أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمينة الخربوع - شبح في المكتبة















المزيد.....

شبح في المكتبة


أمينة الخربوع
كاتبة من المغرب مهتمة بمجال اللسانيات التطبيقية والديداكتيك واستاذة لمادة اللغة

(Amina Kharboue)


الحوار المتمدن-العدد: 6635 - 2020 / 8 / 3 - 03:24
المحور: الادب والفن
    


وقف قرب النافذة يراقب الأمطار وهي تبلل الشارع العام، توالت العاصفة زهاء نصف يوم تقريبا وما تزال مستمرة، طالع ساعته اليدوية في تمعن وزفر بعدها، إنها تشير إلى الخامسة مساء، على بعد ساعة ونصف من إغلاق المكتبة العامة لأبوابها، تذكر الكتاب الذي لمحه آخر مرة زار فيها المكتبة على الرف التاسع من الجناح المخصص للسانيات فابتسم للذكرى وهم بالخروج لجلبه مهما كلف الثمن، فالعواصف التي تعتمل داخله أشد من كل الأنواء الجوية.
حمل مظلته السوداء ودلف خارج منزله بعد أن ارتدى معطفا شتويا يقيه لسعات الصقيع، وقف مدة على الرصيف ينتظر سيارة أجرة دون جدوى، فقرر أن يستقل الحافلة، وهو في طريقه إليها باغتته سيارة سوداء كادت تصدمه لولا لطف القدر، تبللت ملابسه بالماء والوحل فاقترحت عليه صاحبة السيارة أن توصله إلى وجهته لتكفر عن ذنبها، توجس للأمر بداية لكنه قرر قبول عرضها مادام الحل الوحيد المتاح أمامه في ظل تلك الأجواء الغائمة.
فتح الباب وارتمى داخل السيارة دونما تعليق، عدلت الفتاة ياقة قميصها وهي تنظر إلى مرآة السيارة الخارجية وقالت:" أتأسف لم أقصد تلطيخ ثيابك بالوحل..."، قاطعها قائلا:"لا عليك يا آنسة ، الثياب تنظف المهم هو نقاء القلوب" ابتسمت وسألت:" الأجواء باردة جدا ما الذي أخرجك في مثل هذا اليوم العاصف؟"، رد باقتضاب :"كتاب..."
استغربت ثم قالت وهي تضحك:"محظوظ هذا الكتاب الذي ظفر بحبك لو أنه فتاة لكان سعيدا جدا بك... بالمناسبة لم أعرفك بنفسي، أنا نورسين وأنت؟"
أجابها:" أما أنا فمحمد.. اسمك غريب جدا وحلو جدا ظننت أنها... لاشيء"
- وما الغرابة فيه؟
- نورسين .... لا أدري ربما لأنه يقر داخل الشخص فور سماعه... كما تقر داخلنا ألحان قيثارة إسبانية لحظة تأمل.
- شكرا جزيلا على الإطراء، معنى اسمي هو "ضوء القمر".
- ضوء القمر؟
- ما بك ألست الضوء الذي جاءك في لحظة حرجة وأنقذك من موت الانتظار..
- ربما...
- إن الشعور الذي يسبق معانقتنا لكتاب نحب امتلاكه كشعور انتظار قدوم حبيب إلى مقهى قلبنا ... وأنا مرسول حبك الساعة.
احمرت وجنتاه خجلا وقال:
- بل أنت ضوء القدر أرسلك الله لي في وقت عصيب.
- نسيت أن أسألك إلى أين أنت متوجه؟
- إلى المكتبة العامة...
- إنه نفس طريقي أنت محظوظ للغاية... ما حاجتك بالكتاب هل تقرأ بشكل حر أم هو كتاب بغرض بحث ما.
- صراحة موعد الامتحانات قريب وقد توقفت عند محور مهم في اللسانيات المعرفية لست أفهمه بشكل معمق لذلك قررت الالتجاء إلى كتاب أراه نافعا لي بإذن الله.
- ما عنوانه ؟ إذا شئت إخباري طبعا.
- لا ضير في ذلك... عنوانه "أفعال الكلام عند الطفل مقاربة عصبية تداولية"
- لماذا هذا الكتاب بالضبط؟
- أحب صاحب هذا المؤلف.
