أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جورج أنطون أبو الدنين - مَن قتلَ اللغة العربية؟














المزيد.....

مَن قتلَ اللغة العربية؟


جورج أنطون أبو الدنين

الحوار المتمدن-العدد: 5990 - 2018 / 9 / 10 - 21:52
المحور: الادب والفن
    


يلمح العاملون في تدريس اللغة العربية في المدارس الإعدادية والثانوية وفي الجامعات مجموعة من المظاهر التي تشير إلى نفور أبناء اللغة العربية من لغتهم الأمّ؛ نتيجة مجموعة من العوامل الفكرية والاجتماعية والثقافية المرافقة للتفاعل البيئي بين الفرد والجماعة من جهة، وبين الفرد والتكنولوجيا من جهة أخرى، وهو ما يعني بوضوح تام تراجع مستويات الإتقان اللغوي وتوظيف اللغة العربية في مختلف مناحي الحياة، بداية من الحياة الدراسية، مروراً بالحياة العملية وغيرها.
أتساءلُ كثيراً عن تلك العوامل التي ساهمت في تشتيت أوصال اللغة، وتمزيق ما بقي من جسدها، بعد وقوعنا لقرون عدّة مضت تحت نير احتلالات واستعمارات لم تُعر اللغة العربية اهتماماً؛ مما جعل الكاتبَ والمثقفَ والدارس العرب يتراجعون رويداً رويداً حتى بلغوا مرحلة الجمود الذي كسّر الروابط المستقبلية مع الأجيال القادمة، إلا مَن رحمَ ربّي من هؤلاء الذين قلنا عنهم إنّهم رواد الفكر العربي في التربية والأدب والدراسات والتأليف أمثال طه حسين، وخليل السكاكيني، ومن حذا حذوهما من المهتمّين القلائل، أسواء الباحثون منهم عن المجد الذاتيّ أم هؤلاء الذي حملوا رسالة اللغة على أكتافهم ودعوا للعودة إلى مجدها القديم ونفض الغبار عنه.
برغم ما سبق؛ أرى أمامي اليوم معطيات مختلفة تماماً، توحي بالعجز والضمور، والتقصير والتشرذم من أبناء المجتمع العربيّ، والنواة الأولى، أقصدُ الأسرة؛ لأنّ البنية التربوية التي نرتكز عليها اليوم في ظل عصر مفعم بالحيوية التكنولوجية، والاندفاع الرهيب المتسارع نحو اتّخاذ الغرب مثلاً أعلى في التقدم والتطور في أساليب الحياة وتقنياتها، عجزت عجزاً رهيباً عن مواكبة التغيّرات الاجتماعية؛ فأصبحنا نقفزُ من قمّة إلى أخرى مُلقين عن كاهلنا ما نحمله من مسؤوليات التراث واللغة والشخصية العربيّة، حتى أضحى ذلك الإنسان المرتبط بالفكر الغربيّ، المندمج في اللغات الأجنبية، هو الفرد القادر على التقدّم في الحياة وتبوّء مناصب عليا والحصول على مدخول أفضل من أولئك الذين لم يحصدوا الحظ الوافر والقمح الصافي من حقل العلم والفكر الأجنبيين.
وفي ظلّ المعطيات السابقة، ما ينبثق عنها من تغيّرات متسارعة، لا أتخيّل اللغة العربية قادرة على مواكبة العالم الحديث بحثاً وعلماً وإنتاجاً وتطويعاً، لا لأنّ الخلل فيها بل في أصحابها؛ فالتدريس الجامد من هؤلاء المعلمين القدامى، أصحاب الباع الطويل والعقود الطوال في التدريس، لا ينفكّون يلتزمون بالتدريس الجامد النائم في أحضان التبعية والتقليد؛ فنحصل في النهاية على طالب لا يريد اللغة ولا يحبّ تعلّمها، يكرهها ويميل نحو تطوير نفسه في مجالات أخرى بحجّة أنّ العربية لن تنفعه الآن أو في المستقبل.
بصراحة، وفي لحظة واقعية كاملة، أجدُ نفسي موافقاً هذا التلميذ الذي يميل إلى التحرّر من قيود اللغة البالية، لأنّنا-معلمي اللغة العربية-تقمّصنا شخصية أهل الجاهلية والعصور الأموية والعباسية والعصور الغابرة، وطالبنا طلبتنا بأن يحبّوا هذه الشخصيّة ويتعلّموها، وهو ما يرفضه هذا الجيل، وسترفضه الأجيال القادمة؛ لأنّ الإنسانَ بطبعه يميل إلى الحرّية والانفتاح، ويحبّ أن يرى نفسه ينمو وحده ويثمر في تربة تفهمه وتتفهّم احتياجاته.



#جورج_أنطون_أبو_الدنين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجليات صورة الروم في سيفيات المتنبي - دراسة دلالية اسلوبية


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جورج أنطون أبو الدنين - مَن قتلَ اللغة العربية؟