أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - جورج حداد - الجماهير الشعبية الاميركية تتدرب ميدانيا على الثورة الانارخية والحرب الاهلية















المزيد.....

الجماهير الشعبية الاميركية تتدرب ميدانيا على الثورة الانارخية والحرب الاهلية


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 6582 - 2020 / 6 / 3 - 20:32
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


إعداد: جورج حداد*


في 1947 وفي تصريح صحفي له، قال غيورغي ديميتروف الامين العام السابق للكومنترن (الاممية الشيوعية) وبطل محاكمة لايبزغ الشهيرة في 1936: "ان الفاشية ليست المانية فقط. والفاشية الجديدة هي الاميركانيزم" (اي الاميركانيانية او الامركة).
ونظرة الى تركيبة الدولة الاميركية المعاصرة تؤكد تماما المقولة الاستشرافية لغيورغي ديميتروف، المناضل الفذ ضد الفاشية. فالدعائم الثلاث للفاشية: العدوانية الامبريالية الخارجية، القمع الوحشي الداخلي، والدعاية الديماغوجية الضخمة، تنطبق تماما على الدولة الاميركية اكثر مما كانته الدولة الالمانية الهتلرية ذاتها، مع فارق بسيط هو ان الاميركانيزم هي هتلرية بدون هتلر.
فأولا ـ تمتلك الولايات المتحدة الاميركية اكبر ميزانية حربية في العالم، وهي تفوق بحجمها الميزانيات الحربية لاكثر من العشر دول التي تليها، بما فيها روسيا والصين معا. وهي تحتفظ بمئات القواعد العسكرية وباكثر من مليونين ونصف المليون جندي في الخارج، وكانت "البطل!" الرئيسي في جميع الحروب المباشرة والحروب الهجينة التي وقعت بعد الحرب العالمية الثانية.
وثانيا ـ تمتلك الولايات المتحدة الاميركية شبكة اعلامية وآلة بروباغندا لا مثيل لضخامتها، وهي تنفق الوف مليارات الدولارات على هذه الشبكة الاخطبوطية التي تتولى غسل الادمغة جماهيريا وتضليل وتسميم وعي الشعب الاميركي (وشعوب العالم بأسرها) لابقائه رهينة ومطية للسياسة الامبريالية، العنصرية، الشوفينية، السوبرمانية والعدوانية، الاميركية.
وثالثا ـ تمتلك الولايات المتحدة الاميركية اضخم جهاز بوليسي في العالم للقمع الداخلي. وهو يتألف من قوات الامن المركزية (الاتحادية = الفيديرالية) المسماة الحرس الوطني الفيديرالي وهي جيش كامل بكل المعدات الخاصة بالجيش الاميركي ذاته ما عدا حاملات الطائرات والسفن الحربية الضخمة والسلاح الصاروخي الفضائي وعابر القارات والسلاح النووي الستراتيجي. بالاضافة الى اجهزة البوليس الخاص بكل ولاية. وتمتلك اخيرا لا آخرا اجهزة المخابرات المتعددة، واشهرها الـ "سي أي ايه" والـ "إف بي آي"، التي يعتبر كل منها "دولة في الدولة" ويمتلك ميزانية تقدر بعشرات او مئات مليارات الدولارات، وجيشا لجبا من العلماء والاختصاصيين والعملاء والمخبرين، وخصوصا "المخبرين الشعبيين" الذين ينتشرون، كالذباب على جثة حيوان نافق، في كل منظمة ونقابة وجمعية وجامعة ومدرسة وكنيسة ومؤسسة وحي وشارع في طول الولايات المتحدة وعرضها. وهذا الجيش يحصي على كل مواطن اميركي او مقيم في اميركا انفاسه ويتم استدعائه للتحقيق لدى ادنى شك في "الولاء لاميركا" من تصرفاته واقاويله وصداقاته وعلاقاته الاجتماعية والعائلية حتى اكثرها حميمية. ومع كل تبجح البروباغندا الاميركية حول حقوق الانسان، فإن المواطن الاميركي هو انسان مستباح كليا، لا حقوق ولا خصوصية ولا كرامة شخصية له امام طاغوت الدولة الاميركية.
