أصل النار (هل نحن حقا نعرف النار؟)

جميل النجار
كاتب وباحث وشاعر
(Gamil Alnaggar)

الحوار المتمدن-العدد: 6624 - 2020 / 7 / 21 - 00:32
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    

نحن جميعا نستخدم النار. لكن هل نحن حقا نعرف أصل النار؟

والإجابة المدهشة هي: أن النار أصلها الشمس!

التفسير: الشمس هي مجرد نجم، والنجوم في الكون هي المخازن الأولية العظمى للطاقة.
عندما تسقط أشعة الشمس على كل المواد الأرضية بما فيها من مياه وصخور وهواء وأحياء (نباتات وحيوانات) تحتفظ كلها بجزء من طاقة الشمس في أجسادها. فلو نظرنا للغطاء النباتي بالتحديد، فسنجده يمتص الطاقة الحرارية/الضوئية من الشمس؛ ويحولها إلى طاقة كيميائية من خلال عملية البناء الضوئي بواسطه الكلوروفيل في عملية تغذية ضوئية ذاتية؛ ويعطي – في مقابلها- مع بقية الأحياء النافقة المواد العضوية الغنية بالطاقة، والتي منها الكربوهيدرات والزيوت والخشب والمطاط وخلافه. والتي تتحول، بعد موت النبات والحيوانات، إلى الفحم وزيت البترول والغاز الطبيعي، وهي المصادر الأساسية لوقود النار على سطح الأرض، بالإضافة لمصادر أخرى كالماس الكهربائي كما يمكن أن يوفر النشاط البركاني، أو النار الباطنية (التي احتفظت بها الأرض منذ النشأة النجمية بفعل الضغط والحرارة) والشرر الناتج عن سقوط الصخور والنيازك واحتكاكها بالغلاف الجوي. وشرارة البرق الناتجة عن خسارة بعض ذرات الغلاف الجوي لبعض إلكتروناتها؛ فيحدث تجاذبا بين الشحنات السالبة والموجبة؛ فتولد تلك الشرارة، والمعروف أن تلك الذرات مشحونة بفوتونات الطاقة الكهرومغناطيسية للشمس. وكما نعلم فإن البرق هو العامل الرئيس في حرائق الغابات الأوسع انتشارا على كوكب الأرض.
التعريف العلمي للنار: النار، بحكم تعريفها؛ ما هي إلا ناتج تفاعل كيميائي بين الأكسجين، وأي نوع من أنواع الوقود، في عملية تسمى: "أكسدة طاردة للحرارة" وتعتمد هذه العملية على الامتزاج السريع أو الخاطف بين الوقود والأكسجين (الموجود بالغلاف الجوي). أما أنواع الوقود المتاحة على الأرض فهي كالغازات الهيدروكربونية (البروبان أو البيوتان والإيثان والميثان)، أو الوقود السائل كالبنزين أو الكيروسين، أو الصلب كالشحوم والفحم والخشب... الخ.
شروط اشتعال النار: لا تشتعل النار إلا عند توافر ثلاث عناصر يمكن صياغتهم في المعادلة الآتية:
"شرارة" + "وقود" + "أكسجين" = ""نار"".
بشرط أن تصل درجة سخونة الاحتكاك إلى درجة لاشتعال، والتي تختلف باختلاف نوع الوقود.
اللهب وضوئه: اللهب هو الناتج الضوئي لعملية الاشتعال، وينشأ الضوء عن النار بسبب سخونة ذرات الكربون في المواد التي تعرضت للاحتراق؛ فتثار تلك الذرات بالحرارة؛ فتحاول التخلص من تلك الاستثارة بإصدار الضوء المرئي؛ كما يحدث في المصباح الكهربي؛ عندما يمر التيار الكهربي في سلك "التنجستن" وترتفع درجة حرارته؛ نتيجة لمقاومته للتيار الكهربائي؛ فينطلق الضوء من المصباح طالما استمرت درجة حرارة السلك مرتفعة، ويرجع اختلاف الألوان الصادرة من نفس اللهب إلى تغير درجة حرارة شعلة اللهب نفسه، فالجزء السفلى في اللهب هو الأسخن، لذا؛ يميل لونه إلى الأزرق (أطواله الموجية أقصر)، اما الجزء العلوى ويكون لونه قريبا من اللون البرتقالي أو الأصفر لأنها الأكثر برودة (أطواله الموجية أطول).
التعامل مع النار: وتوجد ثلاثة عناصر ضرورية جدا لإبقاء النار مشتعلة؛ لذا؛ تسمى بمثلث النار وهي: الأوكسجين، والوقود والحرارة؛ وبالتالي فإن انطفاء ألسنة اللّهب يتم إما، بحرمانها من الأوكسجين، أو بتخفيض حرارتها، أو بالتخلّص من الوقود.
اكتشاف النار: عانى الإنسان البدائي في وقت مبكر من الحرائق الطبيعية الناجمة عن البرق وتعلم فوائدها. وكان الإنسان المنتصب Homo Erectus (عاش منذ 1.8 مليون إلى 200 ألف عام) خلال هذه الأوقات هو أول من تعلم استخدام النار. حيث اكتشف علماء الآثار بقايا رماد مكدسة في الكهوف تثبت أن العصر الحجري القديم استخدم النار بانتظام منذ 500000 سنة. وفقًا لما تم اكتشافه في موقع Homo Erectus في Choukoutien، في شمال الصين. ولكن أقدم دليل لا لبس فيه، تم العثور عليه في كهف "قاسم الإسرائيلي"، يعود إلى 300000 إلى 400000 سنة، ويربط السيطرة المبكرة على النار مع أسلافنا البشر من أنواع: "نياندرتال Neanderthals" و "هوموسيبينس Homo sapiens". وأقدم اكتشاف أثري؛ على ما يبدو بأنه آثار لحرائق بأحد المخيمات بكهف "واندرويرك Wonderwerk" في جنوب أفريقيا، ويرجع عمرها إلى نحو المليون عام. وهو موقع سكنه أوائل البشر لمدة مليوني عاما، ويتكون من عظام الحيوانات المتفحمة وبقايا النباتات مع الرماد.
آثار النار على البشر: غيرت النار مسار التطور البشري؛ ما سمح لأسلافنا بالبقاء دافئين، والقدرة على التواصل بإشعاله. وتمكنوا، لأول مرة، من طهي الطعام؛ ما سمح لأسلافنا من أشباه البشر باستهلاك المزيد من السعرات الحرارية، ونتيجة لذلك؛ تطورت أدمغتهم بشكل أكبر. والتحول نحو الأسنان والمعدة الأصغر، التي حدثت في الوقت الذي تطور فيه الإنسان المنتصب.
انعكس بالإيجاب مع الوقت، حتى على تحسن ملامحنا من خلال صغر حجم فكوك واختفاء أنياب أسلافنا الغليظة؛ والتي كانت تقتديها عمليات تمزيق اللحوم نيئة. كما واستخدموها في درء الحيوانات المفترسة. وساعدتهم على البدء بأخذ زمام المبادرة والمغامرة في ترحالهم واستكشافهم تحت وطأة المناخات القاسية. كما كان لها آثار اجتماعية وسلوكية مهمة، شجعت مجموعات من الناس على التجمع سوية والبقاء حتى وقت متأخر من الليل.

#جميل_النجار (هاشتاغ)       Gamil_Alnaggar#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات