أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - الإنسان في الفلسفة الصوفية لعبد الكريم الجيلي(1-3)














المزيد.....

الإنسان في الفلسفة الصوفية لعبد الكريم الجيلي(1-3)


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 6582 - 2020 / 6 / 3 - 01:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الإنسان بؤرة الوجود الحق
لقد جعل عبد الكريم الجيلي من الإنسان مثلا وتجسيدا حيا لله. فهو يحوي في ذاته على صفات الله جميعا. وبالتالي، فإنه يستحيل نفيه وإفتاءه. فهو يحتوي في ذاته مطلق الوجود، وفيه الأزلية والأبدية، وذلك لأنه على "أنموذج الحق" بحكم وجوده، ويصبح إنسانا حقا، حقيقيا وكاملا في حال تكامله على "أنموذج الحق".
إن تكامل الإنسان على "أنموذج الحق" يجعل من هيكله الإنساني فردا كاملا وغوثا جامعا عليه يدور أمر الوجود ويكون له الركوع والسجود وبه يحفظ الله العالم، كما يقول الجيلي . ولا يعني ذلك سوى أن الإنسان قادر على تخطي الحدود أيا كانت ما زال المطلق هو مصدر وجوده وديمومته. وبالتالي، فإن نواحي الكمال لا تتناهى في أنموذجها، وهي المعبر عنها في تقاليد الإسلام بالمهدي والخاتم والخليفة، أي "الإنسان الكامل"، الذي تنجذب حقائق الموجودات إلى امتثال أمره انجذاب الحديد إلى حجر المغناطيس، ويقهر الكون بعظمته والفعل ما يشاء بقدرته فلا يحجب عنه شيء .
لم يسع الجيلي إلى جعل الإنسان إلها، ولكنه سعى إلى جعل الالوهة فيه امتدادا لرحمة الوجود. ومن ثم تحويله إلى أنموذج مطلق يسري في صيرورة التاريخ الإنساني، باعتباره "قطبا تدور عليه أفلاك الوجود" . بعبارة أخرى، ليس "الإنسان الكامل" سوى الأنموذج المطلق للكمال الإنساني. ومن ثم فهو "خارج" التاريخ وداخله، لأنه يتمثل في ذاته وحدة الوجود والعدم على مثال الحق. من هنا فكرة الجيلي عن أن الإنسان الكامل هو "واحد مذ كان الوجود إلى أبد الآبدين" . بمعنى أنه وجود وأنموذج مطلق للإنسان في كل مكان وزمان، والشيء الوحيد المتغير فيه هو "تنوعه في الملابس"، كما يقول الجيلي . ومن ثم فإن تنوعه في التاريخ يشكل سلسلة الكمال الإنساني أو حلقاته المترابطة. وبالتالي، فإن الكمل (الكاملون) في الناس كل منهم "نسخة للآخر" في سلسلة الوجود. وإذا كان الجيلي يطلق على "الإنسان الكامل الأصلي" أسم محمد، فلأنه مثال الوجود التاريخي للثقافة التي بلورت شخصية الجيلي وتراثه الصوفي. لهذا نراه يتكلم عما اسماه باجتماعه وإياه وهو بصورة شيخه شرف الدين إسماعيل الجبرتي بمنطقة زبيد عام 796 هجرية .
ولم يقصد الجيلي بذلك استعادة فكرة تناسخ الأرواح، وذلك لأن "الإنسان الكامل" في منظومته ليس استعادة للماضي، بقدر ما هي صيرورة دائمة لأنموذج. أنه ليس استعادة باهتة أو لامعة، كما أنه لا تكرار فيه. أنه يتمثل ويمثل العملية الذاتية لحقائق الوجود نفسها وصقلها الدائم. ومن ثم، فإنه تمثيل للفردية والفردانية الإنسانية في جبروتها الساعي لتوليف حقائق الملك (الطبيعة) والملكوت (ما وراء الطبيعة) في ذاته عبر جعلها مرآة تجليه الدائم. من هنا استنتاج الجيلي عن أن "محمدا بإمكانه أن يتصور بصورة في كل زمان بصورة أكملهم ليعلي شأنهم. فهم خلفاؤه في الظاهر وهو في الباطن حقيقتهم" . أي أن ظهور الإنسان الكامل هو استمرار خلافته للحقيقة المحمدية، أي لفكرة الكمال المطلق. وبالتالي فإنه لا نهاية في ظهور "محمد"، أي لا حد محدود في التجديد الدائم والارتقاء الدائم للأفراد والجماعات والأمم. كما أنه لا صيغة واحدة وأنموذج واحد فيه. إن الوحدة في حقيقة الكمال، أما الكمال فإنه قابل للتصور بصورة لا تتناهى. والإنسان الكامل هو الكيان المتنوع في الصور. ومن ثم، فإن لكل مرحلة وتاريخ وشعب وأمة ودين ناسه الكاملين. ذلك يعني أن الإنسان الكامل يحمل في منظومة الجيلي طابعا كونيا. وهي كونية تستمد مقوماتها مما فيه من "مقابلة الحقائق الوجودية والعلوية" كما يقول الجيلي.
إذ يضع الجيلي في الإنسان الكامل كل مكونات الملك والملكوت والجبروت. وبالتالي ليس الإنسان الكامل، سوى الكيان الذي يحتوي في ذاته على كل شيء مما في عوالم الملكوت (الماوراطبيعي) من عرش وكرسي وسدرة المنتهى والقلم الأعلى واللوح المحفوظ. كما أن فيه استمرارها الوجودي في العناصر والهيولي والهباء واستمرارها في الأفلاك المجردة وسماواتها وأفلاكها الطبيعية واستمرارها الطبيعي في مبادئ الحياة من نار وتراب وماء وهواء ومستواها الأدنى في الغرائز. بعبارة أخرى، إن الإنسان يحتوي على كل شيء! والإنسان الكامل، بالتالي، ليس كيانا مجردا خارج الملك (الطبيعة) والملكوت (ما وراء الطبيعة)، بل هو الكيان الذي يحتوي في ذاته على مكوناتهما جميعا، بحيث يجعل من قلبه وأنيته ومقامه وعقله ونفسه وطبعه وقابليته وهيكله ورأيه وإدراكه وهمته ووهمه وهمومه وفهمه وخياله وفكره وذاكرته وجميع قواه الحسية وعناصر وجوده الطبيعية من حرارة وبرودة ورطوبة ويبوسة وخواطره ووساوسه وغرائزه (حيوانيته) حقائقا مقابلة للحقائق الوجودية والعلوية. حينذاك فقط يمكنه أن يكون كاملا.
مما سبق يتضح، بأن الإنسان الكامل في منظومة الجيلي هو ليس "سوبرمان"، بل أنموذج للكمال الإنساني الفاعل بمعايير الحق المطلق. فهو يجسد في ذاته تناسب الأوزان الضرورية للفعل الأخلاقي المتسامي. إذ فيه تتناسب وتتكامل مكونات الوجود الطبيعي والماوراطبيعي، وبالتالي، فإنه ممثل الوحدة. إذ فيه من كل شيء نسبة معقولة ومتجانسة من أقصى مكونات المطلق (الحقائق العلوية) إلى أدنى تجلياته في الشيطنة والبهيمية (يابع....).