- أتحب صاحب المؤلف ولم يسبق أن لقيته يوما؟؟
- لا يهم وإن كنت لا ألقاه فإني ألقاه فلقيا الجسد لقيا ولقيا الفكر لقاء .علاقتنا مع المؤلف لا تنتهي بمجرد انتهائنا من قراءة كتابه إنها علاقة مستمرة في الزمن فلابد من لقائه يوما ما، نحن لا نقرأ أوراقا جافة بل نقرأ أفكارا مولدة، قديما كان سقراط يؤمن بتوليد الأفكار وأنا أيضا أؤمن بالذي كان يمارس، نحن لا نفكر .. نحن نخوض مخاضا عسيرا من أجل ولادة كتاب.
- أعجبتني فلسفتك ياسقراط.
- وأنا أعجبني حديثك الدافئ يا ضوء القمر...
- كيف لا يعجبك حديث فتاة جميلة وأنيقة مثلي، إن لم أعجبك فهذا معناه أنك تعاني ارتجاجا نيورونيا.
- معك حق يا نورسين
- كل الحق يا محمد
- ها قد وصلنا ... سررت بهذه الدقائق برفقتك
قبل أن يترجل السيارة قال لها مازحا :" نلتقي بعد ساعة، بعد يوم، بعد عام"
ضحكت من قوله وردت: "هيا درويش زمانه أسرع قبل أن تغلق المكتبة أبوابها وتلقى الأمطار والعواصف والخيبات بدل لقياي..."
غادرت .. ظل واقفا يراقب سيارتها وهي تبتعد ... شعر بشيء غريب حيالها، كلامها الدافئ ونظراتها النورانية وحضورها المتقد أمور لا تجتمع في كيان واحد بسهولة، دخل المكتبة وكله سعادة لأنه سيعانق الكتاب الذي طالما حلم به وبامتلاكه، توجه إلى مكتب الاستقبال جال ببصره في المكان فلم يجد أحدا، رمق ساعته التي كانت تنذر بأن وقت الإغلاق قد آن، أسرع إلى مكتب الاستقبال وقال وهو يتوسل الآنسة:" أرجوك آنستي امنحيني خمس دقائق لإحضار الكتاب، أنا في حاجة ماسة إليه "
أنزلت نظارتها الطبية ورمقته بنظرات فاحصة وقالت ببرود:" الوقت ثمين للغاية، معك خمس دقائق لا غير..." شكرها وانطلق طاويا الطريق خلفه إلى الطابق الأول، وبخفة تناول الكتاب من الرف وضمه إلى صدره وهو يلهث كقط صغير يطارد فراشة ثم نظر إلى ساعته مرة أخرى ما تزال أمامه ثلاث دقائق، قرر فتح الكتاب لقراءة المقدمة وهو ينزل الدرج، فتح الكتاب على المقدمة فإذا به يصفق بعبارة "المعرفة التي ندأب على استخدامها وإعمالها هي التي ترسخ بأذهاننا فنحن لا نتعلم إلا عندما نعمل"، أعاد قراءة هذه العبارة فإذا بالكتاب يطير من بين ذراعيه ويتفتت ويتركب لصبح هي. سقط أرضا لهول الواقعة وصرخ قائلا :"نورسين... أحقا أنت ... كيف؟؟" اقتربت منه فافرنقع راكضا خائفا منها لكن صورتها كانت تحيطه من كل حدب وصوب أنهكه الركض فجلس القرفصاء مستسلما لمصيره، جلست بقربه وابتسمت وقالت:
- " ألم تقل قبل قليل بأنك تحبني، أنا لا ألاحق إلا الذين يغرمون بي؟"
- أتمزحين، متى أسررت بحبي لك... ؟ أنا أحب مؤلفة الكتاب .
- أنا مؤلفته .
- أتمزحين ... كفاك تفكها.
- وهل سبق أن رأيت شبحا يمزح مع إنسان... الأشباح دوما على صدق.
نهض وبدأ يركض مبتعدا عنها وأنفاسه تأكل بعضها البعض، صرخ طالبا النجدة فجأة سقط أرضا مغشيا عليه.
