قتل مبرمج يطول التعليم في العراق

احمد ستار العكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 6541 - 2020 / 4 / 19 - 13:11
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

مع بدء العد التنازلي لانتهاء العام الدراسي الجديد وما رافقه من حراك واضرابات واسعة ، وجدنا ان هناك عملية قتل مُبرمج للتربية والتعليم في العراق، نظرا للفساد المستشري في هذا الجهاز المهم، ولوجود الفاسدين الذي يمارسون فسادهم بكلّ حرية دون أية محاسبة أو رقابة صحيحة.
نشير هنا إلى بعض الحالات السلبية التي رصدناها في قطاع التربية والتعليم.

• على صعيد الجامعات والكليات

شهد العراق ارتفاعا في بناء المؤسسات الجامعية في بعض المدن، إلّا أن الحاجة لم تسد بسبب تزايد عدد الطلبة. وقد جرى الاهتمام بالكم لا بالنوع. وهنا نشير الى ان يد الاعمار لم تمتد الى بعض بنايات الكليات التي تحتاج الى تجديد وترميم، وان المرافق الترفيهية في الجامعات والمعاهد والمدارس اصبحت في طي النسيان، وان اغلب المختبرات المدرسية والجامعية باتت صفوفا دراسية. وفي ما يتعلق بموضوع الاقسام الداخلية، فعلى الرغم من التحسن الملموس في بناء الاقسام وتطوير وتعمير بعضها، الا ان هناك نقصا كبيرا في اعداد بناياتها مقارنة بأعداد الطلبة، ما حدا ببعض الجامعات الى تأجير الفنادق لطلبتها، الأمر الذي شكل ثقلا ماليا اضافيا على كاهل الطلبة وعائلاتهم. ومعلوم ان الفنادق ليست مؤهلة لكي تكون مكانا مناسبا لسكن طلبة العلم، والاجواء فيها لا تساعد على الدراسة.

• التغيير في المناهج

يبدو ان التغيير الكبير الذي طرأ على المناهج الدراسية لم يأت بجديد. فرغم ما جرى من تحديث وتطوير وتعديل، إلا انه لم يرتق الى مستوى الطموح، ولم يستطع مواكبة الطفرات العلمية والتكنولوجية في عالم اليوم.
ان الكثير من المناهج تم تحديثها على اساس طائفي، لا سيما مادتا التاريخ والتربية الاسلامية، واصبح واضحا للمراقب اليوم ان التدريس الجامعي في العراق بات يعتمد على التلقين وليس البحث العلمي، خصوصاً في المرحلة الأولى من الدراسة الجامعية. كما ان التغيير الحاصل في المناهج لم يجر بطريقة انسيابية، بل حدث فجأة، ما ادى الى تلكؤ بعض التدريسيين في ايصال المادة الدراسية إلى أذهان الطلبة، بسبب قلة الدورات التطويرية وضعف الخبرات.

