أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعد الكرعاوي - كورونا المستجد(covid- 19) رؤية سوسيولوجية















المزيد.....

كورونا المستجد(covid- 19) رؤية سوسيولوجية


سعد الكرعاوي
باحث وأكاديمي في علم الاجتماع

(Sssd Al-karawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6589 - 2020 / 6 / 10 - 20:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


اهتم علم الاجتماع بدراسة القضايا الاجتماعية المرتبطة بالصحة والمرض وقد ظهر ذلك في أعمال الكثير من علماء الاجتماع الأوائل، والمعاصرين الذين أعطوا جانباً كبيراً من اهتمامهم في تفسير هذه الجوانب، والتي بحثت علاقة المرض وانتشار الأوبئة بالسلوك الاجتماعي للأفراد والجماعات والروابط الاجتماعية والتضامن الاجتماعي والخوف المجتمعي، وما لذلك من تأثير على بنية المجتمعات.
ومن أبرز العلماء المعاصرين الذين اهتموا بدراسة الأمراض والأوبئة، عالم الاجتماع الألماني أولريخ باك، الذي تحدث ونبه إلى المخاطر التي سوف تواجهها البشرية في عالمنا المعاصر، في كتابه الشهير " مجتمع المخاطرة " إذ كان يرى ان هذه الالفية سوف تحمل لنا كثيرا من المخاطر الناتجة عن تلك الممارسات التي تقوم بها بعض الدول الصناعية الكبرى مثل إشعاع المفاعلات النووية، والتلوث، والفيروسات التي تفتك بحياة البشرية.. وان تهديدات الحياة في الحضارة الصناعية قد صارت عرضه لتحولات الخطر الاجتماعي اليوم، وأن الخطر القادم يتسم بنفس سمات القوة المدمرة للحرب، فيصيب الجميع دون استثناء أغنياء وفقراء، ويعم جميع الدول المتقدمة والمتخلفة على حد سواء، ومن ثم يصعب السيطرة على تلك المخاطر.
ومما لا شك فيه أن كورونا وضعت كل إنسان، وأسرة، ومؤسسة، ودولة، بل العالم بأسره أمام معضلة كبرى. والجميع أمام هذه المعضلة متساوون، وباتوا جميعا، وبمختلف المستويات، كيانا واحدا، وحدة استراتيجية واحدة تواجه خطرا واحدا يستهدف الإنسان، العنصر الرئيس الحي المحرك للحياة على المستويات كافة، وفي جميع المجالات. فالإنسان ليس مسؤولا عن ذاته فقط، بل هو مسؤول وشريك في المسؤولية تجاه الجميع، فإذا كان الإنسان مستهدفا، فإن كل شيء في الحياة مستهدف أيضا.

