أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - اديب داود الدراجي - دراسة تحليلية بالنقد الأدبي لمعلقة الشاعر إمرؤ القيس















المزيد.....

دراسة تحليلية بالنقد الأدبي لمعلقة الشاعر إمرؤ القيس


اديب داود الدراجي

الحوار المتمدن-العدد: 6552 - 2020 / 5 / 2 - 10:36
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


دراسة تحليلية بالنقد الأدبي لمعلقة إمرؤ القيس ،
وقد أجاد الشاعر في كتابة هذه المعلقة على البحر الطويل ، وتتكون هذه المعلقة من أربعةٍ وثمانون بيتاً من الشعر العمودي ، ولطولها وبلاغة لغتها الفصحى فقد جعلتها أجزاءاً متقطعة على شكل حلقات ،
(( الحلقة الأولى ))
أولا : لابد وأن تكون لنا وقفة قبل البدأ بالدراسة والتحليل لكي نتعرف على هذا الشاعر ومن يكون ،
وهو جندح بن حُجر بن الحارث الكندي اشتُهر بلقب اُمْرُؤ القَيْس، وإنه الشاعر العربي من مكانة رفيعة، بَرز في فترةِ الجاهلية، ويُعد رأس شعراء العرب، وأحد أبرزهم في التاريخ، اختلفت المصادر في تسميته، فورد باسم جندح وحندج ومليكة وعدي، وهو من قبيلة كندة. 
وهو الملك والشاعر الذي إذا دخلت إلى عالم شعره ، كإنما تدخل الى عالم الأساطير والمغامرات ، والرحلة في شعره قد تكتشف الكثير من طبائع هذا الرجل ، الذي عاش حياته بكل مافيها من متعة ومغامرة ولهو وترف ورثه من عالم الملوك المترفين ، لانه أحد أبناء الملوك بالعصر الجاهلي ، وكان ابوه ملك على بنو أسد وغطفان ، ويكشف لنا في الجهة الأخرى ماعاناه من ألم ومشقة قد تحملها بملء إرادته محاولا الأنتقام لمقتل ابيه ، وتبدأ القصة في حياة شاعرنا بأسطورة ، أن أمر أبيه بذبحه ، لأنه قال الشعر وهو صغير وقد لقنه الشعر خاله ، وكان هذا يسيء الى سمعته كملك ، فأمر ابوه أحد أعوانه ان ياخذه ويذبحه بعيدا عن نظره ، ولكن الرجل واسمه ربيعة أخذ عيني جؤذر ، والجؤذر هو ولد البقرة الوحشية الصغير ، وجاء بهما الى ابيه حجر ، فأسف أبيه لذلك وحزن عليه ، فأخبره ربيعة بالحقيقة ففرح ، وعاد إمرؤ القيس الى ابيه ، ولكنه لم يكف عن قول الشعر ، فغضب أبوه ثانية وطرده من المنزل ، وأبعده إلى حضرموت موطن آبائه وعشيرته ، فتبع صعاليك العرب وعاش معهم حياة المغامرة واللهو والعربدة ووصف كل هذا في شعره وفي غمرة الحياة البوهيمية التي عاشها أكثر سنين عمره ، حتى جاءه خبر مقتل ابيه ، حينها قال ، ضيعني ابي صغيراً وحملني دمه كبيراً ، لاصحوة اليوم ولاسكر غداً ، اليوم خمرٌ وغداً امر ، اليوم قحاف وغداً نقاف ، والقحاف هو إناء يشرب به الخمر ، والنقاف ، المناقفة والتوقف عن شرب الخمر ، ثم شرب سبعاً ، فلما صحا آلى اي أقسم أن لا يأكل لحماً ولايشرب خمرا ، ولايدهن بدهن ولايلهو بلهو ، ولايغسل رأسه من جنابة ، حتى يدرك بثأر ابيه ، وقد اختلفت الروايات في مقتل ابيه ، لان بني أسد يسكنون الحجاز ، وسلالة مملكة آباء إمرؤ القيس تنتمي الى اليمن ، وهم الذين نصبوا اجداده ملوكا عليهم حتى وصلت الى حجر ، فأختلفوا عليه وقتلوه طعنا بالسكاكين ، وقد سلبوا كل محتويات مملكته وسبيت نسائه وجواريه ، لذلك وجد أمرؤ القيس من العسير ان يقاتل عشيرة بحجم بني أسد وهم كذلك كانوا الرعية التي كانت تحت حكم أجداده وآبائه ، فبدأت رحلته بالتنقل بين القبائل طالبا منها مساعدته في أخذ ثأره من بني أسد ، فمضى بين مناصرا له وخاذل ، عندها صمم ان ينال مراده بان يذهب الى قيصر الروم والذي قرر ان يساعده لانه أحد ابناء الملوك ، فمنحه القيصر جيشاً كثيفاً ، وفيهم جماعة من ابناء الملوك كذلك ، ولكن واشٍ من بني اسد كان قد أتى قيصراً وقال : إن العرب قومٌ غُدر لاتأمن أن يظفر هذا بما يريد ثم يغزوك بمن بعثت معه ، فبعث قيصر اليه حينئذ بحلةٍ مسمومة منسوجة بالذهب وقال له ، اني ارسلت إليك بحلتي التي كنت البسها تكريما لك ، فإذا وصلت اليك فالبسها باليمن والبركة ، واكتب لي بخبرك من منزل الى اخر ،
وصلت الحلة لشاعرنا ففرح بها ولبسها في يوم صائف ، فتناثر لحمه وتفطر جسده ، فسمي بالملك الضليل ، وقد عانى من التشرد والقروح في جسده من الجدري ، حتى مات في طريقه ودفن في سفح جبل يقال له عسيب ، في أنقره ، عن عمرٍ يناهز 39 سنة من 540/501م
هكذا أنتهت حياة الملك الشريد بما فيها من الألم والمواجع وما فيها من فرح وترف ومغامرة ،

