أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير حنا خمورو - مرثية ل -الرجل العامل- فيلم اميركي عن الطبقة العاملة















المزيد.....

مرثية ل -الرجل العامل- فيلم اميركي عن الطبقة العاملة


سمير حنا خمورو
(Samir Khamarou)


الحوار المتمدن-العدد: 6551 - 2020 / 5 / 1 - 21:55
المحور: الادب والفن
    


الرجل العامل Working Man من أفلام السينما الأميركية المستقلة، سيناريو وإخراج روبرت جوري*، وهو فيلم لا علاقة له بمواضيع السينما الأميركية، وليس عن أبطال خارقين، بطل من عامة الناس. يتناول موضوعا مهما عن الطبقة العاملة الاميركية، فقد يفقد العامل عمله دون مقدمات، وعن كيف قام أصحاب رؤوس الأموال بتفكيك المصانع ونقلها إلى خارج البلاد حيث تتواجد اليد العاملة الرخيصة والفقيرة، أو ببساطة أغلقوها وتركوها تتعرض لعوامل البيئة حتى تصبح خرائب اصابها الصدأ والنسيان. احداث الفيلم تجري في منطقة صناعية في مدينة "متخيلة!" اسمها رست بلت، في المشهد الافتتاحي، داخل قاعة العمل الواسعة في مصنع نيو ليبرتي للبلاستيك، نرى العمال منهمكين في العمل، وفي الساعة الثانية يدق الجرس ويطلب المسؤول منهم التوقف عن العمل، لأن المصنع سيُغلق بشكل نهائي، وانهم أحرار بتركه الأن، يتوجه العمال الواحد بعد الاخر ليستلموا الراتب الأخير. يتأخر العامل المسن أليري باركس تمثيل (جيريتي وبيلي)ويستمر بالعمل في فحص القطع التي امامه، ويسأل احد المسؤولين صاحب العمل هل يعرف انه اخر يوم له ؟ بالطبع، باركس هو أقدم عامل في هذه المؤسسة. يتقدم بتثاقل بعد أن خرج العمّال وأطفأت الأنوار، يستلم راتبه بصمت ويخرج من البوابة الكبيرة، التي تُغلق خلفه بالسلاسل، يقف ويستدير ليرى المكان الذي قضى فيه كل عمره للمرة الأخيرة.

بعد عقود من العمل يجد باركس الانطوائي نفسه عاطلا عن العمل. لقد أعتاد لسنوات عديدة ان ينهض في الصباح ويرتدي بدلة العمل ويجلس بصمت، يتناول الفطور وياخذ السندويتش الذي هيئته له زوجته ويضعه في حقيبة صغيرة، مع ترمس للقهوة، ويخرج من الباب، ماشيا إلى المصنع، وفِي اليوم التالي عندما ينهض لا يعرف ماذا يفعل. كان لديه وزوجته "لولا" تمثيل (تاليا شاير)، منهجهما اليومي الخاص. بالاضافة إلى جانب فقدان المورد المالي، يصاب أليري بالحيرة بسبب فقدان روتينه اليومي المريح، يشعر بالتفاهة وان الوقت أصبح فضفاضًا ولا ينتهي، ليس لديه أية فكرة عن كيفية قضاء أيامه إذا لم يكن يعمل. رغم كل الجهود التي تبذلها زوجته المحبة والقلقة لولا.

وفي صباح احد الأيام ينهض، يلبس ملابس العمل، يجلس إلى الطاولة يتناول الفطور، ياخذ وجبة الغداء، والقهوة، وهو يخرج من الباب تسأله زوجته هل كل شيء على ما يرام؟ إلى اين أنتَ ذاهب، يقول لها، انا ذاهب الى العمل.