لقد ترك فيروس كورونا (Covid-19) الجديد بصمته على كل نواحي الحياة: فالحدودٌ أُغلقت والطائرات توقفت واقتصادات عالمية تباطأت وقفت الحياة في جميع العالم تقريبا. وفرضت السلطات في شتى أنحاء العالم حظر التجول. عواصم ومدن كبيرة كانت لا تنام الليل باتت عبارة عن مدن للأشباح، أصبح التعلم عن بعد بديلا عن المدارس، تحولت الجامعات إلى فصول دراسية افتراضية، توقف العمل في الوظائف الحكومية في عواصم عربية وأوروبية.
كذلك صدرت قرارات حكومية حول العالم بإغلاق المطاعم والمقاهي ومراكز التسوق ودور السينما والملاعب الرياضية، ومنع إقامة التجمعات الكبيرة، وبات الوباء "يهدد الروابط والعلاقات الاجتماعية وينذر لنوع جديد ومخفي من الحروب الأهلية يكون فيها كل واحد حذراً من جاره وأحبائه .
يقول عالم الاجتماع الفرنسي ألان تورين، في حوار صحفي تداولته عديد من المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي:
“أن العالم لم يعد كما كان، حيث إنه يشعر اليوم بالخوف وفي الحقيقة، هناك غياب الفاعلين، وغياب المعنى، وغياب الأفكار. كما ليس لدينا إلى حدود الساعة علاج ولا لقاح. ليس لدينا أي سلاح، أيادينا فارغة، نحن محبوسون ومنعزلون.. مهجورون. يجب علينا ألا نتصل ببعضنا البعض، وفوق هذا وذاك يجب أن نلزم البيت. أليست هذه حربا!".
أن ما شاهدناه من مناضر لأشخاص يتدافعون في المتاجر على ورق المراحيض أو للحصول على ما يمكن حصوله من المواد والسلع الغذائية ...
في إيطاليا، حيث اضطر الأطباء الى اختيار مريض لإنقاذه بدلاً من آخر بسبب نقص المعدات، كما يحصل في زمن الحرب".
أن انتشار هذا الوباء هو في حقيقة الأمر يشكل امتحاناً للمجتمعات" البشرية. فعند انتشار الأوبئة أيضاً، هناك دائماً كبش فداء، وفي هذه الأزمة (الوباء) اتجهت الأنظار بالحقد واللوم وحتى الكره تجاه الصين.
وخلال مرحلة وباء الطاعون الذي غزا أوروبا في العصور الوسطى بين عامي 1347 و1351، بات السكان اليهود هدفاً للهجمات وعمليات الانتقام، كما حصل عام 1349 في ستراسبورغ، حين تم حرق مئات من اليهود وقدموا كأكباش فداء لانتشار الطاعون.
وهذا يعني أن أنتشار الأوبئة قد تؤدي إلى ما يصطلح عليه بالركود الاجتماعي.. نتيجة إجراءات العزل والتباعد الاجتماعي
ماذا يعني البقاء في المنزل؟
في هذه اللحظات في أثناء العزل الذاتي، يمكن أن يواجه البعض تراجع الصحة النفسية والعاطفية على المدى الطويل، نتيجة العزلة الاجتماعية.
فالبشر كائنات اجتماعية، تطوروا في مجموعات ليشعروا بالأمان أكثر، وفيروس كورونا المستجد يهدد تلك الروابط والعلاقات الاجتماعية، ليعاني البعض من العزلة التي فُرضت عليهم بكونها طوارئ صحية.
لا تقتصر تأثيرات الوحدة والعزلة الاجتماعية على الجانب النفسي فقط، وإنما تتجاوزها إلى صحة العقل والقلب وتراجُع المناعة والقدرة على مواجهة العدوى، وصولًا إلى زيادة خطر الموت بنحو 26% لدى كبار السن، وفق تقرير السياسات العامة والشيخوخة الصادر مطلع العام الحالي، في يناير/ كانون الثاني عام 2018، والذي لفت الانتباه إلى أن الروابط الاجتماعية الضعيفة تضاهي في خطرها على الصحة ضِعف خطر السمنة أو تدخين 15 سيجارة يوميًّا.
كما أن الأشخاص المعزولين اجتماعيًّا يزيد تعرُّضهم للإصابة بالاكتئاب والخَرَف بنحو ثلاثة أضعاف أو أكثر مقارنةً بغيرهم. ويزداد مع الوحدة أيضًا الشعور بالخمول بنحو 2- 3 مرات، وهو ما قد ينتج عنه ارتفاع القابلية للإصابة بالسكر بنحو 7%، والقابلية للصدمة بنحو 8%، والقابلية للإصابة بأمراض القلب بنحو 14%..
وبحسب ملخص الدراسة المنشورة في موقع The Conversation؛ أشار باحثون إلى أن الوحدة والعزلة الاجتماعية تسببان مضاعفاتٍ صحية؛ لأنهما تزيدان من فرص الإصابة بالأنواع المختلفة من الالتهابات. يحدث الالتهاب عندما يُخبر جسمك جهازك المناعي بأن يفرز بعض المواد الكيميائية اللازمة لمحاربة العدوى أو الأذى. ويمكن أن يحدث أيضاً عندما تتعرض لضغط نفسي أو اجتماعي.
صحيح أن الأمر لا يقتصر على الجانب السلبي فقط فالبقاء في المنزل لفترات طويلة سيجعل الكثير يغيرون العادات المرتبطة بالثقافة الاستهلاكية، ويقل تناول الأطعمة في الخارج ويعتمد الناس على الوجبات المعدة في منازلهم. ويزداد الوعي الصحي وترك الكثير من العادات والممارسات اليومية السلبية التي اعتاد الناس على ممارستها وأكثر وعيا بالطرق الصحية التي تعمل على تقوية مناعتهم وحمايتهم من الأمراض. وتقل الأنشطة الاجتماعية التي ترهق كاهلهم وتضيع أوقاتهم باعتبارها واجبات اجتماعية.
وسيتغير مفهوم استخدام المساحات العامة وستصبح أكثر نظافة، وأقل اكتظاظاً بالناس،
يضاف إلى ما سبق أن عزل الناس في المنازل يجعل الخروج منها للضرورات فقط، ويؤدي هذا الأمر إلى محدودية الحركة في الشوارع، خصوصا في المدن ذات الكثافة السكانية العالية. وبذلك ينخفض استهلاك الطاقة، وتقل مستويات التلوث البيئي لتصبح نقاء.

ما بعد كورونا
هل سنتصرف كما اعتدنا؟
كيف سوف تتقبل الشعوب المتعودة على إلقاء التحية بالأيدي وتبادل الاحتضان والقُبل (خاصة مجتمعاتنا الشرقية)، التباعد الاجتماعي التي يبدو انه سوف يصبح قاعدة في حياتنا اليومية حتى لسنوات بعد الكورونا. العادات والتقاليد من افراح ومآتم وأعياد ولقاءات وغيرها من المعاملات اليومية التي تنسج العلاقات الإنسانية في مجتمعات عدة؟
بعبارة أخرى هل سنشهد تغيرا في منظومة القيم والعادات والتقاليد الاجتماعية السائدة في مجتمعاتنا؟؟؟
ان حدث الكورونا سيظل زمن فاصل عما قبله، وسوف تحمل ذاكرة المجتمعات الجمعية أشياء كثيرة عن هذا الفيروس الذي لا يرى في العين العادية المجردة، لكنه ربما سيؤثر كثيرا في حياة البشرية.



#سعد_الكرعاوي (هاشتاغ)       Sssd__Al-karawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحول الديمقراطي في العراق
- صور الولاء في المجتمع العراقي


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعد الكرعاوي - كورونا المستجد(covid- 19) رؤية سوسيولوجية