أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - عندما اعتدت شرطة نتنياهو على رئيس الشاباك















المزيد.....

عندما اعتدت شرطة نتنياهو على رئيس الشاباك


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 6660 - 2020 / 8 / 28 - 02:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اعتدت قوات الشرطة الاسرائيلية، في العشرين من شهر آب الجاري، على المتظاهرين والمعتصمين أمام بيت رئيس الوزراء الإسرائيلي في شارع بلفور في القدس الغربية، الذين توافدوا محتجين على تولي بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة رغم كونه متهمًا في ثلاثة لوائح اتهام جنائية خطيرة ؛ وقامت بعض عناصر الشرطة وضباطها بشحط وضرب بعض المعتصمين، مثل رئيس الشاباك السابق كرمي چيلون وعدد من ضباط جيش الاحتلال، وفرّقتهم بعنف كي تخلي المكان لصالح مظاهرة أخرى، دعا اليها مؤيدو ننتياهو ونشطاء حزب الليكود، في المكان نفسه.
قد يبدو الخبر للكثيرين عاديًا، فلطالما شاهدنا عصيّ هذه الشرطة وهي تهوي على رؤوس وأجساد المتظاهرين العرب، وبنادقها تطلق عليهم قنابل الغاز المسيل للدموع او حتى الرصاص المطاطي والحي، كما جرى في احداث يوم الارض الخالد او خلال احتجاجات اكتوبر في العام 2000 وفي غيرها من الانفلاتات الشرطية العنصرية القمعية التي خلّفت وراءها، بين المواطنين العرب، الضحايا والمصابين والأحزان.
وإن كان ذلك الاعتقاد صحيحًا بالمطلق، ستبقى مشاهد واحداث ذلك المساء فريدة وتاريخية، لانها حملت دلالات خطيرة على طبيعة التحولات التي مر بها نظام الحكم في اسرئيل، وبراهين على انتقاله من نظام عنصري يقمع ويضطهد مواطني الدولة العرب، الى نظام مستبد وغير ديمقراطي وفاشي لا يقبل بأي نوع من المعارضة السياسية حتى لو كانت آتية من داخل المجتمع اليهودي وتمارسها اجسام وجهات وشخصيات صهيونية بارزة وصاحبة تاريخ مشهود في تضحياتها من اجل بناء إسرائيل القوية.
ستبقى مشاهد ضرب الشرطة للرئيس السابق لجهاز المخابرات العامة، الشاباك، كرمي چيلون واصابته بجروح طفيفة، وصور العنف الممارس على عدد من النساء والشخصيات اليهودية البارزة التي شاركت في تلك الاحتجاجات، ومنظر العقيد بجيش الاحتلال، أمير هاسكل، وهو يجرّ على قارعة الطريق العام أمام أعين العالم، شواهد على كيف تحوّلت شرطة إسرائيل من جهاز موكل بخدمة الدولة وحماية مواطنيها اليهود - ويمارس بشكل منهجي سياسة القمع العنصري ضد مواطنيها العرب - الى مسوخ بشرية والى ذراع مسيّسة تلاحق وتضرب، باسم رئيس الحكومة وحلفائه، كل معارض ومحتج على شرعية سلطته وعلى سياساته التحريضية.
إنها آخر الأقنعة؛ سقطت وتعرّى النظام وظهر بكامل قبحه وشراسته؛ فبعد اليوم سيواجه المواطنون في اسرائيل واقعًا مختلفًا وكيانًا يُقاد من قبل ثلة تؤمن أن غاياتها تجيز لها تسخير جميع الوسائل والاحابيل، ونسف كل القيم الانسانية وتعطيل كل الموجبات القانونية وإلغائها؛ إنها مجموعة عابثة تؤمن أنها والدولة والشعب ثلاثة أقانيم متجسدة في شخص زعيم واحد مفدّى.
لم يحدث هذا الانهيار الشامل فجأة؛ فلقد زحفنا على ذلك المنزلق منذ سنوات، وحذرنا منه حين كنا نصفع ونلعق ذلّنا مكابرين، ونصيح: كلنا نفدي الوطن؛ وحين كنا نُنْكَب ولا نرعوي بل نفتش ونغني للملايين، أو لبغدادَ قلعة اسودنا؛ وحين كنا ننتكس فنشكر السماء على لطفها ونمطرها بدعاءاتنا، ونعلن اننا راجعون بقوة السلاح.
ان الاقلية العربية في اسرائيل بحاجة، الآن أكثر مما مضى، الى اعادة نظر في اساليب نضالاتها ووسائل تنظيمها؛ فبعض الفئات الحزبية والحركات السياسية ما زالت ترفض اعادة حساباتها ورؤية أهم المتغيّرات التي حصلت خلال القرن الماضي، وخلال العقد الأخير، ويصرّ هؤلاء على التمسك بعقائدهم وبمواقفهم الأيديولوجية ورؤاهم السياسية التقليدية؛ فلا يعني مثلًا انهيار الاتحاد السوفياتي أي شيء لبعض الشيوعيين القدامى، ولا تبخر ما كان يسمى "حلف وارسو" ؛ بل يحافظ هؤلاء على ترديد نفس الديباجات الموروثة من العصر الذهبي ويعظّمون شأن قيصر الكرملين الحالي، بوتين، وكأنه رئيس "البوليتبيرو" الذي يقف على رأس"امبراطورية الشمس" التي كانت الصديقة الجبارة لمعظم الشعوب المقهورة.
كان انهيار الحلم الاحمر من أبرز وأهم احداث القرن المنصرم، لكنه لم يكن الخيبة الوحيدة التي غيّرت مجرى التاريخ، ساعة بدا هذا لصنّاعه الثائرين، كل من اجل حلمه، واعدًا وزاهرًا؛ فسقوط مشروع القومية العربية بمفهومه الناصري، وتعثر المشروع الاسلامي الاخواني، كانا، من دون شك، حدثين اضافيين بارزين ما زالت تذبذباتهما تخض أواصر وخواصر المنطقة وتعبث في استقرار شعوبها.
