أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مراد حاجي - موتوا بقوارصكم ولا تفسدوا علينا حداثتنا ولا اسلامنا















المزيد.....

موتوا بقوارصكم ولا تفسدوا علينا حداثتنا ولا اسلامنا


مراد حاجي

الحوار المتمدن-العدد: 6576 - 2020 / 5 / 28 - 17:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين يموت ابن احد اباطرة الاعلام والسياسة في حادث عندما كان عائدا من سهرة ما يعلن الحداد في قناة تلفزية ويحضر علية القوم الجنازة ويطلق برنامج تلفزي باسمه ويترحم الجميع على الميت حتى صارت جملة يرحم خليل لازمة من لوازم الخطاب. اما حين يموت ابناء الشعب تنبير اصوات من جهات متعددة تشتم وتحملهم وحدهم المسؤولية يترحم البعض على مضض وينكر عليهم اخرون حتى حقهم في الانتشاء والهروب من واقع مر بقطع النظر عن الوسيلة.
القوارص وما ادراك ما القوارص. اختزل اغلب الخائضين في المشكلة في القوارص وتجريم منتجها وشتم مستهلكيها والتعجب من حالهم,.
بل ان البعض سيلعنهم لانهم أيقظوه من قيلولته الهانئة على جلبة تزعجه وتقول ان هناك تونس اخرى غير التي يعرف. وان ما يحصل عرى وهم المواطنة وزيف الايديولوجيات ووهم الدولة وتشقشيق احناك الحريات التي تضحي بلا معنى حين يموت الأمل. حين يدفن الامل عند الانسان يصبح روحا تائهة تعيش على الهامش.
لقد اختزل الحبيب الجنحاني ذات مقال في التسعينات قهر العولمة في صورة تلخص رمزيا ذاك التمزق بين الحلم والواقع بين الرغبة والقهر والكبت بين من يعيشون وبين من يحييون فتحدث عن "صورة شاب من احياء الدار البيضاء أو ام درمان القصديرية يتامل مفاتن الممثلة الامريكية باميلا أندرسن في لوحة إشهارية عملاقة" قد تحتاج الصورة هنا تحليلات متعددة لكن ما يهمنا منها ذاك الحلم الذي يسوق للجياع فيحلمون للحظة يقظين ثم يستفيقون على واقع الألم فيطلبون غيبوبة هروبا من قسوة ما يعيشون.
انطلقت اصوات عدة شاتمة: اللعنة عليكم يا متع القوارص لقد افسدتم على جماعة الشعب مسلم ولا يستسلم الصورة الجميلة فهاهو الشعب الجائع يقول لهم ان القوارص اهم من صلواتكم التي لم تعد تخدرنا ونحن ننتظر سورة القوارص التي لم يكتبها احد بعد. الشعب اليائس البائس يلعن كل شيء ويهرب منكم إلى القوارص.
اللعنة عليكم يا متع القوارص لقد افسدتم الصورة الجميلة لجماعة الدولة الوطنية الحداثية التي وزعت الفراخ والحمام على راي الشيخ امام حتى ان القمل انسحب وداخ. كيف تفعلونها وتقولون ان هناك مناطق عانت التهميش ولم يلتفت اليها احد من الزعماء الأشاوس ارباب المواطنة والحريات فكشفتم لهم ان مناطق الظل كما اسموها مدة عقود مازلت مناطق ذل يهرب منه الناس الى الغيبوبة بالقوارص في تجسيد لمقولة شهيرة بين التونسيين حيبن يعبرون عن النقمة والغضب : اعطيني حتى القتّال نشربوا.
وشرب اهل القرية القتّال هربا من الواقع وطلبا للغيبوبة. سيحاضر البعض عن مسؤولية الفرد وعن الوعي وعن حفظ النفس وعن الحريات وعن ميل الناس هناك الى الكسل ورفضهم العمل في الفلاحة وهو ما يجودون به علينا في كل حين. قد يقولها لك متعلم مثقف او مدافعة عن الحريات أو مدافع اومدافع عن الخلافة أو الدولة المدنية ولكنهم في اول اختبار يفشلون حين يزورهم حامل الشهادة ابن ذلك الريف وقد يكون دكتورا لم يجد عملا ليخطب حبيبته التي درست معه في الجامعة ويسالونه: ماذا تشتغل ما رايهم لو قال لهم: "والله بطال ونجني في الزيتون ننطر في مصروفي وبش نسكن بنتكم في هاك الدار اللي شفتوا تصاورها" إذا كنا متفائلين سنجزم بان 80 بالمائة منهم سيلومون ابنتهم ويرفضون اصلا مخاطبته من جديد وقد يمنعونها من لقائه وهذا الاختبار وحده كاف لكشف زيف الشعارات.
