أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالله تركماني - من أجل نجاح عملية التحوّل الديمقراطي في مستقبل سورية (2)















المزيد.....

من أجل نجاح عملية التحوّل الديمقراطي في مستقبل سورية (2)


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 6567 - 2020 / 5 / 18 - 23:47
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


توجّه الثقافة السياسية نحو أهمية المجتمع المدني
إنّ عملية تأسيس وبناء ثقافة سياسية جديدة، تتجاوز رواسب الانحطاط وموروثات الاستبداد السياسي، وترتبط بطبيعة الأهداف المتوخاة من هذه العملية: إشاعة النمط الديمقراطي في الحياة العامة، حيث تكون الديمقراطية، كثقافة وآليات ووسائل ونظم، هي السائدة في الحياة السياسية وإدارة شؤون الدولة والسلطة، كما هي جزء حيوي في نسيج المجتمع المدني.
إذ إنّ كثيراً من التناقضات والتوترات السياسية والاجتماعية الداخلية، لا يمكن معالجتها من دون ثقافة سياسية متجددة، تؤسس لنمط جديد من العلاقة والتواصل بين مكونات المجتمع وقواه، قوامها التسامح والحرية وسيادة القانون وقيم حقوق الإنسان. فكثير من مشكلات سورية في حاجة إلى رؤية وحلول جديدة، تتجاوز النمط التقليدي في معالجة هذه المشكلات. فأزمات السلطة وعلاقتها بالمجتمع وتعبيراته المتعددة وطبيعة الموقف من تعدد المكوّنات السورية، في حاجة إلى ثقافة سياسية جديدة، تعيد صوغ العلاقة على أسس جديدة بين السلطة والمجتمع، كما أنه لا يمكن تجاوز معضلات التمييز الطائفي والعِرقي والقومي، من دون ثقافة سياسية، تعيد إلى التنوع كينونته ومتطلباته، وترسي دعائم المواطنة وأسس الوحدة وفق رؤية وثقافة لا تلغيان الخصوصيات الثقافية لكل فئة أو شريحة في المجتمع، بدل الانكفاء والانحباس في الذات.
ومن غير الممكن تصوّر سورية لكل مواطنيها بمعزل عن عودة الروح إلى المجتمع المدني، وضمان مؤسساته المستقلة عن سلطة الدولة، كي يسترد المجتمع حراكه السياسي والثقافي، بما يخدم إعادة بناء الدولة السورية الحديثة.
إنّ الدولة التي لا تستمد مشروعيتها من مجتمعها المدني، وليد مفاهيم السياسة المدنية والعقد الاجتماعي، تكون هشة وضعيفة مهما ادّعت القوة.
السؤال الرئيسي الذي تطرحه الثورة السورية في سنتها العاشرة هو: هل يمكن الحديث، اليوم، عن دور فاعل للمجتمع المدني السوري، عبر حاضنة اجتماعية من الشباب والنساء، يساعد على إنجاز التحوّل من الاستبداد إلى الديمقراطية؟
خاصة أنّ المجتمع المدني يحيل إلى فضاء الحرية في الفكر والعمل، وهو ضمير الشعوب والركن الأساس في عملية التغيير، وهو مرادف للتحوّل الديمقراطي، باعتباره البديل عن المجتمع الذي تهيمن فيه سلطة الدولة الاستبدادية الشمولية، والبديل، عن النظام القبلي والمجتمع الطائفي الذي تكون فيه الكلمة العليا لشيخ القبيلة أو رئيس الطائفة. وبمنظور أوسع، فإنّ المجتمع المدني هو الفضاء الذي يستطيع المواطنون المشاركة فيه بشكل متزايد في مرحلة التحوّل إلى مجتمع ديمقراطي. ويتعاظم دور هذا المجتمع في كل مرة يصبح فيها الشأن العام أكثر التصاقاً بأمور مطلبية مباشرة.
إنّ واقع المكوّنات التقليدية للمجتمع السوري، وديمومة الاستبداد لنصف قرن، كان لهما دور كبير في إعاقة منظمات المجتمع المدني أو قبول طروحاتها. إضافة إلى جملة من الأسباب الذاتية المعوّقة لجهودها منها: كثرة انقساماتها وتنازعها على القيادة، والتمويل الخارجي، وضعف الطاقة الاستيعابية لهذه المنظمات، إذ ظل بعضها محصوراً ومحدوداً وليس فيها عضوية حركية، وطاقات جديدة. ولعل من أهم المعوّقات الفكرية:
- الدور الذي يمكن أن تقوم به مؤسسات المجتمع المدني، فإذا كان هدف الأحزاب السياسية الوصول إلى السلطة، فإنّ مؤسسات المجتمع المدني لها آليات وأساليب أخرى، وإن اشتركت أحياناً في بعض الأهداف.
- ضعف الثقافة الديموقراطية، وكذلك النقص الشديد في الوعي الحقوقي.