وهكذا يتسلل يومًا بعد أخر إلى المصنع بعد ان نجح من الدخول من باب خلفي، يدور حول الماكنات الصامتة، يعلوها الغبار، ولا يجد ما يفعله غير تنظيف الآلات وارضية المصنع، لأن الطاقة الكهربائية قطعت وليس لديه معرفة بكيفية إعادتها. ومع مرور أليري ماشيا صباح كل يوم بملابس العمل حاملًا حقيبته الصغيرة وترمس قهوته وهو يتجه بمفرده إلى المصنع المهجور، يقف جيرانه مستغربين وكلهم من العمال العاطلين عن العمل، أمام أبواب بيوتهم أو ينظرون من النوافذ يثرثرون ويتساءلون "ما الذي يفعله بحق الجحيم؟"، "هل فقد عقله ؟" في البداية كانت زوجته، وجيرانه وزملاؤه العمّال مرتبكين، وحائرين من تمسكه والتزامه باداء الأفعال اليومية، يوم كان يعمل. في نهاية المطاف، يراقبه والتر (بيلي براون)، يتبعه ويكتشف الأمر، ويتعاطف معه.

ومع الوقت يجد أليري فيّ والتر الزميل والجار الأمريكي من أصل أفريقي حليفًا قويًا، وهو عامل جديد أنضم للمجموعة منذ فترة، يذهب معه ويقوم بتشغيل الكهرباء، ويعود الضوء للمصنع، يضيف والتر شحنة قوية للفيلم فقد كان الإيقاع بطيئًا في النصف الأول، وهذا مطلوب لإعطاء الجو القاتم والسكون الحزين لمنطقة شبه ميتة، ونكتشف تدريجيًا أن والتر شخصية أكثر تعقيدًا مما يدركه سكان المنطقة، وتصبح الدراما اكثر حدة وكثافة. كما ان لولا زوجته، تبدو في النصف الأول من الفيلم مجرد ربة بيت وديعة، وشخصية سلبية بشكل مفرط، ولكن مع الكشف عن أسرار الأسرة تتحول إلى شخصية أكثر حزمًا.
وقبل ان يخرج أليري في صباح أحد الأيام يأتي والتر ومعه مفاتيح أبواب المصنع، ويقوله له هل تريد المصنع ؟ وبعد لحظات من التردد، يطلب والتر منه ان ينظر من النافذة، يجد زملائه من العمال من النساء والرجال ينتظرون أمام البيت. يذهبون جميعًا إلى المصنع، يفتح والتر الأبواب، ويومًا بعد أخر يزداد عدد الموظفين والعمال السابقين في الحضور. يقومون بتشغيل المكائن ويستأنفون الإنتاج في محاولة للضغط على المسؤولين وأصحاب المصنع لإعادة فتحه من جديد. لأول مرة يشعر أليري انه رجل مسؤول. إن شخصية أليري أكثر تعقيدًا، ونفهم هناك خسارة أخرى بعيدة في حياته، وعليه مواجهة تلك الخسارة والألم الذي كان يعمل بجد لتجنبه بالانغماس في العمل. لم يكن أليري مرتبطًا بزملائه العمال أبدًا في السابق، يتناول وجبات الغداء بمفرده، ولم تُك لديه علاقات بهم. وبمرور الأيام يبدأ العمال في الالتفاف حوله والإعلام يتحدث عنه وعن حركة العمال الذين اقتحموا مصنعًا مهجورًا وأعادوه الى العمل والإنتاج، في حين يضع رؤساء الشركات السابقون إستراتيجيات حول كيفيه التوصل إلى تفجير هذه الحركة غير المتوقعة من الداخل وإفشالها، يصير أليري أقرب إلى زملائه العمال، ويتعلم انه قد يكون شيئًا لم يعتقد أنه ممكنا أبدًا: قائد.

ان الفيلم يتحدث عن محنة الناس الذين يعيشون في مناطق يطلق عليها حزام الصدأ - ساعد الكثير منهم بسبب البطالة في تحديد نتائج انتخابات عام 2016 - جاءت هذه الدراما فِي الوقت المناسب، ففي أزمة الوباء الأخيرة اكتشف الأميركيون والمؤسسات نقصًا كبيرًا في المواد والأجهزة الصحية وان أغلب مصانعهم بعيدة. وعندما يسأله صحفي في مقهى لماذا تفعل هذا يجيب بعفوية: "انا فقط اريد ان اعمل". ويسأله مرّة أخرى: "لماذا أنتَ، أتعرف انك أصبحت قائداً؟ " يجيب؛ يجب يفعل أحد ذلك، لست قائدا". ويضيف أيضا "أنت بحاجة إلى العمل لتشعر بأنك تستحق شيئًا".

