أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طيب الفحلي - التكفير أسهل بكثير من التفكير














المزيد.....

التكفير أسهل بكثير من التفكير


طيب الفحلي

الحوار المتمدن-العدد: 6586 - 2020 / 6 / 7 - 15:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


حذّر كثير من الفلاسفة و المفكرين من العاطفة التي تلعب لعبتها بالإنسان، فالإنسان الذي يتعاطى مع الوضعيات - التي يجد نفسه بصددها - بعاطفة، يكون بعيداً عن العقل و العقلانيّة، وهذا ما رأيناه هذه الأيام حيث صبّ عدد من الأشخاص جام غضبهم على أستاذة -وبعضهم حرّض على قتلها- فقط لأنّها كتبت تدوينة لم تأتِ فيها أصلاً بأيّ جديد. قامت فقط بنقل ما يوجد في مصادر المسلمين أنفسهم.

كان على أولئك الذين يشنّون هذا الهجوم الذي لا مبرّر له، أنّ يقوموا بدحض و تفنيد مئات المصادر التي تقول أنّ "النبي" تزوّج أكثر من عشر نساء، و إحداهنّ لم يكن يتجاوز عمرها -عندما تزوجها- عشر سنوات.

كانت زوجته الأولى هي خديجة بنت خويلد( كانت أكبر منه سناً)، و الثانية هي سودة بنت زمعة، و الثالثة هي عائشة بنت أبي بكر التي "خطبها في السادسة من عمرها وبنى بها عندما بلغت تسع سنين، وقد كان "النبي" في الخمسين من عمره إبّان الخطبة وفي الثالثة والخمسين وقت الدخول بها"[¹]. و الرابعة هي زينب بنت خزيمة، و الخامسة كانت حفصة بن عمر بن الخطاب، و السادسة هي أم سلمة، و السابعة هي جويرية بنت الحارث، و الثامنة هي زينب بنت جحش، و التاسعة هي ريحانة (التي تقول المصادر أنه اتخذها ملك يمين)، و العاشرة هي أم حبيبة بنت أبي سفيان، و الحادية عشرة هي صفية، و الثانية عشرة هي ميمونة، و الثالثة عشرة هي فاطمة بنت الدهاق بن سفيان، و الرابعة عشرة هي أسماء بنت النعمان.

لذلك فحتّى الذين حاولوا الدفاع عن سيرة محمد لم يجدوا أدلّة قوية، واكتفوا بالقول أنّ "النبي" كانت له قوة عشرين رجلاً، أو أنّه تزوجهن لأسباب سياسية.. و من بينهم عبد الرحمان بدوي نفسه، ففي كتابه الذي أصدره بالفرنسية تحت عنوان: "دفاع عن سيرة "النبي" ضد المفترين عليها" أو " دفاعاً عن محمد ضد المنتقصين من قدره"، نجد نفس الأدلة، التي يمكن لأيّ كان أنّ يدحضها، لأنها واهية ويمكن نقضها بسهولة، فلماذا يا تُرى يتمّ الهجوم على هذه الأستاذة فقط لأنها قامت بنقل ما دُوِّن في مؤلفات المسلمين أنفسهم؟


