أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمزة بن سعيد - الهويات القتيلة














المزيد.....

الهويات القتيلة


حمزة بن سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 6535 - 2020 / 4 / 12 - 00:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صدر عن دار إي كتب مؤخرا كتاب بعنوان الهويات القتيلة، يبدو قد جاء ردا على كتاب معلوف الهويات القاتلة. وللحق، فإنك بعد أن تعمد لقراءته تقف محتاراً، هل قتلت هويتك أنت أيضا؟ أم أنك تنتمي لعالم تروض فيه الفهد وأصبحت الهويات القاتلة شبه مختفية؟ ينتهي بك الحال وقد أصبحت لديك أسئلة كثيرة، بل إنك ما إن تنتهي من قراءته حتى تشعر أنك أنت نفسك أصبحت مشحونا بوحي كتابي طاغٍ يريد لك أن تعلق على أكثر من موضوع فيه. كل ما يمكنني أن أصف فيه هذا الإصدار هو أنه مثير للتفكير وبالطبع فإن ما يثير التفكير لا بد أن يثير الجدل أيضا.

بعض ما جاء فيه

((الهويات المقتولة أو القتيلة بمعنى من أُسقِط عليه القتل، و إن جاز الاستخدام فمن باب تهافت التهافت رداً على تهافت الفلاسفة. جُل أمرِ فعل القتل الذي وقع على الهوية، ليس قيامها بالقتل وإنما قيامنا بقتلها مرةً واحدةً و إلى الأبد. قد يبحث القاتل عن هويةٍ أخرى إلا أن من يقتل أول مرة نادراً ما يتوقف عن القتل وعليه فإنّ أي هوية لاحقة ما هي إلا محض اختلاقٍ زائف في لحظة تعريف للأنا والآخر وما تلبث أن تُقتل هي الأخرى ليتم تقمّص هوية أخرى، و بالتالي فلا ولاء لأيٍ منها كائنة ما كانت، لأنها غير حقيقية في أي لحظة من لحظاتها.

ما الذي يحدث عندما تتعرض الهوية المُتقمصّة للهجوم؟ ببساطة، تلجأ للدفاع عن نفسها. بذلك، إما أن تُنكَر تماماً أو أن يصل التشبّث بها حد المغالاة التي اصطلح على تسميتها تطرفاً. لنأخذ الإرهاب مثالاً، وُلد مصطلح الإرهاب لموازين قوى أريد بها التخلص من فكر يدعو في طياته لتحرر الفرد، الذي إن فعلْ، سيتسبب بتحرر مجتمعات يخل تحررها بتلك الموازين. ولد مصطلح الحرب على الإرهاب بُعيد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، واقتصر –ببعض شواذ للقاعدة- على أتباع دين الإسلام يهاجم هويتهم الدينية.

ماذا كانت النتيجة؟ إمّا تبرّؤ من الهوية الدينية برمتها بدعوى اللائكية تيمّناً بنتاج الفرانكفونية السياسي أو العلمانية تيمّناً بنتيجة تلقائية لسيطرة الكنيسة على الدولة، أو، تشبث مغال بالهوية بالظهور بمظهر المسلم المتشدد رداً على رفضه. رد الفعل طبيعي، فإن وُجد مراهق مثلاً تُعاب عليه عدوانيته، ستجده إما انطوى على نفسه في تقهقرٍ سلمي أو غالى بعدوانيته ليدافع عما يعتقد أنها هويته المتعرضة للهجوم كأيِ كر وفر في إطار طويل الأمد نسبياً.

قلة هم الذين يؤدي بهم الهجوم لوقفة مع ذواتهم في إعادة تقييم للهوية التي يمثّلونها وتمثّلهم حقاً، فيأخذون منها ما يناسبهم وينبذون عنها ما لا يناسبهم. قلة هم أولئك الذين يتعاملون مع الهجوم بثقة نفس تجعل تعاملهم معه واعياً، مدركاً، وغير متأثرٍ بالهجوم، بل جاعلاً من الهجوم سبباً للتدبر والتأمل والتبصر.

