أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام الياسري - الثابت والمتغير في عقلية الطبقة السياسية العراقية .. أياد علاوي مثالاً















المزيد.....

الثابت والمتغير في عقلية الطبقة السياسية العراقية .. أياد علاوي مثالاً


عصام الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 6522 - 2020 / 3 / 24 - 14:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عام 2012 كنت حاضرا مؤتمرا للرجل الأول في التلفزيون الألماني الثاني ZDF ماركوس شّشتر Markus Schächter أمام جمهور من الصحفيين والسياسيين، بمناسبة تسليمه منصبه لمدير جديد، بدأه بجملة مسؤولة رصينة قائلا: "حسنا، مثل هذه الصفقة.. نحن، صحفيات وصحفيي هذه القناة، ندافع في بيئتنا الإعلامية، بعيدا عن المنافسة السياسية عن مفهوم "مستقل" كمبدأ، وهذه القناة، هي ملك المواطنين، وليس الأحزاب".

أسوأ ما في السياسيين العراقيين الجدد "سياسيو الصدفة"، واسمح لنفسي بأن انعت أغلبهم بغير المحترفين الذين لا يفهمون ولا يفقهون في ابسط شؤون السياسة شيئا، اذ لم اقل علم السياسة، مجاهرتهم من على شاشات التلفزة "الصراحة" حينما يتحدثون عن الشأن العراقي والأوضاع. واحيانا قلب الحقائق بالشكل الذي يتناسب ومصالحهم، لكن اقل ما يكون عقولهم.. من هؤلاء، السياسي المعروف اياد علاوي الذي كثرت لقاءاته في القنوات التلفزيونية وخاصة العراقية في الآونة الأخيرة، وهو يعيد الحديث عن أفكاره العظيمة في كل لقاء.. لكن ما هي أفكار علاوي هذه؟

في آخر لقاء له مع قناة "الفضائية العراقية" في 11 آذار 2020، شدد علاوي كما جرت عادته خلال المقابلات مع وسائل الاعلام المختلفة، منذ اندلاع الانتفاضة الشبابية العظيمة في تشرين 2019 على أهمية أفكاره، مضيفا اليها، منسوبا من "الآراء والخصوصيات" المثيرة للجدل: لقاءاته بالمتظاهرين والتواصل معهم لإنتاج قرار "جمعي" غايته إعادة تموضع الطبقة السياسية وضمان مصالحها السياسية والاقتصادية ـ الامر الآخر، تفسيره مفهوم الاستقلالية، ومن هو السياسي المستقل؟ وربطه بمهمته الخطيرة، المتعلقة بـ: موضوع دعوته لتشكيل حكومة تشارك فيها ثلاثة اطراف. بالنتيجة هدفها مشاغلة الحراك "الانتفاضة" وحرفه عن مسار تحقيق أهدافه. يقترح علاوي على طرفي المعادلة السياسية المحتدمة في البلد، وهما: المتظاهرون المطالبون بحقوقهم من جهة ـ وأطراف السلطة وأحزابها من جهة أخرى، الاتفاق: على تشكيل حكومة مرحلية من اطراف ثلاثة بنسبة الثلث لكل منها: قوى الحراك الجماهيري "المعارضة الشعبية"، المنظمات النقابية والمجتمعية، والقوى السياسية الممسكة أحزابها بالحكم. مشيرا الى أنه قد تحدث على هذا الصعيد مع كل من برزاني ورئيس الوزراء المستقيل عبد المهدي والمالكي والحكيم والحلبوسي والصدر والعامري.. الخ. مؤكدا ترحيبهم بالفكرة واستعدادهم للمشاركة.. لكن ماذا يعني هذا؟، وما الهدف منه؟ سيما وأن عمق الازمة السياسية قد اتسع ولم تسفر كل المحاولات منذ بدء الاحتجاجات واستقالة عبد المهدي عن الاتيان برئيس وزراء وحكومة جديدة غير جدلية لإنقاذ البلد من الانزلاق نحو الأخطر.

لم تأت فكرة علاوي التي يسميها بـ "رائعة" من فراغ بقدر ما تكون محاولة لمواجهة الانتفاضة الشعبية وأهدافها. والاهم اخراج الطبقة السياسية الذي هو جزء منها من عنق الزجاجة وتوفير مخرج سياسي آمن يمنع تعرضها للمساءلة القانونية على ما اقترفته من جرائم إدارية وهدر للمال العام ووضع البلد اقتصاديا على حافة الهاوية، أيضا التستر على سلاح ميليشيات الأحزاب المنفلتة وتبرئة ساحتها من كل الجرائم ومسؤولية الاعتداء على المتظاهرين وقتلهم بدم بارد.. فلا غرابة لان توافق القوى السياسية وأحزابها بفكرة علاوي وهو ابن هذه الطبقة التي أتت للسلطة على ظهر الدبابة الامريكية واعترش على يدها رئاسة أول وزارة فاشلة متهمة بالسرقة والفساد.. ولنجاح مهمته كان لا بد لعلاوي ان يوفر الغطاء المجتمعي لتكون مقبولة أمام الرأي العام. فاقترب من بعض رموز التنسيقيات سيما في بغداد لاختراق صفوتها، وهي مهمة أساسية لقبول الطبقة السياسية المتنفذة في جهاز الدولة ومؤسساتها فكرته.

