أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عادل عبد الزهرة شبيب - فقراء في سودان غني















المزيد.....

فقراء في سودان غني


عادل عبد الزهرة شبيب

الحوار المتمدن-العدد: 6528 - 2020 / 4 / 4 - 18:53
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    



تناول دستور جمهورية السودان لعام 2005 في مادته (10) (1) ضمن موضوع الاقتصاد الوطني ما نصه : (( تكون الأهداف الأشمل للتنمية الاقتصادية هي القضاء على الفقر وتحقيق أهداف الفية التنمية وضمان التوزيع العادل للثروة وتقليص التفاوت في الدخول وتحقيق مستوى كريم من الحياة لكل المواطنين .)) .
وفي الفقرة (2) من نفس المادة المشار اليها آنفا نصت على : (( تطور الدولة الاقتصاد الوطني وتديره بغرض تحقيق الرخاء عن طريق سياسات تهدف لزيادة الانتاج وبناء اقتصاد كفء معتمد على ذاته وتشجيع السوق الحر ومنع الاحتكار )). بينما أكدت الفقرة (3) من نفس المادة على (( تعزيز الدولة التكامل الاقتصادي الاقليمي )).
الا ان الحكومة السابقة لم تحقق ما ورد في الدستور السوداني منذ تسلمها السلطة والى يوم سقوطها ولم تتمكن من القضاء على الفقر وتحقيق التنمية الاقتصادية الاجتماعية . كما لم تتمكن من التوزيع العادل للثروة وتقليص التفاوت في الدخول وتحقيق مستوى كريم من الحياة لكل المواطنين. وايضا لم تتمكن من تطوير اقتصاد البلاد وتحقيق الرخاء الاقتصادي وبناء اقتصاد كفء يعتمد على ذاته ..
لقد فشلت كل الحكومات الاسلاموية المتعاقبة منذ تسلمها السلطة في تحقيق ما نص عليه الدستور , وبقيت مواد الدستور مجرد حبر على ورق. ولم تتمكن الدولة من تحقيق أي تقدم ملحوظ في محاربة الفقر وتطوير الاقتصاد الوطني , ويرجع السبب في ذلك الى غياب الاستراتيجيات الدقيقة والمحكمة بعيدة المدى , ورغم سعي الحكومة الى تطبيق العديد من البرامج والسياسات المسنودة بتشريعات برلمانية والتي كان آخرها ( وثيقة الاستراتيجية المرحلية ) للتخفيف من حدة الفقر في السودان , كخطوة اولى في وضع نهج شامل ومنسق للحد من الفقر , ولكن هذه الاستراتيجية سرعان ما تلقت صدمات مدمرة كانت الاولى برفض شعبي واسع لرفع الدعم عن المحروقات والسلع الذي كان من الأعمدة الأساسية للوثيقة . وجاء الرفض بسبب المعالجات الاقتصادية التي لم تطبق بشكل صحيح ناهيك بمخاوف الفقراء جراء سياسة رفع الدعم .
اما الصدمة الثانية فتمثلت بضعف الصرف الحكومي على مشاريع الحد من الفقر , اضافة الى غياب البيانات الخاصة بالسكان وعدم اعتبار الزراعة من اولويات الاستثمار بالإضافة الى انها لم تربط بين الاستراتيجيات السياسية والاقتصادية الكلية .كما لم تتمكن المصارف السودانية من تنفيذ سياسة بنك السودان الداعية الى تخصيص نسبة 30% من مقدار اموالها للتمويل الأصغر للشرائح الضعيفة .
كان السودان يلقب بـ ( سلة غذاء العالم ) وتحول بفضل سياسات الحكومة الاسلاموية الى متلقي اعانات ينادي العالم لإطعامه . وبحسب ما ذكرت الأمم المتحدة في احدث تقاريرها عن الوضع الانساني بالسودان فإن 70% من السودانيين يعانون صعوبات في الحصول على حاجاتهم الأساسية كالماء والغذاء والتعليم والعلاج فضلا عن ان الخدمات الصحية لا تغطي سوى 40% من السودانيين .
