أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج أنطون أبو الدنين - غريزة المسلك أمام وعي مهزوز في مجتمع فلسطيني متفكّك














المزيد.....

غريزة المسلك أمام وعي مهزوز في مجتمع فلسطيني متفكّك


جورج أنطون أبو الدنين

الحوار المتمدن-العدد: 6564 - 2020 / 5 / 15 - 02:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تدور أحاديث كثيرة في مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك في وسائل الاعلام عن مستوى الوعي الموجود لدى المواطنين، وطريقة تعاملهم مع المحال المفتوحة التي تستقبلهم أو مع المؤسسات الحكومية، واشتعلت هذه الحوارات بعد عدم التزام المواطنين بقواعد السلامة وشروطها في دوائر السير في مدن بيت لحم ورام الله والخليل وغيرها، وهو ما أدى إلى طرح مجموعة من التساؤلات حول مستوى شعور المواطن الفلسطيني بالمسؤولية، ودرجة الوعي الموجودة لديه في مسلكه اليومي.
وفي هذا الشأن، علينا أن ننتبه إلى أنه لا يمكن لأحد أن يراهن على وعي مجموعة من الخائفين، والمشتتين، والمرتبكين؛ لا يعرفون أين سيذهبون وكيف ستكون الحياة معهم في المستقبل. لكل واحد خوفه، وهمومه، ومشاكله، والتزامات ظنّها قد لقيت مَن يشعر بها فإذا به يقف أمام أمواج من المطالبات التي لم يستعدّ لها، ولا يملك ما يعينه على الاستعداد لها؛ أصحاب القروض فرحوا بتأجيل الدفعات وفوجئوا بفوائد على التأجيل، أصحاب السيارات فرحوا بتأجيل الترخيص وفوجئوا بالتزامات لم تكن مُعلنة، والأمر نفسه لأصحاب الشيكات والدفعات المؤجلة. أيّ وعي هذا يجب أن يتشكّل عند فرد يعيش حالة من الـ (؟) عن كل شيء، علامة استفهام تحيط بحياتنا في كل الأماكن التي نحنُ فيها. الخوف غريزة، والغريزة تمنع العقل من العمل.
ولا يجب أن ننسى الواقع السياسي، فمعظمنا لا يدري هل سيكون بيته في حدود "الدولة الفلسطينية" أم في حدود "الدولة الإسرائيلية" أم منطقة وسطى مثل مكبّ النفايات؟!
مسكين هو الفلسطيني، كان الضمّ عنده قديماً سبيلاً الى الراحة وتبادل المحبة، واليوم: أضحى الضمّ مصطلحاً يدلّ على اغتيال القضية الفلسطينية التي كانت بيد فصائل فشلت في رعايتها، وأنتجت جيلاً فاشلاً يتقن الشعارات والعبارات المثقّفة في وسائل التواصل الاجتماعي، بينما لا يعرف كيف يحافظ على الأمانة، ولا يعرف كيف يكون صادقاً مع نفسه ومع الناس، تغيرت أيديولوجيا الانتصارات عندنا؛ فأكبر انتصاراتنا اليوم أن ننجو من الفيروس لنصنع من هذه النجاة الباهتة انتصارا عظيماً.
بل إنها عصيبة هي الأيام التي يمرّ بها المواطن الفلسطيني، تكاد تكون بمستوى النكبة وربما أكثر؛ فالنكبة النفسية والفكرية التي نعيش في داخلها لهي أصعب بمراحل من نكبة المكان، ذلك أننا خسرنا المكان، وخسرنا الفكر والاستعداد النفسي، وخسرنا المعنويات والأيديولوجية الفلسطيني القائمة على المحاولة والصبر حتى استعادة الحقوق، ولم تقف الأمور عند هذا الحد، بل توسعت إلى آثار سلبية لم يعد من الممكن صياغتها في فترات قصيرة، أفرزتها حالة التردي في أداء الفصائل الفلسطينية، نتيجة انقسامها وانشغالها بمصالحها الخاصة على حساب الصالح الوطني، فأصبح تبنّج المواطن وتخدّره بجرعات من أخبار المساعدات، أو أخبار تبادل الأسرى، وأخبار أخرى لا علاقة لها بالقضية المحورية في الصراع الفلسطيني مع المستعمر الإسرائيلي.
على من نعتمد في مواجهة هذه الظروف التي تبدو مستحيلة؟ أنعتمد على قيادات أثبتت باستمرار فشلها في مواجهة التحديات الحقيقية؟ أم نعتمد على الطاقات الشبابية التي هي عماد الأمم وأساس المستقبل؟ كيف نحقق ذلك وقد أفرز الواقع في السنوات الأخيرة قياداتٍ وشباباً قادرين على التلاعب بالكلمات وتسوّل عطف الناس والتلاعب على مشاعرهم دون أيّ فعل حقيقي في الميدان؟ تتمثل سلوكياتهم في مجرد علاقات مع مسؤولين هنا وهناك و"برستيج وطني" مزيف، ووابل ضخم من الشعارات الوطنية الرنّانة، تجعلنا نشعر أننا في بحر من القيادات والمناضلين، ومستنقع من المنتصرين انتصارات وهمية واهية لا تعني شيئاً، بينما ينكشف الواقع حين ننظر إلى أوضاعنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
في ظل هذه الحالة من الضياع والتشتت، يرافقها مستويات كبيرة من الخوف، وتوجّه ردّ الفعل الإنساني في هذا المجتمع المظلوم في المستويات كلها نحو مسلكيات غريزة البقاء والدفاع عن النفس، نرى أنّه لا مفرّ من تغيير جذري شامل في مختلف المستويات المجتمعية والسياسية، لكنني بواقعية كاملة أكاد أجزم أنّه لا خروج من الأزمة نهائياً إلا بانتفاضات شعبية ضخمة وعارمة، تغيّر الخارطة السياسية كاملة في دولة الاحتلال وفي مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني، لأنّ ما تسير فيه اليوم دولة الاحتلال من مخططات على أرض الوقع يؤكد أن دول العالم لن تستطيع التدخل بما يفيدنا أو يحمينا، ولا حقّ لنا نأخذه إلا بأيدينا، حتّى لو اضطررنا لقلب الطاولة علينا وعلى أعدائنا.



#جورج_أنطون_أبو_الدنين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَن قتلَ اللغة العربية؟
- تجليات صورة الروم في سيفيات المتنبي - دراسة دلالية اسلوبية


المزيد.....




- احتفال ينتهي بذعر وهروب للنجاة.. إطلاق نار يحوّل لم شمل سنوي ...
- أكبر رئيس في العالم يسعى لولاية ثامنة
- شباب مبدعون.. مهارات وابتكارات ذكية بأيد شبان في عدد من دول ...
- احتفالات فرنسا بالعيد الوطني تبرز -جاهزية- الجيش لمواجهة الت ...
- فرنسا.. أي استراتيجية دفاعية لمواجهة التهديدات الأمنية المتف ...
- أعداد القتلى إلى ارتفاع في اشتباكات متواصلة.. ما الذي يحدث ف ...
- زيلينسكي يستقبل مبعوث ترامب على وقع هجمات متبادلة بين روسيا ...
- زيلينسكي يقترح النائبة الأولى لرئيس الوزراء لقيادة الحكومة ا ...
- أكسيوس: إدارة ترامب تلاحق موظفي الاستخبارات باختبارات كشف ال ...
- الأحزاب الحريدية تعتزم الاستقالة من حكومة نتنياهو


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج أنطون أبو الدنين - غريزة المسلك أمام وعي مهزوز في مجتمع فلسطيني متفكّك