه العبارة: "ولكنني كنت أضيق أحيانا بطول الانتظار فيساورني اليأس وأحاول اقناع نفسي بصرف النظر نهائيا عن التفكير فيه. كم من متعبين في هذه الحياة لايعرفونه او يعتبرونه خرافة من الخرافات فلم أعذب النفس به علي هذا النحو ؟ ولكن ما إن تلح علٌي الآلام حتي أعود إلي التفكير فيه وأنا أتساءل، متي أفوز باللقاء ؟ ولم يثنني عن موقفي انقطاع أخبار ونس عني وما قيل عن سفره إلي الخارج للإقامة، فالحق أنني اقتنعت تماما بأن علي أن أجد زعبلاوي. نعم، عليٌ أن أجد زعبلاوي."
في رواية الطريق لنجيب محفوظ يبحث سيد سيد الرحيمي عن أبيه ليحقق له السلام ولم يكن لديه أي معلومات عنه غير صورة قديمة أعطتها له أمه ليبدأ رحلة البحث عن المجهول أو المطلق. وفي قصة زعبلاوي يبدأ الراوي بحثه عنه عند أحد رجال الدين فهذا أول ما يخطر للباحث عن الحقيقة والمطلق. وكان هذا الرجل من أصدقاء والده ولكنه يجد لديه امرأة حسناء تفوح منها رائحة العطر ويلبس الأزياء الحديثة ويقول عن زعبلاوي أنه بالكاد يتذكره ويقول "كان هذا في الزمان الأول وما أكاد أذكره اليوم." فلم يعد المطلق من اهتمامات رجل الدين ولن تجد عند إجابات عن الأسئلة الوجودية. وبعد يأسه من الدين ذهب إلي حي الأزهر العتيق ليقابل شيخ الحارة وعندما تعجب من أنه أيضا لا يعرف مكان زعبلاوي، قال له شيخ الحارة: حتي أنا لا أعرف مكانه. شئ يحير (العقل). ولكن العقل / شيح الحارة يقول له: "علي كل حال هو حي لم يمت، ولكن لا مسكن له وهذا هو الخازوق، ربما صادفته وأنت خارج من هنا علي غير ميعاد، وربما قضيت الأيام والشهور بحثا عنه دون جدوى." ولما لم يجد البحث عند الدين والعقل لجأ الراوي إلي الفن متمثلا في خطاط وموسيقي حيث ألهمهما زعبلاوي الكثير من فنهما وكان الفن هو من قربه خطوة عندما أرشده إلي ونس الدمنهوري الذي يعطي أبعادا صوفية من حيث رمزية الخمر عند الصوفيين. يبدأ هذا البعد الصوفي بمقابلة الشيخ جاد الموسيقي حين قال له: إن العذاب في البحث عن زعبلاوي هو نوع من العلاج. ثم يغني (أدر ذكر من أهوي ولو بملامي، فإن أحاديث الحبيب مدامي) ثم يستمر بمشهد الحانة. لم يتحقق اللقاء بزعبلاوي وانتهت القصة كما بدأت ولكن التغير الوحيد الذي حدث للراوي أنه أصبح أكثر يقينا بوجود زعبلاوي ولكن اللقاء لم يتحقق كما أراد له، فهل يواصل البحث عن زعبلاوي لينقذه من آلامه النفسية والروحية أم يكف عن البحث ؟



#أسامة_عبد_الكريم_عبد_الرازق (هاشتاغ)       Osama_Abdelkarim_Abdelrazek#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرحلة الوجدانية في أدب محمد عبد الحليم عبد الله
- ماذا تعني الدولة المدنية
- علم اللغة الحيوي
- شكسبير - كاتب لكل العصور


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسامة عبد الكريم عبد الرازق - زعبلاوي: رحلة البحث عن الله في زمن عدم اليقين