فتح عينيه بصعوبة فإذا بمديرة الاستقبال واقفة على رأسه تحاول إيقاظه من سباته وهي عاتبة:" ماذا جرى لك ؟ لو أنني على علم بإغمائك ما تركتك تلج المكتبة... ثم إنك أضعت نصف ساعة من وقتي الثمين، منذ سقطت وأنت تلهوس باسم غريب "نورسين"... أيعني لك هذا الاسم شيئا؟، تجاهل سؤالها وشكرها وحمل جسده الوهن وخرج من المكتبة وهو يسند يده رأسه الثقيل الذي يعج بالأفكار المتصارعة والأسئلة المؤرقة:" أكان الذي عشته داخل المكتبة حقيقي أم أنه أضغاث أحلام؟ ما هذا الكتاب الذي جئت باحثا عنه؟؟ وكيف لشخص أحضرني للمكتبة الخروج من كتاب ورقي لا حول له ولا قوة؟؟ هذا غير معقول لا يمكن أن يكون إلا تخيلا وحلما من أحلامي المراهقة.
استقل سيارة أجرة وفكره مشوش، وعندما أوشك على الوصول فتح محفظته ليناول السائق ثمن الأجرة فإذا به يصدم بوجود الكتاب في محفظته وقد ألصقت عليه قصاصة ورق صغيرة وردية اللون كتب عليها بخط جميل عبارة "افتح الكتاب إذا أردت أن تعرف معنى العمل الجاد"، قلب القصاصة بين يديه مرات عدة، رماها داخل المحفظة بعصبية، ناول السائق ورقة نقدية من فئة عشرين درهما، ثم ترجل وصفق باب الطاكسي بكل ما تبقى داخله من قوة وتوجه إلى منزله وهو على يقين بأن الذي عاشه حقيقة لا نقاش فيه.
دخل إلى غرفته ، رمى محفظته أرضا واستلقى على سريره وظل يحملق في السقف،أغمض عينيه بعدها وتنفس بعمق وقرر فتح الكتاب ومواجهة ما بداخله بكل جسارة وشجاعة.
حمل المحفظة ، فتحها وأخرج الكتاب وتفحصه جيدا فتح صفحته الأولى فإذا باسمها وصورتها يفقعان بصره، تعالت نبضات قلبه وتلعثمت أنفاسه، نفس الابتسامة والبريق بل ونفس النظرات التي قابلتهم به عندما كان معها في السيارة، قرر قراءة الكتاب مادامت باحثة فلن تؤذيه فالعلماء يسمهم النبل والأخلاق والإحساس قبل كل شيء، طمأن قلبه وفتح مقدمة الكتاب فلم يحدث أي شيء لم يطر كما المرة القادمة ، لم يتفتت ولم يتحول إلى شبحها كما حدث سابقا قرأ العبارة التي تستهل بها المؤلفة الكتاب مرات لكن لم يحصل أي شيء يذكر، غمره الغضب فرمى الكتاب أرضا وارتمى على الأريكة المجاورة لسرير نومه وجعل رأسه متدليا وحبات عرق تنز من جبهته الواسعة باتجاه خصلات شعره العسلية المتماوجة المبعثرة، فجأة سمع صوتا دافئا يهمس في أذنه :" أهلا بي في عالمك الصغير المظلم متيمي الصغير"، سرت في جسده قشعريرة بعثرت داخله الكلمات فبعث واقفا وكأن بركانا انفجر داخله وقال:
-"سأموت لا محالة .. كيف جئت غرفتي ؟؟"
أشارت بيدها ناحية الكتاب وردت :
-" من تلك الأوراق"
بلع ريقه وتنفس بعمق وقال:
-"هذا يثبت أن الذي عشته لم يكن وهما"
-"لا، لم تكن تتوهمني"
-"السؤال الذي يحيرني هو كيف تحولت من كتاب إلى شخص؟"
-"لا تسأل عن المحظور" ثم ابتسمت ابتسامة ساحرة وأردفت "عشاق القراءة يبعثون الروح في الكتب، يحادثونها ويبثونها مشاعرهم، الكتاب شخص ورقي"
شعر بقوة غريبة تملأ كيانه وبسكينة ودفء واطمئنان غريبين، فجلس على طرف سريره مواجها لها وسألها :
-"ما دلالة تواجدك هنا؟ أريد أن أعرف معنى تجسدك لي فلا أظن بأنك تتجسدين للجميع"
-"معك حق أنا لا أتجسد إلا لفئة قليلة من البشر"
-"لماذا؟"
-"لأتم رسالتي"
-" أية رسالة هاته التي تتجشمين عناءها؟
حفتها هالة نور عظيمة نظرت إليه مبتسمة وقالت:
-"الكاتب يا صديقي صانع أفكار وبناء معرفة وبائع أحلام، وأنا لا أتجسد إلا بغية سقاية شتلة المعرفة داخل قلب كل باحث يحمل داخله بتلة علم، أعلم أن لك قلبا حساسا جدا والعلم الذي لا يمر بالإحساس لا فائدة ترجى منه، فأنا ما كتبت ذلك الكتاب إلا حبا في الطفل بل وغيرة جامحة على العلم والمعرفة، ما فائدة القراءة في نظرك؟ ما فائدتها إن لم تغيرنا، نحتاج في كل مرة إلى من يدلنا الطريق القويم لكي نتمكن بدورنا في يوم ما من إنارة دروب الآخرين وأنا على يقين من أنك لن تدخر جهدا في سبيل أداء الرسالة"
-" حسنا فهمت.."
-" احضر الكتاب... وافتحه على المقدمة سأخبرك ببعض الأسرار"
-"حسنا ها قد فتحته"
-"اقرأ العبارة الأولى"
-"المعرفة التي ندأب على استخدامها وإعمالها هي التي ترسخ في أذهاننا فنحن لا نتعلم إلا عندما نعمل"
-" قديما قال "برناردشو" عبارة وقعت في ذهني وقوع العاشق وهي" إذا علمت إنسانا شيئا فإنه لن يتعلم قط" الإنسان الذي نعلمه كل شيء نسهم في إفساده، ترك الإنسان أعزلا في معترك الحياة سيمكنه من العمل بجهد من أجل كسب قوته، وبالمثل تركه يخوض غمار البحث وحده سيمكنه من ترسيخ معارف عدة فنحن نتعلم عندما نعمل ففي البدء كان العمل وما الحياة إلا عمل.
-" أتقصدين أن علي استخدام ما أملكه من معارف في عمل شيء ما مثلا؟"
حركت حاجبها الأيسر باتجاه الأعلى وضحكت ثم قالت:
-"لا تتعجل، أمامنا ليلة طويلة ... مع بزوغ أولى خيوط الفجر سيبزغ في ذهنك فجر لن يلثمه الظلام يوما، افتح الصفحة الخامسة اقرأ السطر العاشر من فضلك"
-" حسنا ... يتشكل دماغ الإنسان في بداياته الأولى عن طريق الانتخاب الخلوي...، قبل أن أتم القراءة ما الذي ترمين إليه من فضلك؟"
-" سأخبرك بقاعدة مهمة لا تطردها يوما من بالك "لا تعبر جسرا حتى تصل إليه"، لقد تقصيت أمرك.. أنت شغوف جدا بكل ما له علاقة بالتعلم واللغة والدماغ لكن الذي تفعله لا يخدمك في شيء، قل لي كم كتابا قرأت؟ كم معلومة امتلكت؟ حتى الساعة أنت تتكلم من فراغ إيمانا منك بأفكار سقراط التي عفا عنها الزمن، أي نعم لكي نخلق شيئا جديدا لا بد من التوليد لكن لا توليد من فراغ، لابد من بناء السابق على اللاحق، لا تتكلم في علم لا تعرف إلا النزر المتواضع فيه والآن أتمم من فضلك القراءة .
طأطأ رأسه مستسلما لها وتابع القراءة:"... العديد من الخلايا البالغة داخل مناطق الدماغية تتشكل بعد ولادة الطفل ، تشهد هذه الخلايا صراعا من أجل البقاء مع غيرها، حيث يموت العديد منها نتيجة تفوق الخلايا المنافسة في تأسيس علاقات عصبية مناسبة مع ما يجاورها من خلايا أخرى..."
-" هل فهمت المقصود من الانتخاب الخلوي؟ إن دماغك فور بداية عمله إثر تكاثر الخلايا المكونة للنظام العصبي يعرف صراعا خلويا هدفه البقاء، ما يحدث داخلك يماثل ما يحدث في الطبيعة، الصراع الذي نعيشه خارجيا ما هو إلا انعكاس لصراعنا الداخلي نحن أكوان صغيرة، وأنظمتنا العصبية والسيكولوجية تحتفل دوما بأعياد عضوية نؤذي ثمنها "
-" أترينني شخصا فارغا إلى هذا الحد، لماذا كل هذا الاستخفاف، أي نعم أنت مؤلفة هذا الكتاب الذي أثار ضجة علمية لجدة مواضيعه لكنك إنسان باحث مثل الجميع كلنا نبحث عن شيء ما في هذه الحياة"
-"أنا أهدمك بغرض إعادة بنائك مجددا... "
-"خسئت أنا الوحيد القادر على هذا الفعل لست مجبولا على سماع شبح "
-" الأشباح دوما على صدق"
-" بل أنتم على وهم"
-"أجئت هاهنا من أجل تعليمي درسا في الحياة أم في علوم الأعصاب ؟ لماذا أنا؟"
-" توقعت هذا من غر مثلك يتحرق ليملك صورة علمية لامعة من فراغ، لا تستعجل ما يطبخ على نار متقدة يحترق، كل ما يأتي بسرعة يتركنا بسرعة"
-"لقد طفح الكيل ... لم أعد أريد سماعك"
-"ستسمعني وستواجهني غصبا عنك"
-" أنتم الأشباح غربي الأطوار"
-"لست شبحا، أنا صورتها التي بعثها بفضل نهمك المعرفي"
-" تمزقي إذن وصيري رمادا "
-"هيهات... ما يأتي عن حب لا يذهب إلا عن حب"
صرخ في وجهها قائلا:
-" يال قلبي الأحمق ... أحببت فتاة تعمل على هدمك"
-" قلبك نقي، وحدها القلوب النقية تؤمن وتحب بلا مقدمات"
-"أغربي ... اتركيني وحدي"
نهضت من مكانها وقرفصت أمامه ثم أمسكت يده بين يديها وقالت :
-" لا تلم هذا القلب بل لمني أنا التي أتيتك لأسر إليك بشيء مني قبل المغادرة"
-" لماذا ؟"
-" لماذا الإنسان؟ من فضلك أجب عن هذا السؤال، ما خرقت قوانين الطبيعة وأتيتك الساعة إلا للظفر بإجابة منك؟ أعلم بأنك قادر على ذلك؟
-" علام أنا قادر؟ "
-" على تقبل الحقيقة، فإن التسليم بما حدث هو الخطوة الأولى في التغلب على المصاعب"
-" ما أدراك ؟"
-" أعلم مقدار شغفك بهذا العلم، بل ورأيت تعبك وعملك المتواصل، شعرت بتذمرك على عدم تحقيقك لأي هدف خططته، أبصرت دموعك لا تحاول ثنيي، يدي التي تمسكك لن تفلتك يوما، وصلت إلى الذي رغبته بعد عناء جم تجرعت نفس الذي تتجرعه، أنت على الطريق السديد لا تتراجع سيكتب اسمك يوما ضمن مفكري عصرك ثابر واجتهد.."
-"فعلت كل شيء أستطيعه.."
-" هذا استسلام ضمني "
-" هذا تسليم بواقع الأمر"
أفلتت يده وتوجهت ناحية النافذة وقالت:
-"أوشك الفجر على البزوغ، سأنمحي إذا كنت تكن لي حبا حقا فاعلم أن حبك سيأخذك إلي حيثما كنت..."
-" أنا لا أحبك فقط، أنا مؤمن بك"
-"الإيمان الحقيقي هو أن تؤمن بالعمل الجاد، كن موهوبا في العمل الجاد، لقد خلقنا جميعا بنفس القدرات فلا تقلل من شأن ذاتك، تستطيع صنع المستحيلات إن آمنت بنفسك فقط.."
قالت عبارتها الأخيرة وابتلعها الفجر، نهض من مكانه وتوجه إلى النافذة وظل لفترة يراقب بزوغ خيوط الفجر البنفسجية، تراقصت الدموع في مقلتيه فمسحها بطرف كفه وقال:"ليس اليوم الجديد إلا حياة جديدة لقوم يعقلون، هذا اليوم هدية الرب لي، لماذا الإنسان...؟ يا لي من طفل بكاء، الآن فهمت ... شكرا يا ضوء القمر لقد منحتني فجرا لن يلثمه الظلام بعد اليوم"
تمت



#أمينة_الخربوع (هاشتاغ)       Amina_Kharboue#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدلالة والتداول Semantic and pragmatic
- قراءة في كتاب - تدريس اللغة العربية وجديد النقل الديداكتيكي ...
- النموذج الفعال لتدبير الفصل الدراسي -نموذج مقترح-


المزيد.....




- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمينة الخربوع - شبح في المكتبة