صنع المخرج صورة حميمية، وبشكل عاطفي لإنحدار والتقدم نحو النهاية للمناطق الصناعية في نطاق حزام الصدأ في المدن الصناعية، فيلم غارق في كآبة جنائزية، ولكنه مبني على رواسب حقيقية. قد يقول احدهم إنها قصة مألوفة للغاية يتم سردها بطريقة مألوفة للغاية. ولكنه فيلم عن الحياة الحقيقية وليس عن ابطال خارقين. أختار المخرج ممثلين مخضرمين أداؤهم جيد وطبيعي ويتناسب مع أعمارهم، فهم ليسوا بحاجة إلى ماكياج، وكأنك ترى فعلاً أناس من الحياة اليومية للطبقة العاملة، بيتر جيريتي وبيلي براون وتاليا شاير. بما في ذلك سالومي مارتينيز ، كيرستن فيتزجيرالد، وبوبي ريتشاردسون يضيفون تجربة واقعية. وقد استعان بشخوص حقيقة من المنطقة العمالية التي جرى التصوير فيها.

"الرجل العامل" أحد اكثر الافلام اللافتة للانتباه، التي شاهدتها في عام 2019 ، ويرجع ذلك في الغالب إلى موضوع الفيلم، وإلى طاقمه التمثيلي المذهل والجوهر العاطفي البسيط والصادق للحكاية التي يتم تجسيدها. صور الفيلم في منطقة المعامل في شيكاغولاند. الإيقاع في الفيلم في القسم الأول بطيء نوعًا ما، وهذا لا يعيب الإخراج في رآيي، وإنما أراد ان يعطي للمشاهد رتابة الحياة والفراغ الذي يعيشه سكان هذه المناطق، أنهم أناس حقيقيون يعيشون في مجتمع حقيقي، مع مزيج من الفكاهة والدراما.


*الكاتب والمخرج روبرت جوري في الخمسين من العمر، رغم انه يعمل بانتظام بكتابة وقراءة السيناريوهات لشركات انتاج سينمائية معروفة أمثال هيبو HBO و ديزني Disney و فوكس Fox ومع هذا لم يتمكن من اخراج أي من نصوصه. واختار في أول فيلم يخرجه وينتجه أيضًا ان يكون عن الطبقة العاملة.



#سمير_حنا_خمورو (هاشتاغ)       Samir_Khamarou#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الافلام التي لن تعرض على شاشات السينما (القسم الثاني)
- أفلام لن تعرض على شاشات السينما
- ايستوود في فيلم من اخراج ايستوود؛ كيف تنتصر على رئيس الولايا ...
- القاء القبض ومحاكمة طالبين صينيين بتهمة تهريب تكنلوجيا اميرك ...
- اتهمت الولايات المتحدة، الكيميائي البارز في جامعة هارفارد ال ...
- المسرح والشعر والأفلام وأنتَ جَالس عَلى الكُرسي مَحْجُور في ...
- أول مدينة صينية تحظر أكل القطط والكلاب
- هل ستحصل ثورة الجياع في العراق بسبب الكورونا
- تم إبتكار أجهزة جديدة للتنفس التي يمكن أن تساعد في إبعاد مرض ...
- قائمة اخرى بالمهرجانات السينمائية التي تم الغاؤها (الجزء الث ...
- فيروس كورونا يلغي مهرجانات سينمائية عالمية وعربية
- الغاء حفل توزيع جوائز المسرح البريطاني
- أزمة دور السينما بالولايات المتحدة في زمن الكورونا
- لم يك الحب جميلا ابدا بهذا القدر ....الحب في أفضل حالاته
- تشابه غريب بين فيروس كورونا وفيروس قاتل في فيلم عرض قبل تسعة ...
- فيلم الطفيلي الأعلى مشاهدة في انكلترا
- فيلم -بينما تستمر الحرب- يقدم وجهين لإسبانيا خلال الحرب الأه ...
- توقيع اتفاق تاريخي بين الولايات المتحدة وطالبان بعد 18 عامًا ...
- جوائز سيزار للأفلام الفرنسية في ظل احتجاجات حاشدة
- هل هي بداية النهاية للإسلام السياسي في فرنسا ؟ الرئيس أعلن ا ...


المزيد.....




- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير حنا خمورو - مرثية ل -الرجل العامل- فيلم اميركي عن الطبقة العاملة