كم انتم مزعجون يا جماعة القوارص لم فعلتموها وافسدتم على الجميع غيبوبتهم فقد كانوا ساهين عن وجودكم اصلا. لقد اهتموا بكم اياما بعد ما سمي ثورة ودخلت كاميرات التلفزيون مجاهل القرى لتكشف الفقر المدقع واطلق الكثيرون زفرات الالم وشتموا النظام السابق ثم جاءت صفارة انتهاء الاستراحة فعادوا الى مشاغلهم والى عوالمهم ونسوكم تماما. واصبحت كاميرات التلفزيون تهتم من جديد بمن كبرت أو انقصت وبمن تزوج وطلق وطائرة فلان الخاصة, وكانوا يمنحونكم حيزا صغيرا حين تموت امهاتكم وبناتكم في حوادث سير تنقل فيها العاملات. وحينها يشتمونكم ايضا لانكم نائمون والنساء يشتغلن وينسون ان علاقات الهيمنة هذه هي الاخرى وليدة الفقر المستشري والجهل وان تلك الذكورة التي يشتمونكم بها هي وليدة التهميش والفقر والمعاناة وانكم ككل البشر غريزيا تتصرفون بمنطق البقاء للاقوى ولكنكم لم تهذبوا تلك الغريزة وتلبسوها قفازات فتتمسكون ببقايا نفوذ ذكوري بائس. وهي نفس الذكورة التي تدفع الى الغيبوبة وتعمق الالم حين تجدون اخواتكم عاملات في منازل الاثرياء أو في المواخير التي يتشاتم علية القوم من النوائب بالانتماء اليها وهو جرح نرجسي للذكورة يجعله الجهل يبحث عن تنفيس في اي مجال ومنها القوارص.
كم انتم مزعجون يا جماعة القوارص طاح فيكم ربي عواشر وتشربوا ومن باب التنويع قد نقول طاحت فيكم نساكم يا ذكوريين يا عاهات. ما اكثر النفاق واسهل اطلاق الشعارات وكم يحيد النقاش عن مساره الطبيعي حين تصبح المشكلة في من مات. ثم كم هو طبقي هذا الموت الله يرحم جماعة القوارص لن تجوب شاحنات تحمل صورهم مدن البلاد ولن يترحم عليهم احد. بعد ايام سيصبحون رقما من ارقام الموتى ومادة للتندر ولا احد سيبحث لم يفعلون ذلك بانفسهم. الم يحصل هذا مع رحمة وسرور حين احترق المبيت؟ سينتصب الجميع واعظا بعضهم باسم الدين وبعضهم باسم الحداثة وبعضهم باسم مسؤولية الانسان. لكن الكثير من هؤلاء لو ولد في نفس الظرف ربما كان ضحية اليوم من ضحايا القوارص.
حين يموت الامل تصبح الغيبوبة مطلبا وهذه البلاد تقتل الحلم في فئات كثيرة وليست الدولة وحدها مسؤولة. نعم تتحمل الوزر الاكبر بتعليمها وصحتها وبناها التحتية وحيفها في توزيع الثروة ولكن يتحملها الجميع المسؤولية بشكل اقل الجميع بلا استثناء. فهؤلاء الذين يعيشون الهامش قد يشتمهم الامن الجمهوري ويعنفهم لانهم مجرد جهلة وريفيون لا يمكن ان يحترمهم او يخشاهم وهم عرضة للمعلم الذي يعنف والاستاذ الذي يهين والموظف الذي يعاملهم على اساس مظهرهم وعامل المستشفى الذي يعاملهم على اساس نطقهم لبعض الحروف. قبل ان نحاسبهم وان نشتمهم ما احوج الجميع الى ان يحاسب نفسه وان يشتمها ما احوجنا الى اتن نكف عن التصرف بعقلية المتعالي مع ابناء وطننا وينبغي ان نفهم لماذا يقنعهم الخطاب الذي يقول لهم ان النخب وكلاء الاستعمار وان بلادهم مازالت مستعمرة. ما احوجنا الى نسمع اصواتهم فعلا وان تفتح ابواب الامل لان "التابع" لم يتكلم بعد فإذا هو يتكلم بموته بالقوارص. وهاو يقولها على طريقة أبي نواس الا فاسقني عطرا وقل هو العطر ولا تسقني قهرا إذا أمعن العهر.



#مراد_حاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انحطاط الخطاب السياسي في تونس وشهوة الدم
- الفيراج البرلماني التونسي وتكوير السياسة
- الغنوشي، عبير والمرقش الأكبر
- المغتصبة قربان على مذبح العنف المعمم


المزيد.....




- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...
- دراسة جدلية: لا وجود للمادة المظلمة في الكون
- المشاط مهنئا بوتين: فوزكم في الانتخابات الرئاسية يعتبر هزيمة ...
- ترامب: إن تم انتخابي -سأجمع الرئيسين الروسي الأوكراني وأخبر ...
- سيناتور أمريكي لنظام كييف: قريبا ستحصلون على سلاح فعال لتدمي ...
- 3 مشروبات شائعة تجعل بشرتك تبدو أكبر سنا
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /19.03.2024/ ...
- إفطارات الشوارع في الخرطوم عادة رمضانية تتحدى الحرب
- أكوام القمامة تهدد نازحي الخيام في رفح بالأوبئة


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مراد حاجي - موتوا بقوارصكم ولا تفسدوا علينا حداثتنا ولا اسلامنا