السودان بلاد شاسعة وغنية بمواردها الطبيعية الزراعية والحيوانية والمعدنية والنباتية والمائية, الا ان الحكومة الاسلاموية السابقة كانت عاجزة عن ادارتها وتحسين المستوى المعيشي للسكان وانقاذهم من الفقر والفقر المدقع. وهذه تعتبر اليوم من اولويات الحكومة الانتقالية الجديدة بعد سقوط نظام البشير .اليوم الاعتماد الرئيسي للسودان على الزراعة حيث انها تمثل 80% من نشاط السكان , كما يعتمد ايضا على الصناعة وخصوصا الصناعات الزراعية . وحتى النصف الثاني من عام 2008 ازدهر الاقتصاد السوداني على خلفية الزيادة في انتاج النفط وارتفاع اسعاره والتدفقات الكبيرة من الاستثمار الأجنبي المباشر . ولا يزال الانتاج الزراعي مهما للسودان لأنه يوظف 80% من قوة العمل ويساهم في ثلث الناتج المحلي الاجمالي . ويعتبر السودان واحدا من اكبر ثلاث بلدان في القارة الأفريقية من حيث المساحة , ومن اهم بلدان العالم التي تتوافر فيه المياه والأراضي الزراعية الصالحة للزراعة مما يجعله ( سلة غذاء عالمية مؤكدة ), ويعتبر القطن من محاصيل التصدير الرئيسة. والسودان اكبر بلد منتج للسمسم في العالم محتلا المرتبة الثالثة بعد الهند والصين , وهو ايضا من دول العالم الأكثر انتاجا للذرة , ويشغل قطاع الثروة الحيوانية المرتبة الثانية في الاقتصاد السوداني من حيث الأهمية حيث يمتلك اكثر من 130 مليون رأس من الماشية اضافة الى امتلاكه الثروة السمكية النهرية والبحرية الى جانب الحيوانات البرية والطيور . كما تطور انتاج النفط في السودان وتم اكتشاف العديد من الحقول النفطية المنتجة من خلال الشركات الأجنبية المستثمرة. وتغطي المعادن حوالي 46 % من مساحة السودان وتشمل المعادن : الذهب والفضة والنحاس والزنك والحديد والكروم والمنغنيز والجبس والرخام وغيرها. وتمتلك السودان ثروات غنية عديدة فمنجم ( هوال اواتيب) يحوي اكبر احتياطي من النحاس في العالم حيث يتوفر على حوالي (5) ملايين طن من النحاس بالإضافة الى الذهب و 700 ألف طن من الزنك و3 آلاف طن من الفضة .
وعلى الرغم من غنى السودان بثرواته الطبيعية المتنوعة الا ان ظاهرة الفقر في السودان تعتبر واحدة من أهم المعضلات التي واجهها الشعب السوداني , ويعتبر الفقر المدقع انتهاكا لحقوق الانسان وسلبا لإنسانيته وكرامته في العيش الكريم بخلاف ما نص عليه الدستور السوداني .
وفيما يتعلق بتعريف الفقر فإن البنك الدولي يعرفه على انه ( عدم القدرة على تحقيق الحد الأدنى من مستوى المعيشة ) , وهو حالة من الحرمان المادي الذي تتجلى اهم مظاهرها في انخفاض الاستهلاك للغذاء كماً ونوعاً وتدني الحالة الصحية والمستوى المادي والوضع السكني والحرمان من تملك السلع المعمرة والأصول المادية الأخرى وفقدان الاحتياطي او الضمان لمواجهة الحالات الصعبة كالمرض والاعاقة والبطالة والكوارث والأزمات , وهذا ما يعانيه غالبية شعبنا في السودان .
ووفقا لأحدث مسح اجرته الحكومة السودانية اجري عام 2014 فإن نسبة الفقر في البلاد بلغت ( 36,1 % ) بعد انفصال الجنوب عام 2011 , وان اعلى نسبة للفقر حسب ما كشفه الجهاز المركزي للإحصاء كان في ولاية شرق دارفور ( غرب البلاد ) حيث بلغ نسبة تجاوزت 45 % بينما سجلت الولاية الشمالية اقل نسبة بين ولايات السودان دون 20% . واكدت الدراسة ان 25 % من السكان البالغ عددهم 39 مليون نسمة وفقا لتقديرات العام 2016 يقعون تحت خط الفقر المدقع , وحسب مؤشر الأمم المتحدة للفقر فإن الذين يعيشون تحت خط الفقر المدقع يحصلون على دخل اقل من 1,25 دولار في اليوم للشخص الواحد. وفي مسح اجرته الحكومة السودانية في 2009 قبل انفصال الجنوب كانت نسبة الفقر 46,5 % , واشارت نتائج المسح ايضا الى ان البطالة تشكل سببا رئيسيا للفقر في السودان حيث تظهر الدراسة ان 50% من الأفراد الذين يعيشون في اسر معيشية ورب الأسرة فيها عاطل عن العمل رغم انهم يمثلون فقط 2,4% من جملة السكان يعيشون تحت خط الفقر , ويتغير معدل الفقر وفقا للمستوى التعليمي لرب الأسرة , فكلما ارتفع المستوى التعليمي لرب الأسرة ينخفض احتمال وقوع الفقر بشكل كبير .
