أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عمارة تقي الدين - في ذكرى صديق العمر














المزيد.....

في ذكرى صديق العمر


محمد عمارة تقي الدين

الحوار المتمدن-العدد: 6527 - 2020 / 4 / 2 - 22:48
المحور: الادب والفن
    


دكتور محمد عمارة تقي الدين
لقد مر عام على رحيلك ياصديقي وها هي جبال الأحزان تبدو أكثر صلابة وارتفاعاً من ذي قبل متحدية قدرتي على الصمود، إنه طريق الآلام الصاعد الذي أُجبِرتُ على السير فيه ولا خيار آخر.

صديقي جمال محمد بهي الدين باظة، أنا لا أكتب هذا المقال لكي أرثيك، فالرثاء حديث عن مكنونات نفسي تجاهك وهو أمر يعنيني وحدي، لكني أريد أن أتحدث عنك كظاهرة تأملتها مراراً وشكلت وجداني كثيراً.

كان الفيلسوف الشاعر محمد إقبال يصف الحضارة الغربية بأنها الحسناء الفاجرة حيث جمال الشكل وخواء وقبح المضمون، في المقابل هناك حالات قبح الشكل وجمال المضمون كالأحدب بطل رواية فيكتور هوجو (أحدب نوتردام).

أما أنت يا صديقي فلم تكن (جمال) بل (جمالين): جمال الشكل(المادة والمظهر)، والمضمون (الروح والجوهر).

كنت أتخذك كدليل ضمن حزمة أدلتي على وجود الله وأنا أتأمل تلك الروح الرائعة التي كانت تسكن جسدك، تلك المُثل المتجسدة بك والتي هي بلا شك غرس السماء وليست من الأرض في شئ، فهي حتماً ليست نتاج قوى الطبيعة بل من صنع إله متجاوز، إله رائع ومبدع في صنعته.

كنت أعلم أن قلبك لم يكن ليتحمل عواصف ما بعد الحداثة حيث ضمور القيم الإنسانية وخفوت الأخلاق إلى مادون الصفر، إذ أصبح كل شيء قابلاً للبيع والشراء بما فيه المبادئ والكرامة الإنسانية، إنه أبداً لم يكن عالمك، فهل كان لزاماً عليك أن ترحل؟ وهل كان الفيلسوف الألماني هيجل محقاً حين قال أن المثاليات المطلقة مستحيلة؟ وأنها حتماً ستصطدم بعالم الواقع وتنكسر أمامه بكل سلبياته وارتكاساته.

أتذكر حديثك المتواصل معي حول تبدُّل القيم وانهيارها في السنوات الأخيرة، عن أسفك على أصدقاء قدامي باعوا قيمهم مقابل المال، أو أنهم كانوا بلا قيم من البداية وإنما كشفهم وفضحتهم التجربة، أو أنهم قد دهستهم قاطرة ما بعد الحداثة فشكلتهم وفق قوانينها اللأخلاقية الصارمة.

كنت أقول لك عليك أن تتغير بعض الشيء، أن تُخفِّض من درجة حساسيتك للأمور، أن تُنحِّي عاطفتك جانباً، أن تعطي قيمك إجازة لبعض الوقت لتتمكن من التأقلم مع الواقع الجديد، لكنك أبداً لم تستجب، وكنت أعلم أنك لن لتفعل.

اعتبرت رحيلك بمثابة عقاب الأقدار لي على ذنب قد أكون اقترفته أنا، فكان القرار بأن أفقد صديق عمري وتوأم روحي، أن أُترك وحيداً وحزيناً في هذا العالم، ولكن يقيني أن الأقدار لا تسير عبثاً أو انتقاماً وإنما بحكمة غاية في انضباطها هو ما يُسرِّي عني، يجعلني مُطمئناً لوجودك الآن في عالم تستحقه، عالم تتجسد فيه المُثل كما كنت دوماً تتمنى.

سأظل ياصديقي ما حييت أعيش على أمل اللقاء بك في عالم أكثر تراحمية وقيمية، عالم كثيراً ما تطلعت إليه أنت وآمنت بمجيئه، ليس في الأرض ولكن في السماء.



#محمد_عمارة_تقي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كورونا وإنسان ما بعد الحداثة
- جرائم ثُمانيَّة الأبعاد بحق الأديان
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
- المؤرخون الجدد وتقويض الأطروحات الصهيونية(2)
- المؤرخون الجدد وتقويض الأطروحات الصهيونية
- ناطوري كارتا... يهود ضد الكيان الصهيوني
- الدوائر الصهيونية حول ترامب
- الإعلام وتوظيف الشائعة كسلاح
- إيفانكا والصهيونية العالمية
- أمناء جبل الهيكل والإرهاب الصهيوني
- التساؤل ...تلك الفريضة الغائبة
- إيفانكا ترامب والصهيونية العالمية
- ترامب والقدس...عندما يختلط الدين بالسياسة
- إسرائيل والفيسبوك...عصر الجواسيس الجدد
- ثالوث العنف الصهيوني (ثالثاً: التيار المسيحي الصهيوني)
- الإعلام وحتمية التفكير الناقد
- ثالوث العنف الصهيوني (ثانياً: التطرف العلماني)
- الدين وقفص الأيديولوجيا الحديدي
- ثالوث العنف الصهيوني (أولأ: التطرف الديني)
- الدراسات المستقبلية... حتمية عربية


المزيد.....




- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
- روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
- تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار
- عزف الموسيقى في سن متأخرة يعزز صحة الدماغ
- درويش والشعر العربي ما بعد الرحيل


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عمارة تقي الدين - في ذكرى صديق العمر