لو ان علاوي الذي كان في مطلع الستينيات من القرن الماضي أحد المناطة بهم مهمات خاصة في حزب البعث وأحد قادة الحرس القومي بعد انقلاب 63 بملابسه العسكرية في كلية الطب ببغداد وعضواً مساهما في جهازه السري. يريد حقا لعب دور وطني لحلحلة الازمة السياسية وإنقاذ البلد والمجتمع من التدحرج نحو الهاوية، لكان عليه بعد هذه التجربة المريرة من عمر العراق والعراقيين على مدى ستة عشر عاما من اللامسوؤلية، ان يجعل فكرته مصدرا لبسط شروط المتظاهرين للإتيان بحكومة انقاذ وطني من طبقات المجتمع الوطنية النزيهة، من قوى الحراك والنقابات والخبراء والاكاديميين المستقلين وما اكثرهم. بمعنى حكومة كفوءة وشجاعة ونزيهة، لا لقوى الفساد والنهب مكان فيها.

وما كان عليه أصلا أن يدافع في كل مرة عن الطبقة السياسية وتبرئتها من كل الجرائم على اعتبار انها كانت من المعارضة في زمن صدام. وهو الذي يعرف تماما، مثلما يعرف بأن محاولة اغتياله في لندن لا علاقة لها بالشأن الوطني، انما بالصراعات داخل حزب البعث من اجل المصالح الشللية التي أدت الى عمليات تصفيات للعديد من البعثيين في الداخل. أقول أنه يعرف حجم المعارضة ودورها المحدود في المجال الوطني آنذاك، وغاياتها "أي المعارضة" لا تتعدى مسألة الحصول على المال عن طريق مد اليد للأمريكان بحجة المساعدة لإسقاط النظام، والنتائج اليوم واضحة! هذه هي الحقيقة التي لا يريد علاوي ملامستها، فأصبح، عرف او لم يعرف، متخندقا في ذات النفق المظلم المليء بالمآثم والسفالات.

أعود الى آراء علاوي المتعلقة بمتن الفكرة، التي بالتأكيد ليس من باب حسن النية، تعمد على ضخها في شأن سياسي حرج. حيث ادعى القول: بأنه ليس من الممكن تجاهل القوى السياسية لما كان لها وما عليها أيام المعارضة من استحقاق.. وعرج: لا يمكن تحت ذريعة مفهوم "مستقل" الاتيان برئيس وزراء بعيدا عن القوى السياسية واحزابها.. ثم، ما هو مفهوم الاستقلالية ـ ومن هو المستقل يتساءل؟ أن آلية ربط كل هذا التشابك بأصل الفكرة، المقصود بها، "حكومة الأطراف الثلاثة" بحد ذاته، مسألة في غاية الخطورة على الانتفاضة ومستقبلها. وتقاطع معها لإضفاء الشرعية السياسية والمجتمعية لطبقة لا تستطيع ان تحكم وفق عقيدة الوطن والشعب أولا، ولا يمكن لها ان تفهم بأي حال من أن هذا المبدأ مدعاة لبناء دولة المؤسسات ورقي البلد أيضا.

أعتقد أن علاوي ليس لديه مقاربات فكرية في مفاهيم السياسة، والا لماذا يتساءل عن مفهوم "من السياسي المستقل" وربطه بهذا الشكل بماهية الغاية، إلا اذا كانت لديه حسابات جعلته يستخف بالعقول! بشكل عام، ان كان الامر متعلقا بالمصلحة العامة للامة، يفترض أن يكون بين مفهوم "مستقل" و"المسؤولية" وجود تقارب وليس تقاطعات لضمان استقلالية القرار شفهيا أو تعاقديا على أساس الاستقلال السياسي ومبدأ حرية الرأي. وقبل كل شيء الإعفاء من أي ضغوط حزبية تمارس على النادي البرلماني في اتخاذ قراره المستقل. اما الثابت فأن مصطلح التحرر من القيود السياسة ـ الحزبية بما يتعلق والمصلحة العامة، كما يعرف باسم الإزعاج السياسي أو الإرهاق السياسي، يواجه بنوعين مختلفين من المواقف بين مواطني الدولة: السخط المجتمعي لعدم الرضا عن السياسة الحالية من جهة، والسخط السياسي أو استياء الدولة من عدم الرضا العام عن النظام السياسي من جهة أخرى.