ومن الأمور التي زادت من الضائقة الاقتصادية للسودان انفصال الجنوب عام 2011 ما حرم السودان من 75 % من المخزون النفطي كان يشكل 68% من موارد البلاد , وهناك توقع لأن تصل نسبة الفقر في السودان الى عتبة الـ 80% بسبب تراجع الناتج من الزراعة والهجرة من الريف الى المدن والمهن الهامشية وتوسع نطاق الصراعات المسلحة والتي تنفق فيها ملايين الدولارات التي تخصم من جيوب الفقراء . ولابد في هذه الحالة من ايجاد الحلول السياسية من اجل تحقيق السلام الشامل في البلاد .
وبهذا الصدد فقد اشار الحزب الشيوعي السوداني في برنامجه الى ان سياسات التنمية الرأسمالية التابعة قد وسعت من دائرة الفقر وعمقت التفاوت بين اقاليم السودان وكذلك بين طبقاته وشرائحه الاجتماعية . فالثروة تتراكم عند الأقلية والفقر يسحق الأغلبية العظمى من افراد المجتمع اذ يحصل النصف الأكثر فقرا من السكان في البلاد على 8% فقط من الدخل القومي مقارنة مع 22% لنفس الفئة في افريقيا جنوب الصحراء , مؤكدا على ضرورة تطويق الأزمة وتخفيف معاناة الجماهير . وان البديل الوطني الديمقراطي للتنمية الذي يدعو له الحزب جماهير الشعب لمساندته وتبنيه لتجاوز واقع التخلفات والفقر والتشوهات التي افرزتها سياسات التنمية الرأسمالية التابعة . ويؤكد الحزب الشيوعي السوداني ايضا في هذا المجال على القيام بإصلاحات لتخفيف حدة الفقر ومعالجة الأوضاع الزراعية الغذائية الحرجة وتخفيض عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر , اضافة الى تطوير الاقتصاد الوطني من زراعة وصناعة وتعدين وغيرها والغاء الديون على فقراء ومتوسطي الحال من المزارعين ومعالجة اوضاع الخدمات الزراعية والاجتماعية للمزارعين والاهتمام بالصناعة التي هي اداة استراتيجية التنمية الوطنية الديمقراطية والعمل على مكافحة البطالة بكافة اشكالها .
وبعد سقوط نظام البشير وتشكيل الحكومة الانتقالية , اكدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني على مواصلة النضال الجماهيري في الشارع ضمن آليات العمل النقابي حتى تحقيق كل مطالب الثورة الكاملة . ويتمسك الحزب الشيوعي السوداني بالقضايا لتي تخص تنفيذ اهداف الثورة, ويتمسك الحزب بإعلان الحرية والتغيير وكل تفاصيل البرامج التي اعقبت التوقيع . الا ان هناك امتعاضا من الحزب الشيوعي السوداني لمسار الحكومة الانتقالية خاصة في جانبها الاقتصادي حيث ان خطواتها بطيئة جدا فضلا عن عدم وضةح السياسات المتبعة على الرغم من انه كانت هناك اجتماعات بين خبراء اقتصاديين من قوى الحرية والتغيير ووزير المالية في الحكومة الانتقالية وقدمت مقترحات عدة ولكن لم تصدر قرارات بعدها ولا يعرف الى اين يسير الوضع الاقتصادي حسب تصريح عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني صديق يوسف الى جريدة الراكوبة .
يحتاج الأمر الى وضع حكومة الدكتور حمدوك استراتيجية اقتصادية وخطط اقتصادية قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى اضافة الى الحاجة الى اتحاد الصف الوطني من اجل تحقيق النهضة الاقتصادية – الاجتماعية في السودان .
فلنعمل معا على مساندة مطالب الحزب الشيوعي السوداني في الدفاع عن حقوق الفقراء ومكافحة البطالة وتحسين مستوى المعيشة للسكان وتحويل السودان من بلد متلقي للإعانات ينادي العالم لإطعامه الى بلد يجهز العالم بسلة غذائه .



#عادل_عبد_الزهرة_شبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعطوا ماركس فرصة لإنقاذ الاقتصاد العراقي والعالمي
- اسئلة تظهر اجابتها مدى التزام العراق بالدولة المدنية الديمقر ...
- الرأسمالية على منعطف الطرق
- الاقتصاد السوداني في ضوء برنامج الحزب الشيوعي السوداني
- في السودان ،هل مازلنا بحاجة الى ماركس ؟


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عادل عبد الزهرة شبيب - فقراء في سودان غني