• التعليم الاهلي

في ما يخص التعليم الاهلي الذي انتشر في العراق بعد 2003. ان بعض المؤسسات التعليمية الأهلية غير مجازة، والبعض الآخر لا يعمل وفق الشروط الموضوعة، وان الرقابة الحكومية لم تكن بالمستوى المطلوب، الأمر الذي ادى إلى تزايد عددها وبشكل لافت.
في الآونة الاخيرة وضعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قرارات تهدف الى متابعة الارتفاع المخيف في الاجور الدراسية، غير ان القرار لم يجر الاهتمام به بصورة صحيحة. فبعض المؤسسات الاهلية تحرص على تحقيق الارباح اكثر من حرصها على الاهداف التعليمية والتربوية.
من ناحية أخرى ان الإقبال المتزايد على الالتحاق بالمؤسسات التعليمية الأهلية، يرتبط بما يقدمه كادرها إلى الطالب من فائدة. إذ ان المؤسسات الأهلية تولي اهتماما بالطلبة أكبر مما في الدراسة الحكومية، خاصة في الصفوف المنتهية. لكن للكليات الاهلية يختلف مستوى التدريس فيها تبعاً لرؤى عماداتها، ونوع المادة المقدمة إلى الطالب. وفي الوقت نفسه تتعالى بعض الاصوات مطالبة بخصخصة قطاع التعليم، على الرغم من النص الدستوري الذي يقول ان مجانية التعليم حق تكفله الدولة.
الجدير بالذكر اننا اليوم نرى نقصا حادا في الكتب والقرطاسية، حيث يضطر الطالب الى شراء المادة الدراسية مستنسخة وبسعر خمسة آلاف دينار للواحدة منها، في حين تُسلم جميع المناهج مع القرطاسية في المدارس الاهلية كاملة دون نقص في أي مادة .
ومن أجل اصلاح المنظومة التربوية والتعليمية في مختلف مراحلها، وهذا يتطلب :
1. اعتبار قطاع التربية والتعليم من الأولويات المهمة، وتخصيص الموارد المالية والمادية والبشرية اللازمة له، والاهتمام بتوفير الابنية المدرسية وفق المواصفات العالمية.
2. إعتماد فلسفة تربوية - تعليمية تقوم على قيم المواطنة، وعلى تعزيز الفكر التنويري، ونقل المعارف المستندة إلى أحدث ما توصلت إليه العلوم في جميع مجالات المعرفة، وتنمية قدرة الطالب على التفكير النقدي، وعلى فهم واستيعاب منجزات العلم والحضارة المعاصرين، وتوظيفها في مجالات العمل والاختصاص المختلفة.
3. إعادة النظر في نظام ومناهج التعليم وطرائق التدريس بما يتفق وتأمين مستلزمات التقدم التقني والمادي، وإرساء قاعدة تعليمية متطورة، وتشجيع البحث العلمي والابتكار، وربط العملية التعليمية بعملية التنمية الشاملة في البلاد وأهدافها الكبرى، وإدراج تعليم المعلوماتية ضمن المناهج في مرحلة مبكرة، وإشاعة استخدام وسائلها في المدارس.
4. وضع خطط علمية لاستكمال عملية مكافحة الأمية، وضمان مجانية التعليم في المراحل الدراسية كافة، وتفعيل إلزاميته في الدراسة الابتدائية، ومعالجة ظاهرة التوسع المتنامي للتعليم الأهلي وآثاره على النظام التعليمي ككل.
5. شمول مرحلة رياض الأطفال بالسلم التعليمي والزامية التعليم، على وفق ما جاء في الدستور.
6. وضع الطالب في مركز العملية التربوية، واحترام الهيئات التدريسية، وضمان الأجواء السليمة لإشاعة العلم وحب العمل والممارسة الديمقراطية في الحياة الدراسية وتشجيع النشاطات اللاصفية، إضافة إلى الاهتمام بالتأهيل والتدريب المستمرين للعاملين في هذا القطاع، والتحسين الدائم لمستويات معيشتهم، بما يمكنهم من تكريس اهتمامهم لإنجاز مهامهم التربوية في أفضل الظروف.
7. السعي إلى تحويل مجالس الآباء والمدرسين الى هيئات ساندة للعملية التربوية، والاهتمام بالنشاط اللاصفي نظرا لأهمية دوره في تنمية الروح الجماعية التعاونية للطلاب، واكتشاف قدراتهم وميولهم وإطلاق مواهبهم والمساهمة في بناء شخصيتهم.
8. إصلاح التعليم العالي انطلاقاً من مبدأ صيانة حرمة الجامعات والمعاهد واستقلالها، وبما يعيد السمعة العلمية والأكاديمية للجامعة العراقية كونها مؤسسة حضارية مفتوحة، لا يجوز تقييدها بانتماء عقائدي أو أيديولوجي أو أي غطاء آخر. والاهتمام بتطوير التعليم العالي عامة، ومراكز البحوث والدراسات التخصصية.
9. اعتماد إستراتيجية وطنية متوازنة في المنح والبعثات والزمالات وفي القبول في الجامعات والمؤسسات التربوية بشكلٍ عام، تقوم على أسس الكفاءة و تكافؤ الفرص وعدم التمييز بين المتقدمين على أسس طائفية أو قومية أو غيرها.
10. ربط التعليم بأنواعه كلها، خاصة التعليم العالي والبحث العلمي، بحاجات البلاد وإمكاناتها وآفاق تطورها، والاهتمام بالتعليم التقني والمهني، والالتزام بتطبيق نظام التعليم الاساسي بشكل شامل.
11. العمل بمبدأ استقلالية الجامعات وعلى صيانة الحريات العامة فيها، خصوصاً حرية الطلبة في التعبير عن مطالبهم وطرح مشاكلهم، وفي اختيار ممثليهم، وعلى ترسيخ ثقافة التعدد واحترام الرأي الآخر، ونبذ الاقصاء والتهميش، ورفض التعصب والتطرف بكافة أشكالهما، واحترام الحريات الأكاديمية وصولاً إلى تشكيل مجلس للتعليم العالي.
12. متابعة تطبيق القوانين والضوابط الخاصة بالمدراس والجامعات الاهلية.

#احمد_ستار_العكيلي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل