أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - زهير كاظم عبود - فكرة التسامح















المزيد.....

فكرة التسامح


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 1596 - 2006 / 6 / 29 - 10:14
المحور: المجتمع المدني
    


تبدو الحاجة أحياناً الى تبني مواقف تتطابق مع المشاعر الإنسانية ، وهذه المشاعر التي تجسدها القيم والاعراف الخيرة التي بقيت في أعماق نفوس العراقيين ، والموروثة منذ أجيالهم الأولى وحرصوا على تداولها والتفاخر بها ، والتي لم تستطع سلطات الموت والطغاة أن تقتلعها من أرواحهم ، لم تزل تعبر عنها في السلوك الجمعي أو اليومي بين الأفراد سواء داخل العشيرة أو المجتمع ، أن اشاعة ثقافة التسامح بين العراقيين وتفعيل دور الحوار الوطني والتسامح يشكل مطلباً وحاجة وطنية ينبغي التمسك بها كعامل مساند لعملية إنقاذ المواطن العراقي من دوامة العنف والأرهاب والتصدع الحاصل في جدار الوطن والشروخ التي حصلت – ومهما كان أسبابها – بين القوى الأجتماعية والسياسية في العراق .
والتسامح يعني الجُودُ ، وفي الحديث: يقول الله عز وجل: أَسْمِحُوا لعبدي كإِسماحه إِلى عبادي؛ الإِسماح: لغة في السَّماحِ؛يقال: سَمَحَ وأَسْمَحَ إذا جاد وأَعطى عن كَرَمٍ وسَخاءٍ؛ وقيل: إِنما يقال في السَّخاء سَمَح، وأَما أَسْمَح فإِنما يقال في المتابعة والانقياد؛ ويقال: أَسْمَحَتْ نَفْسُه إذا انقادت، والصحيح الأَول؛ وسَمَح لي فلان أَي أَعطاني؛ وسَمَح لي بذلك يَسْمَحُ سَماحة. وأَسْمَح وسامَحَ: وافَقَني على المطلوب ، كما تعني التيسير. والتَّساهُل: التسامُح . واسْتَسْهَلَ الشيءَ ( لسان العرب – أبن منظور ص 2790) .
ومؤكد إن ثقافة التسامح وتعزيزها بحاجة إلى التبسيط والشمولية وإلى أرضية مناسبة تتَّسم بمساحة من الفضاء الأنساني الذي تستطيع التحرك من خلاله الأطراف دون قيود أو تحديد ، والأرضية التي تعمل عليها ثقافة التسامح ، تكون فاعليتها مع وجود حقِّ التعبير وحقِّ الاختلاف والتحلي بالقدرة على الأستماع للرأي الأخر ، لأن مساحة الحرية تعتبر مساحة مساندة ضمن هذا الفضاء الأنساني المطلوب في ثقافة التسامح والمسامحة .
كما أن وجود مجتمع مدني يكون شريكًا فاعلاً مع الدولة التي لا بدَّ لها أن تعمل وفقًا لسيادة القانون وبالمساواة بين المواطنين، من دون تمييز بسبب الجنس أو الدين أو القومية أو الخلفية الاجتماعية أو الاتجاه السياسي أو أيِّ سبب آخر ، يساهم معها بشكل فاعل في إشاعة هذه الثقافة ، والدعوة للتمسك بهذا المنهج الذي لابد إن ينتج أثره في إنقاذ البلاد من التدهور الذي وضع عجلات مسيرته في هذا الزمن عليه .
من شروط نجاح التجربة الديمقراطية في العراق مرهون بما يتوفر من قناعة القائمين على مشروع التطبيق الديمقراطي في البدء بتطبيق ثقافة التسامح والقبول والتعايش السلمي مع من تختلف معهم ، وأيجاد صيغ من خلال القواسم المشتركة لتحمل المسؤولية بشكل مشترك .
وأذ تتشكل فكرة التسامح على أساس الأشتراك الجمعي في طي صفحة من الصفحات التي تخللتها حالات الأقصاء وتكميم الأفواه والظلم والتهميش بما لايصل الى درجة الجرائم الجنائية التي يتوجب أن يطالها القانون ، إذ يعتقد البعض أن فكرة التسامح ستكون سدا إمام الأجراءات القانونية بحق من ارتكب جناية ينبغي محاسبته عليها ، حيث سيكون القضاء هو الفاصل في ما ارتكبوه من افعال ، وفكرة التسامح تنبع ايضاً من أرادة الفرقاء الذين يرتضون بالتنازل عن بعض ماتراه جهة منهم على أنها حق ، قيمة التسامح تكمن في فلسفة حقوق الإنسان وشرعتها وتستمد أيضاً ركائز لها في في الفكر الأنساني ، فالتنازل لايصب لمصلحة الغير المقابل ، أنما يصب لمصلحة الجميع .
وحين يجد كل طرف إن الحق إلى جانبه ، وأنه يمتلك المشروعية ، فأن الأمر يدفع بأتجاه حصول تصادم طبيعي في الاعتقاد ، ينتهي الأمر إلى إظهار مغلوبين وغالبين، مهزومين ومنتصرين وخاسرين ورابحين ، وتكون النتيجة أنهم حلوا مشكلتهم تلك بكثير من التعصب وبقليل من التسامح ! فيتم الأنسيق غالباً إلى تطاحن وتعارض يعتمد الطائفية أو التناحر القومي المتعصب أو الى حرب من أشرس الحروب ، أسوة بكل الحروب الداخلية التي خسر بها الجميع والتي سجلها التاريخ البشري بكل حزن وأسى ، لم تشف شعوب منها و من جراحها حتى الآن ، ولهذا فأن اللجوء الى الحوار وإلغاء فكرة الأنتقام والثأر وأناطتها بالقانون ، يعتمد على أستعداد الأطراف التي تريد بناء مستقبلها على أساس تغليب المصلحة العامة على النزعات الشخصية والمشاعر الدفينة البعيدة عن التعقل والتروي في نتائجها .
أن خلق حالة من الثقة وطرح الأحكام المسبقة في قضايا الحوار يقود الى تسهيل التطبيق السليم لعملية التسامح ونشرها ضمن المجتمع ، فعملية الحوار هي من ضمن عوامل المصالحة الوطنية والوفاق الوطني ، وهي عمود من أعمدة التسامح كما ذكرنا .
أن الأيمان بثقافة التسامح والتوصل الى المصالحة الوطنية ، تشكل تلبية لنداءات الضمير العراقي والحاجة الماسة والملحة لهذا المنهج غير البعيد عن الممارسة الجمعية في العراق كما تفرضه الفطرة الإنسانية في الحياة العامة ، ويتداول اهل العراق العديد من الأمثلة والأشعار التي تشيد بالتسامح وترتقي به الى مصاف القيم التي يتفاخر بها الرجال ، مثلما قيل في مباديء القوانين أن الصلح سيد الأحكام ، وفي الآيات الكريمة ما يعزز التسامح والعفو عند المقدرة ، والأبتعاد عن العنف و نبذ روح الانتقام ، هذه الثقافة تشكل ترسيخاً قوياً لمعالم الوحدة الوطنية التي ينبغي بناؤها على أساس من الثقة وبعيداً عن الهواجس وحسابات الخسارة والربح ، هذه الوحدة الوطنية هاجسها أنقاذ العراق من التدهور المريع الذي يتدحرج اليه يوميا في حياة ووضع شائكين لايليقان بالعراق ، مع بروز نذر وأخاديد تشوه تاريخه الجميل ، وتقلق مستقبل أجياله ، وبالتالي تترك شقوق وخنادق بين أطيافه وفصائله التي تشكل جميعها العراق الحقيقي .
فأذا كان التسامح من بين معانيه الكرم والجود ، وبما عرف عن العراقيين من كرم وجود صار الأمر ضرورة أظهارهما عملياً ، والتسامح يعني أن تعتقد جميع الأطراف أنها معنية بموقف من شأنه أن يوصل الناس الى بر الأمان ويعيد الأمن والبهاء والحياة الأعتيادية الى العراق ، كما يتطلب الأمر أيضاً الدعوة الى ألغاء النظرة التشاؤمية التي بدأت تنتشر بين الناس وأحلال البدائل المضيئة في حياة الناس ، ومن النظرات التشاؤمية التي بدأ يطرحها قسم من الناس المحبطين ، تقول إن حكم الطاغية الدكتاتور بالرغم من سلطته الباغية وقمعه وطغيانه الا إنه كان يوفر للجميع ، ويفرض سيطرته وقوته على الشارع ، وتتمنى الناس البسطاء إن تعود سلطة الدكتاتور على أن لاتبقى الأوضاع على ما عليه اليوم .
فكرة التسامح تنبع من الضمائر الحريصة على العراق ، وهي تتعارض قطعاً مع الحسابات المسبقة ، أو النيات غير الصافية ، وأزاء المحنة الكبيرة التي يمر بها العراق ، والتي هي سبب من اسباب ماخلفته الدكتاتورية وحقنته ، وهي تفوح اليوم بروائح ليس من بينها ما تتطابق مع قيم اهل العراق ، أمست الحاجة ماسة الى أبراز فكرة التسامح وطرح الأفكار الأخرى التي تتعارض مع عبور العراق الى ضفة الأمان والتخلص من الوجود الأجنبي .