- معاناة مؤسسات المجتمع المدني السوري من غياب المبادرة أو ضعفها على المستوى الفكري والعملي، وعدم التوجه إلى دراسة الظواهر الجديدة.
- الارتياب من العلاقة مع الآخر، ولعل بعض الأطروحات الانغلاقية لا تدرك أنّ العالم كله أصبح قرية عالمية صغيرة، وأنّ هناك قيماً إنسانية مشتركة لبني البشر، بغض النظر عن دينهم أو عرقهم أو لغتهم أو منشئهم الاجتماعي أو جنسهم.
لا شك لدينا أنّ الانتعاش النسبي لدور منظمات المجتمع المدني يمثل عودة الروح إلى ركن أساسي من أركان الحراك الديمقراطي، ولذا فمن الأهمية بمكان أن تقلع الأحزاب السياسية عن عقلية الوصاية، وأن تتجه هي نفسها إلى إكساب عملها السياسي أبعاداً اجتماعية أعمق. إذ إنّ العلاقة بين العمل السياسي وبين العمل في مجال المجتمع المدني هي التي يمكن افتراضها بين السياسة وبين الشروط المتحضرة لممارستها، ذلك أنّ منظمات المجتمع المدني تحاول أن تقوم بكبح جماح المكيافيلية في الممارسة السياسية وتقييدها بضوابط قيمية معيارية لتهذيب السياسة وإخراج منطق ممارستها من المنطق الانتهازي، المتمحور حول المصلحة فقط، إلى المنطق الحضاري الذي تصير فيه السياسة فعل مؤنسن تتكامل فيه الأدوار بين الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني.
وثمة جانب آخر من العلاقة بين الأحزاب السياسية المعارضة ومنظمات المجتمع المدني في تكوين صيغ جديدة للعمل السياسي الديمقراطي، ذلك أنه كلما نجح العمل في جبهة المجتمع المدني لانتزاع حقوق المواطن والجماعة الوطنية، وضمان حريتهما وكرامتهما في وجه أية سلطة وفرض حدود قانونية لتدخلها، أسفر ذلك عن ميلاد المواطنية بمعناها العصري، وعن تكريس السلطة كعقد اجتماعي متوافَق عليه، وحوّل السياسة إلى قضية عامة لا تحتكرها النخب بل يتداولها الجميع. وبتعبير أخر حين يعاد الاعتبار للمواطن تعاد هيكلة السياسة والعمل السياسي، إذ يكفُّ الإنسان عن أن يكون مجرد رقم في الساحة السياسية وفي المجتمع، ليصير إنساناً كامل العضوية في مجتمع المواطنين.
ومن المؤكد أنّ منظمات المجتمع المدني هي - في المحصلة - جزء من الحراك السياسي العام في المجتمع، إنها جزء من حيث الفعالية السياسية ومن حيث بعض الأدوات وقوى الضغط التي تعتمدها في عملها، لكنها أكبر من الجزء إذا عالجنا علاقتها بالعمل السياسي من زاوية الأهمية التي يكتسبها وجودها، وطبيعة التأثير الذي تمارسه على العمل السياسي. إنها عنصر جذب نحو توحيد المواقف وإعطاء العمل السياسي بعداً ثقافياً - إنسانياً يمنحه الشرعية الشعبية الواسعة.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل نجاح عملية التحوّل الديمقراطي في مستقبل سورية (1)
- لماذا وصلت الثورة السورية إلى كل هذا الخراب؟
- في الأسباب العميقة للثورة السورية
- تساؤلات حول سرديات الثورة السورية
- عبدالله تركماني - كاتب ومفكر سوري، وباحث في مركز حرمون للدرا ...
- قراءة متمعنة في كتابات ياسين الحافظ
- المجتمع المدني السوري .. الواقع والتحديات
- محددات المبادئ فوق الدستورية
- المقاربة التنموية التشاركية
- جدل الموارد والتنمية والديمقراطية
- المجتمع المدني السوري: الإنجازات والتحديات
- معنى وشروط التنمية المستدامة
- فرص وتحديات تكيّف اللاجئين السوريين في تركيا
- أسئلة الانتقال السياسي في سورية
- تحديات العدالة الانتقالية في سورية المستقبل
- جنيف 3 وحديث - الثوابت - في زمن المتغيّرات
- خمس سنوات على الثورة السورية: وقفة تقويمية (3 - 3)
- خمس سنوات على الثورة السورية: وقفة تقويمية (2 - 3)
- خمس سنوات على الثورة السورية: وقفة تقويمية (1 - 3)
- محددات العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في تونس


المزيد.....




- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالله تركماني - من أجل نجاح عملية التحوّل الديمقراطي في مستقبل سورية (2)