وبالرغم من كل هذا الجبروت للطاغوت الدولوي الاميركي الثلاثي (العسكري ـ البروباغاندي ـ البوليسي والمخابراتي) فقد اندلعت الانتفاضة الشعبية الواسعة الاخيرة في اميركا انطلاقا من شرارة واحدة تمثلت في القتل البوليسي الوحشي لمواطن اميركي من اصل افريقي.
كيف امكن لهذه الانتفاضة الشعبية الواسعة ان "تنزلق" من بين اصابع القبضة الحديدية للدولة الاميركية؟
للاجابة على هذا السؤال ينبغي التعرف على الجماعات او الفئات المجتمعية الاميركية الخارجة موضوعيا عن سيطرة الاجهزة البوليسية المخابراتية الاميركية. ونحاول فيما يلي ان نتعرف على هذه الفئات:
ـ1ـ المشردون المهمشون (اي غير المؤطرين في مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تسيطر عليها الدولة حكما مباشرة او غير مباشرة). وهؤلاء المشردون "يعيشون؟!" في اكواخ عشوائية في ضواحي المدن وفي زواريب الاحياء الفقيرة، وينامون على الارصفة وفي الحدائق العامة ومحطات القطارات وبعض المباني المتهالكة والمهجورة. وهم يعدون بالملايين في "الجنة الاميركية!".
ـ2ـ العاطلون عن العمل، وخاصة الشبان، الذين تنهشهم الحاجة والفقر، والغاضبون جدا على المجتمع الاميركي، ولكنهم لا يعبرون عن غضبهم لانهم غير منظمين ولا يجدون الوسيلة للتعبير عن غضبهم الا ببعض الثرثرات الجانبية.
ـ3ـ المحاربون القدامى، وخاصة الجرحى والمعاقون واصحاب الامراض والاوضاع النفسية السيئة، الذين سبق وعانوا تجربة "الحضور الدمقراطي" الاميركي في فيتنام ولبنان وافغانستان والعراق وسوريا وغيرها. وهؤلاء يعدون بمئات الالوف. وهم يجترّون خيباتهم وآلامهم ومعاناتهم ويتوقون الى الانتقام لما حل بهم، ولكنهم لا يعرفون اين وكيف وممن.
ـ4ـ الطلاب والشباب في مقتبل العمر، المستقلون، المصدومون بتفاهة وحقارة "المثال الاميركي" و"نمط الحياة الاميركي" وسلبياته وبشاعة وجهه الاخر، وجهه الحقيقي القائم على التمييز العنصري والديني والاتني والاجتماعي والطبقي، والثروة الفاحشة مقابل الفقر المدقع، وامتهان الحرية الشخصية والكرامة الانسانية تحت حذاء اي شرطي او لص بورجوازي او غانغستر او مافياوي اميركي.
ـ5ـ المثقفون وانصاف المثقفين، الفردانيون، الذين يدركون الطبيعة اللاانسانية للنظام الاجتماعي الاميركي، ويملكون الرؤية الخاصة لضرورة واشكال الثورة عليه وتغييره، ولكنهم يلتزمون الصمت ليحتموا من الآلة القمعية للدولة الاميركية، ويحافظوا على لقمة عيشهم هم وعائلاتهم، الا انهم يتوقون الى التعبير عن افكارهم في الوقت المناسب والظرف المناسب والمكان المناسب. وهؤلاء يعدون بعشرات ومئات الالوف في كافة ارجاء اميركا.
وقد جاءت الانتفاضة الاخيرة لتسحب الى الشارع، بالتدريج، كل هذه الفئات.
ولا شك ان القتل العلني السادي البشع للمواطن الاميركي الزنجي قد الهب مشاعر كل انسان شريف في اميركا وخارجها. ولكنه من السطحية الاعتقاد ان هذه الجريمة هي السبب الوحيد لتفجير الانتفاضة الاميركية الحالية، وان هذه الانتفاضة تهدف فقط الى المحاسبة العادلة لرجال الشرطة المسؤولين عن الجريمة.
فالواقع ان تراكم كل ازمات المجتمع الاميركي هو الذي ادى الى انفجار الانتفاضة وبهذا الشكل الواسع والعنيف. وقد جاءت ازمة وباء كورونا لتصب الزيت على نار الانتفاضة. اذ ان الوباء والاجراءات المرافقة له القت بعشرات ملايين العمال والموظفين في براثن البطالة والفاقة والجوع. كما ان انتشار الوباء فضح حقيقة مرعبة وبالغة الخطورة وهي ان الدولة العظمى الاميركية التي تنفق الوف مليارات الدولارات على الاسلحة والجيوش والبروباغندا والبوليس والمخابرات لا تملك الحد الادنى من نظام صحي لحماية "القطيع الشعبي" الاميركي من كارثة بيئية غير استثنائية.