في حالة الإرهاب، الهجوم مباشر، ولكن الهجوم في حالات كثيرة أخرى غير مباشر، وبذاك فإن ردة الفعل لا تقتصر على الظاهر بل تطالُ الباطن في صراع ذاتي يجعل صاحبه يصبح ويمسي إما مغموماً، لا مبالياً أو متأهباً، مع أن الهوية تساق وكأنّها تشبه آلية المشي، أمرٌ لا يفترض به أن يستغرق من التفكير شيئاً. وكحال المشي، لو توقف كل منا ليفكر أي رجل تسبق الأخرى عند السير لوصل لمرحلة من اللاحراك.

يحكى أن رجلاً مسناً امتلك لحيةً بيضاء طويلة بطوله وكانت حياته تسير على ما يرام، إلى أن جاء يوم سأله فيه حفيده، عند نومه، أيضع اللحية فوق اللحاف أم تحته. لم يسبق للجد أن فكر في الأمر ولما وعى وجود اللحية، وضعها تحت اللحاف فلم يتمكن من النوم، ثم وضعها فوقه وكذلك لم يتمكن من النوم. لم يستطع أن يتفهم كيف كان النوم يسيراً في السابق عندما كان في غفلة من أمره. يُروّج التفكير كجهد مضنٍ، متعب بلا جدوى، فانعدام الغفلة مريع. ولكنه كذلك مثيرٌ لتفكير يمكنه أن يحقق المعجزات.

أين تكمن خطورة انعدام الهوية أو بالأحرى تهديدها بالعدمية؟

لم يخلُ تحليلٌ للمخدرات من تعجّب مما تقوم به المواد المخدّرة، فمثلاً، من يتعاطى مادة الجوكر يتصرف بشكل هستيري ويبدو كمن فقد لُب عقله بما يضر به وبغيره بما لا يمكن إصلاحه. في إحدى التجارب سئل المتعاطي، أن ماذا تهيّأ له، فكان جوابه أن معرفته بمن يكون انعدمت تماماً وأن ذلك أصابه بذعر لم يتمكن من التعبير عنه. لم يعرف اسمه أو صفته أو زمانه أو مكانه وشعر أنه محاصر في مكان تاه فيه عن نفسه بشكل مرعب لزمن بدا له أبداً (مع أن مدة التجربة لم تتجاوز خمسة عشرة دقيقة) وبذلك كانت ردة فعله الهستيرية محاولةً منه ليستدرك هويته، وفي سبيل ذلك لم يشعر بالألم عندما ضرب جسده بالحائط عدة مرات صارخاً، فقد أراد لأي شيء أن يوقف تيهه عن نفسه.

معرفة الأنا والآخر ليست مجرد طرح فلسفي بل هي أمرٌ أساسي لتحديد السلوك، سلوك الفرد وبالتالي المجتمع. يتأثر قتل الهوية بعوامل خارجية، ولكن من يسحب الزناد هو دائماً الفرد ذاته، والعملية طويلة الأمد لكنها محسومة النتيجة. ))

وهنا أتساءل، هل الهويات قاتلة؟ قتيلة؟ أم مقاتلة لتجد لنفسها مكانا؟ احترت وحيرني!



#حمزة_بن_سعيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهويات القتيلة


المزيد.....




- كيف رد ترامب على سؤال حول ما إذا كان سيتدخل في نزاع إسرائيل ...
- وزراء خارجية الخليج يبحثون الهجمات الإسرائيلية على إيران
- الصحة الإيرانية تعلن ارتفاع عدد القتلى جراء الهجمات الإسرائي ...
- ترامب يتوجه إلى قمة مجموعة السبع في كندا مع توقعاته بتوقيع ا ...
- -القناة 14- العبرية: انتشال جثمانين آخرين من تحت الأنقاض في ...
- السودان.. مقتل وإصابة 35 نازحا في قصف شنته -الدعم السريع- عل ...
- معهد -سيبري-: عصر انخفاض عدد الأسلحة النووية في العالم يقترب ...
- ماكرون يدعو ترامب لاستخدام نفوذه لوقف التصعيد بين إسرائيل و ...
- عراقجي: النار التي أشعلتها إسرائيل قد تخرج عن السيطرة
- ما المنشآت الإيرانية الحيوية التي استهدفتها إسرائيل؟ وما أهم ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمزة بن سعيد - الهويات القتيلة