أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - الشربيني عاشور - ياسعادة وزير التربية والتعليم : لا تطفئ الشمس















المزيد.....

ياسعادة وزير التربية والتعليم : لا تطفئ الشمس


الشربيني عاشور

الحوار المتمدن-العدد: 1597 - 2006 / 6 / 30 - 05:51
المحور: حقوق الانسان
    


تلميذة تنتقد الرئيس بوش فيعاقبها الوزير المصري بالحرمان من الدراسة
يا سعادة وزير التربية والتعليم : لا تطفئ الشمس

لن أبدأ الكتابة بالجملة الشهيرة ( صدق أو لا تصدق ) .. فقد أصبح كل شيء في عالمنا العربي ممكنا وجائزا ومصدقا ولا يثير أي غرابة أو دهشة . بعد أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه من ضعف وفساد وإهمال وعبث طال كل شيء وأفسد علينا الماء والهواء . فأصبحنا كائنات مهملة تبحر صباح مساء في التفاهة والسطحية واللامبالاة إلا من رحم ربي وهم قليل بعرف الأمم والشعوب النابهة .

أما ما لن أبدأ الكتابة عنه بــ ( صدق أو لا تصدق ) فهو القرار الذي اتخذه وزير التربية والتعليم المصري بحرمان الطالبة ألاء مجاهد ( 15 عاما ) من محافظة الدقهلية عاما من الدراسة وترسيبها في مادة اللغة العربية لأنها كتبت في ورقة الإجابة (موضوعاً عن التدخلات الأميركية في الشؤون العربية انتقدت فيه سياسة الرئيس جورج بوش، في معرض إجابتها عن سؤال ضمن اختبار اللغة العربية دعا الطلاب إلى اختيار موضوع حر للكتابة عنه) !!

فالسيد الوزير الذي يفترض فيه أنه يرأس وزارة تربي ( العقول ) وليس ( العجول ) كان ينبغي له أن يفرح بأن من بين تلميذاته من تملك عقلا تفكر به في ما يحيط بهذه الأمة من مشاكل وتحديات ومصير غامض ، كان ينبغي له أن يفكر بأن تلميذة لم يتجاوز عمرها خمسة عشر عاما تمتلك عقلية نقدية قادرة على انتقاد رئيس أقوى دولة في العالم هي تلميذة واعدة وبيضة ذهب في سلة بيض ( ممشش ) مشغول بالستار أكاديمي , ( الواوا أح ) و( الواوا أوف ) والخروج في المظاهرة الفضيحة للمطالبة بالإفراج عن مغنٍٍ مزور وهارب مزعور من أداء الخدمة العسكرية كالرجال في جيش بلاده التي جعلت من أمثاله مغنيا ونجما مشهورا ورفعت صوره في الشوارع وعلى شاشات التليفزيون والسينما .

كان ينبغي على السيد الوزير أن يسأل نفسه لو أن طالبة أمريكية كتبت تنتقد الرئيس بوش هل كان الرئيس بوش أو أي من وزرائه سيقوم بمعاقبتها بحرمانها من الدراسة لمدة عام وترسيبها في المادة خاصة وأن إجاباتها صحيحة في المادة التي رسبت فيها . لو سأل الوزير نفسه هذا السؤال فإنه لن ينكر أن الإجابة ستكون لا .. لن يفعل الرئيس بوش ذلك ولن يرتكب أي من وزرائه هذه الجريمة في حق الولايات المتحدة الأمريكية . ولو علم الرئيس بوش بأن تلميذة صغيرة في مدرسة ثانوية بدلتا مصر تنتقده لاستمع إليها وربما شكرها ولكنه أبدا لن يحرمها من دراستها لأنها تشجعت وقالت : لا لسياساته !! فلماذا يكون وزير التعليم المصري ملكيا أكثر من الملك ، ولماذا ينطبق علينا دائما هذا المثل : أهل الميت صبروا والمعزيين كفروا !!

وما أشبه الليلة بالبارحة فقد حدث معي شخصيا أيام كنت مدرسا للغة العربية موقف مشابه أثناء الغزو العراقي للكويت إذ فرضت مديرية التربية والتعليم آنذاك على مدرسي اللغة العربية موضوعا موحدا في حصة الإنشاء ( التعبير ) يهدف إلى إدانة الغزو العراقي وتلقين الطلاب هذه الفكرة باعتبارها سياسة الدولة ولكني كمدرس يؤمن بأن دوره هو تربية العقول على الحرية والنقد والقدرة على تبني المواقف السليمة رفضت رأس الموضوع المقرر وتحدتث مع تلميذاتي عن الغزو وانقسام الأمة العربية بشأنه وطلبت منهن أن يناقشن الموضوع في البيت مع الأسرة وأن يقرأن الصحف ويشاهدن التليفزيون وأن تتبني كل تلميذة الموقف الذي تراه صحيحا ثم تعبر عنه بشرط أن تبرر موقفها بأدلة عقلانية .

لم يكن يعنيني أن تدين التلميذات الغزو أو لا تدينه كان يعنيني أن تتعلم التلميذات كيف يفكرن وكيف يصبح لديهن موقف مستقل بعيدا التلقين والإملاءات السياسية والمواقف المسبقة. فانظر ماذا جرى ..