ان دونالد ترامب وكل اجهزة الدولة الاميركية يصبون جام غضبهم اليوم على ما يسمونه "اليسار الراديكالي" وحركة "انتيفا" “antifa” وهي اختصار للكلمة المركبة "antifascism معاداة الفاشية". وهم يهددون باتهام "انتيفا" بانها "منظمة ارهابية" كالمنظمات الاسلاموية التي شاركت في احداث ايلول 2001 في اميركا، ومن ثم امكانية الحكم على المتهمين بها بالسجن عشرات السنين.
ولكن ادارة ترامب تصطدم بعقبة دستورية وقانونية عويصة وهي ان "انتيفا" ليست منظمة او حركة ذات اطار تنظيمي محدد.
ان انتيفا هي اشكال تنظيمية ظرفية ومكانية تظهر في لحظة معينة لتنفيذ مهمة محددة ثم تزول بعد تنفيذ هذه المهمة (مثلا مهاجمة مخفر شرطة واحراقه، او مهاجمة متجر والاستيلاء على محتوياته) فإن "التنظيم؟!" الذي يقوم بهذه المهمة يولد في مكانه ويختفي ويزول مباشرة بعد تنفيذ المهمة ويذهب كل واحد من المشاركين في طريقه.
وبذلك يمكن تشبيه فعاليات انتيفا بفقاعات الهواء التي تخرج من الماء وهو في حالة الغليان. وهو ما يقودنا الى مفهوم الانارخية anarchy التي تترجم احيانا كثيرة في العربية بكلمة (الفوضوية) وهي ترجمة خاطئة تماما، والصحيح هي "اللاسلطوية"، والاصح "اللاآمرية" او "اللاحاكمية". ولمنع الالتباس يفضل استخدام تعبير (الانارخية) وهو اللفظ العربي للعبارة يونانية الاصل.
والان يحتمل ان تستمر الانتفاضة الاميركية الحالية لتتحول الى ثورة عارمة او حرب اهلية. ولكن حتى لو توقفت هذه الانتفاضة عند حد معين فانها تمثل تمرينا ميدانيا كبيرا للثورة الانارخية والحرب الاهلية.
ومن يدري ربما تقدم لنا اميركا الشعبية تجربة انسانية جديدة مفادها ان الثورة و"النظام؟!" الانارخيين هما ممر الزامي لبناء نظام اشتراكي علمي حقيقي، انساني الغاية والوسيلة معا، ولا تنخره ولا مكان فيه للجرائمية الستالينية العميلة للامبريالية واليهودية العالمية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب الباردة الاميركية ترتد على اميركا
- الحوسلة الرأسمالية ل-شعب الله المختار-
- تركيا المهزومة في سوريا تواصل عدوانها في شرقي المتوسط وليبيا
- رئيس المخابرات الخارجية الروسية: سنبني نظاما عالميا جديدا مت ...
- اميركا تخسر الحرب الباردة الجديدة ضد روسيا وحلفائها
- المحور الشرقي الجديد بمواجهة الكتلة الاميركية الغربية
- الكورونا يقوض اسس النظام الليبيرالي الرأسمالي الغربي
- اوروبا: -رجل العالم المريض-!
- مسار حرب النفط بين اميركا وروسيا
- هل تدشن ايطاليا بداية النهاية لوجود الاتحاد الاوروبي؟
- صندوق النقد الدولي وفيروس ترامب
- خطر العدوان على الابواب والخاصرة الرخوة للمقاومة في لبنان
- انهيار اسعار النفط والبورصات وانقلاب السحر على الساحر
- لبنان بيضة القبان وتركيا ستخسر معركة النفط والغاز
- النزاع التركي اليوناني والنفط والغاز في شرقي المتوسط
- فينزويلا شوكة في حلق الامبريالية الاميركية
- البحر الاسود والبلقان في المواجهة الستراتيحية بين الناتو ورو ...
- سقوط النظام العالمي -الليبيرالي- لاميركا
- تغييرات مهمة في تركيبة النظام السياسي الروسي
- ترامب يقود اميركا من هزيمة الى هزيمة


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - جورج حداد - الجماهير الشعبية الاميركية تتدرب ميدانيا على الثورة الانارخية والحرب الاهلية