ثانياً لماذا سميت بالمعلقات ؟
 وذلك لأنها هي من أشهر ما كتب العرب في الشعر وسميت معلقات. وقد قيل لها معلقات لأنها مثل العقود النفيسة تعلق بالأذهان. ويقال أن هذه القصائد كانت تكتب بماء الذهب وتعلق على أستار الكعبة قبل مجيء الإسلام، وتعدّ هذه القصائد أروع وأنفس ما قيل في الشعر العربي القديم لذلك اهتم الناس بها ودونوها وكتبوا شروحا لها، وهي عادة ما تبدأ بذكر الأطلال وتذكر ديار محبوبة الشاعر وكانت سهلة الحفظ وتكون هذه المعلقات من محبته له شعاره الخاص.
وقيل إن حماد الراوية هو أول من جمع القصائد السبع الطوال وسماها بالمعلقات ، وكان يقول أنها من أعذب ما قال العرب وأن العرب كانوا يسمونها بالسموط (المعلقات). وقد ذهب الأدباء والكتاب من بعده لدراستها مثل ابن عبد ربه صاحب العقد الفريد وأضاف بكتابه أمر تعليقها بالكعبة. وأبن الكلبي ، قد تجدهم سبع قصائد في كل كتاب قديم لكن منهم من أضاف قصيدة لشاعر وأهمل قصيدة الآخر. فاحتاروا من هم السبعة. فجعلوها عشر ، وكانت معلقة إمرؤ القيس أول من كتبت بماء الذهب ثم علقت على أستار الكعبة ، وقد ياخذنا هذا الشاعر في رحلة ممتعة ، حيث يقص لنا مغامرات كثيرة في هذه المعلقة من ذكريات وأطلال المواقع ورحيل وعشق ، ولقاء ، وجفاء ، وتواصل ، الوان متعددة من المغامرات المشوقة ، كل هذا كتبها بحلة من المعاني المبتكرة والاسلوب السلسال السائغ الذي يتميز بجودة التشابيه بالوصف والأخيلة ، وكأن تعيش أحداث قصة حقيقية قد عاشها بمغامرة السطو ، بالليالي على الحبيبة ، ووصف النساء والأرض والصحراء والطبيعة ، صور مليئة بالحركات والحياة ، تشكل لوحة فنية مميزة ، ولذلك كما أسلفت لطول هذه المعلقة فأني سوف أجزءها الى حلقات ، وكل حلقه سوف أخذ بعض الاشطر وأشرحها كدراسة تحليلية مختصرة بالنقد الأدبي ،
( معلقة إمرؤ القيس )
قِفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ /// بِسقطِ اللوى بين الدخول فحَوملِ *1
فتُوضِحَ فالمِقراةِ لم يَعفُ رَسْمُها/// لما نسجتها من جنوبٍ وشمالِ *2
ترى بَعَرَ الأرآمِ في عَرَصاتِها /// وقيعانِها كأنَّهُ حَبُّ فُلفُلِ *3