بعد يوم واحد فوجئت أثناء دخولي المدرسة بالمديرة تخبرني بأن المفتش العام للغة العربية في محافظة الدقهلية آنذاك ينتظرني في مكتبها فذهبت إليه ودار الحوار التالي :
ــ أنت طلبت من البنات أن يكتبن هذا الموضوع .. ( كانت لديه نماذج من الموضوع ) .
ــ نعم .
ــ الم تخبرك المديرة بالكيفية التي تطلب بها الوزارة تدريس الموضوع .
ــ أخبرتني .
ــ لماذا خالفت إذن .
ــ لأنني أؤمن أن دوري كمعلم هو أن أعلم البنات كيف يفكرن ، وأعطيهن الحرية في التعبير عن أفكارهن . إن التلقين في الغالب يفسد التعليم ، وعليه فإنني استغل حصص التعبير لتربية التلميذات على التفكير والتعبير الحر . وبذلك أشعر أنني أسهم في بناء شخصياتهن .
ــ من يعطيك راتبك ؟
باغتني السؤال فلم أجب سريعا .. فواصل سعادة المفتش كلامه :
ــ الحكومة هي التي تعطيك راتبك ، والحكومة التي تعطيك راتبك هي التي تطلب منك أن تدرس الموضوع بالكيفية التي تراها هي !!
ــ قلت : عفوا .. الحكومة لا تعطيني شيئا من جيبها .. الحكومة تأخذ راتبها مثلي من أبي وعمي حسن الطباخ جارنا وعمي محمود صاحب المقهى المواجه لدكان أبي .. الحكومة تأخذ راتبها مثلها مثلي من الضرائب التي يدفعها الشعب في المواصلات العامة وطوابع الدمغة والرسوم ومصادر الدخل القومي .. لا أحد في الحكومة حتى سعادة رئيس الوزراء ووزير التربية والتعليم يعطيني شيئا من جيبه أو من ماله الخاص !
ــ نظر اليََ الرجل وعلى فمه ابتسامة مشفقة وقال : يا ابني أنا أفهم حماس الشباب ولكن الحياة شيء آخر . عموما إذا لم تغير الموضوع وتدرسه بالطريقة المطلوبة فلدينا مكان شاغر في ( الجمالية ) إنهم هناك بحاجة إلى مدرس للغة العربية !!
طبعا الجمالية قرية بعيدة جدا عن بلدتي ما يعني أنها منفى سيلتهم راتبي وربما أستدين عليه لكي أوفر ثمن المواصلات فقط ، فضلا عن التعب والبهدلة في السفر ذهابا وإيابا .
ــ قلت له : فليكن . لكني لن أغير الموضوع .
وانتهى الحديث بيننا عند ذلك الحد .. وللأمانة لم ينقلوني فقد توسط لي مفتش آخر كريم كان أستاذا لي في المرحلة الإعدادية وبعض رجالات الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم ممن يعرفونني .
وهو ما تفعله الآن ( وساطة ) لجنة حقوق الإنسان في البرلمان المصري مشكورة بمطالبة الوزير بإلغاء قراره تجاه التلميذة ألاء مجاهد معربة عن تضامنها مع الطالبة، ورافضة إنزال أي عقوبات عليها. بل وتدعو إلى تعويضها عما «لحق بها من أذى وترويع» وإعادة النظر في درجاتها. فهل تنجح اللجنة أتمنى ذلك .. لأننا نريد لكل بناتنا وأبنائنا أن ينشأوا أحرارا وأن ينعموا بحريتهم التي يجب أن نرعاها بعيدا عن الهلس والشعوذة والتسطيح والابتذال والإسفاف والإرهاب والقمع الذي يغرق بلادنا . ويحزننا على مستقبلها .

أرجوكم تضامنوا مع هذه الزهرة البرية ، ومع لجنة حقوق الإنسان في البرلمان المصري واصرخوا في السيد الوزير كما صرخ إحسان عبد القدوس من قبل : لا تطفئ الشمس




#الشربيني_عاشور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسلمون الشكليون بين لحية ماركس وشكلي الذي لا يسر1
- الهذيان في ورك الممثلة الذي بان !!
- وكان الشيطان معي .. بدايتي في البحث عن الذات
- رئيس تحرير وهابي إرهابي متعجرف ( 2 ) .. السرقة باسم البركة
- مؤخرة روبي وحنجورية الصوت الإسلامي
- صيف بلادي يمطر حزنا
- من دفتر العشق والذاكرة 2
- تقبيل أيادي المسئولين .. بين تواطؤ المشايخ وخرس المثقفين
- أنفي والشيخ زفت
- الله الغاضب على المصريين
- حوار مع الشاعر عبد الرحمن الأبنودي : هزيمة الحلم هي خبرة الأ ...
- من دفتر العشق والذاكرة 1
- لعنتة B.B أو ما يشبه السعادة
- مشكلة المنابر والخطاب التنويري
- وهل اعتنقنا الأسلام أولا .. حتى نرتد عنه ؟
- رئيس تحرير وهابي ارهابي متعجرف


المزيد.....




- هيئة فلسطينية: جرائم طبية وتنكيل بالأسرى في مستشفى سجن الرمل ...
- -واشنطن بوست-: سكان بالضفة الغربية يتهمون قوات إسرائيلية بتن ...
- -كندا دولة قانون-.. تعليق من ترودو بعد اعتقالات مرتبطة باغتي ...
- الصحة العالمية تحذر من -حمام دم- ومن امتداد المجاعة لجنوب ال ...
- فرار 8 معتقلين من سجن في هايتي والشرطة تقتل 4 آخرين
- الآلاف يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة باتفاق رهائن مع حماس
- ميقاتي ينفي تلقي لبنان -رشوة أوروبية- لإبقاء اللاجئين السوري ...
- فيديو.. سمير فرج يُشكك في عدد الأسرى الإسرائيليين: حماس تخفي ...
- برنامج الأغذية العالمي: أجزاء من غزة تعيش -مجاعة شاملة-
- مديرة برنامج الأغذية العالمي: شمال غزة يواجه بالفعل مجاعة كا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - الشربيني عاشور - ياسعادة وزير التربية والتعليم : لا تطفئ الشمس