أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - عبدالباري طاهر - ما بعد ال” كورونا”















المزيد.....

ما بعد ال” كورونا”


عبدالباري طاهر

الحوار المتمدن-العدد: 6529 - 2020 / 4 / 5 - 00:57
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


اعتادت البشرية والمؤرخون أن يجعلوا من الأحداث الكبيرة بدءاً للتاريخ. فميلاد السيد المسيح لدى المسيحيين بدء التاريخ الميلادي، وهجرة الرسول إلى المدينة بداية التاريخ الهجري، وعيد النيروز لدى الإيرانيين والأتراك والأكراد، وكذلك أمم وشعوب أخرى بما في ذلك الأمازيغ في المغرب العربي.

بداية الربيع 21 مارس، عيد لشعوب وأمم حوض البحر الأبيض المتوسط، والعيد الفرعوني في مصر «شم النسيم»، ولكل الأمم والشعوب أعيادها، ولكل أمة تاريخها. في العالم يسود ما قبل الميلاد، وما بعد الميلاد، ويؤرخ عالمياً بالحربين الكونيتين، وبالثورات الكبرى: الفرنسية، والأمريكية، والبريطانية، والروسية، والصينية، والتركية.

بدأت جائحة كورونا في مدينة ووهان في الصين، وانتشر الوباء في مختلف بلدان العالم. نهاية ديسمبر من العام 2019 هو بدء التاريخ الجديد: ما قبل الـ”كورونا”، وما بعد الـ”كورونا”. إنه بداية تاريخ كارثي بكل الأبعاد والدلالات، ولا يلغي ما سبق.

ما بعد الـ”كورونا” سيكون مختلفاً عمّا قبلها. يهتم مفكرون وباحثون وسياسيون بهذا الأمر ويستقرئون متوقعين صورة مختلفة ومغايرة لما بعد الـ”كورونا” عما قبلها؛ فالعالم لن يعود كما كان. يتوقع البعض تبدلاً في الأولويات، وتغييراً في موازين القوى، وفي الأوضاع والمنظومات الدولية القائمة، والأحلاف العسكرية، والتكوينات السياسية، وحتى في القيم، ومطالب الأمم والشعوب والجماعات والأفراد، وقد تنشأ جبهة دولية لمواجهة خطر الوباء كما حصل في الحرب الكونية الثانية في مواجهة النازية والفاشية.

يعتبر القرن العشرون عصر السرعة؛ فقد قرب العلم ما بين المسافات، وحول العالم إلى ما يشبه القرية الواحدة، وجعل المستحيل ممكناً؛ فالوصول إلى أبعد كواكب المجموعة الشمسية أمر مقبول، وحتى اكتشاف الشمس ومكوناتها أمر متاح. العولمة- في بعدها الاقتصادي- جعلت اقتصاد العالم واحداً، وما يصيب جانباً منه يطال الجوانب الأخرى؛ فاقتصاد العالم مترابط، والسوق الرأسمالية متداخلة حد الاشتباك.

في نهايات القرن العشرين، بدأت مسارات الوحدات الكبرى، والتكتلات الأكبر، والبورصات العملاقة -تهتز وتخسر، وأضحت الدول الأكثر تطوراً وتمدناً وتحضراً وصناعة تفشل في مواجهة الفيروس، وتنطوي على نفسها، وتنعزل عن كيانها الأكبر (الاتحاد الأوروبي)، أما أمريكا فتبدو مرتبكة ومشوشة، وهي والدول الأوروبية تعطي الأولوية للاقتصادي على الصحة وسلامة مواطنيها، بينما تنفرد الصين بالمقدرة الفائقة على مواجهة الوباء الذي انطلق في أراضيها، ولها الأسبقية في الخلاص منه، وإظهار التعاون الذي امتد لغير بلد.

الديمقراطية الأوروبية، وتسيد الحزب الواحد ذي الوجهين قد شاخ، ولم يعد البديل الأفضل للدكتاتورية والشمولية؟ ولكن هل يعني ذلك العودة لطغيان الرأي الواحد، والحزب الوحيد، والزعيم الأوحد كأنموذج روسيا، وكوبا؟

المنطقة العربية- كالعديد من بلدان العالم الثالث عدا إيران- كانت الإصابة فيها محدودة، والوفيات فيها أقل، والتوقعات ليست مطمئنة في ظل هشاشة الوضع الصحي، وضعف الاهتمام، وتخلف البنى الطبية بما في ذلك الأدوات الطبية، والأدوية، والكوادر، ووعي المواطنين، وغياب الانضباط. والأسئلة المؤرقة: ما سر انتشار الوباء في المناطق الأكثر تمدناً وتحضراً (أوروبا، وشمال إيطاليا)؟ وما سر انتصار الصين بهذه السرعة، وتأخر بلدان أكثر تمدناً وحداثة وإمكانات طبية وعملية في أمريكا وأوروبا؟ هل للأمر علاقة بطبيعة النظام الديمقراطي والشمولي؟ وهل يميل الوضع لصالح الشمولي، كما هو الحال في الصين وكوبا وروسيا؟ وهل يعني أن تسود مفاهيم المركزية، ونظام الضبط والربط العسكري؟