كأنِّي غَداةَ البينِ يومَ تَحمَّلوا /// لدى سَمُراتِ الحيَّ ناقِفُ
حَنظَلِ *4

عادتاً تبدأ المعلقات بوصف الأطلال والطبيعة والمدن والبادية التي كانوا يعيشون فيها ، فيقول
قفا : يقال أنه خاطب رفيقين له ، او خاطب واحدا فثنى ، لان العرب تخاطب الواحد مخاطبة الأثنين ، أو كان يخاطب عينيه ، لقوله قفا نبكِ ، ونبك ، مجزوم لانه جواب الأمر ،
من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ ، وكان يروم بقوله الحبيب هو البلد ومنزله الذين غادرهما مطرودا منها ،
بسقط : والسقط ، ماتساقط من الرمال ، واللوى ، حيث يسترق الرمل على الجدد ، أو الارض ، واللوى هو أحد المواقع المشهورة قديما من تلال أعالي نجد ، بين الدخول فحوملِ ،
وهما موضعان جبليان في نجد ، أما الدخول فهي سلسلة هضاب جبلية تنتهي بالدخول المعروف باتجاه حومل، وهما توئمان ، والدخول يختلف في لونه عن حومل ويميل إلى الحمرة، وتحيط بجبال الدخول وحومل عدد من الآبار القديمة جدا ، ويذكر أبناء البادية، أنها تعود إلى العهد الجاهلي ، وتتميز هذه الآبار بعذوبة المياه، حتى أنها أصبحت موارد مياه ينهلون منها، وتقع هذه الآبار في الجهة الغربية من جبال الدخول، ولا تبعد عنها سوى أمتار قليلة، فيما يقع في جبل حومل وقر لتجميع مياه الأمطار والسيول ، ويستفيد منها أبناء البادية، والمنطقة تشتهر بأنها منطقة مراعي جيدة وتنبت بعض الأعشاب، لذلك تغنى الشاعر بموقهما وآثارهما بالحياة ،
فتوضح فالمقراةِ :
كذلك هما موقعان من الهضاب الرملية ، اسمها توضح ، واما المقراة ، فهي التي تستقر فيها مياه الأمطار والماء ، مثل الوادي تتجمع فيه السيول فيكون الخصب والعشب حول هذه المواقع ، وتكون مصدر الماء والخضرة التي دائما ترى المراعي وجمال الطبيعة عندها ، لذلك يقول ،
لم يعف رسمها : اذ لم يمحو من رسمها وآثارها ، من هبوب رياح الجنوب والشمال ، وعادتا تكون هذه الرياح مصحوبة بعواصف ترابية ورملية ، ويقول ،
ترى بعر الأرآم :
البعر ، الذكور الضخام ، الأرآم : جمع الرئُم ، الظباء البيض التي تسكن الرمال ، في العرصاتها ، والعرصات : جمع العرصة ، وهي المساحة التي لايكون فيها بناء ، والقيعان جمع القاع ، الارض الواسعة السهلة المطمئنة التي لاارتفاع فيها ولا انهباط ، وماحواليها ارفع منها وهو مصب الماء ،
وكأنه حب فلفلِ : اي مجتمعة ومتراكمة مثل حب الفلفل اذا فتحت نبتة الفلفل ، وفي وصفه لتجمع الظباب لأنها كانت من أحب وأشهى مأكل لبدوا الصحارى وأهل البادية ،
ويكمل في هذه الاشطر التالية ،
كأني غداة البين : الغداة : هي الضحوة ، والبين : هو الفراق
يوم تحملوا لدى سمراتِ ، والسمرات : جمع سمرة ، شجرة لها شوك ، وناقف حنظل : هو الذي يستخرج الهبيد وهو حب الحنظل ، ويعني بقوله ، في ضحوة الفراق يوم تحملت مثل لسعات الشوك تنغز في جسدي وكأني احتسيت كؤوس مرارة الفراق مثل مرارة حب الحنظل ،
هكذا أخذ الشاعر يجرنا بخياله الواسع في الوصف لطبيعة أرضه التي فارقها ، وكانه يخاطب بأحاسيسه شيئاً حياً وليس جماداً ،
وان شاء الله لنا لقاء آخر كي نكمل لكم باقي الحلقات في موعدٍ آخر من معلقة إمرؤ القيس



#اديب_داود_الدراجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - اديب داود الدراجي - دراسة تحليلية بالنقد الأدبي لمعلقة الشاعر إمرؤ القيس