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من نقد الدين إلى وحدة الأديان في الثقافة الإسلامية(9)
- من نقد الدين إلى وحدة الأديان في الثقافة الاسلامية(8)
- من نقد الدين إلى وحدة الأديان في الثقافة الاسلامية(7)
- من نقد الدين إلى وحدة الأديان في الثقافة الاسلامية(6)
- النقد العقلي للأديان في علم الِملل والنِّحل(5)
- النقد العقلي للأديان في علم الٍِمَلل والنِحَل(4)
- من نقد الدين إلى وحدة الأديان في الثقافة الاسلامية(3)
- من نقد الدين إلى وحدة الأديان في الثقافة الاسلامية(2)
- من نقد الدين إلى وحدة الأديان في الثقافة الاسلامية(1
- الهوية الوطنية العراقية: الخلل والبدائل
- عمران بن حطان الخارجي: ممثل الوجدان والعصيان
- -الصحوة السلفية الجهادية- العراقية نموذج للانحطاط المادي وال ...
- الغلو الديني والعقائدي - هاوية الإرهاب والفساد(1-2)
- «الإرهاب الإسلامي» السلفي وتحطيم العدل والاعتدال
- «الإرهاب الإسلامي» السلفي في العراق: المقدمات والنتائج.
- نفسية وذهنية المؤامرة والمغامرة في العراق (3-3)
- نفسية وذهنية المؤامرة والمغامرة في العراق (2-3)
- نفسية وذهنية المؤامرة والمغامرة في العراق (1-3)
- ظاهرة المؤقتين الجدد وضمور المرجعية الوطنية (4-4)
- ظاهرة المؤقتين الجدد وضمور المرجعية الوطنية (3-4)


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - الإنسان في الفلسفة الصوفية لعبد الكريم الجيلي(1-3)