جلي أن الديمقراطية الأوروبية، وتسيد الحزب الواحد ذي الوجهين قد شاخ، وتفشي فيه الوهن والفساد، ولم يعد البديل الأفضل للدكتاتورية والشمولية؟ ولكن هل يعني ذلك العودة لطغيان الرأي الواحد، والحزب الوحيد، والزعيم الأوحد كأنموذج روسيا، وكوبا؟ ما أطرحه مجرد أسئلة لا بد من كد الذهن للإجابة عليها. أم أن الأمر يومئ للخلاص من الأنموذجين السائدين: الدكتاتوري والشمولي، والديمقراطي الآتي من صناديق الانتخاب؛ الانتخاب الذي كرس ويكرس الأحزاب المهيمنة، والرأسمالية كتعبير ماركس: “من يملك أكثر يحكم”.

لقد تراجع اليسار وضعف، وتوارى حكم الغلبة، وسيطرة الأحزاب والقوى الرأسمالية، وهو يواجه تحديات كبيرة، وبدأت تظهر عليه أعراض الشيخوخة، كما برزت قوى يمينية شعبوية متطرفة وعنصرية، وبدأت تظهر منذ العقود الأخيرة من القرن العشرين الاحتجاجات المدنية، وأخذت تقوى وتشتد خصوصاً في البلدان النامية ومنها العربية، وقد انتصرت في سبعينيات القرن الماضي في إيران، وجرى الانقلاب عليها، واليوم في تونس والسودان، وجرى الالتفاف عليها في مصر، وإغراقها بالحرب في سوريا وليبيا واليمن، ولا تزال مشتعلة في العراق والجزائر، وقد حققت في الجزائر إنجازات مهمة بعد الإطاحة بالعهدة الخامسة، ولا تزال تناضل للخلاص من التركة التفليقية كلها.

الانتفاضة الأولى في فلسطين 1987 حققت ما عجزت عن تحقيقه ثلاثة حروب، وعدة انقلابات عسكرية تعنون أو يتصدر بيانها الأول تحرير فلسطين. ولم تفلح عسكرة الانتفاضة الثانية 2000، ويرفع الفلسطينيون شعار المقاومة حالياً مسنوداً بهبة احتجاجات “مسيرة العودة” في غزة كامتداد لكفاح الفلسطينيين لما يقرب من قرن. الاحتجاجات المدنية ليست محصورة في الدول النامية؛ فهي مزدهرة في الدول المتقدمة، وفي تصاعد مضطرد في أمريكا والصين وروسيا والهند وبريطانيا وفرنسا، فهل يعتبر القرن الواحد والعشرون قرن الاحتجاجات السلمية، وانتصار الحياة المدنية السلمية على تغول السلاح، وتجارة وتفشي الحروب والعنف؟ لقد غرب نجم الاستعمار، وغاب فجر الثورات، وحركات التحرر الوطني، وتلاشت الانقلابات العسكرية، وطلع فجر الاحتجاجات المدنية. إن الحرب ضداً على كورونا أهم بما لا يقاس من حرب الإنسان ضد أخيه الإنسان، والإنفاق الفاحش على صناعة وتجارة السلاح أجدى منه ألف مرة الإنفاق على التعليم والصحة. لا يمكن مقاومة كورونا بالسلاح، كما لا يمكن قهر الاحتجاجات السلمية بالقوة. لا تجدي الصواريخ العابرة للقارات، ولا الكيماوي، ولا الأسلحة النووية في مواجهة كورونا والفيروسات الدقيقة التي لا ترى بالعين المجردة. وما صرف على أبحاث وتصنيع هذا السلاح لو صرف في مجال الصحة لجنب البشرية حالة الفزع والموت الذي نعيش.

انتشار تسونامي كورونا يؤكد فداحة الاهتمام ببحوث وصناعة وسباق التسلح على حساب الصحة والتعليم والبحوث العلمية حول الأوبئة والأمصال والتقدم في مجال الصحة والتعليم؛ فالعجز الفاضح عن توفير أجهزة التنفس الصناعي، أو الكمامات الواقية أو الأسرة في المستشفيات في أمريكا وأوروبا يكشف سوءة الحضارة الإنسانية في أرقى بلدانها.



#عبدالباري_طاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد ال” كورونا”


المزيد.....




- الناطق باسم نتنياهو يرد على تصريحات نائب قطري: لا تصدر عن وس ...
- تقرير: مصر تتعهد بالكف عن الاقتراض المباشر
- القضاء الفرنسي يصدر حكمه على رئيس حكومة سابق لتورطه في فضيحة ...
- بتكليف من بوتين.. مسؤولة روسية في الدوحة بعد حديث عن مفاوضات ...
- هروب خيول عسكرية في جميع أنحاء لندن
- العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدخل المستشفى التخص ...
- شاهد: نائب وزير الدفاع الروسي يمثل أمام المحكمة بتهمة الرشوة ...
- مقتل عائلة أوكرانية ونجاة طفل في السادسة من عمره بأعجوبة في ...
- الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
- شويغو: هذا العام لدينا ثلاث عمليات إطلاق جديدة لصاروخ -أنغار ...


المزيد.....

- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - عبدالباري طاهر - ما بعد ال” كورونا”