#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخلل في النظرة الى أستقلال السلطة القضائية
- غداً يستعيد العراق وجهه المشرق
- بعد توجيه الأتهام في قضية المتهم صدام
- خطوات في المصالحة الوطنية
- كيف سقطت ( قناة العربية ) في حبائل وائل عصام ؟
- دمعة الطفلة الاردنية مرح ودموع اطفال العراق
- النبش والتنقيب في التأريخ الأيزيدي القديم - القسم السابع
- شلت اليد التي تريد السوء بالمندائي
- وبرغم كل هذا سيقوم فينا العراق
- النبش والتنقيب في التأريخ الأيزيدي القديم- القسم السادس
- جدوى بقاء الهيئات المستقلة في الدستور العراقي
- النبش والتنقيب في التأريخ الأيزيدي القديم - القسم الخامس
- النبش والتنقيب في التأريخ الأيزيدي القديم - القسم الرابع
- ضياء السعدي معارضاً
- أحالة القناة الجزيرة على القضاء القطري
- التنقيب و النبش في التأريخ الأيزيدي القديم
- النبش والتنقيب في التأريخ الأيزيدي القديم 2
- النبش والتنقيب في التأريخ الأيزيدي القديم - الجزء الأول
- المجهول في العراق
- حقوق غير المسلمين في العراق بين النصوص والتطبيق


المزيد.....




- فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي ...
- حماس تحذّر من مساع -خبيثة- لاستبدال الأونروا
- الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...
- الأردن يعرب عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار قبول ...
- انتقاد فلسطيني لفيتو واشنطن ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- أبو الغيط يأسف لاستخدام ‎الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين ب ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - زهير كاظم عبود - فكرة التسامح