لا ندري إنّ كانت هذه التدوينة فقط هي سبب الهجوم أم أنّ هناك أسباب أخرى خفية، لكن ما يهمنا هو هذه الحملة الشرسة التي شُنت عليها من طرف المغفلين، الذين كفّروها، لأنّ التكفير من طبيعة الحال أسهل من التفكير، فهو آلة الفقهاء بتعبير فتحي المسكيني، والآن أصبح آلة الجمهور الذين لم يقرؤوا صفحة واحدة، ويتطفلون على مواضيع أكبر منهم بكثير، فهؤلاء الذين هاجموا الأستاذة بكلّ وقاحة وقلّة أدب إذا اطّلعت على سيرتهم ستجدها فارغة، لا دراسة ولا بحث ولا تنقيب و لا معرفة ولا علم.. ومع ذلك يصرّون على لعب دور المحامي الذي يدافع عن الله وعن "الرسول"، الأجدر بهم أن يدافعوا عن الفقراء والمساكين الذين لا يجدون ما يأكلون في مختلف بقاع الأرض، وعوض تقديم النصح من الأفضل لهم أنّ يقرؤوا أكثر و يفهموا أكثر، لكي يعرفوا أنّ العالم و الأرض أكبر ممّا يعتقدون، وأنّ هناك مئات الديانات و المعتقدات المختلفة في العالم،و هناك شخصيات مقدسة عند كلّ شعب، لكن كمية الحقد والإستعداد للقتل التي أصبحت عند أغلب المتدينين في وطننا العربي مخيفة ومفزعة، وتبيّن بأنّ ما حدث لصاحب الحقيقة الغائبة: "فرج فودة" ول: "ناصر حامد أبو زيد" وغيرهما سيتكرر إذا لم يقم المثقف بدوره الأساسي والمتمثل في النزول إلى الأرض كما كان يفعل سقراط، وفتح النقاشات حول كلّ القضايا التي تهم الوطن و "المواطن" عوض تبني الطرح الهيغيلي و الترفع، وعوض كذلك ملازمة الزوايا الصوفية و الإنفصال عن الواقع، ففي فرنسا مثلا كان سارتر Jean Paul Sartre(1905-1980)، و فوكو Michel Foucault(1926-1984) يقودان المظاهرات، وفي تونس كان فتحي المسكيني و زوجته في مقدمة الإحتجاجات، و في أمريكا لم يتوانَ نعوم تشومسكي Noam Chomsky (1928-)عن تسديد الضربة تلوَ الأخرى للعصابات التي تمتصّ دم الشعوب، ونفس الشيء يفعله إدغار موران Edgar Morin(1921-) في فرنسا، وكان يفعله المهدي المنجرة و محمد عابد الجابري في المغرب وغيرهم من المثقفين الكبار الذين تعتزّ بهم البشرية جمعاء، أما أنّ تحتقر الجميع وتترفع عن الكلّ فهذا يبيّن بأنّك عاجز عن أداء وظيفتك، ف"المثقف" الذي لا يُزعج ليس مثقفاً بالمعنى الصحيح للكلمة.



[¹]- عبد الرحمان بدوي، دفاعا عن محمد ضد المنتقصين من قدره، ترجمة: كمال جاد الله، الدار العالمية للكتب و النشر، ص: 78


* كاتب مغربي



#طيب_الفحلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جائحة كورونا و الأسئلة الغبيّة
- الأستاذ المغربي بين المطرقة والسندان
- فيروس كورونا أو الجائحة العالمية
- أيها الرفاق.. هذه وصيتي!
- متى كان السّفيه نموذجاً يُحتذى أو أستاذاً يُقتدى؟
- شذرات(1)


المزيد.....




- تقرير: أمريكا اعترضت اتصالات لمسؤولين إيرانيين كشفت تقييمهم ...
- ماكرون يؤكد في مكالمة مع الرئيس الإيراني على ضرورة العودة إل ...
- إيران تنفي تهديد الوكالة الذرية وتشكك في مصداقية ترامب بشأن ...
- تصاعد هجمات المستوطنين بالضفة وجيش الاحتلال يعتقل العشرات
- -إثبات الوفاة- معاناة قانونية وإنسانية تؤرّق ذوي الشهداء وال ...
- الزرشك نكهة لاذعة وفوائد مذهلة.. كنز أحمر في مطبخك
- شيرين في مهرجان -موازين-.. تفاعل وانتقادات ودعم
- حكم بالسجن النافذ في حق صحافي فرنسي في الجزائر بتهمة تمجيد ا ...
- الجزائر: الحكم على صحافي رياضي فرنسي بسبع سنوات سجن بتهمة تم ...
- غروسي: إيران قد تستأنف تخصيب اليورانيوم -في غضون أشهر-


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طيب الفحلي - التكفير أسهل بكثير من التفكير