لا وقت لخداع انفسنا ولا هوامش للمقامرات أو للتحليق بنشوة على روائح الماضي وأحلامه؛ فلن ينجو من أنياب هذه الوحوش الا الشجاع والحكيم واليقظ؛ وشرط هذه النجاة الاول هو اعترافنا بأن اسرائيل الجديدة والقوية والمارقة هي ليست اسرائيل التي تمسّك مؤسسوها بيهوديتها المقرونة بديمقراطية عرجاء للعرب وكاملة ليهودها؛ فهي اليوم ابنة الظلام واخت للذين أطفأوا الصباح ورقصوا على جثته وعلى وجع النايات.
يدل كل ما يدور في فلكنا على ان محنتنا سوف تشتد، واننا سنعاني، كمواطنين عرب، في المستقبل القريب، أضعاف ما واجهناه في سبعة عقود عجاف. وحدنا سنبقى؛ لن يبكينا دجلة الغارق في صدى عراقه، وشوقنا لبردى مؤجل الى ان يسترد شامه وتتوحد الاوطان ! وحدنا كنا، فلا الصحراء اسعفتنا ولا سيوف العربان؛ ووحدنا سلمنا ووحدنا سننام كي نحمل عمرنا ونبدده فوق ربوع جليلنا ونغني "ما اجمله بددا" مع أخطل لبنان.
الرمل في ساعاتنا ينفد، فعلينا ان نحسم أمورنا ونقرر كيف ستكون المواجهة واين مطارقنا ومن هو السندان ؟
من يتعقب عناوين مؤسساتنا القيادية، الموجود بعضها اسميًا وبعضها فعليًا، لن يخطئ في تشخيص قصورها المزمن ومحدودية وسائل نضالاتها ونجاعتها؛ فالقائمة المشتركة، رغم هفوات بعض مركباتها، تجتهد وتعطي ما في وسعها وذلك ضمن ما تتيحه لها الكنيست كمنصة للعمل البرلماني، الذي مهما كان زخمًا ومؤثرًا، يبقى محدودًا وقاصرًا على انتاج مردود سياسي وحراك شعبي كفيل بمواجهة القوى الشعبية اليمينية وغزواتها في الشوارع وعلى جميع الجبهات.
وعلى المدارات المحلية سنجد رؤساء البلديات والمجالس العربية يغرقون في معاركهم اليومية وينهكون في محاولاتهم لتحصيل حقوق بلداتهم من خزينة الدولة، وذلك دون ان تعفيهم مجتمعاتهم من سداد فواتير حملاتهم الانتخابية وصفقاتها التي ضمنت لبعضهم الجلوس على كراسي الرئاسة.
أما عما تعانيه " اللجنة العليا لمتابعة شوون الجماهير العربية"، فلقد كتبنا مرارًا ونوّهنا الى ضرورة إحيائها على اسس جديده ووفق رؤى سياسية مستحدثة تتواءم وطبيعة التغييرات التي عصفت بالمجتمع الاسرائيلي وبمجتمعاتنا المحلية وعلى نطاقات أوسع في منطقتنا والعالم؛ إلا أن الأمر لم يحصل.
وقبل ان استرسل في هذه الجزئية، والوَّم عن غير وجه حق، سأستعير ما كتبه الشيح كمال خطيب، رئيس "لجنة الحريات" المنبثقة عن اللجنة العليا - وهو بلا شك رجلها الثاني، بعد رئيسها محمد بركة - وذلك في معرض ردّه السجالي على اعلان كان قد نشره الاعلامي المعروف وليد العمري، فأجابه الشيخ على صفحته جازمًا وقال: "إن لجنة الحريات هي واحدة من عشر لجان تتشكل منها لجنة المتابعة التي يراسها السيد محمد بركة، حيث يرأس كل مركب من مركبات المتابعة واحدة من هذه اللجان. هل سمع وليد العمري عن لجنة التخطيط الاستراتيجي وعن لجنة الارض والمسكن؟ وعن لجنة القدس واللجنة الاعلامية؟ لا شك انه لم يسمع والسبب انها معطلة ولم يتم تفعيلها والقيام بدورها.. "
هل يبقى بعد هذا الاعتراف الصريح والخطير كلام؟ فاللجنة، للاسباب التي ذكرها خطيب، ولغيرها، لم تعد عنوانًا جاذبًا للجماهير العريضة، ولا مؤسسة تمثل القواسم المشتركة لمواقف أكثرية الناس؛ ولقد برز ضمور دورها بوضوح بعد ان انحسرت معظم نشاطاتها وبقيت "لجنة الحريات" هي الجسم الوحيد الفاعل باسمها في ميادين ضيقة، في حين اهملت هذه اللجنة دعم سائر الحريات او عارضها رئيسها لاسباب فئوية أو عقائدية لا يخفيها الشيخ بل يعلنها تساوقًا مع مبادئه الشرعية وايمانه الديني.
من سيقود مراكبنا في هذا البحر الهائج ؟
سينبري البعض وسيدعون بأن كرمي چيلون والآلاف ممن شاركوا في الاحتجاجات على حكم نتنياهو وضد تحريضه الارعن، يفعلون ذلك لخوفهم على مستقبل دولتهم ولحرصهم على سلامة اسرائيل؛ وبالتالي لا تعني صور عناصر الشرطة وهي تضرب بعنف المتظاهرين اليهود، لهؤلاء شيئًا ولا تعنيهم كذلك حقيقة الاعتداء على رئيس جهاز المخابرات الاسرائيلي وغيره واصابتهم بجراح واهانتهم على الملأ، بل سيمضي بعضهم وسيهزأون بالحدث وسيواجهونه بشعاراتهم المقاتلة وقناعاتهم الثابتة!
سيدّعي آخرون بأنّ ما جرى لم يكن سوى مسرحية صهيونية خبيثة علينا الحذر منها وفضحها؛ في حين سيلجأ رهط آخر الى تفكيك عناصر المشهد بمساعدة شيفرة المؤامرة وسحر المزايدة وفي حساباتهم الضارب والمضروب سيان وجميعهم "بطيخ صهيوني" ، فليكسر بيبي رأس كرمي، ولنبقى نحن راضين على رصيف العروبة ننتظر الزمن أو نرفع صلواتنا داخل كهوفنا، لأن نصرنا، هكذا تبشر السماء، قريب وزاحف.
لست من أنصار جميع هؤلاء؛ فانا على قناعة بان بما جرى في العشرين من أب هو اعلان عن ولادة حقبة ومعسكرات جديدة، فاما ان نكون، نحن المواطنين العرب، مع ومن حاصدي جناها، أو ان نصير من جناها المحصود.



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اتفاقية اسرائيل-أبو ظبي ونهاية حلم الامة الواحدة
- كيف سرق قاضيا المحكمة العليا دولتهما، إسرائيل؟
- عندما تذكر الشاعر بيروته
- في القدس، في يبوس،لا ينام الزمن
- حروب الطحينة أولًا، وبعدها حروبنا مع الكورونا
- مبروك عليكم -الستاتيكو-.. وكفكم على الضيعة
- صوت التاريخ يجب ان يسمع
- صفقة بيع أم خطوة على طريق التصفية الكبرى
- العنف باق في مجتمعاتنا
- بيرني ساندرز نجم مظاهرة تل-ابيب، ضد الاحتلال
- أهل فلسطين بحاجة الى الأمل
- كما كان يجب أن يكون والأسرى أولًا
- تطبيع وفوضى ومكان
- الدروز في اسرائيل، خطاب جديد
- قضية بين جائحتين: جهل ونكبة
- إسرائيل الجديدة، وتحدياتنا مع حكومة الرأسين
- يوم الجمعة العظيمة، يوم الأسير الفلسطيني
- كلمة حق لفلسطين في زمن المحنة
- مستقبلنا في ظل خارطة سياسية جديدة
- يا قضاة اسرائيل: لقد أكلتم يوم أطعمتمونا للذئب


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - عندما اعتدت شرطة نتنياهو على رئيس الشاباك