ان مصطلح السيادة الذاتية "الاستقلالية" بالإشارة للتعريف الأصلي وفق النظرية المطلقة لنظرية الدولة المدنية "القرن 15" تعني، إن الشعب هو مصدر السلطات ـ وبالتالي يمكنه اتخاذ قراراته بغض النظر عن القوى المحلية الأخرى. ومفهوم "الاستقلال" يرتبط بمفهوم الحرية، الذي يتم نقله إلى المجتمعات التي لها حق تقرير المصير للشعب. تبعا لذلك، ان تكون مستقلاً "بمعنى تكوين رأيا خاليا من المبادئ التوجيهية والأيديولوجيات الحزبية" أن يكون لكل واحد منا ويجب أن يكون له مواقف سياسية أساسية مختلفة حول القضايا الإقليمية والوطنية والمجتمعية. مجموعة من الأفكار والحلول التي من شأنها إزالة المخاوف بالنسبة للمجتمع، ولا تمثل أي مواقف حزبية ثابتة في الجدل السياسي انما تأتي المصلحة المشتركة قبل المصالح الفردية والحزبية الضيقة. في "قاموس الحدث الرقمي" في بلادنا، منذ شرعنة الاحتلال في 2003 تحت ذريعة "التحرير" هناك دلالة قوية على "السخط" تجاه "اللامبالاة" ازاء العديد من الامور الهامة في حياة الدولة والمجتمع، تشير الى خيبة الأمل من الأحزاب المتسلطة، وسخط المجتمع في الأصل من المواقف المعادية لليبرالية والديمقراطية وهدر الحقوق العامة. وما على هذه القوى السياسية التي يريد علاوي إعادة تموضعها، الا ان تستجيب لرأي الشعب، وترك ادارة الدولة لمن هم اجدر منها دون البحث عن مخرجات وتفسيرات تسويفية قبل فوات الاوان.



#عصام_الياسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السينما تناصر السينمائي الايراني محمد رسولوف
- معايير الصحافة ومتناقضات مفهوم ديمقراطية الاعلام في العراق
- رأي صريح موجه لوزير الداخلية ومحافظ النجف العراقيين!
- الاختناق الفكري بين السلوك العدمي والموضوعية
- سقوط الحكومة المحتوم يفرضه الواقع الشعبي الميداني دون هوادة
- هل ممكن للشباب اسقاط النظام الطائفي في العراق وكيف؟
- فلسفة التحول النقدي لظاهرة الفلسفة الثقافية!!
- ماجد كامل فنان رحل وكان يحلم بوطن يحضنه!
- عاصفة الدماء .. لكن ماذا بعد؟
- خاتمة فنان بعيدٍ عن وطن إنكفأ إزدهاره!
- أماس أدبية غمرتها قصائد الحب والإنتماء للوطن
- ما بين الثقافة و مفهوم الثقافة...!
- دعابة سردية ذات أثر ساحر وأسرار لا تنسى
- اللحظات الحاسمة لجوهر نضال المرأة للمطالبة بالمساواة
- عرب المهجر بين صراع الايديولوجيا وفك الانتهازية
- ماذا يختبىء وراء الأكمة في مؤتمرات حول الشأن العراقي في الخا ...
- العراق بين دائرة الاستئثار بالسلطة ومفهوم القيّم والشعور بال ...
- حوارات حميمية بين أدوات موسيقية من عوالم مختلفة
- أدب المرأة بين حساسية العاطفة وروح الدعابة والتأمل..
- منتدى بغداد للثقافة يحقق هدفاً نبيلاً ويكرم المبدعين والمبدع ...


المزيد.....




- مصر.. ماذا نعلم عن إبراهيم العرجاني بعد تعيينه رئيسا لاتحاد ...
- واشنطن وطوكيو تخصصان 3 مليارات دولار لتطوير صاروخ جديد يعترض ...
- هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟
- سيناتور أمريكي ينتقد تصرفات إسرائيل في غزة ويحذرها من تقويض ...
- خطأ شائع في تنظيف الأسنان يؤدي إلى اصفرارها
- دراسة: ميكروبات أمعاء الأب تؤثر على نسله مستقبلا
- بعد 50 عاما من الغموض.. حل لغز ظهور ثقوب بحجم سويسرا في جليد ...
- خبراء: هناك ما يكفي من الماء في فوهات القمر القطبية لدعم الر ...
- الضغط على بايدن لمخاطبة الأمة إثراندلاع العنف في الجامعات
- السلطات الإسرائيلية تؤكد مقتل أحد الرهائن في غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام الياسري - الثابت والمتغير في عقلية الطبقة السياسية العراقية .. أياد علاوي مثالاً